في
أحياء سبرلوس المستثناة أجيال وأجيال وفي
شوارعها قصص تحكي فصولا من الظلم تأبى النسيان هم شريحة واسعة من التونسسين لحما
ودما نيف عددهم على 5000 وطوحت بهم
الحكومات المتعاقبة ..فلا ديكتاتورية بن علي رأفت بهم ولا "ديمقراطية" الإخوان رقت لحالهم ... فيهم من قضي نحبه تاركا ولدا كثيرا ومالا
قليلا وفيهم من ينظر ، فيهم من اشتعل رأسه شيبا ووهن منه العظم ومنه من مازال في
المهد صبيا ، إنه ملف متساكني أحياء " سبرلوس " ( الرمانة – المنزه
8 – المرسى – المنار ) الذين تم استثناءهم
من عملية التفويت سنة 1989 ما زال يلقي
بظلاله على الوضع الاجتماعي الهش في تونس
ويزيده تعقيدا على تعقيد ، ولعله سيكون
أول قنبلة تنفجر في وجه حكومة مهدي جمعة إن كتب لها أن تتشكل . ذلك أن عمليات
التجاذب والتدافع بين السكان وشركة النهوض
بالمساكن الاجتماعية " سبرلوس " ما فتئت تتعمق من يوم لآخر بعد أن أصبحت زيارات عدول المنفذين
الذين ترسل بهم الشركة إلى المتساكنين عادة شهرية ، وقد
يجد حوالي 5000 بهد أشهر
قليلة أنفسهم مشردين البؤس حليفهم
والتعاسة ظلهم .
القرار
الجائر : ما فعله بن علي بالأحياء الأربعة
:
لعله من المفيد ونحن نتحدث عن موضوع هذه الأحياء المستثناة أن نعود إلى سنة
1974، السنة التي قرر
فيها الاتحاد إنشاء شركة لبناء مساكن
اجتماعية أن معلوم الكراء أصبح مشطا
فاقترح الحبيب عاشور على وزير الشؤون الاجتماعية آنذاك محمد الناصر هذا الطلب
فتكونت بذلك شركة برأس مال بين الأجير و المؤجر أي أن رأسمالها متأت من رواتب العمال
عبر اقتطاع جزء منها و إدخالها في صندوق
الضمان الاجتماعي فولدت الشركة اجتماعية بالأساس و هي تابعة للقطاع الخاص و
بالتالي لا يسكنها إلا من يعمل في القطاع الخاص ولكن سكنها عدد غير قليل من هم في القطاع العمومي بل سكنها من يملك من يملك منزلا و أكثر.
و سبرلوس هي شركة تم إنشاؤها سنة 1982 يمولها صندوق الضمان الاجتماعي مهمتها بناء مساكن اجتماعية وكرائها وذلك إلى
حدود سنة 1989، وقد تمكنت هذه الشركة خلال سبع سنوات من بناء 10 ألاف مساكن . وفي
سنة 1989 وإثر قرار رئاسي تغيرت صبغتها وأصبحت تبني المساكن الاجتماعية وتفرط فيها
بالبيع ... وكان من المنتظر أن ينسحب هذا
القرار على 10 آلاف مسكن غير أنه تم استثناء 827 مسكنا موزعة على أربعة هي الرمانة
– المنزه 8 المرسى والمنار .
وكان ثمن هذه المساكن سنة التفويت فيها في حدود 9300 دينار تدفع على أقساط ب300
شهر و أهالي هذه المساكن المستثناة يعتبرون أن مساكنهم وقع دفع ثمنها فتقريبا
بمعلوم كراء شهري ب 150 دينارا وقع خلاص المساكن أضعافا مضاعفة و هم الآن إضافة
إلى مطالبتهم بالتفويت يطالبون بإصلاح هذه المساكن و إرجاع معلوم الكراء الإضافي. ومنذ هذا التاريخ ( سنة 1989 ) دخل متساكنو هذه
الاحياء دوامة البحث عن حل يتلخص
في التمتع بالمسكن الذي دفعوا ثمنه أضعافا مضاعفة ولكن في كل مرة يعودون بيد
فارغة وأخرى لا شيء فيها ففقدوا اكل بارقة أمل .
إصلاح
أخطاء الماضى أولى من التحاكم والتقاضي
وجاءت الثورة فأحيت لدى سكان الاحياء المستثناة الأمل
في حل قانوني يعيد إليهم حقوقهم ويقيهم شر
التشرد، وكان اول قرار لهم إيقاف
دفع معلوم الكراء منذ جانفي 2011 ريثما
يقع وضع حل أي التفويت فيها. ولكن ما كل ما يتمناه المرء
يدركه فقد رفعوا مطالبهم وشكواهم إلى كل السلطات
المعنية ولكن كان الجواب في أكثر الحالات نفس الجواب الذي قدمته حكومة بن
علي . ولفهم قد راسلوا
وزارة الشؤون الاجتماعية طالبين حقهم ، ولما أصبحت هذه الشركة تحت إشراف وزارة التجهيز قام سكان
هذه الاحياء بعدة إعتصامات بوزارة التجهيز
لتلبية ، وظل السكان المساكين رائحين
غادين بين هاتين الوزارتين .
ومما عمق معاناة هؤلاء السكان هو
تهاطل تنبيهات عدول المنفذين التي تبعث بها إدارة سبرولس طالبة منهم تسديد ديون متخلدة بذمتهم منذ سنوات والحال أن الجمعية المكلفة بالدفاع عن متساكني هذه
الأحياء ( تم أنشاؤها بعد الثورة ) أعلمتهم أن ملف التوفيت لدى الوزارة الأولى
مبرمج لعرضه على مجلس وزاري للبت فيه نهائيا في القريب العاجل.
إن قضية سكان أحياء سبرولس
المستثناة تدعو على العجب ففي الوقت الذي رفع فيها هؤلاء السكان شعار :" إصلاح أخطاء الماضى أولى من
التحاكم والتقاضي " أمعنت الحكومات في تجاهل الموضوع وأسرفت إدارة سبرولوس على تعميق مأساتهم فهل ستواصل
حكومة المهدي جمعة تناسي هذا الموضوع أم انها ستطوي صفحة الماضي وتنصف المظلومين
؟؟؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire