lundi 6 février 2017

من أوجه تعسّف الدّولــة




تعيش الدولة التونسية مخاضا غير مألوف منذ الإستقلال نتيجة تواتر الأنظمة الحاكمة بمزيج فسيفسائيتها الأمر الذي انعكس على الاداء وطرق القيادة ، حيث يكمن الخلل المربك لحسن سير أعمالها في تعنت الحكومات المتتالية واصرارها على اتخاذ قرارات ارتجالية دون تروي وتأسيس على أسس ثابتة تأخذ بعين النظر إمكانية تطبيق القرارات النظرية على أرض الواقع الذي يفرض جملة من الإعتبارات المادية والمعنوية والأخلاقية لضمان حسن التنفيذ والجدوى المؤملة.  
حيث تطلع علينا الحكومات المتواترة بقرارات اعتباطية في ظاهرها تطبيق القوانين لضمان هيبة الدولة وفي باطنها تسرّع وتعسّف وارتجالية كيف لا والحكومات ما تزال تصدر قرارات اعتباطية بدعوى حسن القيادة والتسيير لدواليب الدولة.
وكمثال للتعسف الحكومي تصدر حركات نقل وإقالة متواترة صلب عديد الهياكل وخاصة وزارة الداخلية بتسميتها القديمة والجديدة تمسّ كافة الأفراد وخاصة القيادات الوسطى والعليا بمصالح الأمن والحرس الوطنيين «في هذا التوقيت بالذات» دون الأخذ بعين الإعتبار للوضعيات الإجتماعية لأفراد الوزارة فهذا ينقل من الشمال إلى الجنوب تاركا عائلته المصغرة دون سند أبوي بدعوى ضرورة العمل الأمني وتلك عائلات أمنية تفرض عليها النقل المهنية المنعكسة على مهنة الزوجة ودراسة الأبناء ممّا ينعكس سلبا على النتائج الدراسية لغياب الإستقرار والإنسجام مع البيئة الإجتماعية المختلفة من جهة أخرى، الأمر الذي يؤثر على مردود القائد الأمني ويدخل الإضطراب العائلي الذي قد يمسّ الإستقرار الزوجي صلب العائلة وينتهي أحيانا بأزمات قد تصل حدّ الطلاق وتشرّد الأبناء في ظلّ غياب الإحاطة الإجتماعية الضرورية للإدارة المشغلة (وزارة الداخلية).


وحيث تطلع علينا اليوم حكومة الشاهد وتقرّر بجرأة إجراء حركة نقل وتعيينات وإقالات صلب سلك المعتمدين «في هذا التوقيت بالذات» موفى شهر جانفي دون إيلاء أهميّة واعتبار للوضعيات الإجتماعية للمعتمدين المقالين أو المعتمدين المعينين الأمر الذي أثار سخط الطبقة المثقفة جراء غياب الحرفية والرشد القيادي لدى الحكومة الجديدة التي آثرت التعسّف على الأفراد والعائلات والطفولة والمجتمع عموما والحرص فقط على مراعاة المصالح الحزبية الضيقة قصد المسارعة بإجراء حركة النقل بصفة برقية صلب سلك المعتمدين قبيل إجراء الإنتخابات البلدية التي تعتبر مفصلية في المستقبل السياسي للأحزاب المستأثرة بالأغلبية البرلمانية.
فالمصالح الحزبية الضيقة والأنانية والجشع وضعف الحرفية وغياب الرشد السياسي وصعود الهبوط الأخلاقي كلها عناصر مجتمعة تصبّ في خانة تهميش إطارات الدولة بالتعسف المهني والإجتماعي ضدّهم بتعلّة ضمان هيبة الدولة والحال أن قيادة الدولة ذاتها تضرّ بالهيبة المنشودة والمسوّق لها من خلال التشريع بالتعدّي على نفسيات موظفيها والدوس على كرامتهم الإجتماعية بضرب إستقرارهم العائلي المنعكس وجوبا على أدائهم المهني الذي لن يرتقي إلى المنشود بل سيزيد في تعميق الهوّة المؤدية بالضرورة لزوال النظام الحاكم المتعسّف وماضي نظام بن علي ليس ببعيد وخير دليل على الهشاشة وسرعة التهاوي لكل ما بني على الفكر الحزبي مقابل صمود ومداومة المؤسسات الوطنية التي تسوسها الكفاءات الحايدة.
فهل ستتعظون يوما ما لأنها لو دامت لغيرك لما آلت إليك؟ 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire