samedi 29 octobre 2016

الحكومة الفاشلة




    نزارقباني: " نحن بغَايَا العصْر... كلُّ حاكم يَبيعُنا ويَقْبض الثّمن"
   منذ الاستقلال وخلال 60 عاما، تداولت 16 شخصية سياسية على منصب الوزير أول، والملفت للانتباه أن 9 منهم حكموا القصبة مدة 55 عاما... في حين أن 7 فقط حكموا لـــ 6 سنوات "بعد الثورة"... خلال 6 سنوات حكمنا 7 وزراء بما فيهم يوسف الشاهد...
  هذا الانهيار السريع للحكومات يؤكد وجود أزمة في الجسم السياسي، والدولة لا تكاد تخرج من أزمة حتى تغرق في أخرى، إنه بنيان مُختلّ، يَهتزّ ويَسَّاقط عند كل زَلزلَة... وها هي حكومة يوسف الشاهد تتعثر سريعا عند أول المطبّات... فشلت في أزمة بتروفاك... وفي أزمة ضيعات جمنة... وفي المفاوضات مع اتحاد الشغل... وفشلت في مخطط ميزانيتها... وتصادمت مع الأطباء والمحامين... وفشلت في المحافظة على منسوب الحريات... إنها حكومة فاشلة وهي الأسوأ على الإطلاق... ستسعى إلى شراء ذمم الإعلاميين الذين يُسوّقون للناس نجاحات زائفة... والبلد يغرق.
  وهذا الدستور الوضعي ليس فكرة دينية مقدسة، و ليس لاهوتا تسلم به العامّة، لقد اتضح بعد مُراكمة التجارب أن هذا النظام البرلماني المشوه هو سبب الأزمات  السياسية الراهنة.
 وقد أدّى هذا النظام البرلماني إلى تشتيت مركزية السلطة، وحوّلها من سلطة مُجمَّعة عند رأس الدولة، إلى سلطة تتشارك فيها أحزاب ولوبيات باسم تفعيل فكرة الديمقراطية... فإذا بكل طرف منها يتحوز جزءا من تلك السلطة.  ثم إن القانون الانتخابي قد سمح لأحزاب صغيرة وضعيفة بالدخول إلى البرلمان والمشاركة في الحكم، بما أسهم في تفتيت المشهد السياسي إلى جزيئات رقيقة تشظّت معها السلطة وضعُفت الإدارة، وساهم ذلك في تفتيت البرلمان وإضعاف دوره التشريعي.


  ولعل توزّع السلطة السياسية بين أحزاب مؤتلفة على قاعدة المحاصصة قد أدى أيضا إلى ولادة حكومات ضعيفة ومُنْفرطة العِقْد، تلك الحكومات سرعان ما تسقط دون أن تقدر على إنفاذ مشاريعها... هذا إن كان لها مشاريع... هكذا فشلت كل الحكومات في إنقاذ البلاد من أزمتها، إنها خيبة مريرة ومؤلمة لهذا الشعب البائس والفقير. رغم أن الطبقة السياسية التي تسيطر على السلطة لا تعترف أبدا بفشلها، وليس لها استعداد للتفريط في غنيمة الحكم.
   وفي التقدير فان الطبقة السياسية التي كانت تعارض نظامي "بورقيبة وبن علي" لم تكن تمتلك أي رؤية اقتصادية واجتماعية وطنية ثابتة، بدليل أنها لم تقدم بديلا اقتصاديا واجتماعيا يحقق العدالة والرفاهية واستقرار الدولة...إنها طبقة استولت على الحكم وهي لا تمتلك رؤى مستقبلية عميقة في الاقتصاد والتعليم والصحة والتشغيل وفي القضاء وفي الأمن القومي... إنها تلهث سريعا إلى النهب والسلب وكفى.
  في هذا الزمن الرديء، اتضح أن الطبقة السياسية التونسية في أغلبها إنما هي طبقة انتهازية وفاشلة، لم تقدر على قيادة شعبها إلى الحرية والرّفاه والأمان، ولم تستطع أن تقدم بدائل وطنية تدافع عن المصالح العليا للدولة... إنها طبقة سياسية استولت على السلطة بحيلة الديمقراطية وشرعية الانتخاب وتريد أن تستمر في وَطْء الغنيمة دهرَها، وليست مستعدة للتنازل عن السلطة رغم خيبتها...إنها تقدم في كل أزمة من أزماتها حكومة جديدة ووجوها أخرى لامتصاص آثار الخيبة ... جاؤوا بيوسف الشاهد في سياق الخيبة فإذا هو الخيبة ذاتها...
  أنا أرى في ما أرى، انتفاضة قادمة، ستحرق الأخضر واليابس، تنتفض ضد دكتاتورية الأحزاب الفاشلة التي باعت الوطن في سوق النخاسة العالمية، هي ثورة الجياع ضد كبار اللصوص. 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire