lundi 24 octobre 2016

سجوني: في رحلة النضال ...




سلسلة مقالات 'سجنوني' بقلم القاضي المكي بنعمار يروي فيها ظروف ايقافه ومشاهداته في السجن من يوم 04 الى 28جويلية 2016... مهداة الى صحيفة الثورة نيوز
أصبح السجن موحشا بعد رحيل العم مسعود . في ليلة كونفته  قررت الدخول في إضراب عن الطعام . ولم تفلح جهود الإدارة و توسلات السجناء في إثنائي عن عزمي ( ... ) . كان السجناء يحبونني وكنت أحبهم (...) . دخل إضراب الجوع يومه العاشر, فانهارت صحتي وبدأ جسمي يذوي كالشمعة . ولم أضرب عن الطعام لأنجو من السجن بل لفضح الفاسدين . كنت أريد أن يسمع العالم بان قضاة تونس يموتون في السجن . عندها سيخيم سؤال كبير على الكون .... لماذا ؟؟؟ لماذا يقدم قاض تونسي على الإضراب عن الطعام حتى يموت في السجن ؟؟؟ ما الذي دفعه  لذلك ؟؟؟  وأحدق الخطر بالفاسدين .. فاستدعوا شقيقي وطلبوا منه إقناعي بفك الإضراب . وعندما زارني في السجن لمحته يبكي خلسة فقلت  غاضبا : " تبكي كالنساء ؟ ! أخي يبكي كالنساء ؟ ! أفلا تكون في صبر أخيك وجلده عندما واجه السجن .. وهو الآن يواجه الموت ؟ " . قال : " ولكنك قد تموت يا أخي .. " . قلت :" الموت لا يخيف .. فهو مجرد بداية .. كفكف دموعك ولا أراك بعدها إلا مؤتزرا بجلد النمر .. ولا يراك المؤمنون بقضيتي تبكي فينخذلوا .. " . الموت هو مجرد بداية كما قال زرادشت  ,ولذلك لم أخف منه . وفي تلك الليلة نشب جدال بين السجناء ..  هل أن من يموت في إضراب الجوع في الجنة أو في النار ؟  . وتأول سيدنا قوله تعالى من سورة البقرة : " ومن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه " . أنا عملت بقول أبي بكر الصديق " احرص على الموت توهب لك الحياة " .  كنت مصمما على الموت . وفي الخارج بدأت الوزارة تتململ . وأجبرت المنظمات الحقوقية على التحرك . وبدل إعلام العار والصحف الصفراء عناوينه بعد أن كانت تجتر ما روّجه الناطق باسم المحكمة من مغالطات . وجاء " الرابطيون" إلى السجن بعد أن كانوا اذعنوا لوكيل الجمهورية الذي أمرهم بتركي أتعفن في السجن . كل ذلك حدث بفضل مقالات الثورة نيوز التي كانت تحذيراتها مثل قرعات جرس ضخم معلق في السماء يضربه رجل عملاق . فأصبحت قضيتي قضية رأي عام . وأرادت نقابة القضاة وجمعية القضاة الشبان " الركوب على الحدث " بعد أن لازمت الصمت في البداية . فأرسلتا ممثلين عنهما إلى السجن فرفضت استقبالهما . أما جمهور القضاة فخافوا من جمعية الرحمونيين التي أمرتهم بالصمت ولوحت في وجوههم بالحركة القضائية التي كانت على الأبواب . فازدردوا الفضيحة  في صمت . أما وزير العدل فكان " شاهد ماشافش حاجة " . وقد نمي إلى علمي أنه عندما ابلغ بإيقافي كان بصدد افتتاح مشروع عظيم في أحد السجون :  تدشين " تاكسيفون للسجناء " . في اليوم الموالي استدعاني المدير على عجل . فلم اقدر على التحرك,  وساعدني السجناء على المشي . دخلت مكتب المدير متكئا على الحارس . قال الحارس :  " القاضي المضرب عن الطعام يا سيدي ! " . فأمره المدير بالانصراف وتوجه لي قائلا : " يا سي المكي  !أما آن لك أن تفك إضرابك ؟ لقد بلغت مرادك.. وصوتك  وصل المسؤولين . وهذه غرفة العمليات هاتفتني منذ حين وطلبوا مني إيجاد حل لوضعك . الجرائد مازالت تكتب .. وحملة الفيس بوك على أشدها ... " . وعرض علي ذلك الرجل الطيب مشاركته الطعام في مكتبه .  لكن صوته كان يأتيني من قرار بئر سحيق . فقد كنت في غيبوبة بعد عشرة أيام لم أذق فيها الطعام . فتبين له أن لا جدوى من الحديث معي  فأمر الحراس بإرجاعي إلى الزنزانة . وما أن تجاوزت الباب حتى تمثل لي العم مسعود وقد استرد عنفوانه فقال  : " اثبت يا ولدي فانك على الحق ..  عمر مات .. لكن العدل باق  مادامت السموات والأرض .. " . وانصرف وهو يردد : " لا تتخل عن قضيتك .. فالتخلي عن القضية أشد نذالة من خنجر خائن .. لا تتخل عن قضيتك .. " . فسقطت مغشيا علي وغبت عن الوجود . وعندما فتحت عيني وجدت خمسة شياطين ينظرون إلي . فقلت في نفسي : " إذن فقد مت في إضراب الجوع .. و أنا الآن في جهنم مع الشياطين و الأبالسة ! " .
الكبران :  قيم الغرفة .  وهو سجين تكلفه إدارة السجن بالإشراف على السجناء وتنظيمهم . وعادة ما يكون من السجناء القدامى . هو عريف السجناء .
السيلون : الحبس الانفرادي .
طوالا : فارع الطول .
العنبر : الزنزانة .
آريا : الفسحة الصباحية التي يقوم بها السجناء في ساحة السجن وهي مكان تجمعهم .
الكونفة : نقل سجين من سجن إلى سجن آخر .
الحساب : يقف السجناء صفوفا ويقوم أعوان السجن بإحصائهم للتحقق من عددهم .
الحارس الليلي : سجين تكلفه الإدارة بالسهر طيلة الليل لمنع السرقة وغيرها من المشاكل .





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire