mardi 6 décembre 2016

نقلا عن الموقع الالكتروني "أخبار الساعة": بن تيشة…«الوجه» الفاشل لـ«قفا» السبسي




لم يسبق لمؤسسة رئاسة الجمهورية طيلة تاريخ تونس الحديث أن تنحرف بها “شطحات” مستشاريها إلى درجة أن تصبح صيدًا سهلاً للأخطاء القاتلة. بل إن الأمر يصبح أكثر سريالية حين تتحوّل أخبار القصر نفسه إلى مادّة للتهكم في مقاهي الشارع السياسي والوضع برمته يتحوّل إلى ما يشبه الفضيحة التي ترتدي ربطة عنق.
وربطة العنق، التي تخنق القصر هذه الأيام، ليست إلاّ نورالدين بن تيشة، الذي عيّن، في غفلة من الكلّ، مستشارا أول مكلفا بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب من طرف رئيس الجمهورية، وهو الذي لم يعرف عنه أي كفاءة سياسية، ولم يتقلّد أي منصب سياسي بارز، بل والأغرب، أنه في لحظة انتخابية فارقة، طعن الباجي قائد السبسي في الظهر بتحوّله إلى “بروباغانديست” لمصطفى كمال النابلي
هنا لن نتساءل عن ملابسات هذا التعيين الذي فاجأ الأصدقاء قبل الخصوم (نقصد أصدقاء رئيس الجمهورية ومناصريه)، ولن نتساءل أيضا عن “الحظوة” التي أصبح يتمتع بها بن تيشة، الفاقد لمؤهلات المستشار، عدا خبرته في بث الإشاعات وفبركة الفيديوهات بل لن نتساءل عن انتقاله من مستشار مكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب إلى مستشار سياسي، ولكننا سنكتفي بجرد موضوعي ومثبت لـ”شطحات هذا المستشار”، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى من يخرجها من أزماتها الخانقة.يأتي دور بن تيشة الذي أثبت “فشلا” اتصاليا بتعمّده تسريب ما يعرف برسالة “رئيس الجمهورية” إلى صحيفة المغرب. محاولا ربّما سحب البساط من قيادات ندائية أخرى، على علاقة بإدارة “البرمجة” في القصر الذي سبقته إلى تسريب وثيقة تهم الاتفاق الحاصل بين تونس وصندوق النقد الدولي، طبعا لا أحد من “الجماعة” اعتبر هذه الفعلة من جنس الفضيحة، أي حين تصبح “وثائق” القصر، مادة للصحافة بتعلّة أنها “تسريبات” بل مرّ الأمر كأنه مسألة أقل من عادية لا تحتاج إلى تحقيق عاجل تطيح بكامل طاقم المستشارين. وطبعا، لا يوجد عاقل واحد يصدّق أن أعداء “الإعلام” يمكن ان يتحوّلوا إلى كائنات، بين عشية وضحاها، إلى جسور “طيبة” بين القصر ووسائل الإعلام إذ أن الأمر لا يخرج عما يمكن تسميته بمحاولة تلهية الرأي العام عن تورط القصر نفسه في مبادرة لم يستعد لها جيدا. هنا لعب السيد بن تيشة دورا محوريا كملتقط كرة رفض إعادة الكرة بطريقة سليمة إلى اللاعبين وإنما استثمرها لصالحه، اتصاليا بدرجة أولى، للظهور في مظهر “المستشار” الذي يفهم في لعبة “الإلهاء”، في الوقت الذي تناسى فيه أنّ الكرة نفسها كانت مثقوبة.
إنّ الجانب الميلودرامي في المسألة يصلُ إلى ذروة حبكته، حين يصبح نور الدين بن تيشة، رجل المستحيل في القصر، إلى قنبلة تزرع نفسها في كلّ حزب. فبعد استيلائه على صلاحيات المستشار العبقري، أضاف إلى صلاحياته مهمة استدعاء من يشاء إلى جلسات النقاش مع رئيس الجمهورية بكل “الذاتية” الممكنة.


هنا كاد الرجل أن يتسبب في أزمة داخل الحزب الجمهوري من خلال رفعه “الفيتو” في وجه عصام الشابي، واعتباره إياد الدهماني ممثلا شرعيا للحزب في النقاشات حول المبادرة. وهذا ما حرّك أزمة داخل الجمهوري كادت أن تعصف بالعلاقة بين الشابي والدهماني، لولا أن تلافى رئيس الجمهورية الأمر، بعد أن استقبل أحمد نجيب الشابي 
شطحات “المستشار” تتواصل أيضا من خلال استقدام شخصيات سياسية لا وزن لها في الساحة ولا في البرلمان (كمهدي بن غربية مثلا) واستبعاد قوى سياسية أخرى صاعدة .هنا المنطق العدائي أو الإقصائي لا يستقيم ورئيس الجمهورية يدعو إلى حكومة “وحدة وطنية” تهم كلّ الطيف السياسي.
وسنعرّج آخرا، وليس أخيرا، على رغبة بن تيشة في توريط الاتحاد التونسي للشغل في حكومة “الوحدة الوطنية”، من خلال اقتراح أسماء قيادات سابقة فيها كمرشحين مفترضين في موقع وزارية قادمة وهو أمر يفهم في أحسن الأحوال على أنه محاولة لإيجاد سند نقابي للحكومة القادمة، وفي أسوئها، على أنه محاولة لضرب الطيف النقابي داخل حركة نداء تونس.
وإن كنا نتفهم “الحس الأبوي” في علاقة قائد السبسي الأب بقائد السبسي الابن ، فإننا لا نتفهمّ حقا كيف ترك الرئيس مستشاره يرتع في “المبادرة” وحيدًا، الأمر الذي ساهم عمليا في إطفاء جذوتها نهائيا بل وفي إعادة خلافات “الندائيين” إلى الواجهة في انتظار إحكام حركة “النهضة” قبضتها على كامل أوراق اللعبة.
ولكن تلك قصة أخرى…


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire