vendredi 9 juin 2017

‭ ‬C I A‭ ‬في‭ ‬تونس :جواسيس‭ ‬عرب‭ ‬وأجانب(الجزء الاول)




 نشرت الثورة نيوز هذا المقال الخطير مرتين، وهو مقال يهتم بقضية خطيرة تتعلق بالأمن القومي للدولة التونسية.
وحيث إن النيابة العمومية والنيابة العسكرية التزمتا الصمت تجاه أعمال الجوسسة وتهديد الأمن القومي لتونس ولدول الجوار،  فان صحيفة الثورة نيوز ترى من واجبها الرقابي كجريدة استقصائية منتصبة وفق القانون أن تفضح عناصر شبكة الجوسسة التي ضمت جنسيات من قطر ومن تونس ومن دول اجنبية.
بدأت أعمال هذه الشبكة خلال سنة 2011 بعد سقوط نظام بن علي مباشرة، واختراق العملاء المجال التونسي بضوء أخضر من حكومة الباجي قايد السبسي وقتها، وأشرفوا على عملية  الإطاحة بنظام معمر القذافي... لكن نشاط شبكات الجوسسة استمر إلى حدود سنة 2015 تاريخ توقف أجهزة مكافحة الجوسسة التونسية عن مراقبة هذه العناصر بتعليمات سياسية.

سياسة وكالة الاستخبارات الأمريكية 
C IA   في الشرق الأوسط
كانت المخابرات الأمريكية CIA  تعول أثناء تنفيذ مخططاتها على تفعيل التعاون مع البلدان الحليفة لها في المجال العربي، خاصة منها بلدان الخليج والأردن ومصر والمغرب وتونس.
فقد كشفت المخابرات الأمريكية مثلا عن وثائق تتعلق بالدور الذي قامت به المملكة السعودية خلال الحرب الأهلية اللبنانية، والتي استمرت من سنة 1975 الى سنة 1990، كان دورا يراوح بين السياسي والعسكري والاستعلامي وحتى تنفيذ اغتيالات سياسية... إلا انه كان تعاونا متناسقا تماما مع الأهداف الأمريكية في المنطقة.
حيث كشفت قناة «بي بي سي» البريطانية في تقريرها الذي بثّته في احد برامجها الوثائقية خلال هذا العام، أنه وإثر تفجير مقر السفارة الامريكية ومقر المارينز في بيروت سنة 1983، طلبت وكالة الاستخبارات الامريكية من «الأمير بندر» الإذن بتنفيذ عمليات في لبنان وتخصيص مبالغ مالية للخلايا الناشطة في لبنان، فقام عملاء سعوديون وعرب ينشطون في بيروت بمحاولة لاغتيال الزعيم الشيعي الشيخ فضل الله... فشل الاغتيال وأدى إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى.
كذلك كان دور المخابرات السعودية وكل بلدان الخليج حاسما في حرب الخليج الأولى ضد العراق في حكم صدام حسين سنة 1990 وحرب الخليج الثانية سنة 2003. وأدى ذلك إلى تدمير دولة العراق تدميرا شاملا.  
أما في ما أطلق عليه بالربيع العربي فقد  توجهت الإدارة الأمريكية إلى توظيف دولة الامارات والسعودية وقطر... وكانت قد أنشأت في قطر اكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخليج وهي قاعدة «العيديد» الجوية...وقامت دولة قطر على صغر حجمها بدور فعال في ما سمي بالربيع العربي، مستعينة في ذلك بذراعها الإعلامي الذي كان يتمتع بمصداقية حتى سنة 2011 .
وقد شاركت «قناة الجزيرة» والمخابرات القطرية في إسقاط أنظمة عربية في تونس وليبيا وسوريا واليمن، وضخّت الإمارة الصغيرة أموالا طائلة في إسناد السلفية الجهادية في بداياتها.
كانت عملية تدمير منظمة للشرق الأوسط في جغرافيته السياسية، شاركت فيها الإدارة الأمريكية  ودوائر غربية وبلدان الخليج تنفيذا لمشروع الشرق الأوسط الجديد في الفوضى الخلاّقة.

الدور القطري في الإطاحة بالدولة الوطنية... ضباط قطر في قمرت
وقد أشارت جريدة «العرب» اللندنية في عددها 104434 والصادر بتاريخ 24 أكتوبر 2016 تحت عنوان ضباط قطريون يتخذون من العاصمة التونسية مقرا لإدارة عملياتهم داخل ليبيا : «وكانت العرب قد كشفت في عدد سابق أن الدوحة تولت تمويل عودة أكثر من 800 مقاتل ليبي وتونسي كانوا يشاركون في القتال في سوريا ... وتحدث نشطاء ليبيون تعرضوا للتعذيب في سجون سرية تديرها ميليشيات مسلحة متهمين ضباطا قطريين بالإشراف على تعذيب ونزع الاعترافات من المعتقلين.»
وقد أيدت صحيفة «افريكان ماناجر» هذه المعلومات وذكرت أن المخابرات القطرية تدير أعمالها من العاصمة التونسية ويستقر عملاؤها في احد النزل الفاخرة بجهة قمرت ويتمتعون بتسهيلات وحرية في التنقل.
وذكر الخبير البريطاني «كريستيان كونس اوليخسن» في كتابه بعنوان «قطر والربيع العربي» والصادر عن جامعة أكسفورد البريطانية تفاصيل مهمة عن الدور الخطير للسياسات القطرية في تونس وليبيا سواء في ضخ الأموال او الأسلحة او دعمها للجماعات الارهابية المتشددة عبر تونس.
يبدو أن نشاط الجواسيس وتلك الأموال الضخمة كانت مخصصة في البدء إلى دعم ثوار ليبيا المتمردين ضد نظام القذافي، غير أن استمرار تدفق تلك الأموال إلى ليبيا بعد سقوط نظام القذافي وحتى منتصف سنة 2014 يثير شبهات حول إمكانية دعم قطر لجماعات سلفية جهادية مثلما فعلت في سوريا، أو دعمها لجهات سياسية تونسية، وهذا ما يعتبر تهديدا للأمن القومي لتونس وللجزائر معا.
هذا وقد ثبت أن الاختيار الساذج والمتهور لحكومة الباجي قايد السبسي في 2011 قد كان سببا في ما تعانيه الدولة التونسية اليوم من تهديدات إرهابية واضطرابات أمنية سببها انهيار الدولة في ليبيا... كان اختيارا أحمق لم يدرس العواقب الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد  التي تنجم عن تدمير دولة مجاورة، وهو لوم ينسحب على كل الحكومات التونسية التي تعاقبت على الحكم... كان اختيارا كارثيا مدمّرا.

السياسة القطرية في تونس
وفي تونس تحركت السياسة القطرية تلك التي تعبر عن السياسات الأمريكية في المنطقة، فساندت قطر الأحزاب السياسية المتناقضة النهضة والنداء، وساندت المرزوقي والسبسي في الانتخابات الرئاسية، وضخت أموالا طائلة لبعض الأحزاب، وكانت الغاية من ذلك محاولة التأثير في التحولات السياسية في المنطقة بالوكالة عن الإدارة الأمريكية.
كان العملاء والجواسيس ينشطون بقوة في المجال التونسي خاصة بعد سقوط نظام بن علي، وخلال شهر افريل لسنة 2011، زار رئيس الحكومة التونسية وقتها الباجي قايد السبسي دولة قطر رفقة وفد رفيع المستوى، وقد أفادت المجلة البريطانية  THE INDEPENDENT   في أواخر سنة 2011 أن مسؤولا أمريكيا رفيعا وأمير دولة قطر، قد طلبوا رسميا من رئيس الحكومة التونسية تقديم كل التسهيلات لتمرير السلاح والمقاتلين والأموال إلى ثوار ليبيا لدعمهم في مواجهة نظام القذافي.
وتحدثت الصحيفة أن الجنرال رشيد عمار وقتها رفض الطلب في البدء، فخاطبه قائد القوات المسلحة القطرية حمد بن علي العطية:» ما فائدة البزة العسكرية التي تلبسها يا جنرال»، وذكرت الصحيفة أن رشيد عمار قد تردد كثيرا قبل القبول بتنفيذ الخطة الامريكية القطرية تحت ضغط مباشر من الباجي قايد السبسي الذي تعلل بان الدولة التونسية في حاجة ماسة إلى مساعدات مالية وعدته بها دولة قطر.

مفاجأة  550 ألف أورو...وانطلاق المطاردة الأمنية

يوم 13 أكتوبر 2014 حدثت واقعة بمحض الصدفة، إذ تقدم شخص قطري الجنسية يدعى «سالم علي الجربوعي» إلى بنك الإسكان فرع المرسى،  وطالب بسحب مبلغ 550 الف يورو من حسابه الجاري ببنك الإسكان فرع تطاوين.


ماذا يفعل قطري بتلك الأموال في تطاوين؟

ونظرا لضخامة المبلغ، اتصل الفرع البنكي في المرسى بالمقر المركزي لبنك الإسكان لتوفير المبلغ المالي الضخم بالعملة الصعبة... قام بنك الإسكان على الفور بإرسال إشعار في شبهة حول تلقّي شخصية أجنبية وهو «سالم الجربوعي» تحويلات مالية ضخمة بحسابه الجاري بفرع البنك بتطاوين ناهزت 08 مليارات من العملة الاجنبية.
انطلقت فرق من المصالح المختصة والمصالح الفنية بوزارة الداخلية في رصد وجمع المعلومات حول نشاط القطري «سالم علي الجربوعي»، واكتشفت انه يقيم علاقات بعدد من الأطراف السلفية من بينها جمعية «الحياة الخيرية» بجرجيس التي يديرها وقتها  المدعو «الأسعد الصويعي ورضا إبراهيم» وهما من أتباع التيار السلفي.
تقدمت الأبحاث، وخلصت إلى مفاجأة من العيار الثقيل، حيث تولّى عسكريان تونسيان وهما «قيس بن عبد الرحمان موسى» و«توفيق بن غالي الغالي» سحب أموال ضخمة من الحساب البنكي الخاص بالقطري «سالم الجربوعي».
إطلعت النيابة العمومية بتونس على الأبحاث، وأذنت بفتح بحث عدلي مع القيام بالتساخير والإجراءات الإدارية اللازمة يوم 8 افريل 2015... بما يؤكد ان الكشف الفعلي عن هذه الشبكة كان بعد انتخابات سنة 2014 وتسلم الباجي قايد السبسي لمقاليد الحكم.

تقرير لجنة التحاليل المالية CTAF
في الأثناء، وبتسخير من النيابة العمومية أفادت اللجنة التونسية للتحاليل المالية CTAF برئاسة السيدة «حبيبة بن سالم»، وقوع حركة نقل أموال وعمليات تنزيل وسحب لأموال ضخمة من الحساب البنكي للقطري سالم الجربوعي بالمليارات في فترة وجيزة.
وكانت المفاجأة أكبر حين اكتشف المحققون أن عمليات السحب نقدا كانت تتم عن طريق  أشخاص تونسيين وقطريين لا علاقة لهم بالحساب الجاري.

المتعاونون مع الشبكة
فقد كشفت الأبحاث هويات الأشخاص الذين سحبوا أموالا من الحساب المشبوه، بما يؤكد وجود معاملات مالية تثير الريبة، وهم على التوالي :
التونسيون: العقيد قيس موسى،  ووالده عبد الرحمان موسى، والعسكري توفيق غالي، و زبير الفضيلي.
القطريون: عبد الله حسن الكواري، والحاج الهادي، وحمد عبد الله المري، وحمد جابر غانم الكبيسي.

مخالفة قانون الصرف
وقد تبين أن جميع عمليات السحب التي قام بها أولئك الأشخاص قد خالفت القانون وتمّت دون تفويض كتابي، كما لم يتم التنصيص بمطبوعة السحب على هويات الساحبين وأرقام هوياتهم وامضاءاتهم، في مخالفة لقوانين الصرف، مما يؤكد تورط رئيس الفرع البنكي في هذه الشبكة المشبوهة في تبييض الأموال.
لمصلحة من يتم سحب الاموال؟
كيف نفسر قبول الفرع البنكي لتلك المخالفات الخطيرة لقانون الصرف؟
مقال صادر بالعدد 211 من جريدة الثورة نيوز ليوم 27جانفي 2017




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire