ونحن نرى ما تمخضت عنه حركة القضاة
في دورتها الثالثة ( 2013-2014-2015 ) بعد الثورة ونتأمل ما رافقها من تجاوزات
خطيرة حادت بها عن مسار الشفافية وأغرقتها في أتون المحاباة والمحسوبية والولاءات وأساءت
من قريب وبعيد إلى السادة القضاة الشرفاء فهمشتهم وظلمتهم وجارت عليهم نتساءل إلى
متى سيظل مرفق العدالة بعيدا عن العدالة ؟ من سيوقف الجهات التي تعمل على تدمير
القضاء وبالتالي تدمير البلاد التونسية ؟ وهل جاءت ثورة 14 جانفي2011 لتحرّر القضاء أم جاءت لتعمق تبعيته وتثخن جراحه
وتجعله تحت الوصاية ؟ وهلأنّ تعدد الهياكل المشرفة لم يكن نعمة بل كان نقمة ومن ثم
عجز عن ضمان حقوق القاضي ؟ وهل أن عدم المصادقة على قانون الهيئة الوقتية للقضاء
العدلي إلى حدّ الآن – حددت فترتها بسنة واحدة غير أنها امتدت لثلاث سنوات اقتداء
بالمجلس التأسيسي - كان بهدف إخضاع السادة
القضاة وتدجين الشرفاء منهم ؟
جمعية القضاة التونسيين، نقابة
القضاة التونسيين، المرصد التونسي لاستقلال القضاء، الهيئة الوقتية للقضاء العدلي
، أسماء توحي بأن تونس وفية لمؤرخها الذي قال " العدل أساس العمران "
غير أن الواقع يؤكد أن" الظلم مؤذن بخراب العمران " على حد عبارة ابن
خلدون ...ففي الحركة القضائية الأـخيرة –
وكسابقاتها - اختلط الحابل بالنابل فاصبح فيها الرئيس مرؤوسا وغدا المرؤوس رئيسا وتبدل
الهرم القيادي وانقلبت الرتب وأصبح الأعالي أسفل سافلين وأصبح "صغار"
القضاة يتطاولون في الرتب والنتيجة الكارثية استهداف القضاة الشرفاء ماديا ومعنويا وبهذا المعنى
يكون وعيد الفوضى أقرب إلى الناس من وعد العدل، وإذا كان الساهر على
العدالة قد لحقه الضيم فنحن نتساءل عن مصير الشعب الكريم في البحث عن العدالة ..
لا عجب والحال على ما نرى أن نعقد
مقارنة بين ما كان سائدا في عهد المخلوع وما هو سائد منذ أن أصبحت مفاتيح العدالة بيد النهضوي نور الدين البحيري ، فقبل الثورة
كانت حركة القضاة تخضع في نقلها وترقياتها إلى 7 من جنرالات وزارة العدل ومع
ذلك كانت درجة الظلم لا تتعدى نسبة 20
بالمائة في أقصىالحالات .. أما بعد الثورة ورغم أن عدد أعضاء هيئة القضاء العدلي قد تضاعف ثلاث مرات (
تتكون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي من 20 عضوا ) بسبب البحث عن اقتسام الغنيمة
وفق معيار "الأقربون أولى بالمعروف "فإن نسبة الظلم تضخمت والتجاوزات
بلغت حدا خطيرا أصبح معه أمن التونسي واستقرار بلده في الميزان حيث بلغت درجة الظلم نسبة لم نشهد
لها مثيلا في تاريخ القضاء التونسي، ولا يمكن أن نتناسى في هذا السياق الفضيحة
التي قام بها نور الدين البحيري بعزله 82 قاضيا على الهوى والهوية ، وهي قليل من كثير وغيض من فيض .
وأمام المخاطر الحقيقية التي تهدد القضاء ندعو من هذا المنبرالسادة القضاة المتضررين من
الحركات الثلاث إلى تسجيل احتجاجهم وعدم الرضوخ للتهديدات التي ما فتئت تصدر عن
وزير العدل السابق نور الدين البحيري وجماعته الذين عادوا بقوة إلى المشهد القضائي
في الايام الاخيرة ودبروا أمر الحركة بليل
. ونحن نترجاهم ألا يتركوا الحبل على الغارب وألا يصيبهم كلل ولا ملل ولا يرهبهم
وعيد ولا يفزعهم تهديد إذ تونس أمانة بين
أيدهم ..فالقضاة ملح البلد و "مَن
يُصلح الملحَ إذا الملح فسد".؟




Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire