vendredi 25 mars 2016

أمّالمعارك: بن قردان مصيدة للفئران




سيذكر التّاريخ وهو يسجّل تداعيات ما يسمى "بالرّبيع العربي " أن معركة  عظيمة دارت رحاها في الجنوب التونسي وتحديدا في منطقة بن قردان الحدودية  ربيع سنة  2016 بين جرذان الدواعش الذين خرجوا من جحورهم ذات فجر يمنون أنفسهم برفع راية سوداء كقلوبهم المريضة، وأبطال تونس البررة  الذين لم يمكثوا وقتا طويلا حتى تركوا الزواحف كعصف مأكول وكجذوع نخل خاوية . وسيذكر التاريخ أيضا أن أهالي هذه المنطقة أبطال أشاوس شعارهم "بلادي قبل أولادي" ومن ثمة علموا الدواعش الذين حاولوا الكيد لتونس دروسا عديدة محورها مثلهم الشّعبي المشهور "يا حافر حفرة السوء ما تحفر كان قياسك تدور تدور و تجي في راسك "...وإذا كان من حقنا أن نطيل ونسهب في الإشادة بهذه المعركة والتباهي بحماة الوطن، لأن ملحمة بن قردان  فيما نرى هي أم المعارك ، فإنه من المهم أيضا أن نتوقف عند بعض الظواهر بغية استخلاص الدروس واستشراف المستقبل حتى يتجنب وطننا العزيز كل المكارة لا قد الله . ولما كان المقام لا يسمح بالتوسع في الأسباب التي غذت الفكر التكفيري في بلدنا فإننا سنكتفي بالنظر في مسألتين بارزتين تتعلق الأولى بمسؤولية الترويكا عن الذي حصل ويحصل في بلادنا من قتل وترويع ورفع السلاح في وجه الدولة وتتصل الثانية  بعلاقة الفكر الإخواني بالفكر الداعشي .




مما لا شكّ فيه أن تونس قد عرفت في حكم الترويكا تدميرا منهجيا للدولة ومقدراتها ومكتسباتها في كل المجالات وخاصة في المجال الأمني وخاصة  بعد انتخابات أولى ( أكتوبر 2011) خاطئة كاذبة جاءت بالنّطيحة والمترديّة وما أكل السّبع فمكنت للسّلفية وللمتشددين دينيا   . ثم جاءت  انتخابات ثانية ( 2014) لعب التزوير فيها دوره  وأفرزت  كتلتين متناقضتين فكرا وعملا سياسيا لكنهما التقيتا في النهاية بعد خيانة النداء ، وكانت خسارة الشعب الذي ظن أنهم فرّ من حكم الإخوان فإذا به مع حكمهم من جديد .




وكانت النّتيجة طغيان ظاهرة الإدارات الموازية خصوصا في المجالات الحساسة (حكومة موازية - امن مواز – قضاء مواز – بنك مركزي مواز - ...) وهو ما أدّى بصورة أو بأخرى إلى استباحة الوطن برا وبحرا وجوا وظل الإخوان يتحكمون في مفاصل الدولة ، وظل المال الفساد يأتي من حيث ندري ولا ندري . كما ظل الإفلات من العقاب، وغياب التّشريع الصارم مع العصابات الإرهابية من السمات البارزة في حكم زواج المتعة بين النهضة والنداء.


وإذا كانت المسألة الأولى عامة متعلّقة بنظام حكم فاسد  التقت فيه المتناقضات فإنّ المسألة الثانية مرتبطة بالأولى منشقة  ونقصد بذلك الفكر الإخواني لأنه هو المسؤول بصورة أو بأخرى عن ظاهرة الدواعش والفكر الاستئصالي التكفيري. ألم تكن مقرات النهضة وقصر قرطاج زمن الترويكا ملاذا آمنا  لرموز السلفية  المتشددة كأبي عياض  ولشيوخ بول البعير الذين جاؤوا من كل حدب وصوب لنفث سمومهم الفتاكة وفتاويهم المدمرة ؟ واليوم وقد انقلب السحر على الساحر نرى أنهم في كل واد يهيمون منددين بالدواعش ؟ بئس من يلبس لكل حال لبوسها ويقول لسانه ما لا في قلبه . 







ومهما يكن من أمر الظواهر التي مكنت للدواعش في بلدنا الآمن ، ومهما يكن من تخاذل صناع القرار السياسي في بلدي، ومهما يكن من تآمر الإخوان على وطني ،  فإننا واثقون بأنّ شعب تونس سيدحر كلّ معتد أثيم وسيفعل به ما فعل أبناء بن قردان بجرذان الدواعش .






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire