vendredi 30 septembre 2016

العبث السياسي والمصير المجهول




في الرابع عشر من جانفي 2011 كانت الأماني عراضا والأحلام واسعة لا 
حدود لها ولا قيود لا سيما في المناطق المهمشة المحرومة وفي الحواري الفقيرة المغلوبة على أمرها .فالذين خرجوا في تلك الأيام إنما كانوا يريدون أن يستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير  وكانوا يأملون أن يقولوا ذاك شر رفع  وهذا خير وضع ..حلموا بديمقراطية تنسيهم مرارة  الديكتاتورية ، وبعدالة لا يشوبها ظلم ، وبتوزيع عادل للثروات لا حيف فيه وبشغل يقطع مع طوابير المعطلين الذين ينتظرون عملا قد يأتي  وقد لا يأتي. وآمنوا بأن عصر الفساد والتهريب والتهرب الجبائي قد ولّى وانتهى  وأصبح نسيا منسيا . ولا ريب أن أبزر شعار قد اختزل هذه الأحلام والأماني جميعا إنما هو شعار" شغل حرية كرامة وطنية " فما الذي تحقق بعد ست سنوات من الثورة ؟

لو كانت الإجابة بأن لا شيء قد تحقق وأن دار لقمان بقيت على حالها لهان الأمر، ولكن دار لقمان سقطت على أهلها وازداد أمرهم سوءا ، وحتى ما يردد من حين لآخر بأن المكسب  الوحيد الذي غنمه التونسيون من ثورتهم هو حرية التعبير،فهو مغالطة ما بعدها مغالطة ويكفى أن نشير في هذا المقام إلى ما تعرضت وتتعرض إليه  صحيفة الثورة من  هرسلة وملاحقات قضائية حتى نقول أن كل أحلامنا قد ذهبت هباء منثورا وأننا نعيش يوما من أيام زمرا ..


وليس في حصاد الهشيم هذا في الحقيقة ما يدعو على العجب فحكامنا الجدد - أدام الله حكامنا -  عابثون وعن مصلحة الوطن منشغلون .فبعد أن كانت مواطن الفساد معلومة محصورة أصبحت اليوم  من الكثرة  والتشظي ما لا نستطيع لها عدا ولا ردا ...ولاعجب في ذلك بعد أن أصبحت كلمة  الموازي صفة لسنوات ما بعد الثورة في كل المجالات ويكفى أن نضرب مثلا في القضاء ، فبعد أن كان القضاء قبل الثورة قضاء مستقلا  لا تتدخل فيه السلطة إلا قليلا أصبح اليوم قضاء بثلاثة رؤوس قضاء" رسمي" عرضة للصادر والوارد وخاصة من قبل الرحمونيين وقضاء سهام بن سدرين التي بعد أن عاثت  في البنوك  الوطنية فسادا تربعت على عرش " هيئة الحقيقة والكرامة" لتواصل رحلة العبث بمقدرات الدولة  وإهدار المال العام وأما ثالث الرؤوس  فهو شوقي طبيب الذي انتصب حاكما بأمره يحارب الفساد والفاسدين متناسيا أنه كبيرهم الذي علمهم الفساد وذاك أمر قد فصّلت فيه الثورة نيوز القول تفصيلا ..


وأمّا عن الوزراء ونواب الشعب الميامين فلا تسل فمن جاء عليه عصر كان أقصى أمانيه أن يكون معتمدا أو عمدة في إحدى الجهات النائية  وجد نفسه مسؤولا كبيرا   نتيجة  خيارات انتخابية خاطئة  استبدلت ديكتاتورية  بدكتاتوريات ومن كان يخشى أن  يحاسب لأنه أفسد في البر والبحر والجو ألفى نفسه وزيرا كما هو  الحال مع مهدي بن غربية,,,ولا عجب والأمر  على هذا النحو أن برزت ظاهرة السياحة الحزبية  أو" ظاهرة النواب الرحل " الذين يرتحلون من دار إلى دار من أجل الدينار ...وأمّا عن أخلاق  السياسيين  فتلك الطامة الكبرى  إذ لا يوجد في قاموسهم السياسي  أن المجالس بالأمانات ويكفي أن واحدا منهم ما أن يستقيل أو يقال حتى يعتلي المنابر الإعلامية يهتك الأسرار ويزيف الأخبار ولعل  في السلوك الأخير لمستشار الرئيس الباجي قائد السبسي ما  يغني عن مزيد ضرب الأمثلة  في هذا السياق .. وباختصار فتونس وخلال سنواتها الست العجاف التي أعقبت الثورة كانت مسرحا للعبث السياسي وكانت خير مثال لقول الشاعر:  بالتّمـادي
يُصـبِحُ اللّصُّ بأوربّـا

مُديراً للنـوادي .
وبأمريكـا
زعيمـاً للعصاباتِ وأوكارِ الفسـادِ .
و بإو طا نـي التي
مِـنْ شرعها قَطْـعُ الأيادي
يُصبِـحُ اللّصُّ
.. رئيساً للبـلادِ !

 وإذا كان الأمر على هذا النحو فتقا قد غلب على الرتق  قلنا إن تونس تحث الخطى نحو مصير مظلم  مجهول ....نسأل الله حسن العاقبة .


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire