في لحظة فارقة أرهقهم المرض
وتكالبت عليهم أوجاعه، فتوجهوا وبراءة
الأطفال في عينيهم إلى الفضاء الصحي المعلوم ليخففوا عنهم قدرا مما يعانونه، إلا
أن الإهمال كان لهم بالمرصاد فأصابهم بما هو أسوأ ليصبح الوجع أوجاعا والألم ألاما
.. أمّا عن حال الوالدين فلا تسل ...صحيح أن
القطاع الصحي في تونس "يعكز" وأن خطوات الإصلاح مازالت بطيئة
كخطوات السلحفاة وصحيح أن الزيارات الفجئية التي يقوم بها وزير الصحة سعيد العايدي قد كشفت
الخور وساهمت بقسط في إزالة الكرب والإطاحة
برؤوس البلاوي الذين استكرشوا ولكن تبقى النقائص كبرى والمهازل اكبر واكبر ...
يحملك القدر الأحمق
الخطى إلى استعجالي " سهلول"
حاملا
في حضنك أحد
أجيال تونس القادمة.
ملاك في عمر الحبور و الزهور
اشتد به
الم ما في جسده
فأنساه المأكل والمشرب و تداعى له كل الجسد بالسهر
والحمى . قلنا تحمله
إلى استعجالي سهلول تمني النفس أن يسهر
الفريق الطبي على علاجه
وأن يتفحصه ويخضعه للتحاليل اللازمة
والمطلوبة والوصول إلى مكمن الداء
قبل أن يشخص لك الدواء ... تذهب إلى ذلك بل وابعد من ذلك من
خلال الحلم أن تجد خدمات راقية رقيقة بريئة براءة أطفال القسم... غير أنك تصاب
بخيبة كبرى وتقف مذهولا متعجبا
لهول ما ترى
وتصل مباشرة إلى الجواب
عن سبب فراغ الاستعجالي
من الأطفال في كل
المواسم و في كل الأوقات ...
أولا لابد من التأكيد على أن استعجالي الأطفال بني على مبدأ
أساسي وهو الاستهتار بصحة الأطفال
ذلك أن الإطار الطبي الموضوع
على ذمة صغار المرضى يتكون من عدد2 من أطباء متربصين لا خبرة لهما
ولا تجربة مازالا يحبوان في
عالم الطب وقد
لاحظنا عن كثب
حالة التردد والخوف والرهبة التي
تنتابهما إذ لم يجدا
ما يفعلان حيث ينطلقان في
سرد اقتراحات على الأولياء بل
هناك من الأولياء من يتكهن مع الطبيب
في سبب الوجع والأخير ينكب
على الكتابة شاردا حائرا لا يدرك
ماذا يفعل ... ليس من باب اللوم
على الإطارات الطبية الشابة فالمسلك المهني
حتما يتطلب التدرج والانطلاق من
النقطة صفر والخبرة تكتسب
تدريجيا كما انه لا يكلف الله نفسا إلا
وسعها وفاقد الشيء لا يعطيه . ولكن كثر اللوم والعتاب موجه إلى الكوادر الإدارية و المسؤول عن القسم
ونعني بها رئيسة القسم
مدام عبروق التي انتهجت
سياسة هجينة فجعلت استعجالي الأطفال في
المرتبة الأخيرة ...
فالاستعجالي لمن يزوره
- و نسأل الله أن لا
يزوره احد سوى
مسؤولي الوزارة للاطلاع - يتراءى له
طهر القسم و فراغه من
المرضى فالجميع هجره ولا
يأتيه إلا المنكسر
الضعيف الذي لا يقدر على العيادات الخاصة على اعتبار انه من
يدخله سقيما يخرج لا
معافى و لا سليما بل يزداد سقما .. فالتدخلات الطبية فيه تقتصر
على حركات بسيطة معلومة مسبقا أمام عجز الأطباء " INTERNES " المتربصين
على القيام بشيء يذكر فيشكر وغالبا ما تجد طبيبين
متربصين يظلان يتناقشان
حول الوضعية التي أمامهما في خفاء بل حتى أن
اتصالاتهما الهاتفية برئيسة القسم أو أحد من الأطباء ذوي الخبرة في الاختصاص لم تؤت أكلها
في الحين فيعلق الحكم ويستكين إلى الطمأنينة ليكتب لك على ورقة الدواء جملة من
المسكنات لا فائدة مرجوة منها
دون الوصول إلى سبب
الداء ...
وغير بعيد عن الاستعجالي تأتيك المعاناة الكبرى في القسم
المخصص للأطفال الذين
فرضت عليهم عللهم أن يتم إيواؤهم قسم ظل
الإهمال فيه بمثابة القدر المحتوم المكيفات لا تشتغل وبعض القاعات
تفتقد للإنارة و حالة تسيب
مريبة فضلا عن
نقص في الإطارات
الطبية و شبة طبية في صورة تضاهي
أو تكوّن الاستهتار بعينه ...
حالة رثة ووضع
بمثابة الجحيم لا يتلاءم و
طبيعة الشريحة العمرية وإنه العجب العجاب
انه في ذات
القسم وجدت الرئيسة متنفسا لها للتقاعس عن
العمل في
ظل غياب المراقبة العامة من ناظر القسم المسمى
فوزي الذي توسط لزوجته لتشغل
على الهوى خطة ناظرة لقسم الاستعجالي للأطفال على قاعدة" زيتنا في دقيقنا
و خيرنا في خميرنا". ومن شر البلية أن يرى الطاقم المسؤول
عن قسم استعجالي الأطفال نفسَه
شهاباً من كوكبٍ لا يقرب الأرض ويتنزه عن تربتها وكأنه لم يخلق من طينٍ ولا من نار
بل نورٌ على نور، إن ناقشته استكبر وأبين، وإن أخبرته ولى وعصى، وفي ذات القسم
يشهد هذا لهذا ويقطع هذا لذاك، فتُحاك المسرحيات وتُقص القصص وتبنى الخزعبلات
فيمسي الإطار الطبي مؤمنا ويصبح كافرا.
ومن
المفارقات العجيبة أيضا
التي قدمت إلينا
قي قالب تسريبات محتواها
يحكي على هدايا تأتي إلى
الأطفال في شكل طرود قيل
أنها تحتوي على عدد كبير من الادباش المستعملة و الجديدة و تشير التسريبات ّ"أن الصدقة لا توزع
إلا ما تجزّى مالي
الدار" ..واللبيب بالإشارة يفهم .
بيد أن
الأمر اليوم بات ملحا
للتدخل السريع لقلب وجه
قسم الأطفال والاستعجالي في
مستشفى سهلول وتمكين طبيب ذي خبرة و اختصاص للسهر على
الحالات الوافدة عليه . فالاستهتار بصحة الصغار مدان وفق التشريعات الدولية
ومواثيق حقوق الإنسان... لنظل نردد واذا
الطفل سئل بأي علاج
حُظي .


Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire