ونحن نتابع التعيينات في مختلف أجهزة الدولة ولا سيما في المناصب الحساسة منها كثيرا ما تساءلنا هل
أتي على المسؤولية حين من الدهر لم تعد الكفاءة فيها شيئا مذكورا ؟ وقلنا فيما قلنا ونحن نرى الوعود
الانتخابية قد أصبحت نسيا منسيا وحل محلها شعار رئيسي " الأقربون أولى
بالمعروف " هل نقلب مضامين الحديث النبوي الشريف الذي يقول" إنكم لتقلون عند الطمع وتكثرون عند
الفزع""
لنقول إن من رشحهم
التونسيون لقيادة البلاد والخروج بها من المرحلة الانتقالية التي أنهكت البلاد
وأتعبت البلاد يقلون عند الفزع ويكثرون
عند الطمع ؟ وكيف لا نقول ذلك ونحن نلاحظ باستغراب العدوين الصديقين يقتسمان غنائم
السلطة في السر والعلن .. بل تحول تلاسن
المرحلة الانتخابية إلى غزل مفضوح فيه عين المحب كليلة ...وازدادت حيرتنا وتعمقت
ونحن نلاحظ عمليات المد والجزر والشد والجذب التي رافقت البحث عن " العصافير
النادرة " التي ستشد الرحال إلى بعض
ولايات الوطن لتمثل رئيس الجمهورية ...ويا
خيبة المسعى عندما نرى الشروط التي تم الاحتكام إليها في اختيار ولاة تونس
الميامين ولاة سنقول عن أكثرهم بعد أيام إن لم نقل ساعات إن تونس قد ابتليت
بالمتردية والنطيحة وما أكل السبع ...
ونحن وإن كنا لا ننكر أن بعض التعيينات في العهد السابق كانت تخضع للمحسوبية
والقرابة ولكن لا ننكر في المقابل أيضا ان عددا كبيرا من إطارات الدولة ومسؤوليها قد تقلدوا مناصب رفيعة في أجهزة الدولة ولم تطأ أقدامهم يوما مقر شعبة ترابية أو مهنية
بل إن الرئيس السابق زين العابدين بن علي لم تكن أمامه خطوط حمراء تجعله يعمل
بمقولة " معيز ولو طارت " لذلك رأيناه يعزل القريب ويبعد الحبيب ..ويعلم الداني
والقاصي ما فعل بن علي بأقرب الناس إليه ولسنا في حاجة إلى ذكر الأسماء لأنها أشهر من أن
نذكر بها ..وكان من نتائج ذلك أن مثلت الإدارة التونسية صمام أمان حمت البلاد بعد
14 جانفي من الفوضى والانهيار إذ استمر المرفق العمومي برجال يصلون الليل بالنهار دونما ملل أو كلل ..
وفي المقابل ومنذ انتخابات 23 أكتوبر 2014 وإلى يوم الناس هذا أصبحت كل
المعايير في إسناد المناصب مقبولة ما عدا معيار الكفاءة الذي يبدو أنه قبر في واد غير ذي زرع ..ففلان الذي لم يجرب عملا إداريا في حياته
يجد نفسه بين عشية وضحاها وزيرا يأمر وينهى لأنه أحد أصهار صناع القرار السياسي في تونس
..وعلان الذي لا يفرّق بين النافلة والفرض ولا السماء والأرض توكل إليه مهام تسيير
مؤسسة كبرى وما
هي إلا أيام معدودات حتى يقودها إلى مصيرها المشؤوم .."
وإذا كان الغراب زعيم قوم ...مر بهم على جيف الكلاب " وهذا زيد جاءت به
محاصصة حزبية ضيقة ..وهذا عمرو دفعت به
قرابة دموية ونعرة جهوية ...ومما يقوم شاهدا على أن حليمة عادت إلى أسوأ من عادتها القديمة هو ما جرى
ويجري في اقتسام كعكعة الولاة والمعتمدين الأول والمعتمدين بين النهضة والنداء ،
فمن جهة نرى تعطيلا واضحا ومماطلة كبيرة دامت أكثر من شهرين وما يعني ذلك من تعطيل
مصالح وتفويت فرص التنمية ، ومن جهة أخرى نرى تطاحنا حزبيا رهيبا من أجل الفوز
بنصيب الاسد وافتكاك سلطة " الصيد " .. فهذا بناقوس يدق وذاك بمئذنة
يصيح لا غرابة عنئدئذ أن نرى "الحفاة
العراة " يتطالون في بنيان الولايات ساخرين متهكمين من أبناء الشعب
الذين ظنوا بعد الانتخابات الأخيرة أنهم
قد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو
خير فإذا بهم يجدون أنفسهم قد أساؤوا من حيث أرادوا الإحسان ... فهل كتب على
التونسيين أن
يكون حالهم كحال من قال فيهم المثل الشعبي التونسي
" ' هرب من القطرة جينا تحت الميزاب..."



Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire