mercredi 21 octobre 2015

خاص: القنصلية التّونسية السابقة بمدينة ليل الفرنسية : اضمحلت القنصلية ... و بقي الفساد مشوّها لصورة البلاد؟




المعلوم أن فن الدبلوماسية الرفيع هو كيف تستطيع أن تجعل الكذب يبدو كالصدق.. وكيف تقول ما لا تعني.. وكيف تخفي ما تريد .. وكيف تحب ما تكره .. وكيف تكره ما تحب .  و الديبلوماسية  هي  نظام للتواصل السياسي الخارجي بين الدول وهي  نسق من الممارسة والسلوك يستهدف تنظيم المصالح المشتركة بينها، سواء أكانت اقتصادية أو ثقافية أو علمية، بل أصبحت تشكل ضرورة لكل دارس للعلاقات الدولية والسياسة الخارجية لا سيما مع ظاهرتي العولمة وسيادة النظام أحادي القطبية ، وهي شكل من أشكال تحقيق مصالح كافة الأطراف بعيداً عن الحروب والاستغلال من أجل عالم أكثر أمناً  .... و المعلوم ان القنصليات  والسفارات  امتلأت بالمستكرشين سواء  من الدبلوماسيين  او الموظفين  أو  الملحقين  حتى صار العمل  الدبلوماسي  و العمل  على تلميع  صورة البلاد  و المساهمة في الاهتمام بالجالية و استقطاب المستثمرين  و السياح  من  آخر اهتماماتنا ...
 الثورة نيوز  ارتأت في سياق  الحديث  عن  القنصليات  والسفارات  العودة أدراجا  إلى الوراء  لتكشف اللثام  عن  نوع  من التلاعب الحاصل  في  إحدى القنصليات التونسية  بفرنسا...

قنصلية "ليل"...الفضاء الملغوم

تضم   مدينة ليل الفرنسية 17 قنصلية منها قنصليات   الدول الشقيقة لتونس ونعني بهما المغرب و الجزائر... و لئن  ظلت  بقية القنصليات إلا  ان القنصلية التونسية اضمحلت  و أو صدت أبوابها   رغم  كون  الجالية التونسية بمدينة ليل  والمناطق  المجاورة لها Pas-de-Calais يصل  عددها  إلى ما يفوق  50الف  ساكن ... قلنا  وقع غلقها في  وقت  ظلّت  بعض  القنصليات تشتغل  رغم  كون عدد الجالية التونسية بها  لا  تفوق ألف ساكن ...
اشرف على  تيسير القنصلية التونسية بليل  منذ  انبعاثها في الستينات عبد العزيز علالة الذي شغل رتبة مكلف بالأعمال  و استمرت القنصلية في  العهد البورقيبي  إلى ان  تم  إغلاقها   قبيل  سنة 87  لفساد مالي  حيث  كان  المدعو نور الدين قياش ابن  شقيقة الهادي مبروك و الذي  اشتغل  حكم كرة القدم هو السبب في إغلاقها ...
 وبصعود  بن علي إلى دكة الحكم  وفي  إطار إعادة ترتيب  البيت الدبلوماسي  التونسي تمت إعادة فتحها  من جديد  و تحديدا سنة 92 و تم تعيين  إطار امني  أتوا به  من  تعاونية الأمن   قنصلا   في ليل .. و لم تمر على إعادة فتحها سنة و شهرين  حتى تم  إغلاقها  من جديد  بعد ان  تم  فتح  قنصلية  في تولوز و لكن أسباب  الغلق  كانت حينها مجهولة  وأثارت استغراب الجالية التونسية بليل و المناطق  المجاورة لها التي  استفاقت و لم تجد  العلم  التونسي  يرفرف فوق البناية ... و بمرور الزمن تبين  ان  عملية الإغلاق كانت لوجود  فساد مالي و إداري  كبير جدا  جعلت الرئيس  يصف بعض موظفي وزارة الخارجية ب:"c’est  un panier de  craps "



وثائق تؤكد لجوء المصرف الدائن لرفع الامر لدى القضاء الفرنسي لاستخلاص دينه من موظفي القنصلية

 التحضير للكعكة

اعتاد  عدد كبير من  الموظفين  الملحقين  بالسفارات و القنصليات التونسية حال مباشرتهم لعملهم  على فتح  حساب  جار في البنوك  الفرنسية أين  يقع  تنزيل مرتباتهم  و يحصلون منها على دفتر صكوك  و بطاقات  بنكية و يحصلون  أيضا  على قروض  بضمانات السفارات و القنصلية التونسية  بالملايين لشراء السيارات و الأثاث نظرا للتسهيلات  الممنوحة لهم   عن  طريق  أف  سي  أر FCR... و من هذا المنطلق تبدأ عملية طبخ الكعكة و من هنا تكون الأبواب المشرعة للتلاعب .

الحسابات المفتوحة  ببنك  الشركة العامة بفرنسا (Agence Lille-national)

بتاريخ 21/04/1989  تلقى القنصل العام  لتونس  بباريس  أحمد الشباح  مراسلة من بنك الشركة العامة فرع ليل   الكائن  مقرها  ب51 و 53 الطريق  الوطنية  ص.ب 547 ليل 59023.. تضمنت إعلام المكلف  القضائي  أو التحكيمي  عدد70.80 و المتعلق  بالحساب  الجاري عدد 50290004.4 و أكدت  في  المراسلة ان  هذا الحساب العائد للقنصلية التونسية بليل المفتوح  منذ 13 جوان 1984 قد تخلد  بذمته  مبلغ 31.568.08-فرنك فرنسي (في الروج) و طالب  في  الوقت  بالتدخل لتسوية الوضعية و خلاص  ما  تخلّد  بذمة القنصلية التونسية بليل ...
 تلك  المراسلة في الحقيقة  تلتها مراسلات أخرى بتواريخ  مختلفة جاءت  لتبرز حجم  الدين  المتخلد  و ما تم توظيفه  من فوائض  مشطة  ...
و تبيّن من خلال  جملة المراسلات الموجهة  ان البنك العام فرع  ليل  فتحت  فيه الحسابات  التالية :
الحساب عدد5.029033.3 الخاص بقنصلية تونس بليل و الذي تضمن  الدين الأصلي السالب  إلى حد تاريخ 31 مارس89 47.452.75 فرنك فرنسي في  الروج  و انضافت إليه فوائض  من تاريخ 1/4/89 إلى حدود 31/12/91 قدرها 16.823.73  ليرتفع  حجم الدين  المتخلد 64.276.73 فرنك  
·       الحساب عدد 5029004.4خاص بالقنصلية التونسية بليل تضمن الدين الأصلي  المتخلد حتى تاريخ 89.03.31يقدر ب31.568.08فرنك تضخم المبلغ بالفوائض المسلط عليه و المقدر ب11.192.20فرنك ليبلغ 42.760.28 فرنك  فرنسي
·       الحساب عدد 5012770.9  الخاص  أيضا بالقنصلية و تضمن  مبلغ 30.379.1 فرنك
و بعملية حسابية بسيطة نتوصل  إلى كون جملة المبالغ   المتخلدة  ب3الحسابات التابعة للقنصلية تقدر ب137.416.01
·       الحساب الرابع هو حساب شخصي عدد5012556.2 لصاحبه الشاذلي القلوزي  موظف  ملحق  بقنصلية تونس  بليل  تخلدت  بذمته 9.007.04 وظفت  عليه  فوائض قدرت ب6.487.48 ليبلغ  المبلغ  الجملي 15.494.52  تحصل الشاذلي  القلوزي  على قرض قيمته 30.000فرنك و تم توظيف فوائض قدرت ب13.040.45فرنك كما تحصل بالمشاركة مع زوجته على قرض ثان قدر ب40.000فرنك ووظفت  عليه فوائض ب16.059.32 ليبلغ 97.325.94
·       الحساب  الخامس  و السادس  هما  حسابان شخصيان الاول  عدده 5012775.8  و الثاني  عدده 5029797.3لصاحبه حبيب النويوي  تحصل  على قرض قدر ب70.000فرنك  و تخلدت  بذمته مبالغ  جملية قدرت 28.558.73



مراسلات رسمية من البنك الفرنسي الدائن الى مصالح وزارة الخارجية للفت نظرها حول الموضوع دون نتيجة تذكر

قمة التلاعب و هول الفساد

لاسترداد  أموالها المسلوبة قام البنك الفرنسي  بمراسلة القنصلية التونسية بباريس  في  عديد المراسلات  كما  أبرق  بمراسلات مضمونة الوصول  إلى وزارة الخارجية التونسية دون ان تتلقى رد في الغرض  و من  أخر المراسلات  المراسلة بتاريخ 14/09/93 مرجعها ملف  النزاعات 70/80  و أشار فيها إلى ارتفاع  الديون   المتخلدة بالحسابات المفتوحة السالفة الذكر  حيث  تبين ان  3حسابات التابعة للقنصلية ارتفعت لتبلغ 172.961.07فرنك و ان حساب الشاذلي  القلوزي بلغت ديونه134.080.77فرنكا فيما  بلغت الديون المتخلدة بحساب  الحبيب  النويوي 35.721.18 فرنك ... و رغم  إعلام وزارة الخارجية و القنصلية التونسية بباريس  فانه لا احد  تحرك و جوبهت  كل المراسلات بالصمت ... و لم يجد البنك الفرنسي  من بد  سوى  اللجوء إلى القضاء  حيث  تبين أن المحكمة الفرنسية قضت  بتغريم  الحبيب النووي مثلا  مبلغا قيمته 87 ألف فرنك .


القلبة في  زمن الغلبة

و حسب  المعطيات  المتوفرة من  خلال الملف  القضائي  تبين  أن  الموظف  الشاذلي القلوزي  الذي  عاد  نهائيا إلى تونس لم  يقم  بخلاص 12 قسطا من القرض المتحصل عليه  من البنك  بقيمة 30 الف فرنك بتاريخ 7جانفي86 و تقدر الاقساط الـ12 ب17.585.88 فرنك و ظلت 6 اقساط  غير خالصة في خصوص  القرض  المتحصل عليه بقيمة 40 الف  فرنك بتاريخ 9 اكتوبر 86 بالمشاركة مع زوجته ميساء جودة  و تقدر مبالغ  مجموع ال6 اقساط ب28 الف فرنك...

تشويه لسمعة البلاد

المعلوم  ان  البنوك الفرنسية تتعامل بصفة نبيلة مع  الموظفين  في القنصليات و السفارات التونسية على اعتبار ان التونسي  بصفة عامة مخلص حتى و إن تلكأ في  خلاص  ما  تخلّد  بذمته  بيد  ان  مثل  هذه السلوكيات المبتذلة اضرت  كثيرا  بصورة البلاد  حيث  ردد العديد أنّ "القنصلية اضمحلت و الفساد استقر ..."  و ما  يعنيه  ذلك من تداعيات على صورة البلاد عامة وعلى سمعة الدبلوماسية التونسية  التي أضرّ بها  بعض  الأشخاص  و عبثوا ... علما  ان هذا  الملف  يتضمن  عديد  المعطيات الأخرى  سنعود  إليها  تباعا في الأعداد القادمة ..








Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire