mercredi 22 février 2017

انهيار الدولة الوطنية العربية




حين نتأمل الآن تلك الحروب المتوحّشة في الشام والعراق واليمن وليبيا... وتلك الاضطرابات السياسية في تونس ومصر، نَتبيّنُ أن فكرة الدولة الوطنية القُطرية في الواقع السياسي العربي، قد تم استهدافها، فانهارت تماما... إنها الدولة التي تشكلت بعد الحربين العالميتين وكانت أملا لشعوب حالمة وبائسة ومستعمرة... تتهاوى الآن وتتحلّل، بل فقدت نهائيا عصبيّتها، وشوكتها، ومشروعية وجودها، كنظام سياسي يجمع الناس، وأُدخلت تلك الدول عُنْوَةً في أَتُون حروب أهلية، وفتن داخلية طويلة ومؤلمة. 
إنها دولة عربية فاشلة، جرّبت الأفكار القومية والليبرالية والإسلامية واليسارية وانتهت إلى فشل ومأزق تاريخي، إنها أزمة عميقة للذات العربية المعاصرة، تلك التي توهمت طويلا أنها عبرت إلى زمن الحداثة والتمدّن وحتى زمن ما بعد الحداثة، فإذا هي عَوْدٌ على بَدْء ، حروب تحاكي حروب القبائل البدائية ، تتناحر وتتقاتل ولا شفقة... يُبِيدُ بعضُها بعضًا ولا مِسَاسَ، كمثل الزمن الجاهلي الأوّل... بل نكاد نجزم أن الزمن العربي الرّاهن هو الزّمن الأسوأ تاريخيا.
وهذه الأنظمة التي عَمَّرت نصف قرن في سوريا والعراق وتونس ومصر وليبيا والجزائر واليمن... أرادت أن تبني دولة وطنية حديثة وفق النمط الأوروبي، لكنها سقطت سريعا ولم تقدر على اِبْتِنَاء حداثتها وترسيخ ذاتها في الاقتصاد والتعليم والصحة والعسكريات، ولم تستطع أن تحافظ على استقلالها وسيادتها.

 معز الحاج منصور


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire