vendredi 7 octobre 2016

ذكريات من أرشيف الصّراع النّقدي بين الثورة نيوز و القضاء العسكري (الحلقة1)




في  إطار إيماننا  أن  كل  مؤسسات الدولة خاضعة للنقد ... كانت  الثورة نيوز في  سياق عملها الصحفي النقدي تركز  منظارها  على   القضاء العسكري  الذي ما  انفك  دوره المنوط بعهدته  يجذب  له الأنظار ... و اعتبار أن  قضيتنا  المحورية هي  تلك  ايداع  صاحب   الثورة نيوز السجن  قرار عسكري  ارتأت  الصحيفة أن  تعود الى دفتر الذكريات و تنشر شذرات مما كتبته  في شأن  هذا القضاء  تعميما للفائدة  و في   اطار ذكر فان الذكرى تنفع القراء .

ما الجدوى من قضاء استثنائي يؤسس لمحكمة أمن دولة جديدة ؟

مصالح إقليمية ودولية تحرك خيوط اللعبة عن بعد بواسطة الريموت كنترول وأجهزة مخابرات أجنبية وجيش من الجواسيس والعملاء يتحركون على مسرح الجريمة بكل حرية يلهبون الشارع و قوى سياسية داخلية تؤجج أجواء التظاهرات والاحتجاجات ... وبعدما تزهق أرواح بريئة مدفوع بها لفوهة البنادق والرشاشات و تحرق منشات عمومية وتخرب المباني وتنهب المصارف ويدمر اقتصاد البلاد وينتهي المشهد بسقوط النظام القائم وباعتلاء حكام جدد لا علاقة لهم بالثورة ...بعدها يتنصل الجميع من المسؤولية ويتبرؤون من آثامها كما يتبرأ الذئب من دم أبن يعقوب ويرمى الخطأ جزافا كلا في ملعب الآخر وفي الأخير تونس تدفع الثمن مضاعفا من دماء شهدائها ومن حرية أبنائها... إنها بركات ثورات الربيع العربي المستنسخة عن ثورات أوروبا الملونة او البرتقالية....والتي عشناها بطرفيها المؤلم والمفرح والظالم والعادل ولندخل في آخر فصولها مرحلة أخفقات مريرة ومطبات مقيتة شلت الانتقال الديمقراطى وعطلت المسير إلى الأمام نحو غد أفضل
لا يزال ملف القناصة وقتل المتظاهرين أثناء الثورة الشعبية في تونس يشغل الرأي العام ويثير عدّة تساؤلات حول هويات هؤلاء القناصة وانتماءاتهم وكذلك حول الغموض الذي لا يزال يكتنف هذا الملف ولترفع شعارات "اشكون قتلك يا بابا" و"وينهم القناصة" و المحكمة العسكرية لا تماطل ولا تتباطأ ولا تلعب بدم الشهداء" ولتتحول مقرات المحاكم العسكرية الى الوجهة المحبذة لغالبية المحتجين من أبناء هذا الوطن العزيز على طريقة تعاطي المحاكم العسكرية مع ملف القناصة واعتمادها على الانتقائية في غالبية أعمالها وأحكامها الصادرة والتي اختلف من محكمة إلى أخرى رغم تطابق الوقائع وتشابه الأحداث فمحكمة الكاف برأت علي السرياطي وجاءت بعدها بأسبوع محكمة تونس لتصدر في شانه حكما ب20 سنة سجنا... والاختلاف الوحيد بين القضيتين جغرافي لا غير يخص جهات مختلفة من البلاد....وإذا تأكد فعلا وجود قناصة باعتراف مدير قاعة العمليات المركزية بوزارة الداخلية وبشهادات الشهود وبالتسجيلات الموثقة هذا إضافة إلى تصريحات عديد الخبراء والمختصين .. فلماذا تزج مؤسسة القضاء العسكري بأفراد من الجيش ضباط وضباط صف وجنود في أتون محرقتها لتحولهم من حماة وطن إلى قتلة شهداء ولماذا تعمدت المحاكم العسكرية اختيار أكباش فداء وقرابين من خيرة ضباط الجيش كالت لهم التهم جزافا على الهوية وكيفتها على طريقة "معيز ولو طارو" ...ولماذا اعتمدت المحاكم العسكرية طريقة القفز في تحديد المسؤوليات فتسترت على مسؤولين كبار في الجيش وحصرت التهم في صغار الضباط ... ولماذا تعمدت مؤسسة القضاء العسكري تطبيق بطاقات قضائية صادرة في حق بعض العسكريين وإغفال تنفيذها في حق البقية ...


إدارة القضاء العسكري معفاة من احترام مقتضيات مجلة الإجراءات الجزائية
المؤسسة العسكرية يمكن اعتبارها من المؤسسات القليلة التي لم تهب عليها بعد الثورة رياح الإصلاح إذ بقيت حبيسة منظومة مهترئة وقوانين جائرة موروثة عن النظم الاستبدادي البائد وبعيدة كل البعد عن الشفافية المطلوبة والعدالة المنشودة ... القضاء العسكري جهاز قضائي استثنائي يلفه إلى حد الساعة الغموض وتطوقه الأسئلة من كل جانب ،خصوصا وان غالبية القضايا التي عالجها والأحكام التي اقرها جاءت مجانبة للعدالة المطلوبة ومؤكدة على انحراف خطير ينخر إدارة القضاء العسكري ويطيح بهامتها ليذبح القانون في اليوم عشرات المرات .
انتقاد المؤسسة العسكرية أمر أغفله العديدون رغم الغموض الذي يلف حقيقة دورها أثناء أحداث الثورة وبعدها فكيف للحقوقيين والناشطين السياسيين ان يوجهوا سهام نقدهم إلى الجنرال رشيد عمار الذي رفض الانخراط في مشروع تقتيل أبناء هذا الشعب وقالها "لا" للمخلوع (ان صحت فعلا الرواية) وكيف لمكونات المجتمع المدني ان يصطفوا في الضفة المقابلة لجنرالات الجيش والحال ان هؤلاء يعود لهم كامل الفضل في التعجيل بسقوط النظام البائد بعد إجبار المخلوع على التنحي والفرار....
لكن كيفية تعاطي المحكمة العسكرية مع قضايا الشهداء والقناصة المفترضين وطريقة تعاملها مع مختلف الملفات بمعايير مختلفة وبموازين متناقضة إضافة إلى غموض بعض الأحكام الصادرة عجل بطرحنا لحقيقة غائبة او هي متستر عنها تفضي إلى اتهام القضاء العسكري بالتبعية والانحياز والتلاعب والتعتيم والغموض .. وتجبرنا أمام الكم الهائل من الخروقات المسجلة طيلة سنتين على فتح ملفات القضاء العسكري الذي اختلط حاضره بماضيه الأسود ليخرج لنا في ثوب ابيض ملطخ بدماء الشهداء ومرصع بصرخات المظلومين والمقهورين والأبرياء....
فالقضاء العسكري ورغم صبغته الاستثنائية إلا انه إجرائيا يخضع لنفس النصوص التي تنظم القضاء العدلي وبالأساس مجلة الإجراءات الجزائية فمشمولات قاضي التحقيق واختصاصاته هي نفسها بالنسبة للقضاء العدلي والعسكري ... لكن يبدو وان المؤسسة العسكرية معفاة من احترام مقتضيات مجلة الإجراءات الجزائية بدليل فتح بحث ثم إعادة فتح بحث من جديد ثم سحبه من قاضي تحقيق متعهد وتحويله إلى قاضي تحقيق جديد دون قرار ختم بحث .
من يدير القضاء العسكري في ضل المرض المزمن لمديره العميد مروان بن زينة بوقرة
نتيجة إصابة مدير القضاء العسكري الحالي العميد مروان بن زينة بوقرة بمرض خبيث عفانا وعفاكم الله (مرض أعصاب) عهد أمر القضاء العسكري إلى المساعد الأول للوكيل العام مدير القضاء العسكري العقيد (او العميد) فوزية باهية (سميت في خطة مساعد أول للوكيل العام مدير القضاء العسكري بمقتضى أمـر عــدد 603 لسنة 2010 مؤرخ في 29 مارس 2010 ) وتعتبر اليوم فوزية باهية المرأة الحديدية بمؤسسة القضاء العسكري وأقوى شخصية قضائية متنفذة داخلها تديرها كما تشاء وتحيل من تشاء وتوقف من تشاء وتصدر البطاقات في حق من تشاء وتكيف الجرائم مثلما تشاء وهو ما يفسر حسب اعتقادنا الانحرافات الخطيرة المسجلة بصفة دورية داخل القضاء العسكري الذي تحول إلى قضاء تعليمات أولا وأخيرا ينقلب فيه المتهم إلى ضحية والعكس صحيح وكان القضاء العسكري خرج عن مناط اختصاصه العادي ليؤسس محكمة امن دولة جديدة خلنا أنها ألغيت بسقوط النظام البائد.


ازدواجية الأدوار لقاضي التحقيق المتغول حسني العبروقي

فالتحقيق مرحلة تمهيدية أو تحضيرية للمرحلة التي تليها وهي مرحلة المحاكمة فان الغاية في التحقيق ليست الفصل في الدعوى العمومية وإنما إثبات مدى نسبة صحة الأفعال موضوع ملتمس النيابة العمومية بإجراء تحقيق إلى المتهم من عدمه إذ على قاضي التحقيق ان يبين الوصف القانوني للفعل المنسوب للمتهم كما يبين بدقة الأسباب التي من شأنها أن تدعم وجود أدلة كافية أو عدم وجودها....إذ تكتسي مرحلة التحقيق الإعدادي أهمية خاصة في نظامنا الجزائي لأسباب عديدة كونها المرحلة التي تنطلق منها هذه الحقوق وتتكرس فيها قرينة البراءة أو على الأقل من المفروض ان تتحقق خلالها شروط المحاكمة العادلة ويتجلى فيها التوازن بين حق الدولة في العقاب وحق المتهم في الحرية والدفاع  ....فالتحقيق بمعرفة قاض مستقل ومحايد يبحث عن أدلة إثبات كما يبحث عن أدلة النفي ويحقق لفائدة العدالة والحقيقة لا لمصلحة المتهم او ضد مصلحته ويراعي المساواة بين أطراف الدعوى العمومية كلها شروط أساسية لتحقيق التوازن المنشود...
وقاضي التحقيق العسكري الذي يملك سلطات واسعة ويتصرف في حريات المواطنين ويباشر عمله في ظل مجموعة من القوانين غير السهلة حيث يتعين عليه ان يحسن توظيف مراسه وخبرته فمرجعيته في نهاية الأمر هي صفاته الأخلاقية وضميره المهني وفضائله التي تكسب مهمته عظمتها الحقيقية...ولكننا نفاجأ حينما نكتشف أن أحد المتورطين زمن النظام البائد في اخذ اعترافات تحت التعذيب عهدت له كبرى قضايا التآمر على أمن الدولة وقضايا الشهداء والمقصود هنا ليس إلا قاضي تحقيق المكتب الثالث بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس الرائد او المقدم حسني العبروقي والذي تمت ترقيته بسرعة بعد الثورة وتكليفه بغالبية الملفات الموجهة عن بعد ليتلاعب بها كما يحلو له أو كما طلب منه في رحلة البحث عن عذارة مفقودة يستحيل رتقها من جديد فمن شب على شيء شاب عليه...بدليل ان قاضي التحقيق نفسه هو من استولى على إحدى الملفات كان تعهد بها مكتب التحقيق العسكري الأول ثم الثاني ووقع سماع مجموعة من العسكريين بصفتهم شهودا لتنقلب الحقيقة وتحرف الوقائع ويخرق القانون ليتحول هؤلاء العسكريين من حماة إلى جناة في نظر حسني العبروقي رغم تطبيقهم للأوامر العسكرية في حالة طوارئ درجة 3 أيام 15 و16 و17 جانفي 2011 ورغم حالة النفير (وهي صورة الحرب والتصدي إلى العصيان المدني ) طبق مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية...


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire