mercredi 1 mars 2017

سقط وزير التجهيز في شرك فهل يتدارك ؟ عندما تفوح رائحة الفساد من وزارة التّجهيز وقطاع البعث العقاري




تم بمقتضى الفصل 61 من قانون المالية لسنة 2017 إحداث خط تمويل بمبلغ 200 مليون دينارا لفائدة الفئات متوسطة الدخل يتم بمقتضاه توفير قرض ميسر يتم بمقتضاه توفير التمويل الذاتي المطالب به المنتفع قصد اقتناء مسكن أول. ويتم ضبط صيغ البرنامج وشروط الانتفاع بالتمويل على موارد الخط المذكور وإجراءات إسناده بمقتضى أمر حكومي في إطار مشروع قانون المالية أي قبل المصادقة عليه عملت مافيا إعداد النصوص على خص الباعثين العقاريين دون سواهم بذاك الإجراء الذي يبدو انه تم سنه في ظروف مشبوهة خدمة للوبي البعث العقاري. وقد تصدى جزء من نواب المعارضة لذاك الإجراء المشبوه فتم حذف الباعثين العقاريين ليشمل كل البائعين سواء أكانوا باعثين عقاريين أو غيرهم.
وفي خرق صارخ ومفضوح لأحكام الفصل 61 من قانون المالية لسنة 2017 الذي لم يخص الباعثين العقاريين بذاك الإجراء، عملت مافيا إعداد النصوص الترتيبية على إصدار الأمر عدد 161 لسنة 2017 المؤرخ في 31 جانفي 2017 المتعلق بضبط شروط الانتفاع ببرنامج المسكن الأول وصيغ وشروط الانتفاع بالقرض الميسر لتغطية التمويل الذاتي وإجراءات إسناده ليخص الباعثين العقاريين دون سواه بذاك الإجراء المشبوه. وعلى اثر احتجاج عدد من نواب الشعب الذين تفطنوا لذاك الفساد، خرج علينا رئيس ديوان الوزير المكلف بالتجهيز بوسائل الإعلام ليقول لنا في خطوة فيها استغباء للشعب التونسي أن بقية أصناف البائعين للعقارات سوف يتم خصهم بأمر آخر يتطلب إعداده وقتا اكبر. هذه الترهات لا يمكن أن يصدقها إلا الأغبياء أو المعتوهون. هل يعقل أن يتم إصدار أمرين تطبيقيين والحال أن الفصل 61 المشار إليه نص على أمر تطبيقي واحد.
فقبل اتخاذ هذا الإجراء المشبوه الذي يرمي إلى خدمة لوبي البعث العقاري، كان لزاما على وزارة التجهيز أن تبادر بتحوير القانون عدد 17 لسنة 1990 المتعلق بالبعث العقاري وتطهير القطاع من الدخلاء والمضاربين الذي أشعلوا نار الأسعار في المجال دون الحديث عن استفحال كل أنواع الغش والتحيل في المجال.


فقد اتضح خلال السنوات الأخيرة أن ضحايا التحيل والغش والمضاربة في مجال البعث العقاري في تزايد كبير نتيجة لاستشراء الفساد الإداري والمالي وإصرار الفاسدين على عدم تفعيل أحكام القانون عدد 17 لسنة 1990 المؤرخ في 26 فيفري 1990 المتعلق بتحوير التشريع الخاص بالبعث العقاري الذي صيغ على مقاس مافيا البعث العقاري وبالأخص الفصل 8 منه والقانون عدد 11 لسنة 2009 المؤرخ في 2 مارس 2009 المتعلق بإصدار مجلة السلامة والوقاية من أخطار الحريق والانفجار والفزع بالبنايات ومجلة التهيئة الترابية والتعمير.
فالدارس لذاك القانون الذي نمى التحيل والغش يصاب بالدهشة حين يعلم أن أحكامه لم تجرم الغش والتحيل والمضاربة وعدم احترام الباعث العقاري لالتزاماته. وللدلالة على أن القانون عدد 17 لسنة 1990 صيغ على مقاس المافيات واللوبيات، يكفي معرفة أن العقوبة المتعلقة بجريمة التحيل المشار إليها بالفصلين 15 و19 من القانون المنسوخ عدد 47 لسنة 1977 المتعلق بتنظيم مهنة البعث العقاري قد تم حذفها سنة 1990.
خلافا لما ورد بالنصوص التشريعية والترتيبية المتعلقة بالبعث العقاري، يتذمر المستهلكون من بعض الباعثين العقاريين المحترفين للغش والتحيل الذين لا يسلمونهم الضمانات المتعلقة بالتسبقات والوعود بالبيع والملاحق المتعلقة بنوعية المواد والأمثلة والمحاضر والرخص وبصفة عامة كل الوثائق المشار إليها بكراس الشروط العامة للبعث العقاري مثلما هو الشأن بالنسبة لبناية دائرة المكاتب الكائنة بالمركز العمراني الشمالي التي تحصل صاحبها على كل التراخيص الإدارية رغم ارتكابه لكل أنواع التجاوزات في خرق صارخ لقانون البعث العقاري ومجلة السلامة والوقاية من أخطار الحريق والانفجار والفزع بالبنايات ومجلة التهيئة الترابية والتعمير وكراس الشروط المتعلق بالبعث العقاري.
صنف آخر من المتحيلين يسلمون ضحاياهم الأمثلة والوثائق المتعلقة بالخصائص الفنية ونوعية المواد المستعملة تحمل ختمهم وغير ممضاة ومشهود بمطابقتها للأصل وهذا بالإمكان التأكد منه لدى الضحايا إذا ما قامت وزارة التجهيز بمهامها الرقابية المشار إليها بالفصل 8 من القانون عدد 17 لسنة 1990 والفصل 6 من الأمر عدد 1330 لسنة 1991 المتعلق بالمصادقة على كراس الشروط العامة للبعث العقاري. صنف آخر من المتحيلين يبتزون ضحاياهم من خلال إجبارهم على التنازل عن المطالبة بحقهم في جبر الضرر الناجم عن التأخير في التسليم وهذا يعد جريمة خطيرة على معنى الفصل 283 من المجلة الجزائية. أما الفصل 15 من كراس الشروط العامة للبعث العقاري المتعلق بغرامة التأخير فقد صيغ على مقاس اللوبيات حين نص على أن تلك الغرامة وجب أن لا تتجاوز 15 بالمائة من التسبقة مهما طالت فترة التأخير.
صنف آخر من المتحيلين يضمنون بعقود البيع بنودا تسمح لهم بالتصرف التجاري في الأجزاء المشتركة وهذا يعد جريمة على معنى الفصل 284 من المجلة الجزائية. صنف آخر من المتحيلين ينجزون مشاريعهم بمواد ذات جودة أقل بكثير من تلك المضمنة بالوثائق الملحقة بالوعد بالبيع والمشار إليها بالفصلين 8 و9  من كراس الشروط العامة (صنف 2 و3) وهذا يندرج ضمن أعمال التحيل المشار إليها بالفصل 294 من المجلة الجزائية وهنا نتساءل عن المسؤولية الجزائية للاطراف التي سلمت الشهادة المتعلقة بالمطابقة وحسن إنجاز الأشغال التي تم إهمالها صلب التشريع المتعلق بالبعث العقاري مثلما هو الشان بالنسبة لمراقب الحسابات الذي يعاقب بالسجن عندما يشهد بصحة محاسبة مؤسسة غير مطابقة للواقع.
صنف آخر من الضحايا تفطنوا بعد إبرام العقد النهائي أنهم لم يتسلموا إلا جزءا من المساحة التي إشتروها بعد أن دفعوا كامل الثمن. صنف اخر من المتحيلين يدفعون ضحاياهم لفسخ الوعد بالبيع جراء التاخير المتعمد في التسليم ليتولوا فيما بعد بيع العقار بسعر مرتفع مع السعي لابتزازهم بمحاولة خصم 10 بالمائة من التسبقة. صنف اخر من المتحيلين يتعمد عدم اصلاح العيوب بصفة مخالفة للفصل 16 من القانون عدد 17 لسنة 1990 بغاية دفع ضحاياهم لفسخ العقد حتى يتمكنوا فيما بعد من بيع العقار باثمان مرتفعة.
صنف اخر من المتحيلين يقبضون بصفتهم نقابة وقتية مقابل خدمات التنظيف والحراسة ولا يقدمون الخدمات المطلوبة في خرق للفصل 298 من المجلة الجزائية دون الحديث عن الطريقة الاعتباطية التي يحددون بها ذاك المقابل وعن رفضهم مد ضحاياهم بفواتير طبق ما تقتضيه احكام القانون الجبائي وقانون المنافسة والاسعار. هذه عينة صغيرة من الجرائم المرتكبة في حق مستهلكي خدمات البعث العقاري الذين تركوا لمصيرهم نتيجة استشراء الفساد الإداري وغياب الرقابة وتحصين المتحيلين صلب قانون البعث العقاري الذي لم يتضمن أحكاما جزائية صارمة.
ونظرا الى ان وزارة التجهيز لم تخول لنفسها مراقبة هامش الربح فان البعض عمل على الترفيع في الأسعار بصفة اصطناعية وهذا من شأنه تنمية المضاربات في مجال استراتيجي كان من المفروض ان يكون للدولة حق تاطير الأسعار المتداولة في اطاره. اما القانون عدد 9 لسنة 1994 المتعلق بالمسؤولية والمراقبة الفنية في ميدان البناء فقد مكن البعض من ممارسي الغش والمتحيلين من الافلات من المسؤولية باعتبار ان العيوب والاخطاء المهنية ظهرت بعد عشر سنوات مثلما هو الشان بالنسبة للمستهلك الذي سقط سقف منزله اخيرا دون الحديث عن اهماله للمسؤولية الجزائية للاطراف المتدخلة في عملية البناء.
ولسائل ان يسأل لماذا لم يتم تفعيل آلية المراقبة المسبقة وعلى الاقل العقوبات المشار إليها بالفصل 8 من قانون البعث العقاري. كما ان مراجعة كراس الشروط العام للبعث العقاري بغاية الاخذ بعين الاعتبار هذه الجرائم الخطيرة مع التنصيص على سجل للمتحيلين يبقى خطوة اكثر من متاكدة لا تقل اهمية عن تجريم اعمال الغش وايجاد الية مبسطة لجبر ضرر الضحايا بعيدا عن الاجراءات المدنية الثقيلة والمكلفة وغير مضمونة النتائج صلب القانون عدد 17 لسنة 1990 الذي يستلزم مراجعة فورية. 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire