lundi 13 février 2017

أسرار المحاكمة العسكرية الاستئنافية لمدير الثورة نيوز : محاكمة سرية... مرافعات تاريخية... والحاج منصور يتحدّى




 انعقدت يوم الأربعاء 8 فيفري 2017 جلسة محاكمة مدير الثورة نيوز «محمد الحاج منصور» بمقر محكمة الاستئناف العسكرية بباب سعدون... وقد حضر مدير الثورة نيوز بحالة إيقاف وذلك على خلفية نشره مقالات صحفية تتعلق بشبهات فساد في صفقات التسلح... وكانت المحكمة الابتدائية العسكرية بتونس قد قضت في شأنه بالسجن لمدة 9 أشهروهو اول صحفي يسجن على خلفية مقالاته بعد الثورة.
وقد حضر فريق الدفاع المتكون من المحامين: جلال الهمامي وحسن مقطوف وعبد الناصر العويني ورجاء الحاج منصور... وقدموا مرافعة استثنائية وتاريخية ستصنف لاحقا كمرجع من مراجع فقه القضاء.


الحرشاني يأمر بمحاكمة سرية

وقد تفاجأ الحاضرون بمنع الشرطة العسكرية لأصدقاء وأقارب مدير الثورة نيوز من الحضور، وذلك بتعليمات من فرحات الحرشاني، في فضيحة غير مسبوقة، تخرق قواعد المحاكمة العلنية للصحفي... وقد هدد فريق الدفاع بالانسحاب من القاعة والامتناع عن حضور المرافعة إذا لم يتم السماح بالحضور العلني للمحاكمة... وقد لاحظ الجميع أن النيابة العسكرية قد خصصت يوم الأربعاء لمحاكمة مدير الثورة نيوز على غير العادة، وأنها ألغت كل المحاكمات الأخرى وأفرغت قاعة المحكمة، في محاولة لتحويل الجلسة إلى جلسة سرية من أجل التستر على فضيحة محاكمة صحفي من طرف القضاء العسكري غير المختص.
وقد ترأست القاضية «زهرة السلامي» الجلسة بحضور مستشارين وممثل عن المكلف العام بنزاعات الدولة ومساعد الكيل العام ممثل النيابة العسكرية... وكانت المحكمة تعج بقوات الشرطة العسكرية والقوات الخاصة في ما يشبه محاكمة الإرهابيين مما أثار استغراب وحفيظة كل الحاضرين.



مداخلة مدير الثورة نيوز

وانطلقت الجلسة بسماع مداخلة مدير الثورة نيوز «محمد ناعم الحاج 
منصور» فتمسك بكل ما ورد في مقالاته، مؤكدا أن اختصاص صحيفته هو التبليغ عن الفساد وان دور القضاء هو التحقيق في مدى صدقيّة الخبر المنشور... وانه مصر على صحة جميع المعطيات والوثائق والمعلومات التي حررها في مقالاته مطالبا بفتح تحقيق في القطب القضائي المالي حول كلفة الصفقات متهما حزب نداء تونس وحركة النهضة بتقاسم أموال الشعب في شكل غنيمة.
وأشار إلى أن هذه المحاكمة إنما هي محاكمة سياسية تحت غطاء القضاء العسكري، وانه يعتبر إيقافه خرقا للدستور الضامن الأول لحرية التعبير والنشر، وانه خرق فاضح للمرسوم 115 المنظم لحرية الصحافة والطباعة والنشر... معتبرا سجنه كصحفي وصمة عار في تونس ما بعد 14 جانفي.
وقد قدم مدير الثورة نيوز تصريحات مفصلة عن صفقات التسلح التي تعلقت بصفقة مدرعات التركية الإسرائيلية كيربي، وصفقات المروحيات، وصفقة أحذية المسير، وصفقة البدلات العسكرية... وكان ملما تماما بكل دقائق الصفقة ونوعية الأسلحة ومصدرها وعيوبها وكلفتها الحقيقية وكلفتها في الصفقات المنجزة مؤكدا وجود تلاعب بالمال العام.



مرافعة المحامي جلال الهمامي

وقد رافع المحامي لدى التعقيب الأستاذ «جلال الهمامي» مثيرا جدلا قانونيا حول شرعية المحاكمة معتبرا أن القضاء العسكري قضاء غير مختص بالنظر في جرائم الصحافة إن وجدت... وان خرق المبادئ العامة للدستور ثابت ومؤكد إضافة إلى خرق مرسوم الصحافة.
وأشار الهمامي إلى أن قاضي التحقيق العسكري قد ارتكب تجاوزات غير مسبوقة في الاعتداء على الحريات وفي خرق القانون... وان المحكمة الابتدائية أهملت كل ما قدمه المحامون في الطور الابتدائي من دفوعات ومستندات ووثائق.
واستغرب الهمامي كيف تصرف جهود المخابرات العسكرية في مراقبة صحيفة الثورة نيوز بتعليمات من وزير الدفاع فرحات الحرشاني... في وقت تحتاج فيه الدولة الى مخابرات تقوم بواجباتها في حماية امن الدولة الداخلي والخارجي ومكافحة أعمال الجوسسة الأجنبية بالبلاد... وأشار إلى أن اللواء «توفيق الرحموني» مدير عام المخابرات قد وقّع على وثيقة سرية «بطاقة اتصال عسكرية» في تاريخ 4 اوت 2016، أعلم فيها منظوريه بان وزير الدفاع فرحات الحرشاني أعطى تعليمات بإحالة مدير الثورة نيوز إلى القضاء العسكري  من اجل محاكمته وسجنه... وهي تعليمات موثقة تؤكدها الوثيقة السرية التي تعتبر تعديا على استقلالية القضاء.
وجادل الهمامي بدقة كل التفاصيل الفنية للأسلحة موضوع الصفقات منتهيا إلى أن ما تضمنته المقالات كله صحيح وثابت ولا يمس أبدا من سمعة الجيش، باعتبار أن المسؤول عن عقد الصفقات ليس سوى وزير الدفاع آو رئيس الديوان «سامي المحمدي» وكلاهما شخصيات لا تتمتع بالصفة العسكرية، وانها شخصيات مدنية سياسية يتم تغييرها مع كل حكومة.
وقال الهمامي في خصوص صفقة المروحيات أن الفارق في كلفة طائرات الهليكوبتر ضخم ومفزع حيث ان الصانع الأمريكي قد نشر أثمان الطائرة على موقعه في الانترنات ثمن الطائرة ب 6 مليون دولار وان صفقة قد تضمنت مبلغا ضخما وهو 14 مليون دولار.
وقال الهمامي إن شوقي طبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد لا يهتم بقضايا الفساد في قضايا صفقات التسلح، وانه يكتفي مثلا بمتابعة وإحالة موظف سرق 10 دنانير من الإدارة... منبها المحكمة إلى أن تدخل شوقي طبيب في الملف جاء على خلفية نشر الثورة نيوز لمقالات في شأنه... وكان على هيئة مكافحة الفساد أن تفتح تحقيقا في تلك الصفقات، لكنها بادرت إلى الدعوة للزج بالمبلغ عن الفساد في السجن.
وطالب بضرورة تفعيل القانون خارج دائرة التعليمات والقضاء بالتخلي عن الملف واحتياطيا بالقضاء بعدم سماع الدعوى لانتفاء الركن المعنوي.



مرافعة المحامي عبد الناصر العويني

ثم رافع المحامي عبد الناصر العويني حول تجاوزات قاضي التحقيق العسكري في إصداره لبطاقة إيداع في السجن دون سماع المنوب، وانه غير المركز القانوني للمنوب من شاهد إلى متهم دون احترام للإجراءات.
ودعا العويني رئيسة المحكمة إلى الضرورة التخلي عن المحاكمة لعدم الاختصاص الحكمي في قضية تتعلق بجرائم الصحافة ولا يمكن ان تنطبق عليها نصوص المجلة العسكرية.
واعتبر العويني أن هذه المحاكمة فضيحة الفضائح، خاصة بعد أن كشف المنوب ان صفقة أحذية المسير قد أنجزها المدعو موسى بن احمد وهو احد أعضاء حركة النهضة، وقد تم تأسيس شركته قبل شهر من الفوز بالصفقة، وان ذلك يؤشر إلى وجود تداخل بين العامل الاقتصادي في الصفقة والعامل السياسي لإمكانية وجود محاباة ذات خلفية سياسية.
وأضاف أن صفقة المدرعات كيربي قد تم عقدها بمفاوضات مباشرة دون فتح مناقصة وقد تعللت وزارة الدفاع بالحاجة المؤكدة إلى تلك المدرعات غير أنها تكتمت عن القيمة المالية للصفقة، وهو ما يثير إمكانية وجود فساد مالي في قيمة الصفقة... وتساءل عن التناقض في سياسة القائمين على وزارة الدفاع فكل الصفقات قد تم نشر كلفتها المالية ما عدا هذه الصفقة.
وأكد العويني أن جرأة الثورة نيوز في كشف ملفات الفساد، دفع اللوبيات المالية والسياسية المورطة في الفساد إلى محاولة إيقافها عن النشر من خلال سجن مديرها... غير أن هذا المخطط قد فشل واستمرت الجريدة في الصدور وفي نشر تفاصيل ملفات الفساد.
وقال العويني أن التاريخ سيتقدم، وان الذين شاركوا في انجاز الصفقات العسكرية موضوع القضية يتمتعون بحصانة سياسية وأنهم سيحاكمون لاحقا وسيمثلون في هذه المحكمة من اجل الفساد وهدر المال العام.
وطالب العويني إلى ضرورة الانتباه إلى أن الفصل 91 من المجلة العسكرية يشمل العسكريين فقط من حملة الزيّ، وانه لا ينطبق على الشخصيات المدنية والسياسية التي أشرفت على عقد تلك الصفقات... وتمسك بطلبات زميله.



مرافعة المحامي حسن مقطوف

ثم رافع المحامي لدى التعقيب حسن مقطوف الذي طلب من المحكمة أن تطلع على التجاوزات الفاضحة في الملف، ونبهها إلى أن تجار السلاح في تونس الذين ينهبون المالية العمومية، خاصة منهم صهر الرئيس الباجي المدعو نبيل حمزة وشريكه الهادي مصدق مورطان في كثير من تلك الصفقات.
وأضاف مقطوف إلى أن صحيفة الثورة نيوز جريدة قائمة الذات وتنتصب وفق القانون وتصدر كل أسبوع، وان صفة منوبه انه ناشر وصحفي عبّر عن رأيه في مقالاته وانه لا يمكن سحب هذه الصفة منه، وبالتالي فان محاكمته على معنى الفصل 91 من المجلة العسكرية مخالف للقانون... وأشار إلى أن القضية سياسية بامتياز وان الغرض منها هو إسكات الصحافة الاستقصائية ومنعها من حق النفاذ إلى المعلومة ونشر فساد الإدارة التونسية.
واعتبر مقطوف أن الثورة نيوز تعرضت إلى شكايات وقضايا كثيرة قضي في اغلبها لفائدة الصحيفة وان نشر القضايا في مقالات الصحيفة رفع وفق الإجراءات القانونية بمحكمة سوسة باعتبار أن مقر الجريدة كائن بسوسة ووفق المرسوم 115.
وطالب مقطوف من المحكمة إلى أن تدون اسمها في تاريخ القضاء بإنفاذ القانون خارج الضغوط السياسية لوزير الدفاع الذي هو شخص مدني زائل وان كل السياسيين زائلون عدا الله.



مرافعة المحامية رجاء الحاج منصور

ثم رافعت المحامية لدى التعقيب الأستاذة رجاء الحاج منصور فأكدت أن منوبها كان ولا يزال مدافعا شرسا عن العسكريين من حملة الزيّ، وانه سليل عائلة عسكرية، وانه نشر عشرات المقالات المدافعة عن المؤسسة العسكرية، وانه لا يمكن تصنيف شخصية سياسية أو إدارية ملحقة بوزارة الدفاع باعتبارها شخصية عسكرية يشملها الفصل 91 من المجلة العسكرية.
وأضافت أن إحالة مدير الثورة نيوز إلى القضاء العسكري كان حيلة سيئة الإخراج لسياسيين بلا أخلاق، وانه على المحكمة ألا تلطخ ايديها بجشع وأنانية ومؤامرات السياسيين في حق الحريات.
 وأكدت أن الثورة منحتنا القدرة على التعبير في حرية، وان أطرافا سياسية منهم الباجي قايد السبسي تسعى إلى معاودة بناء الاستبداد ومصادرة الحق في حرية التعبير... وأشارت إلى ان فرحات الحرشاني ينفذ تعليمات أسياده  وانه يسخّر إمكانات الإدارة والدولة والمؤسسة العسكرية لتصفية خصم إعلامي رفض الخضوع إلى تأدية فروض الطاعة إلى السياسيين.
 ونفت المحامية أن يكون منوبها قد أساء إلى العسكريين في مقالاته وانه كان يفضح صفقات التسلح وهدر المال العام،  وانه يدافع عن أولئك الجنود والضباط الذين يركبون مدرعات يفترض أن تتمتع بقدرة عالية على القتال، وان يلبس في أقدامه أحذية غير مغشوشة في صناعتها وان يركب طائرات حديثة التصنيع وآمنة.
 ونبهت الحاج منصور المحكمة إلى صفقة المروحيات التي اقتنتها وزارة الدفاع وانها قد صنعت في بداية السبعينات من القرن الماضي، وهي فضيحة دالة على الفساد في عقد الصفقات... وقالت كيف يركب الطيار العسكري طائرة عمرها 40 عاما ؟ وكيف يكذب رئيس الحكومة على الرأي العام ويركب طائرة قديمة متهالكة وحديثة الطلاء ويلتقط صورا لنفسه فيها ؟
وقد قررت المحكمة حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم الى يوم 15فيفري.



مراسلنا من المحكمة العسكرية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire