lundi 13 février 2017

القضية التحقيقية عدد 41569 «عمّار 404»... في التحقيق لدى القطب القضائي المالي مستثمر... يتهم وكيل شركة ومديرعام المصالح الفنية بابتزاز نصف مليار




 تكشف الثورة نيوز ملفا خطيرا لمسؤول يشغل خطة حساسة في وزارة الداخلية... وحيث أن الخبر يتعلق بقضية ارتشاء واحتيال، فان ما ورد في الشكاية التي هي من أنظار القضاء ثابتة وموثقة لدى قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي... وان الغاية من نشر الخبر ليست الإساءة أو التشهير بشخص المظنون فيه لأنه يمكن أن يكون بريئا، وإنما هو حرص على تكريس مبدأ مكافحة الفساد والحق في النفاذ إلى المعلومة.
وقد أفادت معطيات مؤكدة  أن احد الإطارات العليا بالدولة ، قد تعلقت به قضية جزائية بالقطب القضائي المالي ونشرت القضية تحت عدد 41569 على خلفية شكاية.
 وقد ذكر الشاكي «عبد السلام الغيلوفي» وهو اخصائي في العلاج النفسي في عريضته انه عاد من الخارج مقرا العزم على الاستثمار ببلده... فشرع في التحضير لإحداث شركة اتصالات أو ما يطلق عليه بمكتب نداء وذلك خلال سنة 2009. 


 وقد تقدم الشاكي بملف تضمن كل الوثائق التي يتطلبها بعث المشروع وقدمه إلى وزارة تكنولوجيا الاتصال زمن النظام القديم... لكن الوزارة عطلت النظر في الملف لعدة أشهر مما دفع الشاكي إلى البحث عن تدخلات من أشخاص نافذين بإمكانهم رفع القيد عن الملف.
 في الأثناء كانت شبكة مافيا العلاقات تتحرك وتصطاد المستثمرين الجدد فتعرف «عبد السلام الغيلوفي» حسب ما جاء في نص شكايته على المدعو «حبيب الغريدقي» وهو يشتغل وكيلا لشركة تختص في تجارة قطع غيار السيارات واستطاع «حبيب الغريدقي» أن يقنع الغيلوفي بأنه يرتبط بشبكة علاقات سياسية ومالية وأمنية واسعة.
 طلب «حبيب الغريدقي» من الشاكي «الغيلوفي» أن يوفر مبلغا ماليا قدره نصف مليار أي 500 ألف دينار... وذلك لقاء حصوله على رخصة في افتتاح مكتب نداء، وأعلمه أن الشخص النافذ الذي يمنحه الرخصة اشترط توفير المبلغ المالي مسبقا... فاستجاب للطلب وهو مقتنع بقوة علاقات المتدخل ووفر مبلغا أوليا قدره 350 ألف دينار.
 انتظر صاحب المشروع عدة أشهر للبت في ملفه لكنه فوجئ برفض وزارة تكنولوجيا الاتصالات منحه الترخيص لبعث مشروعه.


 فاتصل بصديقة «الغريدقي» الذي احتال عليه مرة ثانية، وابلغه أن وزارة الداخلية رفضت الموافقة على منحه الرخصة المذكورة ... ثم اقترح عليه أن يطلب تدخل شخصية نافذة في وزارة الداخلية... وعاد إليه لاحقا واعلمه أن الشخصية النافذة قد طلبت مبلغا ماليا قدره 150 ألف دينار لقاء التدخل في منح الرخصة.
 قبل صاحب المشروع الفكرة، لكنه اشترط التعرف إلى الشخصية النافذة والتي ستتولى مساعدته في الحصول على الرخصة... فاعلمه أن الشخص المعني هو «نجيب الضاوي» المساعد الأول لمدير عام للمصالح الفنية وقتها «الشاذلي الساحلي» وهي قيادات كانت تعمل في وزارة الداخلية زمان بن علي.


 انتظر «عبد السلام الغيلوفي» مدة طويلة دون أن يظفر بإجابة بعد أن سلم أمواله للمدعو «الحبيب الغريدقي»... ثم تفطن «الغيلوفي» إلى انه قد تعرض لعملية احتيال... فقدم شكاية لدى التفقدية العامة بوزارة الداخلية زمن نظام بن علي ضد كل من «الحبيب الغريدقي» و»نجيب الضاوي».
فقامت وزارة الداخلية بفتح بحث اداري للتحري في الشكاية، باعتبار أن «نجيب الضاوي» كان يشرف وقتها على أجهزة التنصت والاستعلام وهو ما كان يعرف بعمار 404 ... وتم تكليف الضابط «سليم بن علية» والمحافظ «العروسي الحبيب» بالبحث في ملف الشكاية.
لكن يبدو أن حساسية الخطة التي يشغلها «نجيب الضاوي» وفرت له حصانة، ومنعت المتضرر من تتبعه قضائيا أو إداريا، إذ بقي الملف معلقا دون الحسم فيه.
وحين سقط نظام بن علي سنة 2011 تخلى «الغريدقي» عن التزامه باعتبار أن مديري وزارة الداخلية جميعهم قد أعفوا من مناصبهم وبالتالي تعذر تنفيذ الالتزامات.


فقام «عبد السلام الغيلوفي» صاحب المشروع برفع شكاية لدى وكيل جمهورية تونس من أجل التحيل والابتزاز مستظهرا بوثائق تثبت تسليمه لاموال للمشتكى به .. فأذنت وكالة الجمهورية بفتح أبحاث أولية.
انتهت الأبحاث إلى توجيه التهمة إلى وكيل الشركة «الحبيب الغريدقي» وضابط الأمن  «نجيب الضاوي»  ونشرت ملف القضية لدى القطب القضائي المالي لدى قاضي التحقيق الأول بالمكتب التاسع وسجلت القضية تحت عدد 41569.
 كان نجيب الضاوي قد عزل بعد الثورة مباشرة باعتباره كان احد أذرع النظام السابق في اختراق خصوصيات الناس، ورصد المعارضين وجمع ملفات عن حياتهم الخاصة... في المنتهى كان الرجل مسؤولا عن الأعمال القذرة للنظام الاستبدادي.


 كان الضاوي بالفعل مسؤولاً عن رقابة الأنترنات خلال العهد البائد وأثناء الثورة. وكان رئيسًا سابقًا للإدارة الفرعية لخدمات الاعلاميّة بإدارة العمليات الفنّية بالإدارة العامّة للمصالح الفنية، وقد استنطقته محكمة الاستئناف العسكريّة خلال جلسة تتعلّق بقضيّة شهداء الثورة في تالة والقصرين.
 لكنه استطاع العودة إلى وزارة الداخلية وكافأته الثورة لجهده في مقاومة الاستبداد؟؟؟ وخلال أواخر سنة 2015 عين في خطة مدير عام للمصالح الفنية بدعم من جهات نافذة ومنهم كمال اللطيف ونور الدين بن تيشة..


وقد نشر موقع نواة في تاريخ  5 ديسمبر 2015 مقالا في خصوص تاريخية الرجل جاء فيه أن نجيب الضاوي او ما يعرف بعمار 404 يقوم حاليا بتنفيذ أعمال تنصت على سياسيين بارزين وقيادات عليا في الأحزاب السياسية، وعلى رجال أعمال لفائدة أطراف عدة، في مخالفة للاجراءات القانونية ودون أذون قضائية.


 وكان العقيد الضاوي قد سرد في شهادته لدى المحكمة العسكرية التسلسل التاريخي لإنشاء منظومة الرقابة على الأنترنات ولتفاصيل توقّفها إبّان الثورة. إلاّ أنّ الأهمّ قد يكون شرح الضاوي للمهام التي كان مكلّفًا بها على رأس الإدارة الفرعية لخدمات الإعلامية. إذ أوضح المسؤول الأمني أنّ إدارته كانت تختصّ بمكافحة الجرائم المعلوماتيّة ومكافحة الارهاب. كما أنّها كانت تؤمّن سرية الإتصال بين مكاتب الأمن الخارجي (المخابرات الخارجية).
إلاّ أنّ الضاوي كشف كذلك للمحكمة عن آليات الرقابة على الأنترنات، وقد فضّل تسميتها بـ”البحث الفنّي”، التي كانت تشرف عليها إدارته. وهي تتشكّل من “أربعة مكوّنات أساسيّة”، على حدّ قوله:
1.  البحث الفنّي في المعلومات المضمّنة بأجهزة الحواسيب وتوابعها في القضايا التي تحقّق  فيها إدارة أمن الدولة، ضاربا قضايا الارهاب كمثال؛
2.  متابعة التراسل الالكتروني للأهداف محلّ قضايا وأبحاث، ضاربًا قضايا تدليس العملة  كمثال؛
3.  إعداد الدراسات والتحاليل و”اليقظة التكنولوجية”، مقدّمًا كمثال إجراء دراسة معمّقة حول  اخلالات السلامة المعلوماتية بالبلاد، وقد وصف الدراسة بأنّها «ذات بعد استراتيجي وطني سيادي».
4.   القيام بعمليات ججب للمواقع والوثائق على الأنترنات بطلب من عديد الجهات على غرار وزارة الداخلية، رئاسة الجمهورية، وهياكل التجمع بالداخل والخارج
وبيّن الضاوي أنّ عمليّات الحجب بدأت سنة 2002، وكانت تشرف عليها الوكالة التونسية للأنترنات. إلاّ أنّ المهمّة انتقلت إلى إدارته في 2009 «إثر ملاحظة وجود بطء في انجاز عمليات الحجب». وأنّ الإدارة واصلت الإشراف على هذه المهمّة إلى حدّ “الخطاب الأخير” لبن علي في 13 جانفي 2011. إذ اتصّل به الشاذلي الساحلي، المدير العام للمصالح الفنّية، بعد دقائق من انتهاء الخطاب وأمره بالتنسيق مع الوكالة التونسية للأنترنات لإلغاء عمليات الحجب..


يبدو أن هذه القضية سوف تثير كثيرا من التساؤلات... لأنها تتعلق بشخصية تمسك بإدارة يمكنها التنصت على أسرار السياسيين والأمنيين والقضاة والعسكريين والمواطنين العاديين... وهي تتعلق كذلك بشخصية عاقبتها الثورة وتم عزلها عن عملها، لكن هذه الشخصية استطاعت أن تعيد إنتاج نفسها من داخل النظام الجديد وان تقوم بعملية تطهير ذاتي.
هل بإمكان القضاء أن يكون مستقلا عن الضغوط السياسية في هذه القضية؟
كيف سيتعاطى وزير الداخلية  مع وضعية محرجة لمدير عام مطلوب كمتهم في قضية ارتشاء ؟
وقد وجه قاضي التحقيق المتعهد بالملف طلبا إلى الإدارة العامة للأمن الوطني لمده بالأبحاث الإدارية المتعلقة بالقضية، غير أن المدير العام للأمن الوطني «رمزي الراجحي» ماطل في الاستجابة للإذن القضائي في محاولة لحماية المتهم.

 محمد الحاج منصور



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire