lundi 29 août 2016

المسكوت عنه و من وجهة نظر قانونية ... هكذا يساهم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في تخريب المؤسسات




تتذمر المؤسسات التي خضعت لمراقبة من قبل مصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي  من عدم ضمان حقوق الدفاع بخصوص النزاعات المتعلقة بالمساهمة في الضمان الاجتماعي باعتبار أن القانون عدد 30 لسنة 1960 مؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بأنظمة الضمان الاجتماعي، المبني على نظرية الوزير القاضي La théorie du ministre juge التي طبقتها أوروبا في مرحلة البناء اثر الحرب العالمية الثانية، لم يتضمن إجراءات تواجهية تكرس الحوار شبيهة على الأقل بتلك المنصوص عليها بمجلة الحقوق والإجراءات الجبائية بخصوص النزاعات الجبائية باعتبار أن المساهمة تكتسي صبغة جبائية ويتم أخذها بعين الاعتبار عند احتساب الضغط الجبائي مثلما اتفق على ذلك فقهاء المالية العمومية والاقتصاد. فبطاقة الإلزام التي يصدرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تعتبر حكما ابتدائيا نافذا لا يمكن الاعتراض عليها إلا أمام محكمة الاستئناف عملا بالنظرية المشار إليها أعلاه وهذا يتنافى مع مواصفات المحاكمة العادلة ومع أحكام الدستور الجديد التي نصت على ضرورة التقاضي على درجتين. إضافة لذلك لم ينصص القانون المشار إليه  والذي يحتاج إلى مراجعة جذرية بهذا الخصوص على الأعمال القاطعة لآجال التدارك بصفة واضحة وعلى المدة التي يجب أن تمنح للمؤسسة قبل البدء في أعمال المراقبة وعلى التنصيصات الوجوبية على الإعلام بالمراجعة  وذلك حتى تتمكن المؤسسة من الاستعداد لذلك والاستعانة بمستشار اجتماعي في وقت معقول  وعلى مكان وإجراءات المراجعة  وعلى كيفية تسليم الوثائق المحاسبية للمراقبين وعلى ضرورة تبليغ نتائج المراجعة  التي يجب أن تكون معللة حتى تتمكن المؤسسة من الرد عليها ومنح المؤسسة أجلا للرد على تبليغ التعديل عند الاقتضاء (30 يوما مثلما هو الشأن بالنسبة إلى النزاع الجبائي) وعلى كيفية القيام بالتوظيف الإجباري وعلى كيفية إيقاف التنفيذ وعلى درجتين من التقاضي مثلما تم ذلك بالنسبة إلى النزاع الجبائي وعلى كيفية استرجاع المبالغ الزائدة المقبوضة من قبل الصندوق وغير ذلك.


 إن الخطايا المتعلقة بالدفاتر المحاسبية المنصوص عليها بالفصل 97 من القانون المشار إليه أعلاه تعد أكثر من مشطة باعتبار أنها يمكن أن تصل إلى ضعف أرفع معلوم كانت دفعته المؤسسة منذ انخراطها. أما خطايا التأخير فإنها لا زالت مشطة بالنظر إلى الخطايا المعمول بها في المادة الجبائية على الرغم من التخفيض الذي شملها من خلال قانون العفو الذي سن سنة 2007 وتقف حجر عثرة في وجه بعث المؤسسات وهنا نتساءل عن الأسباب الواقفة في وجه توحيد خطايا التأخير المعمول بها في المادتين الجبائية والاجتماعية وكذلك في وجه التخفيض فيها حتى يتم التخفيف على المؤسسات التي هي اليوم مهددة بالموت مثلما تشهد بذلك المصالح الاجتماعية والجبائية.
أما الجريمة الكبرى المرتكبة اليوم في حق المؤسسات والتي ساهمت في تخريب استمرارية المؤسسات وفي ملا جيوب عدول التنفيذ على حساب المؤسسات فتتمثل في تبليغ بطاقات الإلزام بعنوان كل ثلاثية على حدة عوض القيام بالتبليغ مرة واحدة بعنوان فترة المراقبة (3 سنوات) وبواسطة أعوانها وليس بواسطة عدول التنفيذ على غرار ما تقوم به إدارة الجباية. فإدارة الجباية تقوم بتبليغ قرارات التوظيف الإجباري بواسطة أعوانها وبعنوان الفترة التي تمت مراقبتها (4 سنوات). تبعا لذلك، ينكل الصندوق بأصحاب المؤسسات ويخرب قدراتهم التنافسية في الوقت الذي يتفرج فيه أعوانه على مئات ألاف الناشطين في السوق الموازية دون أن يحركوا ساكنا. ناهيك أن القائمين على الصندوق لم يبادروا بمراجعة القانون عدد 30 لسنة 1960 الذي تجاوزه الزمن والذي لم يتضمن آلية جزائية للتصدي للتهرب الاجتماعي ونص على أجال تدارك قصيرة جدا (3 سنوات) يتمكن من خلالها المتهربون من تبييض مخالفاتهم.


كما أن القائمين على الصندوق وفي إطار التكتم على الفساد والإجرام المرتكب في حق المؤسسات، رفضوا التنصيص بوضوح على التصاريح الاجتماعية على المعلوم المافيوزي الذي هم بصدد قبضه لحساب الوزارة الأولى ورئاسة الحكومة من المؤسسات من غير المؤسسات الصناعية المصدرة كليا بما قدره 0،5 بالمائة من الأجور على ضوء الفصلين 57 و58 من قانون المالية لسنة 1975. هذه المساهمة تنهب كل ثلاثية من المؤسسات لتمول صندوقا اسود غير مدرج بالميزانية على شاكلة صناديق المافيا يتصرف فيه الوزير الأول والآن رئيس الحكومة. هذا وقد استعملت موارد ذاك الصندوق في تمويل المنظمات والجمعيات والنقابات المناشدة المقربة والموالية لنظام المخلوع. وقد تواصل العبث بموارد ذاك الصندوق المنهوبة من المؤسسات غصبا عنها وتواصلت الجريمة بعد 14 جانفي 2011 على إرادة الشعب.
هذا وقد ثبت من خلال التقرير المعد أخيرا من قبل دائرة المحاسبات عند مراقبتها لتصرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن موارد صندوق النهب والسلب وتخريب المؤسسات بلغت بعنوان سنة 2012 ما يقارب 42 مليارا وهذا يثبت أن ذاك الصندوق يتضمن الآن مئات المليارات. ورغم أن الدائرة أوصت سنة 2014 بإدراج هذا الصندوق المافيوزي صلب ميزانية الدولة حتى تتمكن من مراقبته إلا أن نواب الأغلبية بمجلس النواب رفضوا المقترح الذي تقدم به احد النواب بهذا الخصوص في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2016. وقد أكدت دائرة المحاسبات أن الوزراء الأول ورؤساء الحكومة اساؤوا التصرف في موارد الصندوق التي استعملت في تمويل النقابات المهنية وبعض المنظمات بطريقة مخالفة لأحكام الفصل 58 من قانون المالية لسنة 1975 الذي نص على آن موارد الصندوق وجب أن تستعمل في تنمية الأنشطة الاقتصادية وليس تمويل النقابات. فالمعلوم المنهوب والمسلوب بطريقة مافيوزية بنسبة 0،5 بالمائة من الأجور يتم تضمينه بطريقة غير قانونية صلب المساهمة الاجتماعية للتغطية على إجرام وفساد الوزارة الأولى ورئاسة الحكومة. ورغم وضع التقرير على ذمة العمومية إلا أن رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لم يتعهد بهذا الملف الذي كان من المفروض إحالته للنيابة العمومية. فالمفروض حذف أحكام الفصلين 57 و58 من قانون المالية لسنة 1975 في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2017 لإيقاف الجريمة المرتكبة في حق صنف من المؤسسات وإحالة الملف على النيابة العمومية لمحاسبة المجرمين الذين ساهموا في تخريب القدرة التنافسية للمؤسسات.


كما أن المؤسسة تبقى في حاجة ملحة لمستشارين ومدققين اجتماعيين في هذا المجال حتى لا يبقى مرتعا للسماسرة ومنتحلي الصفة من المتقاعدين وبعض ممتهني المحاسبة (على الرغم من أنهم ممنوعون من تمثيل أي شخص أمام المؤسسات العمومية) وغيرهم من السماسرة والمتحيلين مثلما هو الشأن الآن  وهو ما من شأنه أن يوفر فرص عمل للراغبين في الانتصاب لحسابهم الخاص من حاملي الشهادات العليا في مجال التشريع الاجتماعي خاصة من خريجي معهد الشغل.
أما النصوص التشريعية والترتيبية المتعلقة بأنظمة التغطية الاجتماعية والمذكرات العامة فلم يعمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على تحيينها ونشرها ووضعها على ذمة العموم بالتعاون مع المطبعة الرسمية او من خلال موقعها الالكتروني. كما أن الفقه الإداري المتعلق بتلك النصوص لم يعمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على نشره و وضعه على ذمة العموم في شكل مذكرات عامة مثلما تفعل ذلك جزئيا إدارة الجباية على سبيل المثال.
 لقد بات من الضروري أكثر من أي وقت مضى إيجاد إجراءات مراقبة ومراجعة عادلة ومتوازنة توفر الحد الأدنى من الضمانات التي يجب أن تتمتع بها المؤسسة سواء في المرحلة الإدارية أو المرحلة القضائية خاصة بعد صدور الدستور الجديد.  كما بات من الضروري إدخال تحويرات جذرية على الأمر عدد 1098 لسنة 2003 مؤرخ في 19 ماي 2003 المتعلق بالامتيازات المستثناة من قاعدة المساهمة بعنوان الضمان الاجتماعي وذلك بالترفيع في النسبة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من الفصل 3 من الأمر المذكور من 5 %  إلى 10   % باعتبار أنه يشكل عبء ثقيلا على المؤسسة ولا يشجعها على منح امتيازات عينية لأجرائها. كما بات من الضروري مراجعة القانون عدد 8 لسنة 1987 المتعلق بعمل المتقاعدين الذي مكنت الثغرات التي تضمنها المتقاعدين من مواصلة العمل كأجراء داخل المؤسسات بعد الحصول على باتيندة بصفة صورية كباعثين والقيام بحملة مراقبة في هذا الشأن وعندها سنوفر مئات آلاف مواطن شغل لحاملي الشهادات العليا من العاطلين عن العمل باعتبار أن عدد المتقاعدين الذين يعملون اليوم يتجاوز 300 ألف فرد. كما أن إعادة قراءة التشريع الاجتماعي على ضوء التحولات التي عرفتها المؤسسة يبقى ضرورة ملحة لدعم قدراتها التنافسية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire