samedi 7 janvier 2017

محمد الحاج منصور وسلطة الديناصور


محمد الحاج منصور وسلطة الديناصور

في هذه الأوقات العصيبة, التي تمر بها البلاد , والحقبة المظلمة التي يتخبط فيها الشعب, لا نملك ألا أن نعزي أنفسنا وإياكم على ما أل إليه وضعنا بعد ستة أعوام من «الثورة» لم نحقق فيها شيئا ; بل على العكس , رجعنا فيها عدة سنوات إلى الوراء .. بحساب السنوات الضوئية. بؤس.. بطالة.. فقر.. تهميش .. قمع .. سجون واعتقالات في صفوف الشرفاء بتهمة الوطنية .. . فهل هذه ثورة للشعب أم ثورة على الشعب !? أكاد اجزم بان الشعب الذي ثار على بن علي يتحسر الآن على بن علي. كان عهده جنة بالمقارنة مع ما نعانيه اليوم. ولسنا نملك أيضا , في هذه الظروف الصعبة , سوى أن ننحني إجلالا وتعظيما لتلك الصفوة من الشرفاء الذين مازالوا يتلقون بصدورهم العارية رصاص الخونة ويدارون بأيديهم المجردة جذوة ثورة توشك أن تخبو وتنطفئ . من بين هذه النخبة المتميزة يأتي الأستاذ محمد ناعم الحاج منصور وصحيفته الثائرة الثورة نيوز التي أصبحت شوكة في حلوق الظالمين وقضت مضاجع الفاسدين رغم كل التضييقات المضروبة عليها وعلى صاحبها. 
وهنا أقول للمناضلين في هذه الصحيفة اصبروا, فان الفرج قريب وإنما النصر صبر ساعة . 
اصبروا فان موعدهم الصبح .. أليس الصبح بقريب ! فرغم التضييقات المفروضة عليها , وسياسة القتل البطيء التي تتبعها السلطة معها , أبت هذه الصحيفة المتمردة ألا مواصلة الكفاح وكشف الحقائق المغيبة عن الرأي العام وإزالة الغشاوة عن عيون الشعب المخدر بالإلهاء والتضليل . 
آخر هذه الاعتداءات اعتقال مدير الصحيفة والزج به في سجون الباجي بتهمة حب الوطن أين عذبوه العذاب الأكبر. 
وهنا اسأل : من منا قدم لوطنه ولشعبه ما قدمه الحاج منصور ؟ من منا ضحى بما ضحى به الحاج منصور؟؟ اين نحن من الحاج منصور ؟؟ 
الرجل بذل الغالي والنفيس في سبيل شعبه ومن اجل وطنه . أخر هذه التضحيات حريته التي لم يستنكف عن تقديمها قربانا لشعبه . الحرية .. اعز ما يملكه الإنسان . ثم يأتي المرجفون والذين في قلوبهم مرض فيدعون بان الرجل قصر .. او انه اخطا عندما وقف في وجه التيار .. تيار الفساد الجارف . 
أية نرجسية هذه ! وأي جبن ! أوصلا البلاد إلى شفير الهاوية واشرفا بها على شفا الكارثة . 
كفى بالحاج منصور فخرا انه اول سجين رأي بعد " الثورة " . وانه عرى كذبة حرية الإعلام . وانه نزع أوراق التوت عن سلطة الديناصور فانكشفت عوراتها . وانه , طيلة رحلته النضالية  وفي ردهات محاكمته , ظل الصرح الشامخ الذي عهدنا . شجاعة .. بطولة .. صمود .. كبرياء .. وطنية .. شرف .. حب لشعبه .. . لم يجبن .. لم يتخاذل .. لم يتنازل .. لم يضعف امام الإغراءات ..... لم يستسلم . ومن أقبية المعتقل , يكتب يومياته . محاكمته/المسرحية أشبه بمحاكمة عمر المختار . فمن منا يعرف اسم الجلاد الذي شنق عمرا لمختار ? لا احد . لكن الجميع يعلمون من هو عمر المختار . حتى انك لو سالت طفلا لم يبلغ الحلم عن عمر المختار لقال لك على الفور : انه بطل . وغدا , عندما يتحرر الحاج منصور , وتنحل محكمة العسكر وتحل محلها محكمة الشعب , سيقيد في السجلات على انه مناضل, وستدرس أفكاره ومعتقداته في معاهد الصحافة , وسيرمى سجانه في مزبلة التاريخ . وما سياسة الإلهاء التي تنتهجها السلطة لإلهاء الشعب عن مشاكله الحقيقية وقضاياه المصيرية , بتواطؤ من إعلام العار , إلا لخدمة هذا التمشي في زيادة تخدير شعب منهك ويائس يقف في مفترق طرق كالأبله تتقاذفه مشاعر وأحاسيس مختلطة من الحيرة واليأس والحنق والغضب والندم . وأحزاب سياسية تغط في نوم عميق . ومجتمع مدني تسمع عنه جعجعة ولا ترى منه طحينا . كان ميشيل فوكو على حق عندما قال بان الوظيفة الأساسية للمجتمع المدني هي رصد انحرافات السلطة والمساهمة في رسم المشهد العام للبلاد . فاين نحن من ميشيل فوكو وأفكاره ؟ اكتب هذا ولست من أسرة تحرير الصحيفة ولا تربطني بها أية رابطة . إنما أنا قارئ من قرائها , وما أكثرهم, ومتابع موضوعي للأحداث ينطق بلسان حال المتابعين للثورة نيوز منذ تأسيسها . وقد لاحظت أن كل ما تنبأت به الصحيفة قد تحقق . انخرام المؤسسات في ظل الدولة العميقة, تغلغل المخابرات الخارجية في البلاد , انتهاك السيادة الوطنية , انهياراللوبيات ... . 
ولكن احذروا ! فان هذا الشعب مثل ذلك التنين الذي تقول الأسطورة انه كان ينام في قاع البحيرة ثم يستيقظ على رأس كل مائة عام ليعاقب أعداءه الذين أزعجوا راحته فينفث أنفاسه المحرقة في وجوههم . والذين استخفوا بالشعب التونسي واستغفلوه واستبلهوه وأفقروه وجوعوه سيدفعون ثمن حماقتهم عندما ينتفض هذا الشعب عليهم فتجرفهم ثورته الحقيقية إلى غير رجعة. 

أبو امجد


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire