lundi 14 septembre 2015

التّدمير الممنهج للإدارة التونسية: متفقد عام بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي يكشف المستور




وصلت بريد الثورة نيوز من المتفقد العام السابق لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي محمد عبد اللطيف مؤمن رسالة جمعت بين الشكوى والتظلم من جهة و الإشارة إلى الفساد المستشري في وزارة التعليم  من جهة ثانية ، وقد رأينا أن ننشرها على علاتها .
لقد ترددت كثيرا في كتابة هذه الأسطر لبسط وضعيتي لأنني كنت مؤمنا إلى الآن بالمرفق العام وسلامة أجهزته لكن تبين لي أنه لا ينفع العقار فيما أفسدته حكومتي الترويكا.  قررت بسط وضعيتي للرأي العام إرضاء لضميري ومحاولة مني لتقديم بعض الأجوبة إلى من سألني ويسألني عن سبب ابتعادي بمحض إرادتي عن هذه الإدارة التي قضيت فيها 34 سنة من عمري أعمل بكل تفان وإخلاص.



 في 05 سبتمبر 2013 تمت دعوتي من طرف رئيس الديوان المنصف بن سالم إلى مكتبه ففعلت وكانت المفاجأة الأولى عندما أعلمني بأن الوزير قرر إعفائي من مهامي كمتفقد عام وإلحاقي بديوانه لمواصلة العمل والسبب الذي صرح به هو أني لم أتمكن من فهم شخصية الوزير من ناحية ولم أحاول التقرب منه والسؤال عنه من ناحية أخرى كما أعلمني أن تقارير التفقد التي كنت أعدّها تحال عليهم جاهزة بالملاحظات والاستنتاجات والاقتراحات و بالتالي لم يكن لهم مجال لمناقشتها.
إن عزة نفسي وكرامتي لم تسمحا لي بأن أعامل بمثل هذه الطريقة وكأنني ارتكبت خطأ جسيما أعاقب عليه بهذه الطريقة المهينة. فتقدمت يوم 09 سبتمبر 2013 بشهادة طبية لمدة عشرة أيام أولى ثم عشرة أيام ثانية ثم 40 يوما ومنها عطلة مرض طويل الأمد الى حدود هذه الساعة.



في 14 نوفمبر 2013 كانت المفاجأة الثانية بصدور الأمر عدد 4628 القاضي بإعفائي فعليا من مهام متفقد عام دون إتباع الإجراءات القانونية في ذلك، فتوليت في 25 ديسمبر 2013 رفع دعوى في تجاوز السلطة لدى المحكمة الإدارية والتي لم يبت فيها القضاء الى الآن رغم مطلب الاستعجال الذي قدمته خلال شهر مارس 2015.
خلال فترة تولي المنصف بن سالم مهام الوزارة من جانفي 2012 إلى غاية 30 جوان 2013 تولت التفقدية العامة إجراء 15 تفقدا معمّقا للعديد من المؤسسات والهياكل تمّ على إثرها اتخاذ جملة من الإجراءات التأديبية والزجرية وإحالة بعض مرتكبي الأخطاء على دائرة الزجر المالي والنيابة العمومية.
لكن الفساد الإداري والمالي المستشري في العديد من المصالح المركزية بالوزارة ومعرفتي الدقيقة بكل تفاصيله وأسبابه والأشخاص المورطين فيه يجعل منّي الى الآن عريضة  لتصدي بعض الفاسدين  النافذين من ازلام النظام البائد والنهضة ومن غيرها في تسوية وضعيتي رغم تواتر الوزراء على هذه الوزارة.




لقد وهبت 24 سنة من عمري في خدمة الوزارة وبالتحديد في التفقدية العامة من متفقد الى متفقد عام درجة استثنائية وساهمت بقسط كبير في تركيز دعائم التفقد ومقاومة الفساد وفضح المفسدين بكل اخلاص وتفان، وكونت اجيالا من المتصرفين المستشارين ولم اكن يوما ما متحزبا لا يمنة ولا يسرة، ولم اكن مناشدا ولم أتملق صاحب سلطة.
لقد قامت ثورة 17 ديسمبر 2010 ( 14  جانفي 2011)  من اجل الحرية والكرامة والتشغيل ووضع حد للفساد المستشري في اجهزة الدواة لكن الملاحظ هنا أن من يقوم بكشف وفضح العديد من الملفات يعفي من مهامه ومن كان سببا في استشراء الفساد لايزال مباشرا بل وتمنح له الترقيات والامتيازات.
في 14 فيفري 2014 قابلت الوزير الجديد للتعليم العالي ببرج البحوث بشارع محمد الخامس بعد مماطلة دامت أسبوعا كاملا كنت خلالها أطلب المقابلة ويأتي الوعد من الكاتبة أنها ستنقل طلبي ولكن محاصرة رئيس الديوان السابق كانت أقوى وأشد. لكن في الأخير تمت المقابلة والحمد الله وحاولت بسط وضعيتي بمختلف جزئياتها لكن نظرا لضيق الوقت لم أتمكن من ذلك.



في 06 مارس 2014 تقابلت مع رئيس الديوان الجديد فطلب مني أن أمده باقتراح في خصوص تسوية وضعيتي ورد الاعتبار لي، فاستبشرت خيرا وطرحت عليه المقترحات التالية:
إرجاعي إلى مركزي الأصلي كمتفقد عام عوضا عن المتفقد العام الحالي والذي كانت تسميته حسب الولاءات بعد أن
تم إبعاده من ولاية صفاقس كمعتمد أول ومن ولاية أريانة ككاتب عام بلدية أريانة.
 تكليفي بمهام مدير عام الشؤون القانونية والنزاعات وهي خطة شاغرة إلى حد هذا التاريخ والإطار المباشر حاليا ليس إلا مكلفا بالإشراف عليها لأنه لا تتوفر فيه الشروط القانونية للتسمية.



في 07 أفريل 2014 وجهت رسالة مضمونة الوصول للوزير الجديد شرحت فيها وضعيتي على أن يتخذ القرار المناسب في إرجاع الحق لأصحابه، فكان رد رئيس ديوانه مرة أخرى (11 أفريل 2014) ضبابيا وغير مقنع وكانت فيه نبرات من الاستخفاف ومس من الكرامة.
إني على يقين الآن بأن العصابة التي تحكم الوزارة مازالت يدها طويلة وتتصرف في كل ما يحدث داخل دواليب الإدارة وحتى في ديوان الوزير بكل أريحية ومنهجية تبقي من تريد وتقصي من تريد. وبما أنني رفضت دخول بيت الطاعة ورفضت العمل الرقابي حسب الأهواء والميولات فهذا نبقيه لأنه منا وإلينا وهذا نقصيه، فلم أقبل بهذا حفاظا على سمعتي وكرامتي وإرضاء لضميري ومبادئي. لكن يبدو في طريقة التعامل مع وضعيتي ما يجعلني أخشى على نفسي وعلى الإدارة التي لم تعد إدارة فغابت هيبة الدولة وحل محلّها العصيان.
لقد قامت ثورة 17 ديسمبر 2010 من أجل الحرية والكرامة والتشغيل ووضع حد للفساد المستشري في أجهزة الدولة لكن الملاحظ هنا أن من قام بكشف وفضح العديد من الملفات يعفى من مهامه، من كان سببا في استشراء الفساد لا يزال مباشرا بل وتمنح له الترقيات.



إن المتفقد الناجح في عمله هو الذي يؤمن برسالته ويعمل بكل استقلالية وحرية دون التجني على أحد ودون أفكار مسبقة، ضميره وولاؤه لهذا الوطن هما الموجهان له دون سواهما، إني أتحدى أيّا كان من رؤساء جامعات وعمداء ومديرين في كافة المؤسسات سواء كانوا السابقين أو الحاليين، أن كنت تجنيت على أحد أو باشرت مهام تفقد بأفكار مسبقة وإستنتاجات جاهزة.
خلال شهر ماي 2014 ترشحت لخطة مدير عام بوزارة الفلاحة وقد قبل ترشحي من طرف الوزير السيد الأسعد لشعل مشكورا، الذي بدوره أحال الملف على مصالح رئاسة الحكومة لعرضه على مجلس الوزراء.
لكن وقع ما لم يكن في الحسبان حيث تفطنت بمعية نفوس طاهرة ورجال تونس الأحرار أن ملف ترشحي لم يقبل والسبب يعود إلى ما تم إدراجه حديثا بملفي بوزارة الداخلية، فقد نسبت فيه إلي ملفات فساد إداري ومالي واستغلال وظيفة لأغراض خاصة إضافة إلى الزعم بأنني قريب من حركة النهضة؟.



فتوليت مكاتبة رئيس الحكومة بتاريخ 28 ماي 2014 طالبا الإذن بفتح تحقيق فيما نسب إلي كذبا وبهتانا، موجها إصبع الاتهام إلى أزلام النهضة بوزارة الداخلية، لكن لا حياة لمن تنادي مما زاد في اعتقادي أن ما دبر بليل يتم على صلف وحقد وغدر ثابت لا شك فيه.
كما كاتبت في الآن نفسه السادة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وزير العدل وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية داعيا إياهم الوقوف على الحقيقة وإنصاف موظف خدم الدولة طيلة 34 سنة بكل تفان.
 لكن لحد كتابة هذه الأسطر لا تزال دار لقمان على حالها.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire