lundi 6 janvier 2014

الفصول 317 و318 و319 من مجلة الديوانة : منظومة قانونية تشرع للفساد وتجعل من الديوانة الخصم والحكم




من الوسائل التي كانت تستغلها عصابة العائلة المالكة البرلمان التونسي نعم البرلمان التونسي الذي كان يحق فيه قول المزغني «دخل خروف الى البرلمان قال بع قالو بالإجماع »....هذا البرلمان بقيادة مايسترو التلحيس فؤاد المبزع والعنصر الابرز ضمن مجلس المستشارين صخر الماطري كان العصا التشريعية السحرية التي تخيط القانون على مقاس بن علي وزبانيته من المجرمين والمهربين والسراق سواء فيما يتعلق بالنصوص التي تنظم الحياة السياسية و الاجتماعية وحتى تلك التي تنظم المسائل الاقتصادية منها المجلة الفضيحة للتشجيع على النهب عفوا الاستثمار وكذلك مجلة الديوانة الحبلى بالفصول التي تشرع من باب كبير للفساد فتشجع على التهريب وتحمي المهربين وكل من يساعدهم من داخل الجهاز الديواني ذاته ولعل الفصول من 317 الى 319 من تلك المجلة خير دليل على ذلك . فبهذه المجلة تم افتكاك اختصاص النيابة العمومية مما ادى الى نتائج لا يحمد عقباها ...


على مستوى إثارة الدعوى العمومية

مجلة الديوانة تسطو على اختصاص النيابة العمومية فيما يخص اثارة الدعوى العمومية في الجرائم الديوانية وذلك من خلال الفصل 318 الذي ينص على انه «يتولى وزير المالية او من فوض له وزير المالية في ذلك ممن له صفة مدير ادارة مركزية او جهوية للديوانة اثارة الدعوى العمومية ...» ..وبالتالي فان القانون يعتبر اثارة الدعوى العمومية صلاحية قاصرة فقط على وزير المالية بصفته رئيس الجهاز الديواني او الادارة العامة للديوانة او اداراتها الجهوية بصفتهم مفوضين من قبل الوزير المذكور وبقراءة عكسية للفقرة المذكورة من الفصل 318 نكتشف ان النيابة العمومية والتي يمثلها وكلاء الجمهورية ليس لها الحق في اثارة الدعوى العمومية في كل الحالات ومهما كان حجم الجريمة الديوانية المقترفة وهو ما يفضي الى ان الاختصاص المطلق والسلطة التقديرية المطلقة في هذا المجال تعود الى الجهاز الديواني فحتى في صورة ورود شكايات على النيابة العمومية تخص مخالفات واضحة للقانون الديواني فليس لها الحق  في اثارة الدعوى والتتبع مما يفتح الباب على مصراعيه لإفلات المهرب من التتبعات خاصة وان جريمة التهريب تمتاز في أغلب  الاحيان بالسرعة التي تؤدي في الغالب الى اضمحلال الاثباتات والأدلة بل والأبعد من ذلك فان الفصل 319 من مجلة الديوانة يجرد النيابة العمومية من كل سلطة اثارة للدعوى بل يجعلها مجرد مخبر للديوانة بما انها حسب الفصل المذكور« تحيل على ادارة الديوانة كل المعلومات التي تتحصل عليها والتي تفترض وجود مخالفة ديوانية او اية مناورة ترمي او تنتج عنها مخالفة القوانين والتراتيب التي لها صلة بتطبيق مجلة الديوانة وذلك بمناسبة النظر في قضايا مدنية او تجارية او بحث جزائي او انتهى ذلك بعدم سماع الدعوى » .


وهذا الفصل يبين هيمنة الديوانة على اختصاص النيابة العمومية الى درجة التغول وهو ما لا يتماشى مع المبادئ الاساسية للقانون في دول القانون والمؤسسات التي تعطي للقضاء الواقف الصلاحيات المطلقة لإثارة الدعوى العمومية في كل المخالفات التي تتعلق بالحق العام بما فيها جرائم التهريب التي تعتبر من أخطر الجرائم وقعا على الاقتصاد الوطني وعلى المجتمع ككل بصفته تجسيدا للمصلحة العامة ، لكن وللأسف في تونس يبدو أن المشرع على مستوى مجلة الديوانة كان يرى الامور بالمقلوب فأعطى للديوانة بصفتها جزءا لا يتجزأ من السلطة الترتيبية الصلاحية الكلية للتعامل مع المارقين عن القانون الديواني وهذا التصرف ليس ببريء او نابع عن فلسفة ما وانما يصب في تكريس حماية بارونات التهريب وشبكاته التي كانت ولا تزال خيوطها تحرك من طرف اطارات كبار الفاسدين في الجهاز الديواني على صلة وثيقة بأطراف حكومية تتمعش من تهريب السلع المحجرة والتجارة الممنوعة ...  



على مستوى ممارسة الدعوى العمومية

نفس الفصل الذي ذكرناه في الفقرة المتقدمة يعطي لممثلي الجهاز الديواني وعلى رأسهم وزير المالية الحق المطلق في ممارسة الدعوى العمومية المتعلقة بالمخالفات والجرائم الديوانية بصفة عامة حيث يعطي هذا الفصل للديوانة صلاحية «احالة المحاضر مستوفاة الشروط مصحوبة بطلبات ادارة الديوانة الى وكيل الجمهورية لدى المحكمة المختصة » ترابيا كما تمارس الطعن بالاستئناف او بالتعقيب في الاحكام الصادرة ضد ها مما يخرج هنا النيابة العمومية من اللعبة ويترك لممثلي الديوانة خاصة المدراء العامون والجهويون ومن يفوضونهم السلطة التقديرية المطلقة في ممارسة الدعوى العمومية في هذا النطاق مما يفسح المجال امامهم للتلاعب بالمحاضر وتفصيلها على المقاس فيمكنهم بذلك تبرئة زيد و توريط عمر كما يحلو لهم ويبقى وكيل الجمهورية مجرد قنطرة يمر عبرها ملف القضية الديوانية الى القضاء الجالس الذي يحكم في أغلب  الاحيان حسبما ورد في تلك المحاضر التي تبرئ من تشاء و تغرق من تشاء حسبما يراه المكلفون بالأبحاث الديوانة ومن خلفهم مديروهم ومن لف لفهم من الماسكين بزمام الامور صلب الديوانة الذين يمكنهم حسب الفصل 317 من مجلة الديوانة «تتبع جميع الجنح والمخالفات المنصوص عليها بالقوانين الديوانية وإثباتها بجميع الطرق القانونية ولو في صورة عدم القيام بأي حجز بالنطاق الديواني او خارجه ا وان البضائع التي شملها التصريح لم تكن موضوع اي ملاحظة »وهذا ما يصب في مزيد توسيع صلاحيات الديوانة على مستوى الاثبات  حيث أن فرق الابحاث الديوانية يمكنها اثبات الجرائم الديوانية بكل الوسائل حتى خارج النطاق الديواني ولو في صورة عدم القيام باي حجز وهو ما يعطي الفرصة لتلفيق التهم على الهوى وتوريط الابرياء او غض النظر عن الجرائم خاصة وان الفصل المذكور يعطي سلطة تقديرية مطلقة للديوانة على مستوى الاثبات ووسائله ويفتك صلاحيات النيابة العمومية في هذا المجال حيث تقف في كل الاحوال موقف المتفرج حتى إن كانت هناك اخلالات على هذا المستوى  ...
  


نماذج حية عن تجاوزات ديوانية

بالاستناد الى الفصول 317 و318 و319 من مجلة الديوانة تغولت الديوانة واستولت على صلاحيات النيابة العموية التي من المفروض في الانظمة القانونية السليمة ان تكون هي صاحبة الاختصاص المبدئي في اثارة وممارسة الدعاوى العمومية مهما كان مصدرها ومهما كان المجال الذي تنضوي فيه وفيما يلي نبين لقرائنا الكرام بعض العينات الحية لقضايا ديوانية اسندت فيها البراءة للمجرمين والمهربين وقضايا اخرى الصقت فيها الجرائم جزافا للأبرياء وذلك عبر التلاعب بالمحاضر الديوانية ومن بين القضايا نجد تلك المتعلقة بالمدعو :


قضية وليد النقاز

 وليد النقاز الذي قام خلال السنة التي خلت بواحدة من اكبر عمليات التهريب التي استعملت فيها كل الاساليب الاجرامية القذرة وبالرغم من ذلك وللأسف الشديد افلت من العقاب وخرج منها كالشعرة من العجين..


 فوليد النقاز قد تورط في تهريب عشرات الجرارات الطرقية والمجرورات المملوءة بشتى البضائع الممنوعة والمحجرة ثم قام بافتعال وثائقها واستغلال تسهيلات العبور أو الترانزيت واستغلال منظومة الأختام الديوانية المنهوبة مقابل ألف دينار عمولة لعملية ختم وثيقة للقيام بعملية افتراضية وهمية وبعد ذلك يقوم ببيع الجرارات الطرقية والمجرورات والشاحنات بعد ان يدلس ارقام هياكلها بشكل يتطابق مع ارقام تحملها بطاقات رمادية يقع شراءها بثمن لا يتجاوز ال4 الاف دينار والغريب في الامر انه بالرغم من الادلة والإثباتات الدامغة على تورط وليد النقاز في عملية التهريب المذكورة آنفا إلا انه استطاع ان يفلت من العقاب بقدرة قادر بعد ان تمكن من ارشاء القائم على البحث في القضية والذي بعد ان قبض ثمن تواطؤه  كيف الجريمة المرتكبة على انها مجرد عملية تهريب بسيطة وانهاها بمجرد امضاء المهرب على محضر صلح  بعد ان وقع غض النظر بطريقة متعمدة على الجرائم الاخرى التي ارتكبت بمناسبة عملية التهريب المذكورة وهي تدليس الوثائق وسرقة الاختام وتغيير رقم هياكل الشاحنات والمجرورات والتي تدخل ضمن جناية التدليس ومسك واستعمال مدلس وتصل عقوبتها الى حد الحكم ب20 سنة سجنا وهي العقوبة التي كان ينالها المذنب لو مارست النيابة العمومية صلاحيات اثارة وممارسة الدعوى العمومية بصفة فعلية ومستقلة عكس عون الديوانة الذي كان مشرفا على الابحاث في هذه القضية والذي مسك بيده في نفس الوقت صلاحيات القضاء وصلاحيات السلطة الترتيبية العامة وفعل بالتالي كما يحلو له على مستوى تكييف الجريمة والحكم على المجرم ...وليد النقاز افلت في هذه القضية الخطيرة بعد ان دفع لفافات المال القذر لأحد اطارات الديوانة الفاسدين الذي كان مشرفا على التتبع في قضيته وهذا الافلات شجعه على مزيد القيام بعمليات تهريب اخرى على عكس اشخاص اخرين نالهم الظلم والقهر من الديوانة رغم انهم ابرياء ولم يفعلوا ما عليه يأخذون قانونا...


قضية توفيق مرزوق

هذا التاجر المعروف في مجال قطع الغيار المستعملة نهبت بضاعته (مجرورتان معبأتان بقطع الغيار المستعملة ) من ميناء رادس التجاري بتاريخ (03/02/2012 )من طرف عصابة مختصة في النطر والسرقة متكونة في اغلبها من أعوان ديوانة لكن للأسف تم التلاعب في الابحاث الاولية  (محضر حجز ديواني عدد 19 لسنة 2012 لأعوان الحراسة والتفتيشات ببن عروس – ملف عدد 7 لسنة 2012 بالإدارة الجهوية للديوانة بتونس الجنوبية ) من خلال مساعدة المتهم الرئيسي عون الديوانة فراس التاغوتي (صاحب ب.ت.و. عدد 02330631 )على الفرار  من مقر إدارة الحرس الديواني فيما اغفلت طلبات الديوانة المقدمة الى القضاء من ناحية حق المتضرر توفيق مرزوق صاحب البضاعة ومن ناحية اخرى وقع تغيير التهمة التي أحيلت من أجلها العصابة من "التلبس بالسرقة الموصوفة لبضاعة الغير"  الى " اختلاس بضاعة محجرة تحت القيد الديواني والمشاركة في ذلك " مع مطالبة الباحث الديواني بتوقيع عقوبة لا تفوق ال16 يوما سجنا وهو طلب يدعو الى السخرية بالنظر الى الجريمة المقترفة السرقة الموصوفة التي تعتبر جناية اولاها المشرع  اقصى العقوبات لولا الفصول الحاجز317 و318 و319 من مجلة الديوانة التي تجعل من هذه الاخيرة نيابة عمومية من نوع اخر مستقلة عن النيابة العمومية ضاربة بذلك مبدأ وحدتها


اذ من المتعارف عليه في المبادئ الاساسية العامة للقانون الجزائي عدم قابلية النيابة العمومية للتجزئة وهي مختصة بدون أي استثناء في قضايا الحق العام وبالتالي فان اسناد كل تلك الصلاحيات للديوانة يعتبر مساسا بالمبدأ المذكور وهو امر غير معقول في الدول التي تحترم منظوماتها القانونية وتحترم ذاتها والعجيب الغريب ان قاضي التحقيق المتعهد بالمحكمة الابتدائية ببن عروس (قضية عدد 14006/5) ساير طلبات الديوانة مما ادى الى الحاق ضرر كبير  بصاحب البضاعة الذي لا ناقة له ولا جمل في عملية السرقة تلك باعتبار ان الحاويتين مستوردين بطريقة قانونية لا غبار عليها ...


قضية نجيب كمون  

في هذا الصدد يمكننا استعراض عينة اخرى تعبر على تعسف الديوانة في استعمال حقها في القيام بالدعوى العمومية وهي تلك المتعلقة برجل الاعمال نجيب كمون الذي ذكرنا مشكلته في العدد فارط من الثورة نيوز مثله مثل الاخرين والذي تعرض الى مظلمة ما بعدها مظلمة من طرف الديوانة التي نكلت به ايما تنكيل وتسببت في غلق مصانعه وإتلاف بضاعته مما ادى الى افلاسه وتردي وضعيته الاجتماعية والصحية حتى كاد يخسر حياته من فرط الحسرة حيث عمدت الديوانة على اثر مجرد وشاية خسيسة بدون ادلة ولا براهين يوم 25 مارس 2013  الى مداهمة شركات رجل الاعمال المذكور المصرف العام للورق سيباك والشركة التونسية للتجارة العالمية و الكائنة ثالثتهم بطريق تونس كلم 27 المنطقة الصناعية بأكودة وقامت بحجز البضاعة الموجودة فيها والمتمثلة في كميات هامة من الورق دون أي موجب قانوني مما تسبب في افلاس تلك الشركات وغلقها وإحالة قرابة 200 عامل كانوا يسترزقون منها وكل ذلك قد تم بمجرد استعمال السلطة التقديرية للديوانة المستمدة من الفصول سيئة الذكر في مجلة الديوانة والتي تجعل من هذه الاخيرة في مقام الخصم والحكم تداهم متى تشاء وتحجز متى تشاء وتغلق المعامل والمصانع وتشمعها متى تشاء وبالطريقة التي تراها صالحة حتى ولو بالاعتماد على اثباتات وأسباب مفتعلة ...


كميات هامة جدا  من الورق تساوي قيمتها المليارات اتلفت بسبب التدخل اللاقانوني للمكتب الديواني بسوسة وعلى رأسه عفيفة القونجي التي لم تحل المشكلة الى حد الان رغم ما خلفته تصرفاتها وقراراتها من كوارث على المستوى الاجتماعي بتشريد اكثر من 200 عائلة وكذلك على المستوى الاقتصادي بإحالة مؤسسة صناعية من الحجم الكبير على الموت وكل ذلك على مرأى ومسمع من النيابة العمومية التي حرمتها مجلة الديوانة من صلاحيات تعود في الاصل لها ...


ان القضايا التي تعسفت فيها الديوانة على مستوى اثارة وممارسة الدعوى العمومية لا تحصى ولا تعد فالتجاوزات والاخلالات ضربت على حد سواء الاصل والمضمون فسجنت وحطمت ابرياء ماديا ومعنويا من دون أي اساس يذكر وبرأت بارونات التهريب وكل ذلك من جراء مسك سلطتين بيد واحدة وفي وقت واحد وهي السلطة التنفيذية والقضائية وتجدر الاشارة في هذا الاطار اننا سنقوم في احد الاعداد القادمة ببسط قضية تتعلق باحد ضحايا التجني الديواني المدعو مكرم هلال الذي قضى قرابة السنة وهو في حالة ايقاف بسجن المسعدين بعد ان وقع اتهامه بجريمة لا ناقة له فيها ولا جمل وبلا ادنى دليل او برهان ...



وفي الاخير تجدر الاشارة الى كون هناك العديد من رجال القانون مثل قد انتقدوا بشدة تغول الديوانة واستيلائها على صلاحيات النيابة العمومية عبر الفصول 317 و318 و319 من مجلة الديوانة التي يجب حسب رأيهم مراجعتها بل وتنقيحها بشكل يتماشى مع المبادئ العامة للقانون الجزائي الذي يعطي للنيابة العمومية الحق في اثارة وممارسة الدعوى العمومية مهما كان نوعها والى حين تنقيح هذه الفصول يجب اللجوء الى الفصل 96 من المجلة الجزائية الذي يعطي للنيابة العمومية وبدون منازع الدور الرقابي على الديوانة في حد ذاتها في صورة وجود تلاعب في المحاضر... 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire