vendredi 18 mars 2016

المصالحة الوطنيّة هي خيارنا الاستراتيجي الوحيد




لا ريب في أنّ الظرف الدّقيق الذي تعيشه تونس اليوم يتطلّب أول ما يتطلّب مصالحة وطنية شاملة تُصلح ما يجب إصلاحه وتُنقذ ما يجب إنقاذه. ولا بدّ في الحقيقة من إجراءات فوريّة  ناجعة للحسم في ملفّ المصالحة الوطنيّة  نهائيا  والنّأي به عن المزايدات الثورجية ، وذلك لمواجهة التحديّات الرّاهنة  ولا سيما الأمنية منها وتجاوز الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أصبحت تهدد البلاد تهديدا حقيقيا . وليس  في هذه الدعوة  الملحة تهويلا  أو مبالغة ، إذ لا يختلف اثنان في أنّ الفتق في بلادنا قد غلب على الرتق بسبب السّياسة الاقتصادية  الخرقاء التي سلكتها الترويكا  فأدت إلى نتائج كارثية  أفضت فيما أفضت إلى إدخال البلاد في دوامة المديونيَة . ثم جاءت حكومة التكنوقراط برئاسة مهدي جمعة  فزادت الطين بلة .
إن إطلالة سريعة على حصاد السنوات الخمس التي أعقبت الثورة تكشف بالدليل والبرهان  أن تونس لم تجن من ثورتها شيئا ،باستثناء حرية التعبير وإن كانت محاولات وأد هذه المكسب مستمرة . ولا نعني بقولنا هذا حنينا إلى النظام السابق أو  رفضا للثورة التي ولدت من رحم المناطق المهمشة أو الحواري الفقيرة . بل نحن نشخّص واقعا انشغل فيه صناع القرار  في بلدي  عن القضايا التي من أجلها كانت الثورة واهتموا بقضايا هامشية كان من نتائجها أن تراجعت فيها  جميع مكتسبات الدولة التونسية ومقدراتها  وأصجت في درجات أسوأ بكثير من سنة 2010 رغم أن هذه السنة تعد الأسوأ في عهد بن علي ، فنحن قد تأخرنا أشواطا ونسأل الله حسن العاقبة . فاقتصادنا منهك بل هو في حالة موت سريري بعد اناصيب الانتاج بالشلل أما عن قطاع السياحة فلا تسل  فهو يعاني بدوره سكرات الموت و ما يقال عن السياحة  يقال عن التجارة حيث لم يبق شيء من الايرادات إلا ما يبقى من طعام على مآدب اللئام ... وجل المؤسسات الخاصة والعامة تتجه نحو مدرج الافلاس ودولتنا تشرف على الانهيار  ..
 والغريب أنه مع كل حكومة  ومع كل البرامج التي  تدعي إصلاح أمر البلاد والعباد يتم تغييب كلمة المصالحة قصدا كما تصدر  جميع انواع العفو ما عدا قانون المصالحة وهو ما يؤكد رغبة واضحة  في  غلق أي سبيل من سبل  التنمية .  ، ولا أدل على ذلك من تسمية هيئة بن سدرين "بهيئة الحقيقة والكرامة " التي أغفلت فيها كلمة المصالحة وشتان بين أمم أصبحت اليوم مضرب الأمثال في التقدم والتطور كجنوب إفريقيا التي صالحت بين شعبها بـــــ" لجنة الحقيقة والمصالحة" وكالمغرب التي سمت هيئتها بــــــ" هيئة الإنصاف والمصالحة' .


 لسنا ندري في الحقيقة بأي المعايير تدار الأمور في بلدي ..ففي الوقت الذي نقول فيه لمن نفذ التفجيرات البشعة  ولمن اعتدى بماء الفرق على الأبرياء  ولمن تورط في "تشليط حرائر" تونس  دون ذنب ولمن خطط للانقلابات ( جماعة براكة الساحل، جماعة سليمان ..) ولمن اعتدى على قواتنا المسلحة ولمن اغتال حماة الوطن "اذهبوا فأنتم الطلقاء ". بل نكرم وفادتهم ونثقل جيبوهم بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة  فيعودون من جديد إلى جرائم أفظع وأنكى  ..نجد صناع القرار يرفضون طي صفحة "الأزلام "  رغم أن فسادهم لا يرتقي مثقال ذرّة إلى جرائم من كادوا للدولة وأهلها بالسلاح . وصفوة القول إن المصالحة الوطنية في تونس – ومثلما علمتنا التجارب -  هي الأساس الذي به نستطيع حل جميع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بل إنها خيارنا الاستراتيجي الوحيد لطي صفحة  الماضي والانطلاق في عملية البناء والاصلاح التي طال انتظارها . فهل نحن فاعلون ؟؟



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire