samedi 7 novembre 2015

"حَشَّاشٌ" في الدّولة




   تنقل الأخبار  في تاريخ تونس أنه في عهد أحمد باشا باي أصبح محمود بن عياد من أقرب المقربين إليه، وعندما أنشأ الباي دار المال سنة 1847، وكّل عليها محمود بن عياد، وأصبح يتولى منصب قابض مال الدولة التونسية إلى تاريخ فراره من تونس في جوان 1852. وقد تمكّن خلال ذلك من الحصول على الكثير من اللزمات حتى بلغ عددها حوالي السّبعين لزمة دفعة واحدة  ، وأصبح هو مزود العسكر ومكلف بجمع ضريبة العشر من الحبوب، وتمكّن تدريجيا من السيطرة على اقتصاد البلاد، جامعا ثروة طائلة قدرت بحوالي خمسين إلى ستين مليون ريال.
   في عام 1850 طلب محمود بن عياد الحصول على الجنسية الفرنسية وفي جوان 1852 هرب إلى فرنسا بعد أن سرّب ما جمعه من ثروة تُقدّر بستين مليون فرنك، أي ما يقابل أربعة أضعاف مداخيل الإيالة آنذاك  وقد وجد حماية من الحكومة الفرنسية، في حين وجهت إليه دولة البايات تهمة اختلاس أموالها وأرسلت إلى فرنسا خير الدين التونسي لرفع قضية ضده أما القضاء الفرنسي [5]. وقد تحول بعد ذلك إلى العاصمة العثمانية استانبول. والحقيقة أن محمود بن عياد ليس الوحيد الذي يختلس أموال دولة البايات، فقد سار على نهجه خلفه في وزارة المالية نسيم شمامة، كما وجهت نفس التهمة إلى حاميهما مصطفى خزندار.



  وتاريخيا عُرف الحشاشون بشدة الفتك والمسارعة إلى الغدر والقتل في مواجهة خصومهم ... وكانوا من سَكَنة الجبال الوعرة والمفاوز المظلمة والوهاد الخطرة... اتّخذوا من اللّصوصية، والسرقة، وقطع الطرق، والنّهب، والغُنْم، سبيلا لجمع الأموال...
  والحال قياسا في بلدنا تونس، ظهر فيها أحد عُتاة الحشاشين، والبلد كما تعلمون مأزومة، حزب حاكم يتفتت فينهار، وطبقة سياسية انتهازية حتى النخاع.... واقتصاد يحتضر، ومشاريع معطلة، ورؤوس أموال كضباع نهاشة، وداعش تتربص بالوطن شرّا، والقادم داحسٌ مظلم ...
  وقد بلغنا في ما بلغنا أن وزيرا من وزراء العهد السعيد، قد جمع حوله نفرا قليلا ... فصنع له حُزَيْبًا صغيرا، أسْمَاه "آفاق" متطلعا به إلى أفق رحب من الأموال المنهوبة والثروة الحرام... فراوغ، وصانع الدهر، وتملّق، وتزلّف، وكذب كذبا ما رأى العامة أُحْدُوثة قبله ... حتى ظفر بوزارة التنمية، ظفر الضَّبُع الجائع.
   وكان صاحبنا الوزير في ما مضى، مَدّاحا، نمَّاما، صَفيقا، مُداهنا.... عاش دهره في بلاد الإفرنج قاطعا كل صلة له باهله... وَتَخِذَ له خُلقا مُشينا... فلا يقع على أرنب إلا سلخها، ولا يصيب جيفةً إلا نَجَرها... وتراه لاهثا مترصّدا أموال اليتامى يقوم عليها حتى يفنيها... مثلما تجده راكضا إلى عجوز مات بعلها، فلا يَفْتَأُ يُراودها حتى يسلبها حُليَّها وما ادخرته لنوائب دهرها.
 وها هو اليوم، وقد لبس لبُوس الساسة وتعطّر وتزيّن بالقزّ والخزّ، وجميل الملبس الأوربي، وخنق رقبته بفراشة أوروبية محتالة، وأمسك في يده "أيْبَادا" ذكيا حديثا، يخاطب به القوم في رسائل مدهشة، تسير سير البرق.
وقد وقع حشاشنا في وزارة التنمية، جالبة الأموال يَسْتقرض للشعب، ويَسْتلف له الأموال المسمومة... وينصب فخاخ النصب والاحتيال في مشاريع زائفة، وراح يهدم ما بناه الرجال قبله في أوطانهم... ففعل فيها أفاعيل الحشاشين .... نهبا وسلبا ونصبا...


  وزارة التنمية والاستثمار الخارجي.... هذه الوزارة التي تجلب الأموال والاستثمارات وتخطط للاقتصاد... شغلها سابقا عتاة الاقتصاد في تونس السيد محمد الغنوشي والسيد نوري الجويني... ومن يعرف كفاءة الرجلين حريّ به أن يشهد في الحق ثم ورثها من بعدهما خَلْق أضاعوا الامانة...
  الآن،تصدعت الوزارة بعد الثورة، وهو حال كل الوزارات، إلا أنها لم تبلغ أبدا مثل هذه الفوضى والبؤس... لقد تحولت من وزارة تخدم الصالح العام إلى وزارة تخدم عصابة من الحشاشين واللصوص احترفوا النهب المُقنّن...
  وهذا الحشاش الأكبر المدعو "ياسين إبراهيم" تفتقت موهبته على فكرة التخطيط لاقتصاد تونس بالوكالة، فأسند مشروع المخطط 2015 و 2020 إلى بنك "لازارد" الفرنسي وهو بنك خاص غير أنه مخلص أشد الإخلاص لمصلحة تونس ويريد لها أن ترتقي في كل القطاعات... حتى إن البعض قد زعم انه رأى أصحاب البنك الفرنسي يبكون دمعا لأجل تونس، دمعا حارقا حتى العمى .
  كيف نفهم أن وزيرا قد سلم أسرار الدولة الاقتصادية إلى بنك أجنبي غايته أن يحقق الربح الأوفر؟  أين كفاءاتنا العليا في الوزارات ؟ ألا يرقى ذلك إلى جرم المسّ من الأمن القومي للدولة التونسية؟  هل الوزير الأول على علم بهذه الاتفاقية؟
  قد أتتنا أصداء الكتب عن أخبار الحشاشين من أتباع ياسين إبراهيم ، فنعمان الفهري قد تصدر الاجتماعات يقنع الناس بمشروع تونس الذكية أو تونس الرقمية لقاء مليارات تنفق من المال العام، والشعب فقير جائع...
  ولعل عصابة الحشاشين تريد اغتيال الوطن، بنهبه وحلب ضَرْعه، إن تَبقَّى فيه ضَرْع يُحلبأو زرع يُنهب.. والحشاش الأكبر يُذكرنا بتاريخ تونس القريب بوزراء بعض البايات الذين سرقوا الخزينة العامة ثم لجؤواإلى فرنسا وأشهرهم "محمود بن عياد" و"مصطفى خزندار".
   قد مات بورقيبة فقيرا يحرس أموال تونس مدافعا عن الاستقلال والسيادة...  ويولد من بعده لصوص يسرقون الخزينة ويقاتلون قتال الحشاشين من أجل استعادة الاستعمار.






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire