lundi 5 décembre 2016

مؤتمر الاستثمار تونس 2020... الدولة المتسوّلة




تابعت وأنا في سجن الاعتقال، تلك الضجة الإعلامية التي رافقت عقد مؤتمر الاستثمار من أجل تشجيع رؤوس الأموال الأجنبية على الاستثمار في تونس بحثا عن سبل لتنشيط الاقتصاد المتهالك والمفلس.
وقد بدا لي أن حجم المشاركين في هذا المؤتمر لم يرقَ إلى حجم المشاركين في مؤتمر 2014 الذي نظمته حكومة المهدي جمعة فكانت المشاركة السياسية لرؤساء الدولة أو الحكومات أو الوزراء تكاد تكون غائبة وبلا قيمة سياسية باستثناء حضور الجزائر وقطر وفرنسا.
ثم إن الأرقام التي قدمتها الجهات الرسمية كحصيلة أولية لما وعد به بعض المستثمرين لم تبلغ حدّ المأمول، فلجأ الإعلام التونسي الرسمي والتابع للسلطة إلى تضخيم الأرقام والصورة المشهدية للمؤتمر، فكتبت جريدة الشروق في صفحتها الأولى:"نجاح باهر للمؤتمر 15 مليار دينار." ... وكذا فعلت جريدة الصريح :"المليارات تتهاطل على تونس."... وهذه أرقام لا يمكنها أن تخرج الاقتصاد التونسي من أزمته، وفي اعتبارنا أن كثيرا من الوعود التي قدمتها الدول المانحة لن تتحقق، إضافة إلى أن عددا من المستثمرين سوف يتراجع لاعتبارات موضوعية.


فقد اتضح مثلا أن دولة قطر كانت الداعم الأبرز لتونس بحجم استثمارات يعادل 1.250 مليون دولار... وهو الرقم ذاته للوديعة القطرية التي ترغب قطر في استرجاعها خلال سنة 2017... فهل هذا الرقم هو الوديعة ذاتها ؟ أم أن قطر تريد فعلا أن تنهض بالاقتصاد التونسي إكراما لعيون الباجي والغنوشي ؟ أم إنها تروم تأسيس لوبي مالي مؤثر في الاقتصاد وفي سياسات الدولة التونسية ؟
أما دولة الجزائر فهي تعلم أنها مستهدفة مثل سوريا والعراق وليبيا، وهي دائما منشغلة بالشأن التونسي لاعتبارات تاريخية واستراتيجية وسياسية تتعلق بالأمن القومي للجزائر، وهي تريد ضمان استقرار الدولة التونسية في اقتصادها وسياساتها الداخلية والخارجية.


أما الحضور الفرنسي فانه جاء في سياق سعي فرنسي للمحافظة على مجالها الفرنوكفوني وهو المجال الحيوي للاقتصاد الفرنسي، إنها لا تدعم إلا بمقدار ما تنهب من الثروات لأنها لا زالت تتحرك بعقلية استعمارية إتنولوجية لا إنسانية.
أما الفاعل الأمريكي فانه لم يرسل أحدا من مسؤوليه ولم يهتم بهذا المؤتمر، لان الولايات المتحدة الأمريكية مطمئنة إلى ولاء الدولة التونسية إنها حليف مستسلم من درجة خاصة، فتونس قد فتحت أرضها وأجواءها للـ"كُوبُيوي" الأمريكي ولطائراته ولاستخباراته فلن تأخذ أكثر مما أخذت... لقد صادرت السيادة الوطنية بالكامل.
في جهة أخرى جاء التعاطي الإعلامي في تونس مع الحدث تعاطيا غير موضوعي انه يمجد الحدث تمجيدا يذكرنا بالجوقة الإعلامية زمن النظام السابق، فانطلقت أبواق الدعاية تستنفر الناس في كل القنوات ثناء ومدحا للسيد الرئيس الحكيم ولرئيس وزرائه السيد يوسف الشاهد ولتلك النجاحات الخارقة.


بعد أيام، سيكتشف الخبراء والسياسيون وعامة الناس أن الأوضاع الاقتصادية لم تتغير بل ازدادت سوءا، لان عمق الأزمة إنما هو ضرورة تدخل الدولة على قاعدة مبادئ وطنية، تدفع إلى إعادة توزيع الثروات توزيعا عادلا وان تتوجه الدولة بضرائبها الى الطبقة الغنية فتأخذ منها بمقدار ما يحدث توازنا في موارد الدولة، وان تشرع في إصلاحات لا تراهن على الرأسمالية المتوحشة وإنما تراهن على وطنية الدولة... وهذه الحكومة لا تتبنى فكرة وطنية الدولة.
كان ذلك المؤتمر أشبه بمؤتمر للتسوّل، تتسوّل فيه الدولة صدقات وعطايا باسم مواطنيها الجياع... لذلك قلنا إن حكومة الشاهد حكومة فاشلة.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire