mercredi 19 décembre 2012

خطير : تجارة الموت تغزو أسواقنا المحلية




قطع الغيار المقلدة للعربات تتسبب في أكثر من 35% من حوادث الطرقات وفي مصرع أكثر من 72% من قتلى المرور

في غياب أجهزة الرقابة وتستر الديوانة قطع الغيار الجديدة المقلدة للسيارات تغزو الأسواق المحلية



تجار الموت يتلاعبون بأرواح المستهلكين عبر تسويق قطع غيار السيارات المقلدة فواتير وهمية.. وأغلفة وكراتين توهم المشترين بأنها قطع أصلية

يعتبر توريد المقلد وبيعه في الأسواق المحلية فعلا من أعظم الأفعال إجراما على الإطلاق سواء في حق المجموعة الوطنية وحتى في حق الفرد وبالرغم من ذلك فإننا نجد غالبية المحلات المختصة في تجارة قطع الغيار الجديدة والموزعة على الأسواق التقليدية (شارع الهادي شاكر وشارع قرطاج بالعاصمة وبحمام سوسة وبصفاقس وبقابس وغيرها كثر) لا تعرض إلا البضائع المقلدة ربما لضعف رأس مال باعث المشروع أو للهفته للإثراء السريع أو لانتمائه لشبكة تجارة الممنوع والمحجر .. تصوروا أن إحدى قطع الغيار المقلدة والتي تباع في الأسواق الاسياوية بأقل من اورو يتم تداولها وعرضها للعموم بأسعار مرتفعة (160 دينار) تصل إلى حدود 80% من سعر القطعة الأصلية (200 دينار)... ولمعرفة تكلفتها على تاجر الجملة الذي تعهد بتوريدها نخلص إلى أن سعر التكلفة لا يتعدى ال3 دنانير باعتبار أن التسعيرة الديوانية لقطع الغيار المقلدة لا تتعدى 3 دينار على الكلغ.. وبالتالي تصل مرابيح تجار الموت المسجلة في بيع القطعة المذكورة إلى 157 دينار.
عصابات تتمتهن تجارة الموت تبيح لنفسها توريد قطع غيار جديدة لكنها مقلدة ومضروبة وفاسدة وعديمة الجودة وتفرض أسعار نارية وأرباح مضاعفة بالآلاف كما ترفض تمتيع حرفائها من بسطاء هذا الشعب المسكين بالضمان المعمول به والخاص بالمبيع .. فكم من متجر من متاجر الموت يعلق تنبيها غريبا عند مدخل محله يعلم من خلاله رفض الإبدال ورفض إرجاع ثمن البيع إلى الحرفاء .. ومصالح وزارة التجارة ومصالح وزارة المالية وما يسمى بمنظمة الدفاع عن المستهلك غائبون بل هم في سبات نائمون....


 
عصابات خطيرة تعمل منذ عقود في تجارة الموت في طمأنينة وأمان شعارها الإثراء السريع غير المشروع من خلال تنفيذ عمليات نهب لميزانيات عائلات تونسية أرهق جيوبها ارتفاع غير مسبوق لغالبية المواد الاستهلاكية وزاد الطينة بلة حالة سيارة شعبية تم اقتناؤه بتسهيلات بنكية فتحت فاهها لامتصاص ما تبقى من مدخرات وربما لطلب المزيد.
وما لجوء غالبية أصحاب النقليات إلى اقتناء قطع غيار مقلدة إلا نتيجة حتمية لارتفاع تكلفة الأصلية أو فقدانها بالأسواق (غالبية وكلاء السيارات المختصين في توريد قطع الغيار الأصلية ومستلزمات النقليات يرفضون تخزين غالبية القطع المطلوبة ويعملون وفق الطلبيات المسبقة والانتظار لأسابيع عدة) أو نتيجة الفشل في عملية بحث مريرة ومطولة عن قطعة غيار أصلية مستعملة تستجيب لعاملي الجودة والكلفة.
كذلك لا يمكن إغفال جهل الكثير من المستهلكين لخطورة تركيب قطع غيار مقلدة بسيارتهم ربما لغياب الثقافة الاستهلاكية الترشيدية ووترك سلطة الإشراف للحبل على الغارب وتستر الإعلام على جرائم ترويج المقلد والمجال لا يشمل قطع الغيار فحسب بل يتجاوزه إلى مستلزمات التجميل والملابس الجاهزة والأحذية والتجهيزات الكهرومنزلية والأدوات المكتبية والأدوية الجنيسة والمواد الغذائية والاستهلاكية ...فغالبية أصحاب النقليات يبحثون عن ماهية الثمن قبل جودة المثمن خصوصا وأنهم غير مطلعين على خطورة استعمال المقلد كما لا يميزون بين ما هو أصلي وما هو مقلد  والملاحظ أن كل السلع المقلدة تقريبا تدخل التراب التونسي ويتم توزيعها دون أدنى رقابة وفي ظل تواطؤ اطراف متنفذة داخل جهاز الديوانة ...
حيث تدخل عادة قطع الغيار الجديدة المقلدة عبر منافذ البلاد الحدودية البرية والبحرية والجوية وتمر أمام أعين أعوان الديوانة مرور الكرام ... قطع غيار فاسدة تورد بواسطة تجار جملة وموردين اختصوا في تجارة الموت من الصين وتايوان وماليزيا على خلفية ارتفاع أسعار قطع الغيار الأصلية التي يستوردها وكلاء السيارات (ستافيم بيجو – ألفا فورد – لي موتور – ارتاس رينو أوراس سيتروان ...) فهي إذن تمر عبر مكاتب الديوانة الحدودية ولا تنزل على تونس من السماء بل هي تورد على مرأى و مسمع أعوان الديوانة الفاسدين الذين مع علمهم بعدم قابليتها للتوريد قانونا يتركونها تدخل التراب التونسي وتوزع بسهولة عبر كل جهات البلاد عبر كل الطرق السيارة والوطنية وحتى الطرق الفرعية فتتسبب بعد اقتناءها وتركيبها في حصد أرواح الناس ذلك أن تصليح السيارات بقطع غيار مقلدة يعتبر عاملا من أهم العوامل الذي يرفع في نسبة حوادث الطرقات و عديد الدراسات والإحصاءات قد أثبتت ذلك فعلا مما دفع بالبعض بتسمية هته التجارة ب"تجارة الموت"
ويذكر أن الدراسات التي أجريت على سوق قطع غيار السيارات على مستوى السوق المحلية التونسية أظهرت أن حجم المقلد منها يصل إلى أكثر من 85 %، وأوضحت الدراسات ذاتها أن أقمشة الفرامل غير المطابقة للمواصفات تصنع من مواد كرتونية ونشارة الخشب، مما يتسبب في تآكلها بصورة سريعة ويتسبب في وقوع الحوادث بصورة كبيرة ومتكررة.
كما حددت إحدى مكاتب الدراسات العالمية نسبة حوادث المرور التي تتسبب فيها انعدام المواصفات الفنية الأصلية بالنقليات والعربات نتيجة استعمال قطع غيار جديدة مقلدة وعديمة الجودة عند انجاز أعمال الصيانة الدورية الجزئية أو الكلية بأكثر من 35% من جملة المسببات في وقوع حوادث مرور في كامل شبكة طرقاتنا الوطنية إضافة إلى اعتبار غياب عنصر الخبرة والكفاءة لعدد كبير من أصحاب الورشات المختصة في صيانة السيارات تسبب أيضا تقريبا في نفس النسبة (30%) ولتنسب البقية أي 35% إلى عدة عوامل مشتركة من حالة الطريق وحالة السائق وعوامل أخرى .
ويفيد احد المصادر الموثوقة بالديوانة أن غالبية ممتهني توريد قطع الغيار الجديدة يلجئون عادة إلى استعمال عمليات غش محترفة تقضي بتغيير التعليب الكرتوني للبضائع الموردة ولتتحول بسرعة من قطع غيار مقلدة إلى أصلية لا يمكن اكتشافها إلا عند فتح العلبة الكرتونية والوصول إلى القطعة موضوع الغش والتي في غالبية الأحيان 90% يمكن اعتبارها شبيهة في الشكل الخارجي وغير صالحة للاستعمال بل قد تتسبب في إعطاب أخرى من نوع ما انزل الله بها من سلطان.
ويضيف المصدر أن الموردون ممتهونو الغش في ميدان قطع الغيار يكلفون عادة عدد من أعوانهم بالتوجه رأسا إلى إحدى مغازات التسريح الديواني للقيام بعملية تغيير التعليب للبضاعة الموردة من الصين أو تايوان أو ماليزيا أو الباكستان أو ...ولتصبح بضاعة مصادق على جودتها من طرف الاتحاد الأوروبي بل في غالبية الأحيان أصلية تحمل عبارة (قطع غيار أصلية)... يحدث هذا تحت أنظار أصحاب مغازة التسريح الديواني وأمام أنظار عون الديوانة المراقب وثمن السكوت عن المحضور كالعادة عمولات ورشاوي.
فالمطلوب اليوم (بعد سقوط دولة الفساد شريكة مافيا المقلد) ممن يهمه الأمر التحرك بسرعة لإيقاف هذا النزيف وصد عمليات التوريد العشوائي لقطع الغيار الجديدة المقلدة بل ومنعها وتجريمها خصوصا وإن غالبية بلدان العالم من بلدان متقدمة أو في طريق النمو تعتبرها من قبيل الجرائم الجنائية ويحكم على مرتكبيها بالسجن وبحجز البضاعة موضوع الغش وبإتلافها وبخطايا كبرى.
منقول عن جريدة السفير التونسية ليوم 19/12/2012


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire