vendredi 17 février 2017

الانتلجنسيا المالية تحتكر "المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرّقمي CSEN : 5500 مليار والطّريق إلى الهاوية




   هذا المقال هو الجزء الثاني من مقال نشرته الثورة نيوز في عددها السابق بعنوان الانتلجنسيا المالية تنهب 5500 مليار في مشروع تونس الرقمية.
فقد تم بعث المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقميConseil Stratégique de l’Economie Numérique (CSEN) في تركيبة جديدة وذلك لتنفيذ برنامج الإستراتيجيّة الوطنيّة للاقتصاد الرّقمي وحوكمته من اجل التّصرف في ميزانية خيالية تصل حسب التقديرات الأولية إلى 5500 مليون دينار أو دولار وهو الموضوع الذي اهتمت به الثورة نيوز في عددها السابق.

الأمر عدد 4514 لسنة 2013 في إحداث:
"المجلس الأعلى للتكنولوجيا الرقمية" Conseil Supérieur des Technologies Numériques CSTN

كان الأمر عدد 4514 لسنة 2013 حريصا على تشريك كل المنظمات الادارية والوطنية في المجلس الاعلى للتكنولوجيا الرقمية.
 وقد حددت مهمّته الرّئيسة في متابعة مشاريع المخطّط الوطني الاستراتيجي المعني بالتطوير الرقمي في تونس، كما حددت تركيبته ب 23 عضوا جميعهم من القطاع العام برئاسة وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على النحو التالي:
... وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ووزير المالية ووزير الشؤون الاجتماعية ووزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير التنمية والتعاون الدولي ووزير الصناعة ووزير التكوين المهني والتشغيل والرئيس المدير العام الوكالة التونسية للأنترنات (ATI) والمدير العام للوكالة الوطنية للمصادقة الاليكترونية (ANCE) والمدير العام للوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية (ANSI) ورئيس الهيئة الوطنية للاتصالات(INT) والمدير العام لمركز الدراسات والبحوث للاتصالات (CERT) والمدير العام للمركز الوطني للإعلامية (CNI) والمدير العام لمركز الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات في تكنولوجيا المواصلات (cifode'com) والمدير العام لمركز النهوض بالصادرات (CEPEX) والمدير العام لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد (APII) والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT) ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (UTICA) وعدد 05 من نواب مجلس الشعب كما أشار الأمر إلى أن الكتابة الدائمة للمجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي تعهد لوزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات .


الأمر عدد 4151 لسنة 2014... الاحتيال والكارثة

قد وجاء الأمر عدد 4151 لسنة 2014 فأحدث تغييرات جوهرية على الأمر السابق 4514 لسنة 2013 (عدد الأمر الأول وعدد الأمر الثاني الذي عوضه يشتملان على نفس الأرقام أي 1 و4 و5 !) المنشور في رائد رسمي يحمل نفس العدد أي 91 (عملية مقصودة دبّرت بليل!)
من ذلك تم تغيير اسم المجلس بحذف كلمة الأعلى Supérieur وتعويضها بالاستراتيجي Stratégique وكذلك حذف عبارة التكنولوجيا الرقمية Technologies Numériques من التسمية وتعويضها بالاقتصاد الرقمي l’Economie Numérique ولتصبح التسمية "المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي" عوضا عن تسمية "المجلس الأعلى للتكنولوجيا الرقمية"ولتنقلب التسمية المختصرة باللغة الفرنسية من CSTN إلى CSEN ، وهي عملية مقصودة دبّرت بليل .
 وأما عن تركيبة المجلس فقد تغيرت من 23 عضوا إلى 18 عضوا مناصفة بين القطاع العام والخاص وليترأسه رئيس الحكومة عوضا عن وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وذلك على النحو التالي : المجلس أصبح يترأسه رئيس الحكومة أو من ينوبه (عضو جديد) وأعضاؤه هم على التوالي وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ووزير المالية ووزير الشؤون الاجتماعية ووزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير التنمية والتعاون الدولي ووزير الصناعة ووزير التكوين المهني والتشغيل ولتتم إضافة عضو جديد في شخص وزير التجارة وعدد 6 ممثلين عن القطاع الخاص وعدد 3 خبراء 



فيما تقرر استبعاد بقية الأعضاء المنصوص عليهم بالأمر السابق ونعني بهم المسؤولين على المنشآت العمومية (ATI) - (ANCE) - (ANSI) - (INT) - (CERT) - (CNI) - (cifode'com) - (CEPEX) و(APII) وبالنسبة إلى المنظمة الشغيلة أي الاتحاد العام التونسي للشغل فقد تقرر إسقاطه من قائمة أعضاء المجلس مقابل التمسك بالعضو الآخر الممثل للأعراف UTICA .
تركيبة المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي أصبحت على مقاس بعض الاطراف وقتها : ياسين إبراهيم وزير الاقتصاد المادي (وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي) ونعمان الفهري وزير الاقتصاد الافتراضي (وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي) وكلاهما من نفس الحزب أي آفاق تونس مدعومة بعدد 4 أعضاء عن منظمة الأعراف محسوبين على ذات الحزب وهم على التوالي وداد بوشماوي (رئيس منظمة الأعراف) وقيس السلامي  (عضو مؤسس لحزب آفاق تونس ورئيس الجامعة الوطنية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال وصاحب شركة خاصة DISCOVERY Informatique) وتوفيق حليلة (عضو بحزب آفاق تونس ونائب رئيس أول الجامعة الوطنية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال ورئيس الغرفة الوطنية النقابية لمجهزي معدات الاتصالات وصاحب شركة  خاصة HCELL ENGINEERING)وكريم حرّاس (عضو بحزب آفاق تونس  ورئيس الغرفة الوطنية النقابية لشركات الخدمات والهندسة الإعلامية وصاحب شركة خاصة SATEC TUNISIE) وعن الجمعيات المدنية تقرر تعيين مدام نائلة بن زينة (وصاحبة الشركة الخاصةBusiness & Decision) وبدر الدين والي (صاحب مجمع شركات Groupe Vermeg) وفي قطاع الخبراء تقرر تعيين كل من مهدي حواص (وزير التجارة في حكومة الباجي قائد السبسي وعضو مجلس إدارة شركة محمد فريخة Telnet وكذلك صاحب شركة خاصة Talan بالاشتراك مع اليهوديّين EricBenamou وPhilippe Cassoulat) وسامي الزاوي (كاتب الدولة للتكنولوجيا في حكومة محمد الغنوشي بعد الثورة ورئيس جمعية ATUGE(جمعية التونسيين خريجي المدارس الفرنسية الكبرى)وممثل الشركة الأجنبية Ernst & Young والمنسّق العام لحزب آفاق تونس) وحازم بن بلقاسم (عضو بحزب آفاق تونس  وممثل عن جمعية ATUGE) في عضويّة المجلس المذكور ...
 ومن هنا نتبين ان التّوجه العام للمجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي فقد سيطر عليه القطاع الخاص وغابت عنه عديد الوزارات الهامّة مثل الدفاع والداخلية والتربية والصحة ... هذا المجلس الذي يفترض أن يصادق على الإستراتيجية الوطنية للاقتصاد الرقمي ومتابعة خطط تنفيذها... أقصيت منه جميع مؤسسات الوطنية في القطاع العام والاتحاد العام التونسي للشغل والمجتمع المدني والمجتمع التقني لغاية في نفس يعقوب... 
 القاسم المُشترك بين أغلب أعضاء كتلة القطاع الخاصّ بالمجلس الاستراتيجي  هو انتماؤهم الحزبي لآفاق تونسAfek Tounes  وإلى جمعية التونسيين خريجي المدارس الفرنسية الكبرى " آتوج" ATUGE...
وعلى صعيد الاستقلاليّة، نسجّل وجود حالات صارخة لتضارب مصالح في تركيبة المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي ذاتها... إلّا أنّه لا أحد اهتمّ بالتثبّت من هذه المعايير الأساسيّة للاستقلاليّة...
كما أنّ إرادة إزاحة الممثّلين الحقيقيّين للمجتمع المدني، الذين كان باستطاعتهم التصدّي لكلّ محاولات "الكَوْلَسَة" وهو ما ضاعف من مخاطر تضارب المصالح و"التداول الداخلي".
والسؤال المطروح كيف يُعقَلُ أن يكون نصف أعضاء المجلس خصمًا وحكمًا في نفس الوقت؟ فمن جهة هم مسؤولون على متابعة تنفيذ مشاريع المخطّط الوطني الاستراتيجي والتطوير الرقمي في تونس، ومن جهة ثانية يشاركون، من خلال شركاتهم في طلبات العروض المتّصلة بتنفيذ نفس هذه المشاريع، ويفوزون بها.
حكومة الحبيب الصيد وقتها سقطت في الفخ وصادقت عن حسن نيّة على توسيع تركيبة المجلس المشبوه بإضافة وزيري الدفاع والصحة وعلى تخصيص 5522 مليارا (مموّل بما قدره 1.865 مليون من موارد عموميّة متأتية أساسا من الاقتراض الخارجي) لإنفاقها في مشاريع افتراضية في العالم اللامادي "تونس الرقمية 2018" أو "تونس الذكية 2018"...
 احدهم علّق على المشروع المشبوه والضخم بان جميع مشاكل تونس تمت حلحلتها وكل شيء سيصبح رقميا وسننتقل بالعيش في العالم الافتراضي ويكفي أن تضغط على الزرّ للحصول على غايتك من الطماطم e-tomateوعلى السّلاطة e-salade وعلى الخبز e-pain وعلى اللحمة e-viande وعلى السمك e-poisson وعلى الدواء e-médicament وعلى كل أغراضك وطلباتك ومستلزماتك ...وستختفي بديهة طوابير الانتظار إلى الأبد وستحصل على الخدمة المطلوبة بأقل التّكاليف وأنت مكانك بالبيت أو المكتب ...
 وقد أسندت أولى الصفقات إلى أعضاء في هذا المجلس بعينهم أو إلى شركات قريبة جدّا من وزير السابق نعمان الفهري...حيث فازت الشركة الخاصّة  OXIA(على ملك رؤوف مهني  قيادي بحزب أفاق تونس وعضو بالجمعية التونسية من أجل التواصل والتكنولوجيا TACT)، الـ 64 مشروعًا التي يتضمّنها المخطّط الوطني الاستراتيجي تمّ اقتسامها مسبقا بين اللوبي الجديد من قيادات حزب آفاق تونس ولتضليل مصالح المراقبة ولاستغفال الرّاي العام ولابعاد شبهات الفساد المالي والاداري تمّ بعث شركات محليّة واجهة والاستنجاد بشركات اجنبية .
 وجاءت أولى بشائر الفشل الرقمي بعد أن سقط الجماعة في أول امتحان تجريبي يتمثّل في مشروع مضمون الحالة المدنية الاليكتروني بعد أن اكتشف المستعملون بان الخدمة غير مضمونة ومكلفة (3.9 دينار) ولا تصل طالبها إلا بعد أسبوع.
 وهو امر منتظر بحكم أن الاقتصاد الرقمي في مفهوم المافيات يعني فتح جميع خزائن البلاد وكل الأبواب والنوافذ والمسالك والممرات للشركات المتعددة الجنسيات بالتنسيق مع اللوبيات المحلية للاستحواذ علي جميع مفاصل الاقتصاد الوطني ولاستباحة أرضنا وعرضنا...
 الجماعة  هي بصدد توزيع منابات الغنيمة واقتسام الكعكة فيما بينهم بشكل مكشوف وبطريقة مفضوحة بعد أن ابتزّوا حكومة الائتلاف الرباعي وصادروا إرادة الشعب المغفّل.
5500 مليارا خصصت للمشاريع الرقمية يتم تجميع نلك الاموال بالاقتراض الدولي... وتتقاسم الانتلجنسيا المالية تلك الثروة... وتسدد اجيال واجيال تلك الاموال المقترضة... عاشت الحداثة... تحيا الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد... الى الامام يا شوقي طبيب..

 محمد الحاج منصور


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire