vendredi 7 octobre 2016

فضيحة: وزير الدفاع يصدر بطاقة إيداع ارضاءا لشوقي طبيب وحماية للوبيات الفساد


تمزيق مرسوم الصحافة والعبث بالمواثيق الدولية


كنا  نظن  أن الإعلام التونسي عامة و الصحافة المكتوبة  خاصة قد تنفست الصعداء حين تمتعت بنصيب من  الحرية كما هو حاصل في بعض البلدان العربية  بعد هبوب رياح التغيير و تبديل الأحوال و اتساع سماء الآمال و بعد أن عرفت العروش التهاوي  و سقطت من العلا رؤوس البلاوي رموز الاستبداد   و من لف لفهم في الانضمام إلى قوائم الكراسي المعمرة و الأفعال المدمّرة . و لئن حلمنا كما حلم الحالمون  أن  الإعلام  سيكون  بخيره  و شره  وحده القادر على  فضح الفساد ، كقدرته على بناء أوطان، وإطفاء حروب، وإصلاح شؤون شعب  غير أن  قوى الجذب أدارت الرقاب إليه ... و أعدت له إستراتيجية لاستمالته من أجل العودة إلى بيت الطاعة بعد أن خلنا أنه طلقها طلاقا بائنا لا رجعة فيه ؟؟؟ ...
متغيرات جديدة... و أساليب خفية... و كواليس تحمل في جرابها عديد الحقائق المستترة عنها كلها تصب في خانة  القبض بيد من حديد على السلطة الرابعة  و تطويع الصحافة  خدمة لاجندا .. في هذا السياق تتنزل  القضية الحدث  التي  أثارت  الكثير من الجدل و أسالت  الكثير من الحبر  حول  اعتقال  صاحب الثورة نيوز محمد الناعم  الحاج منصور من  طرف قاضي  التحقيق بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس  على خلفية مقال استقصائي نشره  على أعمدة الثورة نيوز يتعلق  بصفاقات  تموين  مؤسسة العسكر ...





مقال  نترك  التعليق  على فحواه لكل القراء  بيد انه  كنا  و كان صاحبه  ينتظر أن  تتحرك السواعد لكشف الحقيقة حول ماجاء  فيه  غير أن الأمر كان  عكسيا  حيث وجد محمد الحاج منصور  نفسه و من اجله   مستدعيا للمحكمة العسكرية بصفته  شاهدا ثم انقلب  في  لحظة تاريخية فارقة غالى متهم  ثم  إلى معتقل  دون سماعه أو استنطاقه ....
 تعاليق كثيرة  و أراء معبر فصيحة عن  هذا القرار الذي  اقل ما يقال عنه انه جائر  منها  ما صب في كون  مثل  هذا النوع من القرارات  المتعلقة بحرية التعبير تمهد لـ«عودة استعمال القضاء وتوريطه في معركة ضد الحرية» و منها  من رأى ان  القرار الذي  أصدره قاضي التحقيق مكتب  2 بالمحكمة العسكرية  يعد جريمة دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى  و غيرها  من وجهات النظر التي لم نعد  إليها  و تخيرنا  تفحص  الملف  من الجانب القانوني الصرف  حتى يتبين للرأي العام الخيط الأبيض من الخيط الأسود ..


اعتقال الحاج منصور: التجاوزات المفضوحة  

تولى  الاثنين 3 اكتوبر 2016 إصدار قاضي التحقيق  بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس مكتب  تحقيق الثاني بطاقة إيداع في السجن في حق محمد الناعم الحاج منصور  دون أن يقع سماعه ودون الخوض في التفاصيل فإن التهم المنسوبة إلى اليه لا تستقيم إطلاقا.
حيث جاء بالفصل 79 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر أنه »تلغى جميع النصوص السابقة والمخالفة خاصة مجلة الصحافة الصادرة بالقانون عدد 32لسنة1975 المؤرخ في 28/4/1975 وجميع النصوص اللاحقة المتممة والمنقحة له والفصول 397 و404 و405 من مجلة الشغل«.
وحيث يستشف من الأحكام الواردة بالمرسوم المذكور والمتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر وخاصة منه أحكام الفصل 79 المذكور نصه أعلاه أنه وقع سن المرسوم لتكريس حرية التعبير ولتمتيع الصحافيين بإطار قانوني جديد يقطع مع كل ما سبقه من تشريعات تخص حرية الصحافة والصحافيين.
وإن قائمة النصوص الواقع إلغاؤها لم تأت على وجه الحصر ضرورة أن النص جاء متضمنا لعبارة عامة : «جميع النصوص المخالفة...» وإن هذا الإلغاء ينسحب تبعا لذلك على أحكام الفصل 91من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية وأيضا على أحكام الفصل 128 من المجلة الجزائية كلما كان الفاعل صحفيا أو ناشرا أو غيرهم ممن يخضع تبعا لمهنته للمرسوم عدد 115 لسنة 2001المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر.
وحيث وطالما ثبت أن المنوب هو صحفي بصدد ممارسته مهنته في إحدى وسائل الاعلام المكتوبة فإنه يخضع تبعا لذلك للأحكام الجزائية المنصوص عليها بالمرسوم عدد 115 لسنة 2011 دونغيره، وأن الركن القانوني لجريمة الحال مختل مما يتجه معه حفظ التهم المنسوبة اليه على معنى أحكام الفصل 91 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية والفصل 128 من المجلة الجزائية المنسوبة اليه لعدم توفر ركنها القانوني.


