vendredi 27 mai 2016

عدالة ناجزة لا عدالة عاجزة




يبدو أنّ المرفق القضائي في تونس على أيامنا هذه محتاج كأشد ما تكون الحاجة إلى أن يسير على هدي مقولة ابن خلدون في مقدّمته " الظلم مؤذن بخراب العمران... والعدل أساس العمران "..فمنذ ثورة البرويطة عمّت المظالم وتفشت الجرائم ولم تجد قضاء عادلا ينصف المظلومين ويردّ كيد الظالمين ولم تجد في الغالب قضاة مستقلين يحكمون بالعدل والقسطساس  نتيجة ضغوط سياسية ونقابية وإن كان الإنصاف يدعونا إلى القول إن كفاءات عديدة قد تقلدت مناصب مهمة في وزارة العدل ومن بينها الوزير الحالي عمر منصور ... فتحت عناوين خاطئة كاذبة غدت عدالتنا عاجزة بعد أن ظننا أنها ستكون ناجزة . وباسم شعار " استقلالية القضاء" جرد وزير العدل من أبسط صلاحياته حتى أصبحنا نتساءل من يحكم من ؟ ومن يحكم ماذا ؟ ..فهل وصل بنا الحدّ أن نجد وزيرا بلا حقيبة؟؟ وهل استبدلنا " دكتاتورية قضائية " بأخرى أشد وطأة وأكثر بطشا فكان حالنا كحال من استجار من الرمضاء بالنار.


نطرح هذه الأسئلة وغيرها ونحن نقارن بين وضعية وزير العدل في تونس ووزراء العدل بأكبر الديمقراطيات. فعندهم نجد الوزير يسهر على المرفق العدلي وينفذ السياسة الجزائية للدولة وعندنا يقف الوزير - حتى وإن كان من أهل الدار  عادلا منصفا – مجردا من صلاحياته فلا القضاة الذين يصدرون الأحكام يهتدون برأيه ولا النيابة العمومية تخضع لسلطته بل إن الحل والعقد والنقض والإبرام بيد الهيئة الوقتية للقضاء العدلي التي أصبحت سلطة لا سلطة تعلوها فهي  من تتحكم في الحركة القضائية تحكما مطلقا وهي من تقرر النقل والترقيات وكل ما يتصل بالشأن القضائي ولم تترك لوزير العدل سوى الانشغال بقضايا السجون؟؟؟..بل أصبح الوزير ساع بين مواطن ينتظر عدلا قد يأتي وقد لا يأتي وهيئة وقتية أحكامها لا تردّ وطلباتها لا يأتيها الباطل من خلفها أو أمامها يحدث كل هذا في عصر وزير مشهود له بالكفاءة والنزاهة – لثاني مرة في تاريخ القضاء يتم تعيين وزير عدل من سلك القضاة -  وفي عصر يعرف فيه القاصي والداني أن بعض أعضاء الهيئة الوقتية للقضاء العدلي منتمون سياسيا إلى حد النخاع  وإن أوهموا بالاستقلالية .


 ولعل أغرب ما يأتونه لذر الرّماد على العيون هو التّشهير بالقضاة الذين يتم عزلهم لا سيما من كان يختلف معهم في اللون السياسي.
إن المرفق العدلي في تونس يمرّ بوضع دقيق جدا وهو على شفا حفرة من الانهيار ما لم يتم تدارك الأمر من أجل قضاء مستقل فعلا لا ادعاء ولا بدّ أن يكون لوزير العدل الصلاحيات التامة التي تخوّل له العدل بين الأطراف المتدخلة في المرفق القضائي حتى لا يجور طرف على طرف وحتى لا يظلم صاحب حق ولا يستأسد أباطرة الظلم والفساد ولن يتأتى ذلك ما لم تكن النيابة العمومية مستقلة  تابعة لوزير العدل . وإذا ما ظل  المرفق القضائي هجينا تتصارع عليه لوبيات المال ومطامع السياسيين وأهواء النقابين فنسأل الله حسن العاقبة وآخر قولنا : يا معشر القضاة يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح فسد؟
      


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire