lundi 27 février 2017

استراتيجية الحكومة في سياسة العقول المزطولة ؟؟ استهلاك الزطلة.. في حكومة «قايد السَبسي»




بعيدا عن الخوض في السياسة والخراب الذي ألحقه بنا السَاسة.. 
وبعيدا عن الحديث عن الفساد الذي أطاح بالبلاد..
وترفَعا عن ذكر المنافقين الذين أفتوا في ترهيبنا باسم الدين..
وتجنبا للخوض في سيرة سجناء الرأي من الشرفاء والمصلحين.. 
وتفاعلا مع ما بلغته حالة مجتمعنا المسكين.. الذي تنكَر لأصوله وتمرَد على هويَته واختار الانسياق وراء حياة عبثيَة تيمَنا بالثقافات الأجنبيَة.. 
وتيمَنا ببوادر انفراج الوضع وعملا على حل مشاكل المواطن وتطبيقا لتعاليم النهضة بالمجتمع واحتراما لحق الشعوب في تقرير مصيرها وحق الفرد في الحريَة.. وحق الحكومة في ممارسة سياستها دون استنكار الفئات الاجتماعية.. وانتهاج درب الإقلاع تحت شعار "ما دواء الكساد كان الفساد"...
صرَح رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مؤخرا، بخصوص قانون استهلاك مادة "الزطلة" خلال حوار خاص مع نسمة حيث أن "قانون المخدرات شيء و”الزطلة” شيء آخر" ، وأكَد أنه ضد العقوبات السجنية لمستهلكي الزطلة للمرة الأولى. وللتوضيح فإنَ المقصود بالمرة الأولى هو من تمَ "القبض عليهم للمرَة الأولى بتهمة الإستهلاك " وليس من قام بالاستهلاك للمرَة الأولى..
حيث تتحوَل العقوبة إلى مسألة "حظ" قد يوقع بالمستهلك عديد المرات ويجعله عرضة للسجن، كما من شـأنه ان يحفظه من العقوبات السَجنية رغم استهلاكه المتكرر لهذه المادة.. ليتحوَل نسخ القانون 52 إلى ثغرة سيتمَ استغلالها لحماية أطراف دون أخرى خاصة أمام في ظلَ حكومة تحتكر جميع السلط وتخضع القضاء لتوجهاتها.
 ليتمَ بذلك وفاء السبسي بوعود حملته الإنتخابية التي كان ابرزها، وأكثرها تحفيزا لانتخابه، "مشروع القانون الذي يقصي العقوبة السجنية للمستهلكين للمرة الأولى"
وعوض أن تتوجه الحكومة إلى الحد من ظاهرة استهلاك الزطلة وحماية عقول الشباب من مثل هذه الممارسات الجامحة، أصبح استهلاك مادة القنَب الهندي مباحا وقد يأتي علينا يوم في ظل هذه الدولة الحرة المستقلة التي الإسلام دينها يستفتى في الحرام فيردَ حلالا وتستباح الأخلاق والمبادئ ويصبح القانون قواعد عابثة تعمل على تشريع نزوات المفسدين..



 " الزطلة " بين التجريم والتحريم

يذهب البعض إلى اعتبار أنَ مادة "القنَب الهندي" أي "الزطلة" و"الحشيش" حسب ما يطلق عليها في مصر وبعض الدول العربية، غير محرَمة شرعا خلافا للخمر التي وقع تحريمها طبقا لنص صريح في القرآن الكريم. وبناء على مثل هذه الاعتقادات، نزع عن استهلاك مادة "الزطلة" جانب التحريم واقتصرنا على التجريم. 
وخلافا للاعتقاد السائد، وحسب فتوى لابن تيميَة فإنَ "هذه الحشيشة (الزطلة) ملعونة هي وآكلها ومستحلوها، معرَضة صاحبها لعقوبة الله، تشتمل على ضرر في دين المرء وعقله وخلقه وطبعه، وتفسد الامزجة حتى جعلت خلقا كثرا مجانين وتورث من مهانة آكلها ودناءة نفسه وغير ذلك ما لا تورث الخمر"
هذا ما كان من فتوى استهلاك الزطلة من الجانب الديني.. امَا قانونيا وفي مقارنة مع القوانين الوضعية في البلاد العربية خاصَة مصر: وحسب المادة 39 من قانون العقوبات، تتمثَل عقوبة تعاطي المواد المخدرة في"الحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه مصري، ولا تتجاوز ثلاثة آلاف جنيه، لكل من ضُبط فى مكان أعد أو هيئ لتعاطي الجواهر المخدرة، وذلك أثناء تعاطيها مع علمه بذلك"
الا أن هذا لا يمنع ما اتبعته بعض الدول الأجنبية من سياسة تبيح استهلاك المواد المخدرة كالماريخوانا واخضاعها لقوانين محددة تحمي افراد مجتمعاتها.. 


ولا عجب انَ الحكومة التونسية المنبهرة بالسياسات الخارجية تسير نحو تبني هذا المنهج في مقاربة عبثيَة بين مجتمع تونسي يعاني أزمة أخلاق جليَة وأزمة هويَة ومجتمعات البلدان المتقدَمة التي انتهجت سياسات تخضع لدراسات عميقة لطبيعة مكوناتها وتهدف لحل مشاكلها بطرق ناجعة تخاطب عقولا واعية غير واهنة.
وبناء عليه فلا يمكن تنزيه مستهلك الزطلة، ولا يمكن تجاهل تجريم هذا الفعل باسم الحريات والديمقراطيات الخاوية، خاصَة وأنَ استهلاك هذه المادة لا يقتصر على شخص المستهلك، بل يعود بالضر على المحيطين به والذين ثبت بالكاشف انَ الدولة لن تفلح في حمايتهم..
لذلك فإذا ما عزم رئيس الدولة ربط عقوبة مستهلك الزطلة بعدد مرات الإيقاف، والعفو عن المتورَط امام القضاء للمرَة الأولى.. فلا بدَ له في المقابل أن يضمن للشعب الذي لا علاقة له بنبتة (السَبسي) ولا يعنيه تعديل القانون 52، الحماية من خطر اعتداءات المسطولين في الشوارع والتي تراوحت بين جرائم اغتصاب واعتداءات بالعنف و"براكاجات" ولا ذنب له لتحمَل تأثيراتها السلبية على مستهلكيها.
من الناحية القانونية يخضع تعليق العمل بالنصوص القانونية لقاعدة توازي الصيغ والشكليات حيث يقع تعليق العمل بالقانون بموجب قانون من صنفه أو بموجب مرسوم تشريعي يصدر في ثلاث حالات معلومة وهي العطلة البرلمانية بتفويض من البرلمان، وخلال حل البرلمان وأخيرا خلال الظروف الاستثنائية كالحروب والثورات. 
 وبموجب الدستور التونسي يتمتع بصلاحية اصدار المراسيم التشريعية رئيس الحكومة باعتباره صاحب السلطة الترتيبية العامة. 


وحيث أننا لسنا في ظل أحد هذه الحالات وأنه لا تتوفر في الباجي قايد سبسي شروط ممارسة السلطة الترتيبية العامة، فإن اعتزامه تعليق العمل بالقانون عدد 52 لا أساس قانونيا له ولكن قد تكون له دوافع ومبررات أخرى. خاصةَ وانَ نبتة "السَبسي" كانت تستخدم في الحرب العالميه الثانيه كوسيله لنزع الحقيقه من الاسرى والمقبوض عليهم وكان يستخدم بالحقن .. 
و حسب مقتطف من كتاب " أسلحة صامتة من أجل خوض حروب هادئة" اعتبر "من الضروري في السياسة، الحفاظ على تحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية والهاؤه بمسائل تافهة لا أهمية لها. اذ لا بد من ابقاء الجمهور مشغولا، مشغولا، مشغولا حتى لا يكون لديه أي وقت للتفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى"
وهذا ما كان من سياسة هذه الدولة، التي برعت في تحويل الرأي عن مشاكل المجتمع الأساسية والتوجه به نحو تفاصيل لا تغيَر في واقعه شيئا..
من ذلك مشكل القانون 52 والحملة الإعلامية الممنهجة التي تهدف لتغييره، والذي لا يمكن للباجي قايد السبسي تغييره وفاء لوعوده الإنتخابية.. 
 خاصة وقد ثبت أن رئيس الجمهورية يتبنى خط سياسي لا يحتكم إلى القيم والأخلاق التي لها أساس في هوية المجتمع التونسي حيث تتحدد مواقفه السياسية استنادا للمنظومة النفعية والربحية.
ومن جانب القانون الجزائي، لا أهمية تذكر نسبيا لتعليق العمل بقانون في وقت ينظر فيه مجلس نواب الشعب في اصدار قانون جديد يتجه نحو أن يكون أرفق من القانون القديم. 
حيث يقتضي الفصل 288 من الدستور وأحكام المجلة الجزائية أن القانون الجديد يطبق قبل القانون القديم في خصوص القضايا المنشورة أمام القضاء وأن يكون صدور القانون جديد قبل صدور حكم نهائي في القضية وأن يكون النص الجديد أرفق بالمتهم من النص السابق.
 وعليه فلا ضرورة لتعليق العمل بالقانون القديم في علاقة بالقضايا المنشورة حاليا أمام القضاء طالما القانون الجديد سيكون مبدئيا أرفق بالمتعاطي لأول مرة. وأما بخصوص معتادي التعاطي والمروجين والتجار فأهداف المنظومة القانونية هو ردعهم وزجرهم وحماية المجتمع من خطرهم..
فلا خير في ود حاكم متلوَن إذا الريح مالت مال حيث تميل.. ولا خير في حاكم لا يحكمه دينه..ولا خير لشعب عقوله شاردة وجيوبه فارغة.. ولا خير لحق بني على باطل..

"إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ" 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire