mercredi 19 août 2015

(الجزء 30) :رحلة الألف ميل بدائرة المحاسبات : نداء إلى حزب حركة النداء لمنع البلاء




علمنا من مصادر عليمة أنّ رئيس دائرة المحاسبات عبد اللّطيف الخرّاط قد أصبح عاجزا عن إدارة وتسيير دواليب الدّائرة وانهار بفعل تراكم المشاكل والأزمات بل وأصبح يتصرّف كالدّيك المذبوح حيث تشهد الدّائرة خلال هذه الفترة أكبر حالة عصيان وانفلات.
حيث بلغ علمنا أنّ عبد اللّطيف الخرّاط وبعد تسليم التقرير الخصوصيّ المتعلّق برقابة تمويل الانتخابات التشريعية لسنة 2014 للرّؤساء الثلاثة وبغرض الاستمرار في منصبه والحرص على التظاهر بصورة الرّئيس المستقل المتفاني في العمل أصدر في بداية شهر جويلية 2015 أمرا في شكل مذكرة داخليّة تقضي بعدم تمكين أيّ عضو من دائرة المحاسبات من عطلة الاستراحة السنويّة قبل إتمام التقرير الرّقابي الخصوصيّ المتعلّق بالانتخابات الرّئاسيّة لسنة 2014 مطبّقا بذلك سياسة التسخير في غير موضعها مذكّرا النّاس بنزعاته الاستعلائيّة الاستعباديّة والاعتباطيّة متجاوزا كلّ القواعد والحقوق والحريّات ؟


 وقد أثار ذلك حفيظة أعضاء الدّائرة ورفضوا إنجاز الأعمال التي كلّفوا بها ومقاطعة جميع التقارير وهدّدوا برفع الأمر إلى رئيس الحكومة الحبيب الصّيد وإعلام الرّأي العامّ فتراجع الخرّاط عن قراره في إطار الخوف والجبن وعقد جلسة يوم 24 جويلية بمقرّ الدّائرة بشارع الحريّة جمعته بأعضاء النقابة الأساسيّة لقضاة محكمة المحاسبات  تقرّر خلالها تمتيع جميع القضاة بعطلهم السنويّة دون قيد أو شرط أو استثناء وخضع لجميع مطالبهم حول وضع معايير للتجوال الدّولي (المسمّاة بالمهامّ بالخارج) والتسميّات والترقيات ولكن دون التعهّد بمراجعة التسميّات التي قام بها مؤخّرا حسب الولاء والانتماء الجهويّ...وهكذا يكون الرّئيس الأوّل والمسؤول الأساسيّ عن تسيير الدّائرة قد تراجع تحت الضّغط عن قراراته في طرفة عين واعترف ضمنيّا بعدم خضوع المهمّات بالخارج لمعايير موضوعيّة وعجزه عن إدارة المشاكل والأزمات وإيجاد الحلول في الإبّان. 


ومن ناحية أخرى علمنا بأنّ الخرّاط في إطار رقصته قد قام بمساومات بخصوص الترقيّات الأخيرة التي شهدتها الدّائرة مستعملا أساليب التهديد والوعيد والترغيب والترهيب وكلّما عبّر القضاة عن استيائهم من سلبيّاته وانتهازيّته ونفاقه وألاعيبه وخزعبلاته وهدّدوا بترحيله وطرده من الدّائرة ورفع الأمر إلى رئيس الحكومة وكشف الملفات الحارقة وفضح بعض الأعضاء الفاسدين والمتورطين إلاّ وسارع إلى المشرفين عليه وأوهمهم بتفانيه وإخلاصه في العمل وبتعقد الوضع داخل الدّائرة نتيجة تردّي الوضع العامّ وانفلات الأمور بل ويوهمهم بأنّه لو لا حنكته وجهوده وإخلاصه لانفلت الوضع داخل الدّائرة خاصّة وأنّ  أعضاءها وإطاراتها مستاؤون من سلبيّة الحكومة إزاء مطالبهم متناسيا أنّ أوّل مطلب لهم هو إنقاذ الدّائرة من براثن فشله وعجزه الواضح وانتهازيّته التي لا حدود لها وذلك بترحيله وعزله وانهاء مهامه في أقرب وقت ممكن لأنّه كارثة ومصيبة وخطر على الدّائرة والرّقابة على الماليّة العموميّة في البلاد.


ولعلّ المشهد الذي يلخّص فشله وعجزه وسوء تدبيره هو الندوة الصحفيّة التي عقدها بمناسبة نشر التقرير الرّقابي الخصوصيّ المتعلّق بالانتخابات التشريعيّة لسنة 2014 حيث تلافى الدّعوة المفتوحة وغيّب أغلب أعضاء وإطارات الدّائرة بمن فيهم مندوبو الحكومة الذين تمّ إقصاؤهم من صياغة التقرير المذكور والمصادقة عليه بما يجعله شكليّا وإجرائيّا تقريرا غير مستوفي الشروط الإجرائيّة وهي مسألة سنعود لها بالتحليل والنقاش لاحقا... ولم يطلعنا في الحضور سوى ثلّة من الأصدقاء القدامى ورفاق الدّرب منهم الشاذلي الصرارفي المقرّر العامّ السّابق للدّائرة ومحمّد رفيق كريّم مندوب الحكومة العامّ السّابق والعديد من المتقاعدين والسّابقين وكأنّ الدّائرة قد خلت من المسؤولين الحاليّين أم أنّ الأمر يتعلّق بحفل ختان أو زفاف أحد أبنائه أو بناته دعا إليه الخرّاط من قرب إلى القلب واستبعد من غاب عن البال تحت اشراف وحراسة مجموعة من المتملّقين والصّبايحيّة بالدّائرة ليمنعوا البعض من أعضائها وإطاراتها من الحضور بتعلّة وأنّهم غير مدعوّين للنّدوة المموّلة من المال العامّ ليغالطوا الشعب ويطمسوا الحقائق ويقولوا ما تحبّذه وتستسيغه آذانهم...


كما بلغنا حسب بعض المعطيات التي نعمل على مزيد التحقّق منها أنّه توجد حاليّا أزمة في التعامل بين رئيس الدّائرة ووكيله نور الدّين الزوّالي وبعض أعضائها وذلك بسبب إقدام الخرّاط وبدون استشارة أيّ هيكل داخليّ على تكوين فريق سرّي ضيّق  تترأسّه فضيلة القرقوري بوفايد كلّفه بإعداد نسخة قابلة للنشر والإحالة من التقرير الذي تمّ إعداده بخصوص الانتخابات التشريعيّة على أساس أن يتولّى بنفسه الاحتفاظ بالنسخة الأصليّة الكاملة والمفصّلة ونفس التمشّي يتمّ اعتماده حاليّا بالنسبة إلى التقرير الرّقابي الخصوصيّ المتعلّق بالانتخابات الرّئاسية لسنة 2014. فقط هذا يعني أنّ الخرّاط يتعمّد رفقة الفريق المقرّب منه إعداد تقرير مواز لا يثير غضب الأحزاب الحاكمة وخاصّة حركة نداء تونس يتمّ إحالته للرّئاسات الثلاثة ليحتفظ " تحت الردّة " بالتقرير الرّقابي الخصوصيّ الأصليّ والذّي قد ينفعه في الابتزاز والمساومة أو حين تتغيّر الظروف والمعطيات ؟ أم أنّ الأمر يتعلّق بملاحظات ضعيفة وضحلة وعمل غير محكم أرغمه على إعادة النّظر واللّجوء إلى الصنصرة واللّفلفة والرّمرمة و"الغمة" كي لا يؤاخذه أحد ؟ وفي كلّ الحالات يبدو جليّا أنّ الهدف واحد وهو الحفاظ على منصبه على رأس الدّائرة مهما كلّفه الأمر إلى حين بلوغه سنّ التقاعد سنة 2017. وخلاصة القول في باب رقابة الانتخابات مادامت اليد التي سرّبت هذا النّوع من التقارير سنة 2012 للحكومة ظلّت، رغم التهديد والوعيد والقضايا الجزائيّة وأعمال التحقيق والتدقيق، خفيّة غير معلومة ولم يحاسب صاحبها فإنّه من الصّعب اسناد الثقة المطلقة في مصداقيّة مهتزة ومشكوك فيها...
وما يزيد الطين بلّة ويؤجّج حالات الاحتقان والتوتّر داخل الدّائرة هو هذا السّيل الجارف من التناقضات حين نجد الكاتب العامّ السّابق للدّائرة عبد السّلام شعبان، والذي تعلّقت به قضايا سوء تصرّف إداريّ وماليّ كشفها فريق رقابة داخليّة بالدّائرة، يعيّن كاتبا عامّا لمجلس نوّاب الشّعب مكلّفا بملء كؤوس الماء لسيّده رئيس المجلس بتزكية ودعم غير مشروط من رئيسته السّابقة القياديّة بحركة النّداء فائزة الكافي وهنا تتجلى الكفاءة على أصولها. كما تمّ تعيين عبد القادر الزقلّي الرّئيس السّابق للدّائرة والذّي ما زال إلى اليوم قيد التحقيق في عديد القضايا التي تهمّ الدّائرة وتعلّقت به ملفّات يعاد التحقيق فيها بخصوص الصيدليّة المركزيّة للبلاد التونسيّة ورفعت عنه الحصانة القضائيّة في عديد المناسبات..الخ، قلنا عيّن على رأس أهمّ المؤسّسات  التابعة لوزارة الماليّة وهي "الكرامة هولدينغ" بمرتب شهري يفوق الثمانية آلاف دينار من المال العامّ رغم فقدانه للكفاءة العلميّة والمهنيّة والشهائد الجامعيّة وذلك لسبب واحد وهو عدم حياده الذي يقتضيه انتماؤه لسلك القضاء الماليّ وانخراطه الحزبيّ المقنّع في حركة نداء تونس وعلاقات الصّداقة التي تربطه بوزير الماليّة الحاليّ سليم شاكر وعديد القيادات بالحزب.


ولا ينتهي مسلسل المفاجآت والتعيينات من دائرة المحاسبات والذي يثبت تقهقر مبدأ حياد القاضي وبعده عن عالم السّياسة  بل ويؤكّد استشراء  قاعدة "ذراعك يا علاّف" حيث علمنا أنّ توفيق بوفايد مستشار سابق بالدّائرة أعفي من مهامّه بالصيدليّة المركزيّة إثر فضيحة الفساد الماليّ التي طفت على السطح  قبل الثورة ورفض زملاؤه تعيينه كاتبا عامّا بالدّائرة لتورّطه في ملفّات فساد ثمّ انتشله مدير ديوان رئيس الحكومة السّابق مهدي جمعة محمّد الطاهر بالأسود من البطالة والإقصاء (لروابط صداقة تجمعهما باعتبار انتمائهما للمدرسة الوطنيّة للإدارة ولوداديّة خرّيجي المرحلة العليا للمدرسة المذكورة) وكلّفه بالإدارة العامّة للمصالح المشتركة برئاسة الحكومة  ليتمّ إعفاؤه منها مرّة أخرى في عهد حكومة الحبيب الصّيد وإزاء ذلك أعمل علاقاته وصداقته العريقة والمعروفة لدى الجميع والتي تجمعه بعبد القادر الزقلّي وعديد القياديّين من حركة نداء تونس وتحصّل مؤخّرا على تخيير بين خطّة مدير عامّ ملحق بمجلس المنافسة أو كاتب عامّ للمحكمة الإداريّة وقد ترجّح الكفّة للخطّة الأخيرة. فهل سيقبل أعضاء مجلس المنافسة أو قضاة المحكمة الإداريّة تولية توفيق بوفايد التصرّف في أمورهم الماليّة والإداريّة من قبل عضو لفظه زملاؤه من خطّة كاتب عامّ ورفعت عنه الحصانة القضائية في العديد من المناسبات لأسباب نصفها ما زال مجهولا ومتكتّما عنه لمتطلّبات التحفّظ واستر وانصر أخاك ظالما أو مظلوما ؟ وهل سيقبل أعضاء دائرة المحاسبات تولية أحد قضاة المحكمة الإدارية التصرّف في أمورهم الإداريّة والمالية في خطّة كاتب عامّ للدّائرة في إطار المعاملة بالمثل وتوازي الشكليّات والإجراءات وتبادل الخبرات في إطار الشفافيّة.
والأدهى من ذلك انّه يتمّ خلال هذه الفترة بلورة النّصوص المنظمة للدّائرة طبقا للدّستور الجديد ولا تحظى هذه المسألة بأدنى اهتمام ولا نعرف السّبب غير العجز والفشل الذريع وانعدام الرّغبة في الإصلاح...
ولا أحد يعلم إلى متى ستظلّ رقصة الدّيك المذبوح (نقار الزّهواني) هي التي تتحكّم في الدّائرة من حيث العزل والتعيين والترقية والعقوبات والجلب والدّحر والشكر والزّجر ؟ 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire