إن الذين قالوا أن
"التزاوج بين السلطة والثروة يولد الفساد" كانوا على حق لأن كثيراً من
النظم السياسية خصوصاً في العالم الثالث قد اعتمدت على أساليب تخرج عن نطاق دورها
ومارست تأثيراً قوياً على دوائر المال ورجال الأعمال وأصحاب الثروة حتى أصبحت رائحة
ذلك التزاوج تزكم الأنوف وتمثل مصدر خطر كبير لأن المنافع المتبادلة تجعل رجال
السلطة يقومون بحماية رجال الأعمال بينما يقوم الآخرون بدورهم عندما يقدمون كل
أسباب الدعم المالي لمن يحكمون. وهذه في ظني صورة للفساد المزدوج في الحياة
السياسية والحياة الاقتصادية معاً ولذلك ندق ناقوس الخطر في المجتمعات الآخذة في
النمو – ومن بينها معظم المجتمعات العربية – حيث يمارس أصحاب السلطة والمدعمون
منهم دوراً يساعد على الاحتكار ويحمى الفساد ويستنزف إمكانيات المشروعات
الاقتصادية وعوائد الشركات التجارية. وقد يقول قائل إن العلاقة بين السلطة
والثروة مشروعة ما دامت تحميها القوانين وتضع حدودها القواعد الملزمة حيث يكون
المثل في ذلك هو النظام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تمول القوى
الاقتصادية المختلفة مرشحي الرئاسة ويدعمون الأحزاب السياسية التى يؤمنون ببرامجها
ويعتنقون سياستها.
وهنا لابد من وقفة فالنظام الأمريكي من أكثر
النظم في العالم حساسية من الفساد ورغبة في محاربته ويكفى أن نتذكر نماذج
مثل "ووترجيت" و ""إيران جيت" وغيروهما من القضايا التي
وقف أمامها الضمير الأمريكي بقوة ليضع سوابق جديدة تفرق بين الحرية والفوضى وبين
مرونة الحركة في جانب والفساد في جانب آخر. كما يجب أن لا ننسى أن الولايات
المتحدة الأمريكية دولة ديمقراطية في أدق تعريفاتها الحديثة باعتبارها "دولة
القانون" State of Law.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire