حسب
الإحصائيات الرسمية فان عدد المتهمين في قضايا استهلاك المواد مخدرة في بلادنا شارف
على عتبة 10 ألاف شخص في غالبيتهم من الشباب وتكاد لا تخلو أية جلسة محاكمة من ملف
قضية مخدرات ومن أحكام بالسجن لا تقل عن سنة سجن وخطية بألف دينار أي "عام و vespa " حسب مقتضيات القانون عدد 52 لسنة
1992 (المؤرخ في 18 ماي 1992 والمتعلق بالمخدرات) الذي لم يتم تنقيحه وتصحيحه على
مدى 22 سنة رغم ثبوت فشله في الحد من انتشار استهلاك المخدرات وتأكد استغلاله من
طرف بعض أعوان الأمن الفاسدين وتوظيفه لحشر آلاف الأبرياء في السجن على الهوية
والهوى خصوصا وان ملفات قضايا المخدرات تحولت إلى سلاح ذو حدين يتحكم فيها حصريا
أعوان الأمن من شرطة وحرس من خلال تحرير حزمة من المحاضر العدلية المزورة والمدلسة
والتي تعد عادة بطريقة محكمة على مقاس الشخص المستهدف ولتتحول بديهة النيابة
العمومية والمحاكم المتعهدة إلى مجرد أداة طيعة بيد الطغمة الفاسدة والمستبدة
لتطبيق القانون الجائر في جرائم مستحيلة crimes impossibles .
بعد الثورة بتاريخ 12
ماي 2014 تم بجهة حلق الوادي إيقاف المهندس الشاب والمدون المعروف عزيز عمامي صاحب
الحملة الافتراضية الشهيرة “حتى أنا أحرقت مركز شرطة “ مع صديقه المصور (ص.م.) ووجهت لهما بطريقة
مفضوحة تهمة افتراضية في "استهلاك مادة مخدرة" وليزج بهما في السجن من
اجل تهمة كيدية وفي غياب تحاليل السائل البولي (المشتبه فيهما رفضا إخضاعهما
للتحليل البيولوجي) خصوصا وان أعوان الأمن لم يجدا من حل للإيقاع بغريمهم المدون
المشاكس والمزعج والذي تجرا وساند ذات يوم على إحدى صفحات التواصل الاجتماعي
"فايس بوك" عملية حرق مركز الأمن بحلق الوادي من طرف عدد من المتظاهرين
غير حشره في قضية مخدرات افتراضية وبعد قرابة أسبوعين من الاعتقال نظرت إحدى الدوائر الجناحية بابتدائية تونس في ملف
القضية الفضيحة الملفقة وقضت بعدم سماع الدعوى وقبل الثورة وبالتحديد خلال سنة
2008 تعمدت إحدى الفرق الأمنية بسوسة إيقاف الشاب (م.ح.م.) وتعذيبه والاعتداء عليه
وتلفيق حزمة من الجرائم الخطيرة من استهلاك وحيازة مادة مخدرة إلى مساعدة فار من
السجن مرورا بالسكر الواضح والتشويش والاعتداء على الأخلاق الحميدة وهضم جانب موظف
وبعد فترة إيقاف ب6 أيام في غرف الاحتفاظ بإقليم الأمن بسوسة تعرض خلالها الشاب
الموقوف إلى شتى أنواع التعذيب المادي والمعنوي قررت النيابة العمومية بابتدائية
سوسة بعد إطلاعها على محاضر باحث البداية ترك سبيله وإحالته في حالة سراح بعد
أسبوعين على المجلس الجناحي وليقضى في شانه بعدم سماع الدعوى والسبب خلو الملف من
أسانيد قاطعة فالتحليل البيولوجي أكد عدم تعود المشتبه فيه على استهلاك المواد
المخدرة كذلك ثبت تعسف أعوان الأمن من خلال محضر مفبرك أكد انه تم استنطاق الموقوف
يوم كذا على الساعة كذا والحال أن هذا التوقيت يصادف زمن إجراء التحليل البولي
بمستشفى فرحات حشاد بسوسة إضافة إلى انه تم التنصيص زورا في احد المحاضر على انه
تم استنطاق الشاب بمركز الأمن بحي الرياض بسوسة والحال انه لم يغادر البتة غرفة
الاحتفاظ .... تمكن بتاريخ كذا أعوان إحدى الفرق الأمنية المختصة
من القبض على شاب "مزطول" من اجل استهلاك و مسك وترويج مادة مخدرة مدرجة
بالجدول ب من خدر القنب الهندي أو "الزطلة" حيث تم حجز عينة من المادة المشبوه فيها تزن عادة
بين (0.20غ) و( 0.50غ) ومبلغ مالي ببضعة دنانير وعند استنطاقه اقر بأنه تعود استهلاك المادة المخدرة
و يتزود بحاجته من متهم ثان .... و حيث جاء في التقرير البيولوجي المجرى على السائل
البولي للمتهم ثبات استهلاكه لمادة تحتوي على مخدر مدرج بالجدول "ب"...
وبعد فترة إيقاف ب6 أيام (تمديد آجال الاحتفاظ مؤكد تحت غطاء انتظار نتيجة التحليل)
يتم إحالة الشاب المتهم على احد قضاة التحقيق ليصدر في شانه بطاقة إيداع في السجن
وبعد مضي اشهر على تاريخ الواقعة تقضي المحكمة حسب التعريفة المعتمدة أي سنة سجنا
على الأقل مع الخطية المعروفة ... مشهد يكاد يتكرر في جل المراكز الأمنية بنفس
محتوى المحضر وبنفس الأسلوب وبنفس الطريقة وماعون الصنعة قطع صغيرة من مادة الزطلة
مستولى عليها بطريقة غير مشروعة من محاضر حجز فعلية سابقة يقع إلصاقها زورا
وبهتانا بالشخص المستهدف من خلال وضعها في جيبه
أو في حقيبته أو في سيارته في غفلة منه عند مباشرة التفتيش .
حيث اعتاد أعوان
الأمن تكثيف حملاتهم الأمنية نهاية كل أسبوع انطلاقا من ظهر يوم الجمعة ولتستغل
بعض النفوس المريضة منهم التوقيت القاتل بحكم أن المحاكم تدخل في عطلة نهاية الأسبوع
ليومين (السبت والأحد) للتنكيل بأعدائهم من المواطنين من خلال فبركة جرائم
افتراضية لا وجود لها أصلا فالمهم تحقيق مشاريعهم الشيطانية والزج في السجن لسنة
على الأقل بكل من اعترض طريقهم أو عارض فسادهم...
فكم من شخص قبض عليه أعوان الأمن في جنحة حق عام عادية
وكم من شاب حبس دون وجه حق اعتمادا على محاضر مفبركة على المقاس أو على غير المقاس
... وكالعادة تقع مهاتفة النيابة العمومية من طرف أعوان الأمن لإشعارها بوجود شبهة
في استهلاك مادة مخدرة وهذه الأخيرة اعتادت إعطاء صك على بياض للأمنيين للاحتفاظ
وانجاز التحاليل البيولوجية المطلوبة لتثبيت الجريمة ...مع الإشارة أن اخذ عينة من
السائل البولي ليست بالعملية السهلة كونها تكون بحضور أعوان صحة وامن وإذا رفض المظنون
فيه الرضوخ للإجراء فان المحاكم وللأسف الشديد تذهب إلى اعتبار ذلك قرينة على
استهلاكه المادة المخدرة وتقضي في حقه بأدنى العقاب أي سنة سجنا وألف دينار خطية
علما وان المظنون فيه قد يكون ذهب في خلده انه استهلك فعلا مادة مخدرة والحال أن
من زوده بها زوده بمادة مغشوشة وهذا ما يسمى بالجريمة المستحيلة أو الجريمة
الناقصة ومع ذلك يقضى بسجن شاب في مقتبل العمر لمدة سنة من اجل جرم لم يرتكبه
فالقرائن التي تعتمدها المحاكم أما أن تكون قاطعة وثابتة ومؤكدة وإلا فإنها في حكم
العدم ولا تؤسس لإدانة شخص على مجرد الشبهة لان الأحكام الجزائية تبنى على اليقين
وليس على الشك والتخمين هذا فضلا على ما يشوب إجراءات التحليل من تلاعب وابتزاز
ذلك أن العينة التي تأخذ عن المتهم قد يقع التلاعب بها بتقديم عينة خالية من رواسب
المخدر أو العكس صحيح ولنا في وقائع قضية استهلاك المخدرات التي تورط فيها خلال
صائفة 2011 ثلاثة من مشاهير كرة القدم في تونس وهم أسامة السلامي وحاتم الطرابلسي
و زياد الجزيري وليدفع هذا الأخير الثمن زورا وبهتانا....
وكل ذلك يصب في ارشاء بعض أعوان الأمن ممن باعوا ذممهم واستعملوا وظيفهم
للتدليس غير المشروع ونحن لا نلوم أولئك الأعوان وإنما نلوم في مرحلة أولى جهاز
النيابة العمومية التي تأذن بتلك التحاليل على مجرد مكالمة هاتفية في الاشتباه في
الاستهلاك دون أي حجز لأية قطعة من مادة مخدرة على المتهم المعني وفي مرحلة ثانية
على المحكمة والتي تأخذ محضر البحث على انه قران منزل وتقضي بالإدانة والسجن
والخطية والمراقبة الإدارية .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire