samedi 9 mai 2015

حين يجرؤ المحتجون على تعرية اتحاد العلماء المسلمين، يلاحقهم باللعن...




يوم 2 ماي 2015 تعالت صرخات غضبى  من أمام أحد النزل التونسية
التي تستقبل يوما دراسيا لاتحاد علماء المسلمين نُظِّم بالاشتراك مع جامعة الزيتونة...
تنادى المحتجّون  للتّعبير عن رفضهم لِمَا أشيع عن حضور "يوسف القرضاوي" رئيس الاتحاد للمشاركة في هذا اليوم...
لم يحضر القرضاوي , وظلت أسباب الاحتجاج قائمة تختزلها شعارات تعكس خلافات سياسية وأيديولوجية عميقة تتهم اتحاد العلماء المسلمين بفروعه بما فيها الفرع التونسي ذي الوجه الإخواني بخيانة المصلحة الوطنية وخدمة الباب العالي باسمه السلطاني الأردوغاني و خدمة الأمر العلي القطري المرتبط بمشروع يحرّف الثورات العربية عن مسارات الحرية إلى مسارات الصوملة المؤدية إلى إعادة رسم الحدود الجيوسياسية بما يتناسب وإضعاف القوى الإقليمية العربية
ارتفعت الهتافات :
"تونس تونس حرة حرة والقرضاوي على برة..."
وتعالت أصوات تتهم القرضاوي و اتحاد علمائه  بفتاوى القتل تحت مسمى جهادي تضل الطريق إلى القدس وتهتدي إلى نحر دمشق :
"قتلتونا أولادنا...دمرتولنا بلادنا..."
أو "الجهاد في فلسطين يا تجار الدين..."
***
حدثني صديقي ذو الهوى السياسي الإسلامي قال :
"أرى هؤلاء المحتجين جمعا من الاستئصاليين المصابين بالإسلاموفوبيا الذين لا يعنيهم غير إلغاء أي حضور للإسلاميين ضمن المشهد السياسي والثقافي والمجتمعي..."
فدعوته إلى ضرورة التمييز بين الاستئصال بما هو ممارسة استبدادية مثبِتة للذّات مُلغِيَة للآخر وبين  التحرك الاحتجاجي بما هو ممارسة تعبيرية ديمقراطية نوعية...ومن هذا المنطلق أعلمته أني أعدّ هذا التحرّك ضد الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين تحركا احتجاجيا لجمع من "المثقفين الملعونين" بالمعنى الذي يقدمه "ميشال فوكو"
المثقفون الذين ترفضهم السلطة وتحاول طردهم بلعنهم واتهامهم بإثارة البلبلة والاضطراب وباللاأخلاقية...لأنهم أرادوا أن يقولوا على حد عبارة فوكو  إن الملك كان عاريا. "المثقف كان يقول الحقيقة للذين لم يكونوا يرونها و باسم الذين لا يستطيعون قولها..."
وقد كان عليّ أن أبين لصديقي :
-محلّ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من سلطة الملك
-ومحلّ هذا الاحتجاج من تعرية الملك
***.
1-الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين و أثواب السلطة:
يرتدي الاتحاد
*ثوب السلطة الدينية التي تتدرّع بالفتوى تحليلا أوتحريما وتكفيرا أوإدخالا في حظيرة الإيمان ( تشهد إحدى المحتجات أنّ أحد المشاركين في اليوم الدراسي للاتحاد قد واجههم بقوله : "يا كفّار" )
*ثوب السلطة السياسية
ينكشف هذا الثوب (في المستوى المحلي التونسي) حالما ننتبه أنّ راشد الغنوشي زعيم الحزب الشريك في السلطة ليس إلا الرجل الثاني في الاتحاد المُستقدَم إلى تونس , وحين نعلم أنّ "علي لعريض " من بين المشرفين على هذا اليوم الدراسي فضلا عن حضور وزيرين سابقين في حكومة التكنوقراط (وزير العدل السابق والنائب حاليا عن حركة النهضة  نذير بن عمو الذي ترأس الجلسة الثانية  ووزير التربية السابق فتحي الجراي الذي حضر بمداخلة عنوانها "في تحليل أسباب ظاهرة الإرهاب "
*ثوب سلطة المال باديا في إحدى تجلياته البسيطة الواضحة فيما ضخّ من أموال لتنظيم هذا اليوم في نزل فخم بالعاصمة
2- المثقف والاحتجاج لتعرية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
      يندرج التحرك الاحتجاجي ضمن سياق كشف حقيقة الاتحاد للذين لا يرونها أو لا يريدون رؤيتها رغم أنّ الوقائع والأحداث فيما بعد ما عرف ب"الربيع العربي" كشفت ازدواجية الخطاب لديه وتعدد الأقنعة ويمكن تعديد بعض الوجوه والأقنعة ضمن الثنائيات التالية
* ثنائية القناع الدّعوي والوجه السياسي الذي لا يتورع عن توظيف الفتوى والخطاب الديني في حملات انتخابية تبلغ حدّ تكفير من لا ينتخب الإخوان
*ثنائية القناع الديمقراطي والوجه الباحث عن تأسيس دولة دينية تشرّع لسلطة رجال الدين , وسلطة من ترتضيه خليفة باسم "الحاكمية لله"  وقد تكشّف ذلك تصريحا على لسان القرضاوي نفسه الذي طالما ادعى أنّه من دعاة الديمقراطية لكنه يجعلها  "ديمقراطية مخبَّأة في عباءة رجال الدين" حيث يقول
"ليس يلزم من المناداة بالديمقراطية رفض حاكمية الله...ويمكن إضافة مادة في الدستور واضحة وصريحة : إنّ كل قانون أو نظام يخالف قطعيات الشرع فهو باطل..." علما وأن  هذه القطعيات لا يرسم حدودها غير رجل الدين الذي يدّعي امتلاك الحقيقة المطلقة دون غيره حتى ممن يخالفه القراءة و التأويل من أصحاب المذاهب الأخرى...
هذا فضلا عن ارتضائه وهو الذي يحتضنه نظام ملكي استبدادي أن يتوجه بالانتقاد للأنظمة المدنية بدعوى غياب الممارسة الديمقراطية فيها
*ثنائية القناع الجهادي والوجه الإرهابي
وإن كان اليوم الدراسي الذي نظمه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تحت عنوان "ظاهرة الإرهاب بين المقاربة الأمنية والمقاربة الشاملة"  
فإنه يقفز عمدا عن درجة التأسيس الأولى التي يفترض منطقا أن تسبق البحث في مقاربات لمقاومة الإرهاب  إذ كان الأجدر به أن يجعل يوما دراسيا  يحدد خلاله مفهوما واضحا للإرهاب ,  وأن يعلن موقفا صريحا منه  وهو يقفز عن هذه الدرجة ليتمكن من تسويق خطاب مغالط يدعي رفض الإرهاب ظاهرا ويتبناه في العمق ما استطاع إليه سبيلا ...أفليس هو الذي طالما حدّ فتاوى الجهاد بما يتناسب وأجندات الباب العالي الأردوغاني والأمر العليّ القطري اللذين يرعيانه فدعا إلى "الجهاد" في سوريا وشجع أبناءنا بالفتاوى الداعية إلى "الهجرة" للانخراط  ضمن الحركات الإسلامية المتطرفة للقتال هناك في حين عدّ "مجرد معارضة " الملوك "خروجا عن ولي الأمر"؟ ثم أليس هو الذي غاب عنه أن يصدر يوما فتوى صريحة تفتح باب الجهاد ضد الصهيونية؟
***            
 إن هذا التحرك الاحتجاجي سيثبت –على قلّة عدد المشاركين فيه- أنّ أصحاب السلطة المادية والسياسية والدينية سيواصلون ملاحقة معارضيهم باللّعن...
لكن على هذه الأرض التونسية من يجرؤون على تعرية "الحاكم بأمر الله القرضاوي" و اتحاد علمائه من بعده , وإسقاط أقنعته....


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire