mardi 11 octobre 2016

رسالة إلى صديقي: أي ...الحاج منصور




صديقي.
 سلام من نبع قلم ابنك  ...قلم تخلص من  كل القيود  و لامست  ريشته تجربة جديدة تعني ممارسة الحرية بكل  طقوسها  ...
قد أسالك كم سؤال عن الحال...و لكن لن أفعل...لن أغوص في بحر  الأسئلة ...فغدا اسأل ...و أن غدا لناظره قريب.. لا تصدق  ربما  لو قلت  لك انه انتابني شعور بالغبطة و الشرف وأنت تعيش  تجربة سجنية من أجل الكلمة  الحرة  و التحليل العميق  والتوثيق الدقيق و تدخل التاريخ  و تلتحق بركب الصحفي أفاز زينالي من أذريبجان الذي تم اعتقاله بسبب مقالاته المعارضة للرئيس الهام علييف  و المصور الصحفي البحريني أحمد حميدان  الذي تم  سجنه بهدف  تكميم الأفواه و فرض الرقابة و الصحفي الصيني الهام توهتي الذي يشتغل في صحيفة يو جربز و المصور الحر المصري احمد أبو زيد  و الصحفي  المحتجز ذو الأصول  الاريترية داويت إسحاق  و الصحفية الإثيوبية ريوت عليمو و الإيراني سيماك قادري و التركية  التي  تشتغل في  المؤسسة الإعلامية رادية الحرة  المعروفة في الوسط التركي باسم فوسون اردوغان  و الصحفي القدير الأوزباكستاني محمد بيكجانوف ( اسم على الاسم)  و الفيتنامي ناجوين فاي هاي الذي كان ينشر في مدونته عن فساد الحكومة كما تفعل أنت... هؤلاء عشر و أنت حاديهم و يا ليتك تردد " رأيت أحد عشر كوكبا... "   ...
 تجربة سجنية تفوح منها  كالمسك رائحة حب الوطن وأنت الذي سخّرت  مقالاتك من أجل  الكشف  عن كل ألعاب  قد تحصل  لأطهر مؤسساتنا الوطنية مؤسسة العسكر  وكيف لا تدافع  وأنت الذي ولدت من صلبها و يكفي  ذلك سرد سيرة أبيك  العابقة في رحابها أيام كان مدافعا عنها و حاميها و ذائدا عنها وكيف لا تكشف و أنت المتأصل  من عائلة منحت للجيش و الأمن  قلبها و فؤادها و فدت مؤسستهما  بالدم   ... فمن شابه أباه ما ظلم ..
كنت أجهد نفسي توقا و شوقا  رغبة أن تكون  رسالتي واصلة للقلب  كما وصلت رسالة من تحت  الماء لنزار قباني ويكون مضمونها أطرف  من  رسالة  ابن  زيدون  إلى ابن  عبدوس  و   قالبها أرهف  من  رسالة احمد  أمين  لابنه و خلاصتها أمتن من رسالة أبي  القاسم الشابي  إلى صديقه  محمد الحليوي... غير أني أبيت أن  اكتب  ما يخالجني كما  ألفت أن  اكتب  في هذه  الصحيفة دون تملق...


لا  أخفي  عليك  نبرة الحزن التي  انتابتني مع  مزيج  من التحدي  الذي سكن  ضلوعي  و لكن  ربما  تسأل  و لما الحزن  ... و رب  الكعبة ليس  للوهم  الذي  صنعه الهزيل المتزعم لهيئة  قيل إنها تحارب الفساد و الذي ركب  على حدث سجنك  ليروج له غلامه عبر خرقته  التي تعرفها  أنه صانع الملحمة و صاحب الإنجاز و لم  تحزني تلك العبارات الخبيثة  وهي  تسقطك في مستنقع الأساليب الساذجة  و يتسلى  بك اللقطاء الباحثون عن   أوديمات أو ادمينات  كما لم أحزن  وأنا أراك  في ملعب صفحات "البوز" الرخيصة يعبث بك الجهلة وتتغامز من حولك الأوباش ...  بل حزني  على وطن   تحوّل فيه الغيرون على بلدهم  و قاماته من الندرة والقلة فساقت  جماهيره  إلى المسالخ  و صارت  كلاب بافلوف تتراقص بلا حدود على  الأسود ... و حزني مرده أن  تأتيك الطعنة من العسكر وأنت الذي فديته  بقلمك و دافعت عنه و عن حرمته و عن مبادئه  حتى أن المهاتفين لي  لجّوا في السؤال   كيف للجيش أن ينقض على الحاج وهو الذي ما انفك يدافع و بشراسته  على كينونته و كينونة المؤسسة العسكرية  و التمسوا  ذلك جهرا و وسرا في كتاباتك المقروءة على المحمل الورقي و الالكتروني على حد سواء ...دون أن يفرقوا أن القضاء العسكري ليس مؤسسة العسكر و لا وزارة العسكر و الدفاع ...


 لن  أجوب  و لن أتقمص  دور رجل القانون  في التعليل و التقييم  القانوني لمسألة احتجازك  فإيماني إن   الإيداع  جائر لا تقبله الإنسانية جمعاء  و لن  أطوف  أحدثك عن صناع الكواليس في  الخفاء .. ذلكم  الذين من المُفترض أن يكون ميتين بين ظهرانينا. ذلكم الذين يُمارسون الموت اليومي باسم الحياة و ذلكم الذين تجرَّدوا من كل ما يدلُّ عليها، ويدلُّ على أنهم بشر أساساً. إنهم الميتون قيمة و معدنا و إنسانية و أشهرهم  ذلك  الذي يدعي  معرفة  بالعالم الافتراضي  و  يتخفى وراء الصفحة  كخفاش  الظلام  لينثر سمومه   و الحقيقة أنه  أشبه ما يكون بالعراة الحفاة    تاريخه  كتاب مفتوح  أمامنا  لا قطرة بياض فيه بل سواد  على سواد ... ذلك الأبله  المصاب بعمى الألوان، و الذي لا يرى سوى لونه، زاعما أنه  قد احتل القلوب وسيطر على النفوس وأنه وحيد زمانه وفارس ميدانه وهو  الذي قل معروفه و لم  يخلف إلا العار  وظل  يعانق  كل  ليلة   أساطير الشعوب القديمة كالجورك و السيخ و الهنود عند البريطانيين و سكان أمبوتيا بهولندا عند الهولنديين، و القوقاز عند الروس، و جيوش الدمى من منغوليا  فاشتدت  خزعبلاته، وكثرت هبلاته  وأنت  تعرفهم و تعرفه  وأنا الذي عرفتك كاللبيب بالإشارة تفهم .
تجربة السجن  أبعدت عنك شبح الخيانة للوطن  و ثبتت لديك  قيمة الوطن عندك  و رسخت لدى العديد معنى الكلمة  الخالدة لأمير عبد القادري الجزائري و التي  يقول  فيها :" لو جمعت  فرنسا  سائر أموالها و خيرتني بين أن  أكون  ملكا  عبدا  أو أن  أكون  فقيرا  معدما لاخترت أن أكون حرا فقيرا"   و أكدت للمارقين الصغار  قول  " مثل الذي باع بلاده وخان وطنه كمثل الذي يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه" ...
  صحيح أن  العمل دونك كالطعام بلا ملح ... و لكن  تعودنا  على أكل المسوس ...ولدغات الزنوس ... و الذين ينبحون و يديرون البعبوس .. وظللنا كما الفتنا   الفوق الفوق  شاهقين  الرؤوس ...  بيد أنه وأنا الذي لست أهل للنصيحة و لا أنت تستحقها ولكن خذها مني هذه المرة وعن بعد إياك    أن تلجم قلمك الممدود الكاشف للفساد فهو أشد قوة من الأسلحة الجرثومية وأكثر خشونة من أحذية العسكر. ...
و الحي  يروح ...


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire