mardi 1 octobre 2013

صفاقس : ملف حل الأحباس ... تدليس وتزوير : تلاعب مقيت في توزيع منابات حبس سيدي عبد الكافي على المستحقين من الكوافة والعتاترة





تورط أطراف جهوية مسؤولة في اعتماد حجج عادلة مزورة لتوريث من لا حق له ولحرمان أصحاب الحق

يعتبر ملف الأحباس من ابرز الملفات التي نخرها الفساد والذي بدوره ساهم في تعكير الوضعية العقارية في تونس لفترة فاقت النصف قرن منذ ان قرر بورقيبة في الامر العلي المؤرخ في 18 جويلية 1957  إلغاء نظام الأحباس الخاصة والمشتركة. (الرائد الرسمي عدد 58 بتاريخ 19 جويلية 195) وشعورا منا بالمسؤولية تجاه الرأي العام فقد تطرقنا في اكثر من عدد سابق الى هذا الملف وخاصة اهم قضية فيه هي تلك المتعلقة بحبس سيدي عبد الكافي...هذه القضية بكل بساطة وفي جميع ابعادها تختزل كيف تضيع الحقوق بكل سهولة في بلادنا بين مجرمون امتهنوا فنون التحيل لأكل أموال الناس بالباطل وبين ادارة عمياء صماء رضعت من ثدي البيرقراطية  حتى ثملت وعلى عتبات المحاكم اين توصد ابواب الاجتهاد وتدفن القضايا بطم طميمها أما لقلة خبرة في الميدان العقاري او إذعانا لمنظومة قانونية مهترئة أو لمصالح خفية ومتداخلة تعمل وفق قاعدة "الي يسرق يغلب الي يحاحي"
وخلال هذا المقال سنقف على الاخلالات في تطبيق القانون من طرف الإدارة المكلفة بتصفية الأحباس وعلى التدخل المحتشم للقضاء لفض المشكل وعلى الإهمال اللامتناهي لسلطة الاشراف الذي ادى الى تفاقم المشكل


تركة آلت إلى غير مستحقيها بفعل التدليس والتزوير

في اطار حل حبس سيدي عبد الكافي تم التغافل عمدا وبطريق التحيل عن إسناد المنابات إلى مستحقيها الحقيقيين فاللجنة الجهوية لتصفية الأحباس في صفاقس حددت قائمة المعنيين بحبس سيدي عبد الكافي ب380 وريثا شرعيا فقط من عائلتي "عبد الكافي" و"بوعتور" في حين الورثة الشرعيون يستقر عددهم في حدود 1200 وريث ...وبمقتضى قرار صادر عن رئيس لجنة حل الأحباس  بصفاقس في 17 جانفي 1970 ومصادق عليه بقرار صادر عن والي صفاقس بتاريخ 12 جوان 1974 تقرر تعيين كل من الصادق بن الحاج محمود عبد الكافي ومحمد بن محمد بوعتور مصفيين للحبس المذكور.


هذين المصفيين قد نجحا في التلاعب في قائمة المستحقين لحبس سيدي عبد الكافي وقد تمكنا من مغالطة اللجنة الجهوية لتصفية الأحباس بصفاقس ولما عرفا انهما قد تورطا في قضية تدليس وتزوير هرب الاول الى ليبيات والثاني ادعى الجنون واستولى ورثتهما على جميع ارشيف اعمال التصفية وكل المستندات والوثائق والشهادات والمحاضر الخاصة بالحبس وهو ما كان سببا في التغطية عن الحقيقة.


كما اثبتت التحريات ان هناك ضلعا اخر في القضية حيث ان احد الورثة قد استعمل تواكيل مزورة وححج وفاة مفتعلة وتمكن من الحلول محل عدد كبير من "الكوافى" و"العتاترة" وليلهف أكثر من 400 هكتار من الأراضي الفلاحية والصالحة للبناء... هذا الشخص يدعى الشاذلي بن عمر عبد الكافي يحمل هويتين مختلفتين الأولى باسم الشاذلي (وهو الاسم الحقيقي ) والثاني باسم حسونة (وهو الاسم الوهمي والذي اختاره على اسم جده من الأب لاستغلاله في إنجاح مخططه الشيطاني) ... الشاذلي بن عمر بن حسونة عبد الكافي نجح في استخراج حجة وفاة مدلسة لوالده عمر عبد الكافي المتوفى بتاريخ 23 ماي 1949 حولته من الشاذلي إلى حسونة وليتم التنصيص في الوثيقة المدلسة على أن حسونة هو ابن عمر  عبد الكافي والحال أن العكس هو الصحيح …هذه الحجة كتبها له عدلا إشهاد من أقاربه وهما الأخوين محمد وسالم قربوج …وبعدها وبتاريخ 16/04/1987 تم تغييب الاسم الوهمي حسونة وتعويضه بالاسم الحقيقي الشاذلي في قائمة ورثة المتوفي عمر بن حسونة عبد الكافي  .
عملية التلاعب في حجج الوفاة طريقة قديمة للتحوز بملك الآخرين دون وجه حق فكم من ارث ضاع وتبخر جراء تعمد محرري الحجج العادلة تدليس المعطيات وتحريفها لخدمة احد الأطراف مقابل الحصول على لفافات من المال الفاسد في شكل هبة أو مكرمة أو رشوة وبعدها يأتي دور المصالح الجهوية من لجنة حل الأحباس ومصالح إدارية بولاية المكان لاعتماد المزور ولاستبعاد الأصل والنتيجة الحتمية تحول كامل نصيب أو جزء منه إلى من لا يستحق وفي الأخير يغلق الملف ويرمى في الأرشيف المنسي الممنوع والمحجوب ... 


اللجنة الجهوية لحل الأحباس بصفاقس تعتبر شريكا أساسيا في عملية التدليس ومسك واستعمال مدلس بما أنها أغفلت التدقيق في الوثائق والحجج المقدمة رغم انه من مشمولاتها مراجعة القوائم والأملاك إضافة إلى توسع صلاحياتها وتعمق أعمالها وكذلك الجهات القضائية المتعهدة والتي ساهمت عمدا أو قصدا في اكبر إنجاح عملية تحيل عقاري بجهة صفاقس من خلال مصادقتها على اعتماد وثائق مزورة في توزيع ارث الكوافى والعتاترة (ورثة عبد الكافي يطلق عليهم بالكوافى وورثة بوعتور يطلق عليهم بالعتاترة ) على غير مستحقيه .... وحيث ينص الفصل 7 من الأمـر العلي المؤرخ في 18 جويلية 1957 المتعلق بإلغاء نظام الأحباس الخاصة والمشتركة (نقح بالقانون عدد 24 لسنة 2000 المؤرخ في 22 فيفري 2000) :«أحدثت لجان جهوية لتصفية الأحباس الخاصة والمشتركة تتركب من : ـ الوالي أو من ينوبه : رئيس. ـ قاض : عضو. ـ المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية أو من ينوبه : عضو. ـ ممثل عن الوزارة المكلفة بأملاك الدولة والشؤون العقارية : عضو. ـ المدير الجهوي للملكية العقارية أو من ينوبه إذا تعلق الأمر بعقارات مسجلة : عضو. وللجنة أن تستعين في مسائل القيس بمهندس من ديوان قيس الأراضي ورسم الخرائط أو مهندس مصادق عليه حسب الصيغ القانونية المعمول بها. ولها أن تستعين بالخبراء المعتمدين لدى المحاكم وبكل من ترى فائدة في حضوره. ويتولى كتابة اللجنة موظف يعيّنه الوالي»... منطوق الفصل المذكور يثبت المسؤولية الجزائية في والي الجهة أي والي صفاقس بحكم إشرافه على اللجنة وترأسه لإعمالها وبالتالي فان مسؤولية التعويض ملقاة على كاهل الدولة المطالبة بإعادة الحق المغتصب إلى أصحابه أو على الأقل التعويض العادل لهم ومحاسبة المتورطين في التلاعب في توزيع ارث حل حبس سيدي عبد الكافي.


 تواطؤ السلطة الجهوية بصفاقس

ولاية صفاقس تتحجج بضرورة الرجوع الى دفاتر المصفين الصادق عبد الكافي ومحمد بو عتور وهي تعرف جيدا انه يستحيل القيام بذلك نتيجة للتعذر المادي ذلك ان الدفاتر تم اخفاءها من قبل ورثة المصفيين او ربما وقع اتلافها اصلا بغاية عدم كشف الحقيقة ... .ولعل طلب السلط الجهوية ونعني هنا والي صفاقس الرجوع إلى دفاتر المصفين هو طريقة للتفصي من المسؤولية لأنه مخالف للفصل  21 من الأمـر العلي المؤرخ في 18 جويلية 1957 (نقح بالقانون عدد 24 لسنة 2000 المؤرخ في 22 فيفري 2000) والذي يؤكد على وجوب ان «تحفظ ملفات اللجان الجهوية لتصفية الأحباس الخاصة والمشتركة عند إتمام مأموريتها بمراكز الولايات ويمكن لصاحب الحق أن يتسلم عن طريق كاتب اللجنة نسخة تنفيذية أو مجردة من قرار اللجنة» وبالتالي ليس لولاية صفاقس الحق في أن تتحجج بعدم امتلاكها لملف تصفية حبس سيدي عبد الكافي وان تراوغ وتماطل أصحاب الحق بحجة اللجوء بأنفسهم للبحث عن الملف المذكور لدى المصفيين المذكورين...


الفصل 24 (اضيف بالقانون عدد 24 لسنة 2000 المؤرخ في 22 فيفري 2000). تواصل اللجان الجهوية لتصفية الأحباس الخاصة والمشتركة :
-  النظر في تصفية الأحباس التي تعهدت بها على معنى الأمر المؤرخ في 18 جويلية 1957.
-  شرح قرارات التصفية الصادرة عنها قبل صدور هذا القانون وإصلاح الأغلاط المادية التي تتسرب لهذه القرارات
وبالتالي فالقانون واضح هنا وضوح الشمس في إسناد اللجنة الجهوية لتصفية الاحباس في صفاقس مهمة مواصة تصفية حبس سيدي عبد الكافي والتي تعهدت بها من قبل بغض النظر هنا عن الشخصيات المكونة لها (اللجنة) كما يلزمها بشرح قرارات التصفية الصادرة عنها لمن يريد ذلك ممن له مصلحة وإصلاح الأخطاء التي تتسرب لهذه القرارات وهو ما يعطي الحق للورثة المحرومين من نصيبهم في حبس سيدي عبد الكافي في الاطلاع على جميع القرارات والوثائق الصادرة عن اللجنة وإذا عجزت هذه الأخيرة عن القيام بذلك تعتبر مسؤولة وتحل محلها الدولة هنا في حدود مسؤوليتها ...وفي حالتنا هذه فان السلط الجهوية بما فيها لجنة تصفية الاحباس بصفاقس عجزت عن مد الورثة المحرومين بشرح قرار حل حبس سيدي عبد الكافي فلم تتمكن من مدهم حتى بمجرد وثيقة في ذلك سوى المماطلة ولا شيء غير المماطلة وبالتالي فهي قد خالفت القانون مخالفة تؤدي بها حتما الى تحمل مسؤوليتها واقرارا ضمنيا منها لعدم قانونية عملية التصفية التي تمت والتي لم تثبت باي وثيقة وهو ما يؤدي الى وجوب الغاء القرارات القديمة المتعلقة بتلك التصفية والشروع حالا في عملية تصفية جديدة تمكن كل ذي حق من حقه ...


والجدير بالذكر الآن أن الذين حرموا من حقهم الشرعي في التصرف المطلق والتحوز القانوني في مناباتهم المستحقة من ارث سيدي عبد الكافي قد انهكهم التعب من مماطلات ولاة تداولوا على صفاقس على مدى نصف قرن همهم كان مصبوبا على ضمان مصالحهم الخاصة دون الاعتناء بالعامة وكان تحقيق العدل ليس من مشمولاتهم وإعادة الحق لأصحابه ليس من أهدافهم فتركوا الحبل على الغارب وتعمدوا إغفال هذا الملف الحارق ربما لتشعبه أو لتنفذ المتورطين فيه أو لعدم وجود نية صادقة في خدمة أهالي الجهة فمظلمة حبس سيدي عبد الكافي ليست المظلمة الوحيدة ولن تكون الأخيرة .... فهل يجرؤ والي صفاقس الجديد "سمير الرويهم" على ما عجز عنه أسلافه ويأذن بإعادة فتح الملف المقبور والمتستر عنه أم انه سيكتفي بوضعية المتفرج على طريقة "أخطا راسي واضرب" .  


قضاءنا حدث ولا حرج


لقد اقر الفصل 9 من نفس الامر العلي المذكور أعلاه بان «المحكمة الابتدائية تقضي ترابيا على ضوء ما يقدم إليها » كما يضيف الفصل 25 بان «محاكم الحق العام مختصة بالنظر في قضايا تصفية الأحباس الخاصة والمشتركة التي تعهدت بها قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ» ونقصد هنا القانون عدد 24 لسنة 2000 المؤرخ في 22 فيفري 2000 والذي اتى لينقح امر 1957 ...المتضررين عندما اكتشفوا انهم كانوا ضحية مؤامرة حيكت من اجل سلبهم حقوقهم والتحوز على مناباتهم اتجهوا مثل كل المظلومين إلى القضاء...



 لكن القضاء ونقصد هنا محاكم صفاقس والتي لم تطبق القانون بان خيرت الركوع للإدارة وتحديدا لما تمليه ولاية صفاقس إذ حين  توجهت مجموعة منهم إلى القضاء ورفعوا إذنا على عريضة للتمكن من استخراج نسخة من التوكيلات  المزورة التي افتعلها الشاذلي بن عمر عبد الكافي جاء الرد بالسلب ولم تأذن المحكمة دون إيضاحات أخرى ... وكان رد رئيس المحكمة المعنية زمنها أنه  عاجز عن إعطاء أوامر للسلط الجهوية لتسليم وثائق إدارية هذا ويذكر ان المحكمة المذكورة لا تزال الى حد الان متمسكة بذات الموقف السلبي رغم سقوط الديكتاتورية وتفكك دولة الفساد والافساد .......المطلوب اليوم من السلط الجهوية المعنية وعلى رأسهم والي صفاقس أن يعجل بالإذن بتكوين لجنة جهوية للتدقيق في ملف حبس سيدي عبد الكافي والعمل بكل صدق من اجل إعادة الحق المسلوب إلى أصحابه ومحاسبة كل الأطراف المتورطة ...ربما سيسجل له التاريخ انه بعد الثورة حل بولاية صفاقس وال شاب افلح في تصحيح أخطاء أسلافه وإعادة توزيع حبس سيدي عبد الكافي بعد أن ضل لعقود حبيس الدهاليز المظلمة. 
عبد الستار بليش

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire