mercredi 8 février 2017

الأسبوع السياسي : نجيب الشابي لماذا تفعل هذا بنفسك ؟




ذات شتاء بعيد ، في سنوات الجمر ، كنت محاصرا .فكنت أقضي معظم وقتي في عطريتي التي عملت بها حتى الثورة. في ذلك المكان أتيت على كتب كثيرة.ولعلّ الكتاب الذي لاأنساه هو دون كيشوت لسرفانتس.وقد قرأته في ترجمة فرنسية رائقة.ورغم الحزن الذي كنت عليه، فقد ضحكت كثيرا وقتها.ذلك أنّ سرفانتس عبث بشخصيته دون كيشوت عبثا لم يقترفه سوى تحسين يوغل بشخصية رسول في روايته الرائعة الأيام الخمسة الأخيرة لرسول.دون كيشوت رجل من الأعيان بلغ الخمسين من العمر.فقرّر أن يصبح فارسا جوّالا كما كان يفعل فرسان العصور الوسطى : يغيرون على القوافل ، يساعدون الفقراء ويأخذون حقوقهم من الظالمين ، يحرّرون العذارى ، ويكونون معشوقي النساء.وقد أغرم بذلك من خلال روايات الفروسية التي قرأ الكثير منها. فأراد أن يحيي تلك القيم الغابرة ويجعلها حقيقة .ركب حصانه وامتشق سيفه وانطلق ، وقد نسي أنّ الزمن تغيّر ، وأنّ السيف عوضته المدفعية ،
وأنّ الناس صاروا يرفضون أولئك الفرسان ويعتبرونهم متشرّدين أو لصوصا.
وبسبب ذلك تهنتل دون كيشوت .وعاد من كلّ مغامراته وهم في أزرى صورة.
تذكّرت دون كيشوت وأنا أشاهد شطحات نجيب الشابي السياسيّ المنكود الحظ.فهو يمارس السياسة منذ خمسين عاما ، ومع ذلك لم يتعلّم منها شيئا.وكلّما تقدم به العمر زادت أخطاؤه وخسر من كانوا أصدقاءه.والأكثر من ذلك أنّه يتوهّم أشياء لا تحدث إلاّ في خياله.ورغم أنّه كان السبب في دمار الحزب الديمقراطي التقدمي ، فإنّه لم يعترف بذلك.وهو في الثانية والسبعين يريد أن يبدأ من جديد بحزب جديد أطلق عليه الحركة الديمقراطية الجديدة.
هو يريد أن يكون دائما في المشهد .ويبدو أنّه استمع إلى نصيحة تلك الأعرابية التي رأت ابنها خامل الذكر مغمورا بين الناس ،فقالت له : يا بني خالف تعرف ولو أن تضع أير حمار حول رقبتك.
كانت سنة 2011 مناسبة لنجيب الشابي كي يجعل حزبه الحزب الأول أو الثاني .لكنّه لم يحسبها جيدا .وظهر كأنّه متلهف على السلطة .استعدى أقرب حلفائه ، وأغضب كثيرا من مناضلى حزبه بعد أن قرّب إليه أصحاب رؤوس الأموال. وأنفق كثيرا على حملته بطريقة ذكّرت الناس بأعمال التجمع.كانت النتيجةهزيمة انتخابية. كان عليه أن يراجع نفسه لكنه اندفع إلى الأمام.وانفضّ من حوله أصحاب رؤوس الأموال وشخصوا إلى حزبهم الطبيعي : النداء وريث التجمع.فعاد حزبه حزبا فقيرا وقد تخلى عنه كثيرمن أعضائه.ودخل الانتخابات
الرئاسية وتحصل على واحد فاصل أربعة من الأصوات. هي فضيحة بالنسبة إلى من مارس السياسة خمسين عاما.وكان عليه أن يتفرّغ لكتابة مذكراته ، لكنه أبى إلاّ أن يواصل في رحلة الهزائم.ها هو يصرّح في هذا الأسبوع أنّ هناك فراغا سياسيا وهو يريد ملأه.ألم يفهم أنّ الخارطة السياسية تحددت بنسبة كبيرة ، وأنها متجهة صوب تكتلات كبرى.فالإسلاميون لهم ثلث الأصوات أو ما يعادلها.والنظام القديم ممثلا في النداء له مثل ذلك تقريبا.والثلث الباقي موزع  بين حزب الإرادة (بتفريعاته)،والجبهة الشعبية ، وحركة الشعب ،ومشروع تونس وحزب الرياحي، وآفاق تونس ، والمبادرة وبعض المستقلين.وهذا يعني أنه لن يكون له 
نصيب .وسيكون مثل اليتيم في مأدبة اللئام .وما حز في نفسي حقا هو ما ذكرته صحيفة الشروق التونسية والمتعلق برغبة الشابي الالتحاق بجبهة الإنقاذ ورفض قادتها لذلك.معظم هؤلاء مطرودون من أحزابهم أو منشقون عنها لأسباب زعاماتية ، وكثيرون منهم لا يملكون عشر الرصيد النضالي للشابي، ومع ذلك يرفضونه.أسأل ماذا يحدث للدنيا ؟ وماذا يحدث للشابي؟اللئام .
سي نجيب الشابي لماذا تفعل هذا بنفسك.يحدث أن يسيء الإنسان لنفسه أكثر مما يسيء له الأعداء.أنت مناضل شرس من أجل الحرية وهذا يحسب لك.وأنت جزء أصيل من تاريخ البلاد. نصيحتي لا تسئ إلى نفسك .ويبقى سؤال يحيرني : لماذا تفعل هذا 

ونصيبنا من الفرح

كلما قلنا فرحنا هرب منا الفرح.وكلما انتشى هذا الشعب قليلا فرت منه البهجة وعاد إلى حزنه أكثر حزنا.في الأسبوع الماضي عشنا وعاش هذا الشعب لحظات من الفرح .أحسسنا أنفسنا جسدا واحدا جمعه هؤلاء الفتية الذين قلنا عنهم إنهم نسور.وقلنا في ذلك الصلف التونسي: من تكون بوركينا فاسو؟ ومتى عرفوا الكرة.وهل أنجبوا مثل العقربي وطارق وغميض وتميم؟ وقلنا سيمتطي النسور ظهور الخيول ويعبرون إلى الدور النصف النهائي ثم النهائي؟ وربما فكرنا في الالتحاق بالغابون والعودة مع النسور بالكأس.وفي اليوم الموعود اكتشفنا أن لاعبينا هم عصافير منتوفة الريش مقصوصة الأجنحة.وبعد شوط واحد سكتت المحركات وحبست الركب .بان تأثير السجائر والشيشة والسهرات الحمراء والزرقاء مع عيون في طرفها حور.وجعلنا نتذكر ماذا يحدث في تلك الغرف ليلة المباريات.وتذكرنا أن معظم لاعبينا المحترفين لا يلعبون في فرقهم إلا قليلا وأنهم بناكة معظم الأوقات. ثم تذكرنا أن المدرب ضعيف الشخصية وأنه بدل التكتيك من أجل لاعب فاشل.وقال بعضنا لماذا لا نبدأ الإصلاح.وكيف نصلح وعلى رأس الوزارة مبروكة الشارني شهرت مجدولين.هل بهكذا وزيرة يكون الإصلاح؟


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire