lundi 17 octobre 2016

هل يضرب عبيد البريكي بيد من حديد و يصلح ما أفسده الطبيب؟؟؟


عندما يبلغ الفساد بالوظيفة العمومية ذروته


في ظل غياب الرقابة والمحاسبة والدوس على الأحكام الجزائية والمنشور عدد 45 لسنة 1998 الصادر عن الوزارة الأولى وتواطؤ الفاسدين والتضامن فيما بينهم، لوحظ أن العديد من المؤسسات والشركات تلجأ بطرق غير قانونية إلى التعاقد مع الأعوان العموميين والذين سبق لهم أن عملوا بالقطاع العام سواء بالإدارات العمومية أو المؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية أو المنشآت العمومية أو الشركات ذات المساهمات العمومية والشركات المتفرعة عن المنشآت العمومية أو المراكز الفنية وبصفة عامة كل الهياكل الخاضعة لإشراف الدولة بصفة مباشرة أو غير مباشرة وذلك دون احترام التشريع الجاري به العمل. الأخطر من ذلك أن عددا كبيرا من الموظفين العموميين وأعوان المؤسسات العمومية المباشرين يمارسون أنشطة خاصة بمقابل دون أن تحرك رئاسة الحكومة ووزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ساكنا في الوقت الذي يتقاضى فيه هؤلاء الفاسدون أجورهم وامتيازاتهم دون أن تطأ أقدامهم مقرات الإدارة أو المؤسسات العمومية المتضررة.
وفي هذا الإطار يجدر التذكير أن الفصل 71 من القانون عدد 78 لسنة 1985 المؤرخ في 5 أوت 1985 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدواوين والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية والشركات التي تمتلك الدولة والجماعات العمومية المحلية رأس مالها بصفة مباشرة الذي نص بوضوح على ما يلي :"لا يمكن للعون الذي انقطع عن وظيفته بصفة نهائية لسبب من الأسباب المنصوص عليها بالفصل 67 من هذا القانون أو الذي أحيل على عدم المباشرة أن يمارس بنفسه أو بواسطة الغير نشاطات خاصة لها علاقة بوظيفته السابقة والتي قد تضر بمصالح المؤسسة". ويهم هذا الإجراء كل الأعوان العموميين الذين انقطعوا عن العمل سواء بسبب الإحالة على التقاعد أو بسبب آخر (الاستقالة أو الإعفاء أو العزل) والأعوان الذين يوجدون في حالة مباشرة أو عدم مباشرة أو إلحاق. كما ينطبق هذا الإجراء على الأعوان العموميين خلال الخمس سنوات التي تلي انقطاعهم نهائيا عن ممارسة مهامهم. وعلى هذا الأساس فإن التعاقد مع الأعوان العموميين على غير الصيغ القانونية الواردة بالنصوص الجاري بها العمل يعتبر جريمة تعاقب عليها المجلة الجزائية صلب الفصل 97 ثالثا  والذي نص على عقوبة بالسجن لمدة عامين اثنين وبخطية قدرها 1000 دينار. لكل موظف يعمد إلى ممارسة نشاط خاص بمقابل له علاقة مباشرة بمهامه دون أن يكون له ترخيص مسبق، علما أن ذاك الفصل لا يحول دون تطبيق العقوبات الأشد إذا تعلق الأمر بأعمال رشوة وفساد وابتزاز مثلما نلاحظه اليوم. فقد عمد عدد من أعوان الوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية إلى تكوين مكاتب دراسات واستشارات وتكوين ورشوة وفساد هي أشبه بأوكار تخريب وجريمة منظمة لممارسة الابتزاز وقبض الرشاوى بواسطة الأزواج والأبناء والأقارب وبعض المحاسبين وأشخاص واجهة . وهذه الظاهرة عرفت نموا منقطع النظير في عالم الاداءات خاصة. أن أحكام الفصل 97 ثالثا من المجلة الجزائية هزيلة لأنها لم تنص على عقوبات أشد بالنظر للأضرار الجسيمة التي لحقت بالخزينة العامة والمرفق العمومي والمؤسسات والعاطلين عن العمل ومحيط الاستثمار والمهنيين الذين يتم افتكاك حرفائهم أمام أعينهم دون أن تحرك عصابة الفساد المعنية بالمراقبة داخل الإدارة ساكنا رغم مئات العرائض الواردة عليها من المتضررين باعتبار أنها مشاركة في الجريمة والفساد واقتسام المغانم. هذا الفصل المشبوه يسمح للوزير أو رئيس المؤسسة أو المنشأة العمومية بالترخيص للعون الفاسد والمرتشي بمباشرة نشاط خاص بمقابل في بلد بلغت فيه البطالة أرقاما قياسية تنذر باندلاع ثورة ثانية قد تأتي على الأخضر واليابس. هل يعقل أن لا تبادر السلط بتجريم ممارسة العون العمومي لنشاط خاص له أو ليست له علاقة بمهامه وكذلك تجريم مغادرة الموظف العمومي لمكان عمله لتنشيط الندوات بالنزل على مرأى ومسمع الجميع وتعمير وإيداع التصاريح الاجتماعية والجبائية والتدخل في الملفات الإدارية والقيام بأنشطة خاصة بمقابل وهو الذي أعلن الحرب على الفاسدين. هل من المعقول والمقبول أن لا يبادر  الوزير المكلف بالوظيفة العمومية بفتح تحقيق معمق بخصوص هذه الظاهرة التي نخرت المرفق العمومي والإدارة والخزينة العامة ومحيط الاستثمار وسوق الشغل حتى يضبط قائمة في عصابة الأعوان الفاسدين الذين يبيع البعض منهم أسرار الإدارة والمؤسسات والمنشآت العمومية على قارعة الطريق وفي المقاهي.


وفي نفس الإطار، منع القانون عدد 8  لسنة 1987 المؤرخ في 6 مارس 1987 المتعلق بضبط أحكام خاصة بعمل المتقاعدين تشغيل المحالين على التقاعد والمنتفعين بجراية بصفة موظفين أو إجراء لدى مصالح الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العمومية باستثناء الأشخاص المرخص لهم بمقتضى أمر وهذا يعد في حد ذاته فسادا .والأشخاص المدعوون إلى القيام بأشغال عرضية. ويبقى للأعوان العموميين إمكانية ممارسة نشاط خاص بمقابل بصفة استثنائية وذلك طبقا للشروط والإجراءات المنصوص عليها بدقة بالأمر عدد 83 لسنة 1995 المؤرخ في 16 جانفي 1995 والأمر عدد 1875 لسنة 1998 المؤرخ في 28 سبتمبر 1998 المتعلق بضبط الشروط والإجراءات المتعلقة بإسناد الموظفين العموميين ترخيصا لممارسة نشاط خاص بمقابل له علاقة مباشرة بمهامهم. كان لزاما أن يتم  تحوير الفصل 2 من القانون الفاسد المشار إليه أعلاه والذي شجع المتحيلين من المتقاعدين من مواصلة العمل كأجراء بعد استخراج  "باتيندة " بصفة صورية تحت عنوان "مستشار" وذلك بغاية تجريم عمل المتقاعدين علما أن عدد المباشرين اليوم بطرق ملتوية يقارب 300 ألفا.
ففي ظل استشراء الفساد عند نسبة هامة من الموظفين العموميين والإدارة واستفحال البطالة، كان لزاما حذف هذين الأمرين الفاسدين اللذين ساهما بصفة ملموسة وهامة في تخريب الإدارة ومحيط الاستثمار وتنمية البطالة والابتزاز والرشوة والفساد .


كان لزاما أيضا ضبط قائمة في أعوان المؤسسات العمومية وبالأخص المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية الذين أبرموا عقودا مشبوهة مع شركات ترجع نسبة من رأسمالها للدولة لكي يقوموا بمهام مشبوهة من شأنها تخريب موارد الدولة وإفشاء أسرار المؤسسات التي ينتمون إليها. تلك الجريمة تكتم عليها محمد الأمين الشخاري لما كان وزيرا للصناعة وبقية الوزراء الذين تداولوا على تلك الوزارة المنكوبة التي كتب لها أن تكون داعمة للفساد ومتسترة عليه عوض إبلاغ أمر المخربين للنيابة العمومية حتى يتم جبر الضرر الجسيم الذي ألحق بالمجموعة الوطنية والمقدر بآلاف المليارات. كان لزاما على رئيس الحكومة فتح تحقيق جدي بالتعاون مع الأجهزة المعنية بالحفاظ على أمن الدولة بخصوص المكاتب المشبوهة والتخريبية للدراسات والاستشارات القانونية والجبائية التي بعث بها الفاسدون المنقطعون عن الإدارة وبالأخص إدارة الجباية الذين هم بصدد تخريب الخزينة العامة وتنمية الفساد وخدمة مافيا الفساد ومخربي الاقتصاد الوطني .
لماذا لا تتم  المبادرة بإحالة ملفات الأعوان العموميين وأشباهم من الفاسدين الذين تعاقدوا مع أشباه مستثمرين أجانب خاصة في مجال النفط لمساعدتهم على نهب ثرواتنا الوطنية وهتك أسرار مؤسساتنا العمومية بغاية ملء جيوبهم بكل الطرق والوسائل علما أن قائمة هؤلاء الخونة معروفة لدى وزارة الصناعة وقد أصدر محمد الأمين الشخاري منشورا بخصوص تلك الجريمة ولكن دون إعلام النيابة العمومية مما يجعله شريكا في الفساد وتجب محاكمته.


لقد أصبنا بالصدمة لما علمنا أن رئيس الحكومة طلب من شوقي الطبيب مده بقائمة في الموظفين الفاسدين باعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه في الوقت الذي كان لزاما عليه أن يقوم بجرد لهؤلاء من خلال الشكايات المتعلقة بفسادهم وإجرامهم وتقارير التفقد المجراة من قبل كل هياكل الرقابة العمومية وبالأخص التفقديات العامة والتفقديات التابعة لبعض الإدارات العامة التي هي جزء من منظومة الفساد باعتبار أنها لم تحل الجنايات التي بلغت علمها إلى وكيل الجمهورية كما اقتضت ذلك أحكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire