mardi 25 août 2015

الهيئة الوقتيّة للقضاء العدلي والحركة القضائية 2015 – 2016 : الهيئة تتخبّط جهلا أم تتأبّط شرّا؟




تتوالي تداعيات الحركة القضائيّة التي أجرتها الهيئة الوقتيّة للقضاء العدلي وأعلنت عنها يوم 7 أوت الجاري إذ ظلت محل اهتمام متواصل بالصحف ومواقع التواصل الاجتماعي والوسائل السمعية والبصرية مسجلة سخط وغضب القضاة بمختلف أصنافهم ورغم أن القضاة اجمعوا تقريبا على وجود تجاوزات واخلالات ومحاباة وعدم شفافية حتى أن هياكلهم لم تختلف هذه المرة وأصدرت بيانات تُعدّد الخروقات وتشجبها على غرار جمعية القضاة ونقابة القضاة والجمعية التونسية للقضاة الشبان ومرصد استقلال القضاء فإنّ الهيئة أصرّت على الهروب إلى الأمام وتبرير أخطائها في الندوة الصحفية التي عقدتها مؤخرا. واذ لم نسجل أي ارتياح لهذه الحركة من أي جهة كانت فإنّ الهيئة ظلّت ترى ما لا يراه الجميع وتحذر من نقدها وكشف المستور مما حاق بأعمالها من ضغوطات داخلية وخارجية. والثورة نيوز كما عودت قرّاءها تواصل متابعة هذا الموضوع وإلقاء الضوء على ما خفي ولم تتداوله وسائل الإعلام الأخرى بطريقتها الاستقصائية المعهودة بالأمثلة والحجج والبراهين.


نقل تعسفيّة ومزاجيّة أسبابها خفيّة

  أهم مطلب كان للقضاة بعد مسمّى الثورة هو إقرار مبدأ" عدم نقلة القاضي بدون رضاه" لكن يبدو أن الهيئة الوقتية ومن خلال الحركة الأخيرة جعلت الاستثناء يستوعب المبدأ فأضحت النقلة لمصلحة العمل هي المبدأ وعدم نقلة القاضي إلا برضاه هو الاستثناء. ويبدو أن الهيئة اعتمدت معايير خفيّة لم تعلن عنها فلم تستجب لمطالب نقل مؤكدة ومستوفاة الشروط واستجابت لمطالب أخرى خارج كل الشروط بمنطق المحاباة وعاقبت قضاة لوجود شكايات مفتوحة في شأنهم لدى التفقدية لم تفصل بعد، مع أنها لم تعاقب قضاة آخرين في نفس الوضعيّة، بل ثبتتهم في أماكنهم وحبت بعضهم بترقية وخطة وظيفية قفزا على الكثير من القضاة الذين يفوقونهم أقدمية وكفاءة ونزاهة. ومن غرائب هذه الحركة أن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي كانت صرّحت قبل الحركة وبعدها بالندوة الصحفيّة التي عقدتها مؤخرا أنها اضطرّت لنقلة قضاة لمحاكم الداخل لتسديد الشغورات الحاصلة فيها لمصلحة العمل لكنّها مع ذلك نقلت أحد القضاة من إحدى محاكم الداخل إلى محكمة من محاكم تونس العاصمة بالمدينة التي بها مقر سكناه بنفس الخطة التي يشغلها دون أن يقدّم مطلبا في الغرض وقد تفاجأ بتلك النقلة سيما وأنّه لم يكن راغبا فيها. فهل الهيئة أعلم منه بمصلحته؟ أم هي زلّة قلم؟ أم أنّ محاكم الداخل لا تستحق هذا القاضي أم هو لا يستحقها؟


تمديد مشبوه في سن التقاعد يضرب استقلال القضاء

كنا قد أشرنا  في العدد السابق إلى مصادقة الهيئة على طلب الحكومة التمديد لحوالي 40 قاضيا بلغوا سن التقاعد أو هم على أهبة التقاعد خلافا لموقفها السابق الرافض رفضا قطعيا لآلية التمديد لما في ذلك من مساس باستقلال القضاء وحياده. ولسائل ان يتساءل عن سبب هذا التغيّر المفاجئ، واذا عرف السبب بطل العجب. الحكومة في الواقع لم تقترح التمديد لهذا العدد الكبير من القضاة وإنما اقترحت التمديد لعدد 2 من القضاة السامين الشاغلين لمناصب عليا وحساسة هي في حاجة لخدماتهما في قادم الأيام، لكن واعتبارا للموقف المسجل على الهيئة سابقا لما وقع اقتراح التمديد للرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب المتقاعد إبراهيم الماجري وبالنظر إلى الضغط  الحكومي الذي كسر إرادتها وتفاديا للحرج تم الاتفاق على أن يقع التمديد لكل الذين سيبلغون سن التقاعد هذه السنة للإيحاء بأن النقص الحاصل في مرفق العدالة يستوجب إبقاءهم بحالة مباشرة وهو أمر بيناه  في العدد السابق  وقلنا انه  لا أساس له من الصحة وان قضاة الرتبة الثالثة يشكون من تضخم في العدد عكس قضاة الرتبة الأولى وثمة حالة فريدة من نوعها في هذه الحركة تؤكد ان الأمر ليس إلا صفقة لإرضاء الحكومة أحيطت بديكور رديء للتغطية عن الدافع والغاية من وراء التمديد، فقد تم التمديد لأحد قضاة الرتبة الثالثة الشاغل لخطة رئيس دائرة جنائية ابتدائيّة بداية من 1 سبتمبر 2015 بمقتضى الأمر عدد 1064 الصادر عن رئاسة الحكومة بتاريخ 11 أوت 2015 أي بعد صدور الحركة القضائيّة غير أنّه وبمراجعة الحركة نجد أن القاضي المذكور وقع تجريده من الخطة وتعيينه قاضيا من الرتبة الثالثة بمحكمة الاستئناف ولسنا نشكك في القاضي المذكور فهو معروف بنزاهته وكفاءته بل نشكك في المعايير المزدوجة والمضطربة التي خيمت بظلالها الثقيلة على الحركة فالهيئة غير مقتنعة بضرورة التمديد بل قبلته تحت الضغط وصنعت له حواشي لتغطي انكسار إرادتها وعدم استقلاليتها إزاء السلطة التنفيذيّة ولم تستطع أن تخفي ذلك بحرفية وكشفت كوامنها لما جردت القاضي المذكور من خطته دون أن تنسق مع الحكومة التي أصدرت أمرها دون مراجعة الحركة ومددت له بخطته التي كان يشغلها أي رئيس دائرة جنائيّة في تعارض تام مع قرار الهيئة. والغريب كذلك أن الهيئة لم تدرج هذه الخطة في قائمة الشغورات وجعلت التنافس عليها سريا وكان قرارها متسرعا ومبنيا على مقاطعة المحامين للجلسة التي يرأسها القاضي المذكور قبل أسبوعين من الإعلان على الحركة والسؤال المطروح دائما إن كانت الهيئة غير راضية على أداء القاضي المذكور وتعتزم إعفاءه من الخطة فما هو داعي التمديد له لولا أنه كان زينة وديكورا للتمديد لقاضيين بعينهما؟
هذه عينات من الخروقات التي تؤكد عدم استقلالية الهيئة وعدم حيادها وجريدة الثورة نيوز ستواصل رصد المخالفات والخروقات التي شابت الحركة وتوافيكم بها تباعا.







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire