mardi 27 octobre 2015

ويتواصل مسلسل انهيار الثقافة في تونس (الحلقة الأولى ) : أيام قرطاج المسخريّة مثالا




تنطبق مقولة "كان صرحا فهوى" شكلا ومضمونا على الدورة الحالية من مهرجانأيام قرطاج المسرحية"، التي تحولت إلى مسخرة بأتم معنى الكلمة لأنها حادت الى حد كبير من أهدافها الكبرى التي بعثت من أجل تحقيقها . وقبل الحديث عن سقطاتها المتعددة التي لم تسئ إلى تاريخها فحسب بل تجاوزته لتسيءإلى الساحة المسرحية والمسرح والمبدعين والمثقفينوالإعلاميين في تونس.
وتفرض الموضوعية الإشارةإلى الجوانب المضيئة والايجابية فيها، وتمكن أساسا في خروجها من دائرة المركزية الضيقة لتنفتح على اللامركزية المنفتحة شاملة بأنشطتها وبرنامجها بعض جهات الجمهورية مشركة كل مراكز الفنون الدرامية التي اصبحت مثل هلال شهر رمضان الكريم لا تسهم في الفعل الفني والثقافي إلا خلال المهرجان.كما يحسب لهذه الدورة انفتاحها الجيد على التلاميذ والطلبة بفضل المساهمة وزارتا التربية والتعليم العالي - التي لا تزال محتشمة- ولكن انخراطهما الضعيف في المهرجان يمكن اعتباره بمثابة الشمعة التي قد يساعد نورها على إضاءة العقول والقلوبمستقبلا.وكل الأملأن تعمل الوزارتان على تكثيف هذا التوجه والتفاعل معه وتشجيعه ودعمه لتحقيق الاستفادة البناءة منه حتى تعود الروح لجدران مؤسساتهما المتكلسة منذأكثر من عقدين مخلفة بروز عدة ظواهر مرضية خطيرة أبرزها تنامي الانحراف و العنف المدرسي والجامعي وتراجع المستوى التعليمي. وقد كان لها انعكاساتها السلبية على المجالات التربوية والاجتماعية والثقافية والإنسانيةوغيرها.وقد دفعت المجموعة الوطنية وعلى رأسها الشعب التونسي ثمنا غاليا لهذه السياسات الممنهجةلإفراغ المؤسسات التربوية من بعدها التثقيفي والترفيهي.
هذا أبرز ما يسجل لفائدة هذه الدورة التي عجزت كسباقاتها عن تطوير نفسها واثبات حضورها كتظاهرة لها رمزيتها وقيمتها. لأن مجرد العودة إلى بداياتها في بداية الثمانينات يكشف مدى إسهامها في اثراء الحركة المسرحية بكل روافدها ومنحها إشعاعا عربيا وإفريقيا وعالميا، بما أنها عملت على التعريف بكل أشكال المسرح والفاعلين فيه محاولة، قدر الإمكان تفادي الإقصاء التي كانت دوافعه سياسية بالأساس لتصبح اليوم شخصية و انطباعية و اخوانية. وبفضل هذا المهرجان الذي رغم أنه جاء متأخرا بعقدين عنأيام قرطاج السينمائية إلا انه تمكن سريعا على يد مؤسسه المسرحي القدير المنصف السويسي -الذي أقصي هذه السنة لأسباب نطالب بالكشف عنها- من منافستها في إشعاعها ونجح فيفرض المسرح التونسي محليا ومنحهالتألق خارجيا ليصبح احد أهم الانتاجات الإبداعية وليفوز بعشرات الجوائز القيمة اينما حل شرقا وغربا وشمالا وجنوبا .
هذه الاشارات المختصرة جدا كان لا بد من ذكرها قبل تفكيك مكونات الدورة الحالية التي كانت بائسة بكل المقاييس في العديد من الخطوط الكبرى المكونة لها وأولها المعلقة الاشهارية التي ظهرت على درجة من الضعف لا نجد لها أيّ تبرير .وهي معلقة  قد تكون خاصة بندوة حول الآثار أو معرضاللخزف آماأن تعبرّ عن حدث إبداعي بهذه القيمة فهذا من المستحيلات الكبرى.
ولنا أن نسأل مدير المهرجان الذي كان أكثر حظا من غيره، بما أنه عين قبل أكثر من سنة وهو ما لم يحظ به إلا قلة قليلة، لماذا لم يعلن عن مسابقة تفتح أمام كل الفنانين التشكيليين والمصممين والمعنيين كان يمكن ان تنقذه من كارثة هذه المعلقة السخيفة والضعيفة والفقيرة إبداعيا وفنيا ورمزيا. هذا ما أجمع عليه كل من التونسيين والضيوف كما نسـأل  المدير الأسعدالجموسي عن كواليس ومعايير اختياره لهذه المعلقة التافهة جدا.
ولا بد من التنديد بسلوكه غير الحضاري والثقافي مع كل من خالفوه الرأي وانتقدوه في حضوره أو في غيابه وعلى سبيل الذكر تستغرب تجاوزاته العنيفة ضد إحدى أكبر سيدات المسرح التونسي المبدعة القديرة رجاء بن عمار وتطاوله عليها في برنامج " كلام الناس" الذي تثبته قناة "الحوار التونسي" ومحاولة سفسفطها هي والحاضرين و المشاهدين بطريقة ركيكة وسمجة تعكس مستواه الحقيقي كما تعكس نزعة الاقصاء التي تسكنه والتي مارسها بالطول والعرض في اعداد البرنامج الذي يبدو أنه كان قد قام به لوحده دون الاستعانةبهيأةأو لجان وهنا يمكن اصل الداء الذي أصاب الأيام لتنتقل عدواهإلى كل المجال المسرحي بتونس. لأن المستوى الذي ظهر به الجموسي في وسائل الاعلام يدل على محدوديته الثقافية وارتكابه المهني المبالغ فيه وخفته الفكرية التي فضحتها اضطراباته وتناقضه وعداؤه لكل ما يخالفه ومن ينتقده وعدم امتلاكه أية تجربة و خبرة إدارية، وهذه الدلالات عند اجتماعها تفرز مثل الإفرازات التي افرزها الأسعد الذي أحزن المسرحيين والمتمثلة في البرنامج النهائي الرديء جدا والخالي من كل رؤية أو مشروع لأنه عجز عن الاستفادة من التجاربالسابقة ،بلنراه يفخر بمحاولته القضاء عليها.
 وصار كل همه أن يتحول إلى رمز للجهوية كما عبر عن ذك بنفسه في حوارلإحدى الصحف المكتوبة باللغة الفرنسية واعتبار تعيينه على رأس المهرجان تكريما لجهة صفاقس حدا يخول له أن يصنف نفسه كأهم مثقف في هذه الجهة وطبعا هو لم يقل هذا الكلام مباشرة بل لمح إليه وقاله في لاوعيه. وتحليلنا لشخصية لسعد الذي أتعس الآخرين ولم يسعد إلا نفسه يبرهن على مستوى تضخم الأنا عنده الذي منعه من اتخاذ القرارات الصائبة ومحاولة الاستفادة من الفرصة الذهبية التي منحت له لتطوير الأيام على كل المستويات. لكن هذا كان على الورق فقط ،لأننا لمّا نعلم أنه معين من طرفأفشل وأسوأ وزير ثقافة عرفته تونس نفهم أسباب فشله الذريع في هذه الدورة انطلاقا من ان الفشل لن يؤدي إلاإلى الفشل. والوزيرة الحالية لطيفة الأخضر  تتحمّل مسؤوليتها كاملة في هذا الفشل لأنها استخفت بقيمة الأيام التي كانت مشابهة في رداءتها وضعفها لكل التظاهرات الثقافية التي اشرفت عليها ومنها مهرجان قرطاج الدولي ومعرض تونس الدولي للكتاب وللمقال بقية في الأسبوع المقبل يكون احد محاوره الحبيب بلهادي الذي صنع الحدث في افتتاح المهرجان بنقده الشجاع و الموضوعي لرئيس بلدية تونس الذي لا يفرق بين القمامة والثقافة وارتكب جرائم شنيعة تجاهها بكل جزئياتها ؟؟؟.







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire