vendredi 6 janvier 2017

سرّيّ مطلق: قراءة في تفاصيل وتداعيات العملية الإرهابية بالمنيهلة



سرّيّ مطلق: «قراءة في تفاصيل وتداعيات العملية 
الإرهابية بالمنيهلة»

الدّولة تَقتل.. والقضَاء غَائب.. والإعلام يَكْذب




في تاريخ 21 اكتوبر 2016 نشرت صحيفة الثورة نيوز ملفا خطيرا يتعلق بجريمة اقترفتها وصنعتها أجهزة في الدولة، وقامت السلطة السياسية في أعلى هرمها بالتستر عمدا على تلك الجريمة... وحيث إن خطورة الواقعة والصمت المنظم للإعلام، وتجاهل الطبقة السياسية للخبر الصادم... يستدعي منا القيام بدور المثقف العضوي بتعبير «غرامشي» حتى وإن كنا في السجن من اجل الدفاع عن حرية الكلمة، وضمان الحق في التعبير، وكشفا للحقيقة.
ونحن نعيد نشر تفاصيل الملف الخطير للضغط على الطبقة السياسية وأدعياء حقوق الإنسان... ولننبه الرأي العام التونسي إلى ضرورة التصدي لكل أشكال الانحراف بالسلطة القهرية، ومنع أجهزة الدولة من استخدام العنف المسلح الذي تحتكره، استخداما مخالفا للقانون... وتأسيسا على ما تقدم نعاود تحليل تفاصيل وتداعيات الحادثة الإرهابية وتقليبها في أوجهها.

فقد تبيّن انه في صبيحة يوم 11 ماي 2016... حدث طلق ناري بأحد أحياء تونس العاصمة... زخّات متتابعة من الأسلحة الاتوماتيكية... مع أصوات انفجارات... رعب وخوف... بعد 15 دقيقة توقف إطلاق النار... وتوافدت تعزيزات أمنية وعسكرية ومروحيات على حي الصنهاجي بمنطقة المنيهلة ... ثم أعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني أن قواتها قد نجحت في القضاء على مسلحين من السلفية الجهادية... وكشفت كذلك أنها فككت خلايا إرهابية بجهة المنيهلة من ولاية اريانة وقامت باعتقالات عدة... وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام التونسية والأجنبية خبر الواقعة... تونس تغرق في الارهاب.
وأفادت المعطيات أن إدارة الاستعلامات للحرس الوطني تحت إشراف مباشر من آمر الحرس الوطني قامت في إخراج سينمائي يشبه افلام هوليود، بصناعة فيلم لجريمة ارهابية مفتعلة مستخدمة شخصيات سلفية حقيقية، تتقمص دور الارهابي الواجب قتله، ثم ينفذ حكم الإعدام في مواطنين عزل دون محاكمة... وهم لا يعلمون انهم كانوا وقودا للمعركة... وبعد تنفيذ العملية بنجاح طبعا ، انطلقت الأفراح بذلك الانتصار تمجيدا وتهليلا لأجهزة الدولة ولقيادتها الحكيمة في مواجهة الارهاب .
وقد اقتضى القانون والإجراءات ان تتعهد بالأبحاث في كل قضايا الإرهاب الوحدة الوطنية للابحاث في جرائم الإرهاب وهي ادارة مستقلة داخل بنية جهاز الحرس الوطني... وكانت هذه الوحدة المختصة قد اشتهرت بحرفيتها وكفاءتها خاصة في تصفية لقمان ابو صخر وجماعته... وفي كشفها عن الفاعلين الحقيقيين المورطين في الهجوم الارهابي على متحف باردو... وهي كذلك الوحدة التي فككت لغز العملية الإرهابية بنزل الامبريال بسوسة.
إلا أن ملابسات غامضة ومريبة منعت أعوان الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب من متابعة المشتبه بهم، وذلك بعدم تمكينها من معلومات عن ارهابيين فارين من بن قردان... وتولت الإدارة العامة للاستعلامات بالحرس الإشراف على تفاصيل هذه العملية بتعليمات من آمر الحرس الوطني في مخالفة للتراتيب.
ما هي الغاية من صناعة فيلم لعملية إرهابية وهمية؟
من المستفيد من خرق القانون وممارسة القتل العمد دون محاكمة؟
هل تسعى بعض الأطراف السياسية إلى مقايضة الحرية بالأمن؟

تفاصيل فيلم المنيهلة ... فضيحة سياسية وأخلاقية
1 - مجموعة بن قردان: 
كانت ادارة الاستعلام بالحرس الوطني قد وضعت يدها على عناصر فارة من معركة بن قردان التي وقعت خلال شهر مارس 2016 وهم عادل الغندري ونجم الدين غربي ونجيب مانيطة.
والأخطر من ذلك أن قوات الحرس نقلتهم وهم مسلّحين من بن قردان إلى تونس العاصمة سرّا، وفتحت لهم نقاط التفتيش دون التنسيق مع باقي الوحدات الأمنية والعسكرية... وكان بالإمكان أن يقع صدام مسلح قد يعرض حياة عسكريين أو أمنيين للخطر، لأنهم لم يكونوا على علم بتحركات الإرهابيين.
وقد وصلت العناصر الارهابية الثلاثة إلى العاصمة وتم إيواؤهم بمسكن اكترته إدارة الاستعلامات للحرس الوطني بجهة المنيهلة من ولاية أريانة حيث قضوا فيه 3 أشهر كاملة وهم في حرية، بما يشكله ذلك من مخاطرة.
في حين انه كان بالإمكان القبض عليهم في بن قردان دون المغامرة بتلك المسرحية السينمائية... لكن مقاصد الإخراج السينمائي اقتضت نقلهم مسلحين إلى قلب العاصمة لغرض ما.
كان الارهابيون الثلاثة يفكرون في الفرار خارج تونس بعد صدور برقيات تفتيش بشأنهم فشجعهم المكنى ب»النمر» على التخفي بعيدا عن الأنظار... ووعدهم بتوفير بطاقات هويات مزورة وجوازات سفر مفتعلة لتسهيل مغادرتهم للبلاد... ولم تكن الجماعة تفكر في القيام بأية عملية ارهابية بالعاصمة... كانوا قد عزموا على السفر إلى ليبيا أو سوريا... غير أن قوة نافذة في الدولة كانت تريد استخدامهم لتحقيق مصالح محددة وهي إيهام الرأي العام باستمرار العمليات الارهابية.
 استمر الجهد الأمني في صناعة وتضخيم الفيلم... ومكنت ادارة الاستعلامات والأبحاث المدعو عادل الغندري من القيام بعملية تجميل لإزالة آثار إصابة قديمة على مستوى الوجه في مصحة تجميل بحي التحرير بالعاصمة لتسهيل افتعال بطاقة تعريف مزورة وكان له ذلك.
كان»نجم الدين الغربي» ورفيق له يختبئان بمنزل بجهة الصنهاجي استأجره لهما المكنى «النمر» منذ مدة ... وقد سلم «النمر» لنجم الدين الغربي سلاح كلاشنكوف بعد نزع إبرة القدح percuteur من طرف وحدة مختصة حتى يتمّ إعاقة استعمال السلاح وبقي مرافقه دون سلاح... كان إعدادا لخاتمة مشهدية في فيلم بوليسي، لكن فعل القتل كان حقيقيا أي الإعدام دون محاكمة.
في الأثناء قامت عناصر الفرقة المختصة بإبعاد «عادل الغندري» عن مكان تنفيذ الهجوم حيث حولوه إلى مصحة التجميل لاستكمال تغيير ملامح وجهه... كان الغرض من ذلك التظاهر بإلقاء القبض عليه حيا أثناء الهجوم.
ليلة 10 ماي 2016 أبلغت ادارة الاستعلامات والابحاث بالحرس الوطني الوحدة المختصة للحرس الوطني ببئر بورقبة بالاستعداد لتنفيذ عمليات نوعية خاصة.
وتم إبلاغ النيابة العمومية باكتشاف خلية ارهابية خطيرة تتحوز أسلحة ومتفجرات وتستعد للقيام باغتيالات لشخصيات عامة وتفجيرات بمراكز حيوية.
صبيحة يوم 11 ماي 2016 كانت وحدات الحرس في حالة استنفار تحاصر كامل المنطقة... ما عدا الوحدة الوطنية للارهاب التي تم استبعادها من العملية.
وقبل ساعة من الهجوم جلب «النمر» سلاح كلاشينكوف وسلمه الى نجم الدين الغربي بعد نزع إبرة القدح منه.
وخلال دقائق هاجمت الوحدات الخاصة للحرس الوطني المنزل الذي يختبئ فيه نجم الدين الغربي ورفيقه نجيب المنصوري وهما أعزلان وقتلتهما بدم بارد ... رغم أن القانون يمنع قتل شخص أعزل، وكان حقيقا بهم إلقاء القبض عليهما وهما أحياء دون الحاجة إلى ممارسة القتل المشهدي حتى وان كانا ينتميان الى التيار السلفي المتطرف.
في الأثناء تولى عنصر تابع لإدارة الاستعلامات تركيب ابرة القدح في سلاح الكلاشينكوف ثم أطلق عيارات نارية صوب السماء قصد تحصيل ظروف لبندقية كلاشنكوف وضمان آثار الاستعمال عند إجراء الاختبار الباليستي لتأكيد استعمال الهالكين للسلاح.
انتهى الفيلم السينمائي وكان قادة من الحرس الوطني يترقبون حذو مفترق مركب الجيان geant نتائج خاتمة الفيلم الهوليودي... لممارسة طقوس الاحتفال. 
ثم انطلقت وسائل الإعلام في نقل الخبر الذي جاب مختلف نشرات الأخبار العالمية وقد يكون تسبب في إلغاء سفرات إلى تونس... بل وعمق فكرة أساسية وهي أن الإرهاب قادر على ضرب عمق العاصمة التونسية.
الأخطر من ذلك هو حاثة ترافقت مع عملية المنيهلة وقعت في اقصى الجنوب التونسي وتسببت في مقتل 4 أعوان من الحرس الوطني نتيجة خطأ القيادة في التقدير.

استهتار القيادة يؤدي الى استشهاد 4 من الحرس الوطني بالصمّار

أثناء إيقافه أفاد «عادل الغندري» أن عنصرين إرهابيين من خليته قد غادرا العاصمة إلى جهة الصمّار وتبين انهما قد اتصلا به هاتفيا من ولاية مدنين... فاتخذ قرار بمطاردة العنصرين الفارين.
وتولى آمر الحرس الوطني الاتصال بمدير إقليم تطاوين ومكنه من معلومة بشأن تواجد عنصرين إرهابيين بمحيط 4 كلم « احداثيات تربيعية تقريبية للمكان المحدد».
فسارع مدير الإقليم بتسخير وحدات الحدود والتدخل والأمن العمومي للحرس الوطني دون التنسيق مع وحدات الجيش أو الأمن... كانت هنالك رغبة لتحقيق مجد خاص بقيادات في الحرس الوطني دون تامين دعم لوجستي او خطة للاقتحام وحماية الأعوان أثناء الانسحاب..
فتوجهت دورية من الحرس الوطني لتفتيش منزل مهجور يشتبه في وجود الإرهابيين داخله دون الاستعانة بوحدات الاختصاص من الجيش والحرس...لم يعثروا على شيء... كان كمينا محكما... فأثناء التهيؤ للمغادرة أطلق الإرهابيون النار على الدورية مما أدى إلى استشهاد كل من كان فيها... كان فشلا ذريعا في التخطيط واستهتارا بأرواح قوات من الحرس.
استشهد في الكمين ملازمين هما:»خالد اللطيفي ونضال الطرابلسي» وعريفين هما»خليفة الضوي ومحمد اسلام الزواري».
الأدهى من ذلك أن وسائل الإعلام تناقلت خبرا زائفا مفاده أن استشهاد أعوان الحرس كان بفعل انفجار حزام ناسف نفذه الارهابي وليد السديري وقتل معه الارهابي لسعد الدراني حسب بلاغ صادر عن الإدارة العامة للحرس الوطني.
هل كان اخراج الفيلم اختراقا استخباريا استباقيا، أم عملا من اجل تحصيل مجد سياسي ؟
كانت تفاصيل الفيلم الهوليودي متشعبة، فقد قام مخبر يكنى بالنمر بتأسيس خلايا إرهابية أخرى عبر التأثير والدعاية في العالم الافتراضي... وتقمص «النّمر» دور شخصية تتبنى أفكار داعش وتمتلك القدرة على التأثير وزرع الأفكار في شباب تونسي عبر الأنترنات، وأقنع بأفكاره حوالي 25 نفرا من ولايات نابل وسيدي بوزيد ومنوبة... رغم ان القانون يجرم استدراج أشخاص ودفعهم إلى تبني أفكار أو إقناعهم بحمل أفكار إرهابية .

2 - مجموعة الحمامات: 
استطاع «النمر» أن يستقطب إليه بعض العناصر من مجموعة الحمامات (أبو مريم) عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي وشجعهم على السفر الى سوريا خلسة... ثم اكترى لهم منزلا بجهة دوار هيشر بغرض تجميعهم من اجل التسفير.
وقد أكد مخبر يدعى خليل أن «النمر» تسلّم من 12 نفرا من أفراد الخلية التي كونها هو، مبالغ مالية متفاوتة بين 700د و2000د للفرد الواحد قصد تسفيرهم... غير أن النمر استول على تلك الأموال لخاصة نفسه بما انه يعلم انهم سيقبض عليها لاحقا.
أثبتت التحريات رغبة مجموعة الحمامات في السفر الى سوريا ولم تكن لهم أي نية في القيام بعمليات إرهابية بتونس... إلا أن النمر قد جلب إليهم قطعة سلاح كلاشينكوف من اجل توفير قرينة إدانة... وقام بتصوير كامل أفراد الخلية في نفس اليوم وفي نفس الغرفة من المنزل المعد لإيوائهم بعد أن حجز عنده جوازات سفرهم وهواتفهم الجوالة.
وقد قام العون المستقطب بترهيب أفراد الخلية وإعلامهم بصدور مناشير تفتيش في حقهم، وانه يدعوهم الى ممارسة الجهاد بتونس عوض سوريا ... وطلب منهم البقاء بالعاصمة لتنفيذ عمليات إرهابية يحددها هو وفق خطة محددة... وتولى بشخصه اقتراح الأهداف عليهم (نادي ضباط الجيش بالحمامات / منازل أمنيين وعسكريين / أجانب وشخصيات مالية وسياسية)
كان العون المستقطب قد حدد الأهداف دون علم من النيابة العمومية للقطب القضائي وهي مخالفة خطيرة للاجراءات القانونية.
3 - مجموعة سيدي بوزيد: 
في الأثناء تولى نفس العون استقطاب 5 من شباب سبّالة أولاد عسكر من ولاية سيدي بوزيد... وأقنعهم بضرورة السفر إلى دار الجهاد بسوريا للقتال... واقترح عليهم إيواءهم بمنزل بجهة المنيهلة... ثم التقط لهم لاحقا صورا بسلاح الكلاشينكوف... وتسلم منهم مبالغ مالية هامة لتحضير سفرهم لسوريا... بعد ذلك تراجع عن قرار تسفيرهم وقام بإعلامهم بصدور مناشير تفتيش في حقهم قصد إخافتهم ومن اجل تبديل الخطة، وطلب منهم البقاء بتونس العاصمة في انتظار التعليمات.
وتولى نفس العون استقطاب مجموعة 9 أنفار آخرين، ووعدهم بتسهيل سفرهم الى سوريا... وقام باستدعاء عنصرين فقط إلى العاصمة وعرض عليهما مساعدته في تنفيذ عمليات في تونس العاصمة إلا أنه جوبه برفض قطعي... وقاما باعلام باقي الخلية بعدم جدية السفر.

4 - مجموعة منوبة: 
قام عون حرس باستدراج مجموعة من الأنفار أصيلي دوار هيشر من ولاية منوبة وحاول إقناعهم بضرورة السفر إلى سوريا أو تنفيذ عمليات إرهابية بتونس إلا أنهم رفضوا ذلك.
 إلا انه وفي تاريخ 12/05/2016 واقعة عملية المنيهلة قامت أجهزة الحرس الوطني بإيقافهم ووجهت إليهم تهما ارهابية تتعلق بالمشاركة في خلية المنيهلة... قصد تضخيم عدد المتهمين وإظهار نجاح العملية إعلاميا وسياسيا.

دور الإعلام الكاذب في صناعة الفيلم

بعد الحادثة انطلقت وسائل الإعلام في تناقل تفاصيل الخبر... وما لفت الانتباه هو أن بعض وسائل الإعلام اختصت في الدعاية الكاذبة للفيلم المسرحي... وأوهمت أنها قد حققت سبقا صحفيا بنشر تفاصيل الحادثة.
وجاء في موقع مختص في نقل أخبار العمليات الإرهابية لاعلامي معروف ما يلي:
«...نفذت وحدات الحرس الوطني يوم 11 ماي 2016 عملية أمنية ناجحة بمنزل في منطقة المنيهلة من ولاية أريانة تم خلالها القضاء على عنصرين إرهابيين خطيرين مفتّش عنهما والقبض على عنصر إرهابي خطير مفتّش عنه، وتنظيم عمليات مداهمة وإيقافات.
وكانوا ينوون تنفيذ أعمال إرهابية باستعمال عبوات ناسفة ولاصقة عن بعد وعمليات انتحارية بعد عمليات التحضير وتوفير المواد الأولية لصنع المتفجّرات والأحزمة الناسفة وجلب الأسلحة من القطر الليبي والمناطق الجبلية التي تتحصن بها المجموعات الإرهابية».
ثم نقل الموقع الالكتروني «اخبر خبر اون لاين» المقرب من خليفة الشيباني الناطق الرسمي بالادارة العامة للحرس الوطني، سبقا صحفيا زعم فيه ان بعض الشخصيات كانت مهددة بالاغتيال من قبل مجموعة المنيهلة ونشر اسماءهم كالآتي : «حافظ قايد السبسي وعثمان بطيخ وحمدي المدب والمحامي عماد بن حليمة.»
وسانده في ذلك الموقع الالكتروني «الجريدة التونسية» للمستشار بالقصر الرئاسي «نور الدين بن تيشة» في تاريخ 17 ماي 2016 حيث ذكر ما يلي:»...
عملية المنيهلة: اطاحت بأخطر حلقة في داعش وفككت مفاتيح التنظيم التي أشرفت على كافة العمليات الإرهابية الخطيرة في البلاد.»
ثم صدر بلاغ لاحق في ذات الصحيفتين جاء فيه:»... أنه بمتابعة للعملية الأمنية التي جرت يوم الأربعاء بمنطقة المنيهلة بتونس العاصمة والتي أسفرت عن القاء القبض على 16 ارهابيا والقضاء على اثنين اخرين توفرت معلومات عن مجموعة ارهابية متحصنة بمنزل بمنطقة الصمار من ولاية تطاوين...
وكانت هذه المجموعة تتحصن بمنازل مهجورة بمنطقة المعونة بمعتمدية الصمار ولاية تطاوين، حيث تحولت وحدات الحرس الوطني إلى المكان المذكور أين جرى تبادل لإطلاق النار بين الوحدات المذكورة وعنصرين إرهابيين، تمّ القضاء على عنصر إرهابي في حين فجّر العنصر الإرهابي الثاني نفسه بحزام ناسف ممّا أسفر عن إستشهاد ضابطي وعوني حرس وطني.»
كان إعلاما دعائيا لا يخدم الحقيقة بقدر ما يزيفها.

الخروقات القانونية في إخراج الفيلم الإرهابي

كانت مخالفة الإجراءات القانونية صادمة في هذا الملف، لان الوحدة التي أشرفت على الإعداد والتنفيذ للعملية لم يعهد لها سابقا أي ملف من ملفات الإرهاب، كانت بلا تجربة قانونية في احترام الإجراءات التي ينص عليها القانون... من ذلك أنها لم تستشر النيابة العمومية إلا ليلة العملية وكان عليها أن تأخذ الإذن من النيابة العمومية بخصوص الاختراق الحاصل منذ أشهر... وقد خرقت إدارة الاستعلامات والأبحاث للحرس الوطني الفصل 57 من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2016... مما ورط الأعوان في تهمة القتل العمد والتغرير بعزل.
إضافة إلى تهمة الإيهام بجريمة إرهابية والمغالطة... والبحث عن الفرقعة الإعلامية للتسويق لنجاحات وهمية وإعلام رجال الإعلام ومال وسياسة بوجود تهديدات كاذبة.
في الأثناء رصدت الأجهزة المختصة للأمن الوطني تفاصيل العملية فقام المدير العام السابق للأمن الوطني السيد عبد الرحمان الحاج علي بإبلاغ وزير الداخلية بتلك الخروقات حال علمه بها.
كان ذلك سببا في توتر العلاقة لاحقا بين آمر الحرس الوطني المسنود سياسيا وبين المدير العام للأمن الوطني... وكان ذلك بداية لصراع خفي بين الأجهزة... انتهى بدفع عبد الرحمان الحاج علي الى الاستقالة.
الأخطر من كل ذلك أن الدائرة الضيقة لرئيس الدولة قد بلغتها تفاصيل العملية الوهمية بالمنيهلة ، فتم ابلاغ المستشارة سعيدة قراش بتلك الفضيحة وابلغت بدورها هرم السلطة لكنه تم التستر عن تفاصيل الفضيحة.
وحين تناهى إلى علم النيابة العمومية بالقطب القضائي للإرهاب تفاصيل ذلك الفيلم السينمائي... حدثت مفاجأة لاحقة إذ تمسك مساعد وكيل الجمهورية القاضي «ح.ع» بالقطب القضائي للإرهاب بمعاودة الأبحاث بعد أن تفطن إلى تلك الاخلالات الخطيرة والفاضحة... بعد أيام تم توريط القاضي في قضية أخلاقية مع فتاة... فأوقف قاضينا عن العمل... ومات الملف.
كان لتلك العملية الوهمية انعكاسات على الاقتصاد والسياحة والأمن والنظام العام، وزادت في الشعور بالخوف الجماعي من أن الإرهاب قد طرق أبواب العاصمة ويتهدد بعض السياسيين والإعلاميين ورجال الأعمال.
 لهذا وذاك فانه يمكن أن نعتبر التستر على الجريمة، جريمة أخرى، وسقوطا أخلاقيا للدولة ذاتها ولمسؤوليها، في حين أن مواجهة الإرهاب لا تحتاج إلى صناعة أفلام سينمائية لبطولات وهمية، تُقتل فيها الأرواح ويسجن فيها الناس من أجل مجد كاذب.
 كانت جريمة خطيرة من صناعة أجهزة في الدولة. أدام الله دولتنا.





✔ سجين الرأي محمد الحاج منصور

1 commentaire:

  1. ما هي الغاية من صناعة فيلم لعملية إرهابية وهمية؟
    من المستفيد من خرق القانون وممارسة القتل العمد دون محاكمة؟
    هل تسعى بعض الأطراف السياسية إلى مقايضة الحرية بالأمن؟
    التفاصيل عبر هذا الرّابط :
    http://athawra-news-tunisie.blogspot.fr/2017/01/blog-post_6.html?spref=fb

    RépondreSupprimer