في ضروب التعسف

المؤكد أن القضية  التي تم ايقاف الناعم   من اجلها ليس لها أهمية و جدوى كبيرتين و كان يمكن أن تحل في بضع ثوان لو أصلح القاضي من آمر وثيقته  و لنا  ان  نسال  كيف  ينقلب  الحاج منصور من شاهد  إلى متهم  وكيف يقرر  القاضي ايقافه  دون  سماعه  او استنطاقه  وهي  سابقة اولى من نوعها  جعلتنا  لا  نفهم  مغزاها  و  لا نفهم  كيف  اندثر القانون المنظم للصحافة  في  لحظة فارقة  . بيد انه  لابد من الاشارة أن الجناب  ضخم الملف و القضية معا  تلازما مع تضخم ذات الأنا  عنده  و لا ندري اي  شعور انتابه  حينها  حتى خلنا اننا ازاء قصة  ملغمة  خفية  ملفقة و كـأن  في الأمر  شيئا مريبا جعل هذا الاخير  يسقط  في  تشخيص القضية و يستغل نفوذه  دون  تعقل


فالمعلوم  أن قرار الإيقاف  في التشريعات القانونية يكون   عادة إذا ما توفرت قرينة مؤكدة أو خشية وقوع جرائم جديدة أو صعوبة تنفيذ العقوبة وهو ما لا يتوفر في قضية الحال بالمرة.. و حتى أن فرضنا  أن القاضي المتعهد بالملف راى و لا نظن  ذلك  من مقالات الحاج منصور  مس بهيبة  الجيش  فانه كان  في أقصى الحالات إحالة الملف و تتبعه وهو في حالة سراح ..







ما وراء الاعتقال

 للأسف و المتأمل في قضية محمد الناعم الحاج منصور وملابساتها بقطع النظر عما  يكتبه الحاج  من مقالات  و تحاليل  يعلم جيّدا أن الضحية في هذه القضية هي حرية التعبير التي يحاول "رجال العسكر" تدجينها وتطويعها حتى لا تخرج عن سطوتهم وسلطتهم و لا نذيع سرا  ان قلنا انه تم إنتقاء الحاج منصور  ككبش فداء للنظام الجديد لأنهم يعلمون أن الكثير سيضحون به وسيرغمون لقرار قاضي المحكمة العسكرية الجائر لأنّ مواقفهم تغلب عليهم الإنطباعية والإنفعال ضدّ شخص صاحب الثورة نيوز  ولن يتناولوا القضية في سياقها العام وما تمثله من دلالات سلبية بشأن ملاحقة الرأي المخالف والزج به في السجون أو في المنافي وأيضا تقديم المؤسسة العسكرية كذات قدسية لا تقبل النقد ولا الشك في مصداقيتها متناسين ان القدسية الاسمى  هنا  هي  قدسية الإنسان – الصحفي  وحريته وكرامته
 و المؤكد  إن إدانة صحفي  و المالك  لصحيفة  غير كل الصحف  أمام محكمة عسكرية أمر غير مقبول بتاتاً في دولة مثل تونس، التي تشهد من خلال ذلك تقويضاً لعملية توطيد الديمقراطية التي تعيشها حالياً. وإذ أصبحت حرية التعبير والإعلام من المكتسبات الأساسية النابعة من الانتفاضة الشعبية ، فإن اللجوء إلى تهمة إهانة الجيش الوطني – وهي التهمة الرئيسية الموجهة ضد الحاج منصور  من قبل المحكمة العسكرية -يمثل أداة قانونية خطرة ومقيدة لهذه الحرية الأساسية


  التجاوز لم  يقتصر على المرسوم  بل  اتى على المواثيق الدولية

لم  يقتصر  قرار ايداع  محمد الناعم  الحاج منصور  من  طرف  القاضي التحقيق  المكتب الثاني  بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس  على تجاوز  المرسوم 115 المنظم  لحرية الاعلام  في تونس فحسب  بل  تجاوز ايضا حتى المواثيق الدولية   التي  نصت  علنا و فصاحة  و بالبند العريض  على ضرورة احترام قواعد المحاكمة العادلة التي تكفلها المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تُعد تونس طرفاً فيه، وعبثت بالمادتين 31 و32  من الدستور التونسي الذي يكرس حرية التعبير والإعلام.
وعلاوة على ذلك، فقد ذكَّرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 34 الصادر في جويلية 2011، بما يوليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من أهمية بالغة بشكل استثنائي لكفالة التعبير غير المقيد في حالات النقاش العام، سواء تعلق بشخصيات عامة في المجال السياسي أو بالمؤسسات العامة، بما فيها المؤسسات الحيوية مثل الجيش أو الإدارة..



فالعلوم أن  القرار الذي  اصدر في حق  صاحب الثورة  نيوز  خارق للقانون  على اعتبار أن  قاضي  التحقيق لا يمكن له  إصدار بطاقة الإيداع بالسجن  إلا بعد استنطاق المضنون فيه  وفي  هذه القضية لم  يتولى  استنطاقه و مع  ذلك اصدر  القرار ...
ليس هنا بصدد إعطاء دروس في فقه القانون... و لكن نحذر من ذلك على اعتبار أن اليوم كان الدور على الحاج منصور و غدا يكون الدور على غيره و تلك الاهانة الكبرى  




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire