samedi 1 avril 2017

أخطاء الأطباء وظلم القانون




عذرا .. الكل يخطئ ...الرئيس والوزير والقاضي  والمحامي  والخبير والمحاسب  والطبيب  والاستاذ والممرض والامني ... كلهم خطاؤون.
 جميع الناس خٌلقنا من طين لكن الملفت للانتباه هو ذلك الاهتمام الاعلامي بأخطاء الاطباء وضرورة محاسبتهم
كانت محاكمة ظالمة لطبيب التخدير سليم الحمروني والممرض صالح عبداللاوي والقضاء في شانهما ابتدائيا بسنة سجن بالنسبة للاول وستة اشهر بالنسبة للثاني مع النفاذ العاجل في قضية الوفاة المسترابة لرجل التعليم المتقاعد المرحوم التاجوري الجابري والذي دخل إلى مصحة خاصة يوم 31 ديسمبر 2016 بعد تعرضه لكسر على مستوى الفخذ ما تطلب خضوعه لعملية جراحية.
الطبُّ مهنة إنسانية شريفة ونبيلة قبل أن تكون مصدر ارتزاق، وهذه المهنة تتطلّب من صاحبها أن يكون حريصاً على صحة مريضه، فإذا ما أخطأ في تقدير مواضع المرض، فانه يحاسب اداريا على خطيئته من الجهات المختصَّة (الهيئات الطبية او وزارة الصحة)، والخطأ الطبي يحصل عادة جراء تقصير أو إهمال او صعوبات اخرى تعترض الطبيب المداوي أو الجراح أو طبيب التخدير او الممرض .
 وتحدث الاخطاء عادة اثناء تشخيص المرض او خلال العلاج او اثناء التخدير او عند الجراحة او عند التعقيم او عند المتابعة ... وهذا الخطأ قد يذهب بحياة المريض، أو يتسبب له في مضار اخرى، نتيجة لإهمال الطبيب، أو التسرُّع في تقديره لطبيعة المرض، أو غياب الخبرة، أو غير ذلك من الأمور التي لا يمكن حصرها.


والخطأ الطبي متواتر الحدوث في كل البلدان المتقدمة ، ففي بريطانيا مثلا تعد الأخطاء الطبية السبب الثالث للوفاة بعد السرطان والسكتات القلبية ونفس الشيء في فرنسا (50.000 حالة سنة 2013) وكذلك في أمريكا فهي السبب الثامن لحالات الوفاة  (250.000 حالة) واذا كان هذا حال الدول المتقدمة فما بالنا بتونس تلك التي تفتقد الى التجهيزات الحديثة والمخابر المتطورة والمستشفيات المتخصصة ؟
تفاقمت الضجّة الاعلامية حول أخطاء الأطباء في تونس ، وكثير من الناس يرون في الطبيب "كبش فداء" Bouc émissaire لرفضهم القبول  نتائج التدخل الطبي  ، وهم لا يدركون أن مخاطر مهنة الطب ستؤثر في الطبيب وفي المرضى، وأن مرحلة علاج المريض يشارك فيها عدد كبير من أفراد الطاقم الطبي، أطباء وممرضون ومختبرات التحاليل وأقسام الأشعة وغيرها.
وتزداد الحكايات المأسوية يوماً بعد آخر لضحايا كانوا يحلمون بالشفاء على يد الطبيب، لكنهم خرجوا من العيادة بكوارث زادتهم آلاماً ومعاناة... ومع ذلك فمن العيب ان نحاسب الطبيب ونحمله المسؤولية الجزائية ونطالب بمحاكمته وسجنه فما من طبيب يتعمّد ارتكاب أي خطأ مهني أو طبي فهمه مصبوب قبل كل شيء على مداواة مريضه وشفائه.
في المقابل نجد المريض او عائلة المريض لا يبحثون عن أسباب الوفاة، لكنهم يريدون تحميل المسؤولية دائما للطبيب، فأكثر من 70% من شكاوى المرضى سببها عدم قدرةعائلة المتوفى على تحمل الصدمة .


فلو حصلت وفاة المريض التاجوري الجابري في احد المستشفيات العمومية لما تم ايقاف الطبيب المبنج ولا الممرض ولما حصلت كل هذه الضجة لكن وقوع الوفاة في مصحة خاصة اعطى للقضية بعدا آخر اذ تحولت الى قضية راي عام... فقد نهشت وسائل الاعلام الطبيب والممرض ورمي بهما القضاء في السجن مع الاصرار على ابقائهما في حالة ايقاف رغم مطالب الافراج المقدمة.
ثم قضت الدائرة القضائية المتعهدة في حقهما بالسجن مع النفاذ العاجل وهي سابقة لم تحصل حتى في قضايا الحق العام ذات الخطورة ...ألم يكن احرى الابقاء عليهما في حالة سراح لتمكينهما من حق الدفاع المشروع ولتفادي الازمة في القطاع الطبي من وقفات احتجاجية واضرابات متتالية اضرت بالمرفق الصحي وبالاف المرضى.
يوميا نسمع عن وفايات داخل المستشفيات اكثر من نصفها تحدث نتيجة قلّة التعقيم ونقص الأدوية وغياب الطاقم الطبي المختص وعدم توفير المستلزمات الطبية هذا اضافة الى تخلّي وزارة الصحّة عن واجبها نحو مرضاها من اجل تامين خدمات صحية لائقة لاسباب يطول شرحها... ورغم هذه الاخلالات لم نسمع بسجن طبيب او ممرض من اجل اخطاء طبية.
صفحات التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" التهبت منذ اسابيع بعد سجن الطبيب المبنج والممرض... وتارجحت المواقف بين التأييد والمعارضة ! وقد عكست  بعض التعاليق الفايسبوكية موقف الراي العام من هذه القضية ومنها:
 (1) " طبيب مختص أبحث عن عمل جديد ...حارس غابات أو بائع متجول للببُّوش" و(2) "الولد: بابا انحب نطلع طبيب... الاب: تطلع طبيب؟ علاش ربيتك أنا باش اتولّيلي فار حبس؟؟.. اتقلّي نطلع زطّال ..نطلع قنّاص.. نطلع ارهابي..بيّاع شراب.. دجّال..متحيّل .. ولاّ حتى كلب من كلاب شفيق وكمال نفهمك.. طبيب قال ..إتلمّ لا تاخو صرفاق يعملّك TWEET في وذنيك" و(3) "Les idiots croient que le médecin doit avoir les compétences d’un dieu pour faire soulager monsieur tout le monde. " و(4) مثل كل القطاعات ﻻبد من قانون بحمي عمل اﻻطباء...واﻻ بحربوشة تلقي روحك في السجن و(5) محكمة ...! القاضي: مخدرات ؟ المتهم : تخدير وإنعاش .. القاضي : يسجن شهرين أو ثلاثه فإن ثبتت براءته سنطلق سراحه ... إن عاش و(6) سليم حكموا عليه عام حبس أما الطب في تونس حكموا عليه بالاعدام ! (7) Les médecins en prison, les terroristes à la maison ! و(8) Meskina tounes un terroriste à plus de chance qu’un médecin d'être libre ou libéré !! Il faut en rire ou pleurer !!1a vous de voir!!  و(9) Messieurs les juges vous êtes priés de chercher qui va vous soigner.......
والمطلوب اليوم اصدار قانون "المسؤولية الطبية"، لتصنيف مستويات الأخطاء وتحديد العقوبات اللازمة وفقاً لنوع الخطأ اضافة الى تحديد تعويضات كبيرة للمتضررين من الاخطاء الطبية للحد من تزايدها ، وعلى مشرع هذا القانون ان يفرق بين المضاعفات الطبية التي لا دخل للطبيب بها، والخطأ الطبّي غير المتعمّد، وبين الإهمال الذي يعني التقاعس عن تقديم الخدمة الطبية.


وإن كان لرئيس الجمهورية حق نقض حكم إعدام مجرم أزهق عمدا روحا بريئة فلا أدري ما الذي يمنع أعلى هرم السلطة التنفيذية من التدخل لرفع مظلمة عن طبيب شهد له الجميع بكفاءته واجتهاده في علاج مرضاه على مدى سنين طويلة وكذلك الأمر لممرض لم يبق على تقاعده سوى أشهر معدودة... يجب على سلطات البلاد بكل مكوناتها التشريعية والقضائية والتنفيذية أن تعي جيدا أن وقوع خطأ طبي غير مقصود أو مضاعفات لمريض لا يوجب بأي حال إيداع المسؤولين عنها في غياهب السجون... هذا لا يعفي من أن يقع جبر ضرر المتضرر أو عائلته ، لكن دون التشفي من مسدي الخدمات الصحية.

 محمد الحاج منصور


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire