mardi 6 décembre 2016

الباجي قايد السبسي في إطلالته التلفزية : سيدي الرئيس... اندثرت البرامج... وبقي «التملغيس»




منذ اعتلاء الباجي قايد السبسي سدة الحكم انفلق الأمل على جدار من حديد

توفيق بن بريك

كلّما تلفحني نار الأخبار وتتراءى أمامي صورة رئيس الحكومة السابق في الفترة الانتقالية ورئيس الدولة الحالي الباجي قايد السبسي أتذكر تلك الحكاية الصينية التي تعود إلى القرن الرابع عشر للمؤلف الياباني ليو جي .. تلك الحكاية التي توضح مفهوم الخداع الذي يتبعه حكام الشعوب لتجهيل شعوبهم، وترسيخ عملية التجاهل للقوى السياسية بمهارة شيطانية.
تقول الحكاية: كان يعيش في ولاية تشو الإقطاعية رجل عجوز، استطاع الاستمرار بالحياة من خلال احتفاظه بقرود لخدمته، وكان أهالي تشو يسمونه "جو غونغ" .كان الرجل العجوز يجمع القردة كل صباح في ساحته ويأمر أكبرها بأن يقود نظراءه إلى الجبال لجمع وجني الفاكهة من الأجمة والأشجار، وكان سيد القرود يفرض على قردته قاعدة ان يقدم كل قرد منهم عشر ما جمع إليه، وكان يعاقب كل قرد يتخلف عن ذلك بجلده دون رحمة. كانت معاناة القرود شاقة، ولكنها لم تجرؤ على الشكوى، ومرَّة، سأل قرد صغير القرود الآخرين قائلاً: هل زرع الرجل الهرم جميع أشجار الفاكهة والأجمة؟ فأجابوه، لا، إنها تنمو وحدها، ثم تساءل القرد الصغير: ألا نستطيع أن نأخذ الفاكهة من دون إذن من الرجل العجوز؟ فأجابوه: نعم نستطيع، فقال القرد الصغير: لماذا إذًاً نعتمد على الرجل العجوز، لماذا علينا أن نخدمه؟ فهمت القردة جميعها ما كان يرنو إليه القرد الصغير حتى قبل ان ينهي جملته، وفي نفس الليلة وعند ذهاب الرجل الهرم إلى فراش النوم حيث غطّ في سبات عميق قامت القردة بتحطيم قضبان أقفاصها جميعا، واستولت على الفاكهة التي كان العجوز قد خزنها وأخذتها إلى الغابة. لم تعد القردة إلى العجوز بعد ذلك أبدا، وفي النهاية مات العجوز جوعاً .. هذه الحكاية تدفعني أيضا للالتجاء لترديد قولة أحد المحللين السياسيين حين أردف: يحكم بعض الرجال شعوبهم بأتباع الخدع، لا بالمبادئ الأخلاقية، هؤلاء الحكام يشبهون سيد القردة، فهم لا يعون تشوش أذهانهم ولا يدركون انه في اللحظة التي يدرك الناس أمرهم ينتهي مفعول خداعهم". أنهم يجيدون ويتقنون أساليب الخداع، والمراوغة، والكذب، والغدر، والشك لاحتراف العمل السياسي.
فالحقيقة الثابتة أن قايد السبسي اليوم قدم نفسه اليوم في صورة أشبه ما يكون ب "جو غونغ"... فرئيسنا الجليل كبرت تجاعيده أمامنا، يوما بعد يوم، سنة تلو أخرى، عقدا بعد عقد...سمعنا حديثه، وسمعنا منه نقيضه...برهن على مهاراته في التلاعب بالكلمات والعقول، وتناسى بأن السياسة هي تسيير شؤون الناس لا التلاعب بهم وبمصائرهم.رأينا مواقفه التي تأخذ كل لحظة يوما، قدمت دليلا قاطعا على أنه أكثر حربائية من الحرباء....كلما هاجمنا وجهه في وسائل الإعلام إلا وفاجأنا في كل مرة بإبداعه لتسويفات جديدة، وتبريرات جديدة، جديدة في وهمه فقط... لم نسمعه يوما وهو يعتذر عن خطأ في التسيير أو في التقدير، لم يقدم يوما استقالة من أي المهام التي "تحمل مسؤوليتها"، وكأنه لا يخطئ كبني البشر.


كان يتوهم مرارا أنه سيتوب من "بلية" حب الكراسي، حين كان يتحدث عن ضرورة تجديد النخب، وضرورة فسح المجال أمام شباب الوطن...نصحى في صبح جديد على واقع قديم تصدمنا فيه كلماته البهاء التي تزيدنا اكتئابا سياسيا عند كل "نخبة" تجدد فيه "الثقة" لسنوات أخرى: فأنت الأصلح للمرحلة وتحدياتها ولا بديل موجود ل"تحمل المسؤولية" و"آداء الواجب". هو كذلك لازال يصر على تسمية طمعه السياسي طموحا؟ وتسمية تسلطه حزما في معالجة الأمور؟ وعلى تسمية مكوثه في مراكز القرار من المهد إلى اللحد تضحية لخدمة الصالح العام؟ ألم يحس بعد بأن عليه الرحيل؟؟ دون عودة إكراما لنفسه وتقديرا لسنّه ؟ ألا يرجع على نفسه بالملامة ؟, بذلك يكون قد اشترى العافية له بالعافية منه.
أكثر الآراء السياسية والتعليقات والتحاليل أقرت أنه في حال فوز الباجي قايد السبسي برئاسة الدولة للخمس سنوات مقبلة فإنّ تونس ستكون على موعد مع أزمة سياسية معقّدة، يكون بطلها رئيساً هرماً سوف يتسبّب، بالضّرورة، في إضعاف النظام السياسي التونسي، وفي إيجاد المناخ الملائم لاستنبات جيل ثالث من بطانة قرطاج. مجرّد تكهّن وصول شيخ تسعيني إلى أعلى هرم السلطة السياسية في تونس يستدعي مشهد الصراعات التي سوف تحاصر كرسيّ الرئيس، طلباً لموقع الحاكم الفعلي لتونس، تحت عباءة السياسي العجوز، ويفرض التفكير في الثمن الذي سيكون على التونسيين دفعه، إشباعاً لجوع مرتزقة البلاط القادمين. ووصول سياسيّ عجوز إلى كرسيّ الرئاسة يعني أنّ أعلى هرم الدّولة التونسية سيكون أشدّ مناطق السّلطة التونسية رخاوة بكلّ ما يمثله ذلك من تهديد للاستقرار والقرار الوطني. ليس تجنّياً إن قلنا أنّ الدّافعين بالسياسي العجوز إلى قصر قرطاج يعملون على إعادة إخراج أحد أسوأ مشاهد النظام القديم، فصورة الرئيس العجوز وانسحاب عجزه على السلطة السياسية، وإحداث حالة الفراغ المغذّية للفساد، وإخضاع مركز القرار لأهواء النافذين وصراعاتهم، صورة لا تزال ماثلة في ذاكرة التونسيين. لم يبلغ الحبيب بورقيبة التسعين من عمره بعد حينما أفلت الأمر منه، ولم يعد يعرف التونسيّون من يحكمهم، وارتهنت تونس لصراع النافذين حول الزعيم الخالد ، وألقي الحبل على الغارب، أو ألقيت الحبال على غوارب الفاسدين، وانفرط العقد ليفضي الأمر، في النهاية، إلى الانقلاب النوفمبري الذي قاده الجنرال ليجثم عقوداً على صدور التونسيين، حتى ثاروا، بعد أن دفعت تونس سنوات طويلة من عمرها، ومن كدّ أبنائها، وقد حاصرت بطانته، هي الأخرى، حياة التونسيّين وأحالتها همّاً. 
حاول الجماعة دفع قائد السبسي الى نفخ الروح في ما يسمّى "البورقيبيّة" بحثاً عن هويّة سياسيّة يجمعهم سقفها ويقلّهم مركبها، فورّطهم إفلاسها في الدّعاية للصّورة الأشدّ قبحاً للتجربة البورقيبيّة، متمثلة في السنوات الأخيرة من حكمه. سنوات الرئيس العجوز والنظام المريض ونزاعات البطانة حول الحكم وانتشار الفساد، 


نقدر في الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية رغبته الجامحة وطموحه الفياض في إدراك منصب رئيس الجمهورية اقتداء بالزعيم الراحل الحبيب بورقيبة على اعتبار أنه المنصب الرفيع الذي لم يظفر به  الباجي قايد السبسي طيلة مسيرته السياسية .. وندرك جيدا أن رئاسة الجمهورية ظلت الحلم الكبير له رغم كونه بلغ من العمر عتيا بيد أن هناك قناعة قوية اليوم تكونت لدى الرأي العام وحتى من أبناء جلدته المنتمين إلى حزبه نداء تونس تفيد ان الباجي قايد السبسي لا يصلح أن يكون رئيسا لتونس على اعتبار عدم قدرته على العمل وما تتطلبه الدولة خلال الفترة الخماسية القادمة ... فالمعلوم أن رئاسة الجمهورية ليست بالمؤسسة الهينة التي تمنح هكذا بالمنّة وتحقيقا لرغبة فلان بل إن الظرف يحتاج إلى رئيس يكون قادرا على فرض هيبة الدولة والعمل من خلال ايصال الليل بالنهار لتحقق في عهده البلاد نقلة ولو نسبية ...
الحوار الاخير الذي بث على قناة الحوار التونسي وما تلفظ به رئيس الدولة جعلنا نؤمن اننا خارج الطرة وان البلاد أشبه ما تكون على شفا حفرة على كل المجالات وان الافكار تبعثرت والبرامج اندثرت ولم في ذهن الرئيس سوى التخلبيس و70 عسكري أمريكي من قوات المارينز ...


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire