منذ شهور طويلة ونحن نؤكّد ونلحّ على أنّه ثمّة أمور دبّرت بليل منذ فجر
الثورة وإلى يومنا هذا بين مصالح رئاسة الحكومة
ودائرة المحاسبات وهو ما سمّيناه برحلة الألف ميل وفي كلّ ميل شبهة وفساد
ولا توعزنا الأمثلة ولا الأدلّة كما سنتطرق لذلك لاحقا ومرجعنا اليوم ما وردنا من
أنباء عن بعض الأسماء التي تهمنا في رحلة الألف ميل ومصنّفة ملفاتها ضمن ال300 ملف
فساد وسوء تصرف إداري ومالي الموضوعة بصورة حارقة على مكتب السيّد رئيس الحكومة
الجديدة الحبيب الصيد...
ذكّر فإنّ الذكرى تنفع...
نبدأ بعبد القادر بن صلاح الدين الزقلّي المورّط في ملفّ الاختلاس
بالصيدلية المركزية للبلاد التونسية PCT والذي عّينته حكومة الباجي في
بداية شهر أوت من سنة 2011 رئيسا على دائرة المحاسبات، ولضمان الاستمرار بعد
انتخابات 23 أكتوبر 2011 وللحفاظ على منصبه قام بتسريب التقرير الأوّلي حول رقابة
العمليات المالية المنجزة من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سنة 2011 (قبل
المصادقة عليه من قبل الجلسة العامة للدائرة ) لصديقه الحميم محمد العامري غرودة
مدير ديوان رئيس الحكومة حمادي الجبالي ، ثمّ تخلّى عنه الصديق في شهر ماي 2014
ليعيّن مكانه عبد اللطيف الخراط لأنه الأقرب إلى القلب وإلى الجيب وذلك زمن غياب
رئيس حكومة مافيا المال مهدي جمعة في رحلته الأمريكية وبعودته جابهه القضاة (عن
طريق جمعية القضاة التونسيين وغيرها) بموجة عارمة من التنديد والتبرّم والسخط
معبرين عن رفضهم للتدخل السافر من قبل محمد العامري غرودة في الشأن القضائي بقرار
حصري مرتجل مستعجل وانفرادي قضى بعزل روضة الميشيشي الرئيسة الأولى للمحكمة
الإدارية وعبد القادر الزقلي الرئيس الأول لدائرة المحاسبات، ووعد رئيس الحكومة
وقتها بإعادة الأمور إلى نصابها وتصويب ما أمكن تصويبه فدفع مدير ديوانه الثمن وقام
بعزله لعدم إمكانية التفاهم والتواصل في بداية شهر جوان 2014 وعوّضه بالكارثة محمد
الطاهر بالأسود (الصندوق الأسود لوزارة الصناعة قبل الثورة وبعدها)...وهنا يبدأ
الفصل الأهمّ في رحلة الألف ميل حيث لم يتم إهدار ولو دقيقة واحدة وأبرمت صفقة
عاجلة بين القادم الجديد على رأس ديوان رئاسة الحكومة بالقصبة والقادم الجديد على رأس
دائرة المحاسبات بشارع الحرية، وتم الاتفاق بين بالأسود والخراط على أن يتولّى هذا
الأخير سحب ملفّ التتبع العدلي الذي أعدّه ضدّه (عندما كان مندوب حكومة عام) بخصوص
التجاوزات والإخلالات التي تكتسي طابع جزائي (هدر أموال عامة واستغلال نفوذ) والتي
تم اكتشافها بمناسبة المهمة الرقابية التي أنجزتها الغرفة الجهوية لدائرة
المحاسبات بقفصة بصندوق إعادة توجيه وتنمية المراكز المنجمية وأدرجت ضمن التقرير
السنوي الثامن والعشرون لسنة 2013 الذي نشر ويا ليته لم ينشر...مقابل أن يسند
بالأسود امتيازات وتأجير وزير للخراط بالرغم من أن سابقيه لم يتمتّعوا سوى بامتيازات
كاتب دولة... وتمّ تغليف الصفقة بديباجة شرح أسباب أعدّها الخراط مشبها نفسه
بأعضاء الحكومة وبرؤساء المحاكم العليا في البلدان الأخرى على غرار أمريكا
وبريطانيا (وهو صاحب إجازة في الحقوق لا غير بملاحظة قريب من المتوسّط) وبإطار
قانوني أوجده بالأسود ما انزل الله به من سلطان واقنع به مهدي جمعة الذي كان يثق
في مدير ديوانه الجديد ثقة عمياء لا متناهية ومعتمدا عليه في جميع الشؤون والمسائل
خاصة التسميات والتعيينات (دافنينو مع بعضهم).
ويستمر مسلسل المعاملات حتى بعد انتخابات 2014 لنجد الخراط متربصا بأعدائه
متشبّثا بكرسيه رغم حالة الاحتقان والتوتّر القصوى التي تعم أرجاء الدائرة بلغت
حدّ تنظيم اعتصام مفتوح من قبل أعضاء وإطارات وأعوان وعملة الدائرة يوم 16 افريل 2015
أمام المقر الرئيسي للدائرة بشارع الحرية على خلفية تهميشهم وإقصائهم من عملية
إصلاح الإطار القانوني للدائرة والتي أوكلت حصريا إلى الخدومتين الطيّعتين
الأمينتين أصيلتا مدينة صفاقس آمال اللومي حرم البواب و فضيلة القرقوري بوفايد
العنصر الأساسي في عملية تسريب التقرير المذكورة أعلاه...ولا ننسى أن نذكر بان
جنون الكراسي قد استولى على الخراط وزيّن له طرد قاضيين من الدائرة بناء على قرار
فردي تعسّفي غلّف تغليفا بمسرحية المجلس الأعلى للصفاقسية...ونجد في الطرف المقابل
الكارثة محمد الطاهر بالأسود على رأس ديوان الوزارة التي اطرده منها الوزير الأسبق
محمد الأمين الشخاري والتي من المفروض ان تتولّى تتبعه بخصوص ما صدر منه من
تجاوزات في مكتب التأهيل خلال الفترة 2009-2012 وفي صندوق إعادة توجيه وتنمية
المراكز المنجمية خلال الفترة 2007-2009....
وهاهي حكومة السيد الحبيب الصيد تجني اليوم ثمار أخطاء حكومة السيد المهدي جمعة بل وخطأ هذا
الأخير حين استأمن محمّد الطاهر بالأسود
على أمور ديوانه ولم يتدارك الأمر في الوقت المناسب ولم يقم بعزله بالرغم من انه
بلغنا أن توفيق بوفايد الشهير بلصّ الصيدلية قد تأبّط شرا وغدر بصديقه بالأسود
ورئيسه في العمل آنذاك وحاول أن يقنع نضال الورفلي بستاني حكومة مافيا المال ومن
خلاله رئيسه جمعة بمضمون تقرير دائرة المحاسبات وجسامة الملاحظات ولكن ما كلّ ذئب
يدرك فريسته...
رئاسة الحكومة الجديدة : هل آن أوان "بكلّ حزم" ؟
نعود إلى أيامنا هذه حيث بلغتنا معلومات شبه مؤكّدة حول تحرّك بعض أوصال
رئاسة الحكومة في اتجاه تدارك ما يمكن تداركه خاصة وانّ رئيس الحكومة الجديدة قد
عبر مؤخرا عن استيائه وامتعاضه من أداء بعض أعضاء الحكومة ومن تسرع بعضهم في تعيين
مسؤولين دون توخّي الحذر والتحرّي وتراخي البعض الآخر وفرارهم من مسؤولية الانتقاء
والتعيين تاركين الجمل بما حمل في عديد المؤسسات والمصالح الهامة وتم تكوين 300
ملف تخص إطارات عليا وشخصيات معروفة للحسم في أمرها عاجلا:
- علمنا انه يوجد توجه للضرب بقوة
على مظاهر الفساد وسوء التصرف الإداري والمالي ولكن بكل تأنّ وذكاء حيث يذكر انه
تم تكوين لجنة سرية داخل رئاسة الحكومة الجديدة تدارست الملفات الحارقة المتعلقة
بالتعيينات منذ سنة 2011 إلى حدّ حكومة مهدي جمعة سواء بمصالح رئاسة الحكومة و
بالمؤسّسات والمنشئات والمساهمات العمومية وجميع الوزارات وقد تجاوز عدد هذه
الملفات 300 ملف كما أشرنا..
- في إطار سعيها لامتصاص الاحتقان الشديد الذي برز على مستوى إطارات وزارة
الصناعة ورفضهم القاطع للتعامل مع محمد الطاهر بالأسود رمز الفساد والتجمع المنحل
وسليل محمد عفيف شلبي والذراع الممتدّة للطرابلسية والمخلوع، أشارت هذه اللجنة على
رئيس الحكومة بعدم تثبيت بالأسود في خطته الحالية كمدير ديوان وإعادته إلى سلكه
الأصلي (هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية برئاسة الحكومة) في انتظار نتائج ما
سيؤول عليه البحث الخاص الذي يتم إنجازه في كنف السرية التامة بخصوص مصداقية ما
تضمنه تقرير دائرة المحاسبات الثامن والعشرين بخصوصه. وفي نفس الصّدد قد يتم
انتظار تصرف لبق ومتحضر من صاحب الشأن حيث يتوقع بعض المسؤولين المطلعين أن يتقدم بالأسود
باستقالته بمحض إرادته خاصة وان مشروع أمر تثبيته في خطة مدير ديوان أحيل منذ
الأسبوع الثاني من شهر فيفري لمصالح الحكومة ولم يتم المصادقة عليه للأسباب
المذكورة أعلاه.
- سيتم ربما خلال الأيام القليلة القادمة إجراء تعديلات منها تغيير وزير
الصناعة نظرا لتواضع ادائه وعجزه عن إقناع الرأي العام بالمشاريع التي انطلق فيها
وتبناها بتسرّع ودون استشارة رئيس الحكومة ولا نستغرب ذلك حيث عين من تلقاء نفسه
مديرا لديوانه والحال ان رئيس الحكومة قد طلب من جميع أعضاء حكومته إعلامه بكل
تعيين ومدّه بالترشيحات الضرورية مدعومة بالسير الذاتية...ولكن دون جدوى...ولعلّ
ذلك التعيين المتسرّع وما انجر عنه إلى اليوم من ضغط ومشاكل على مستوى ديوان رئيس
الحكومة هو السبب الأصلي في عدم رضا رئيس الحكومة على الوزير زكرياء حمد الذي أخفى
عنه موضوع صندوق إعادة توجيه وتنمية المراكز المنجمية لغاية في نفس يعقوب....كما
علمنا انّه سيتمّ لاحقا تعيين رئيس مدير عام جديد للشركة التونسية للكهرباء والغاز
بعد ان قامت الدنيا ولم تقعد في وجه رئيسها الحالي رشيد الدالي بإيعاز من بالأسود
الذي حرّك أصدقائه القدامى ليخلو له المنصب أو لحليفته سلوى الصغر المخلوعة مؤخرا
من الخطوط الجوية التونسية...ومن يدري....
- العديد من الملفات تخص دائرة المحاسبات منها ملف التسمية المشبوهة والمريبة
لعبد اللطيف الخراط وشكاية كان تقدم بها إطار سامي بالدائرة حاتم الرصايصي تخص
تظلم وأخرى تقدم بها لطفي دربال قاضي عضو مستشار بالدائرة وملفات اخرى تخص ترقيات
غير قانونية تمت دون احترام الشروط المطلوبة وتتعلق بتسمية كل من السيدات فضيلة
قرقوري وشريفة قويدر والزهرة خياش برتبة رئيس غرفة مركزية خلال مجلس أعلى انعقد
دون الالتزام بالضوابط القانونية وتولّى لطفي دربال على خلفية هذه الخروقات
الواضحة الطعن بعدم شرعية قرارات المجلس لدى المحكمة الإدارية وعلمنا بان اللجنة
قد تحصلت على نسخة من الملف وستفضي إلى ملاحظات ترفع لرئيس الحكومة الحبيب الصيد في
اتجاه مراجعة هذه التعيينات باعتباره رئيس المجلس الأعلى للدائرة بمقتضى قانون عدد
8 لسنة 1968 المنظم لدائرة المحاسبات كما علمنا بأنه سيتم خلال الأيام القادمة عزل
عبد اللطيف الخراط لعجزه وفشله في الارتقاء بالدائرة إلى مصاف المؤسسات العاملة
والمنسجمة بل أنّه قد ساهم بصفة مباشرة في
توتير واحتقان الأجواء وتعميق الفجوات والعداوات والارتباك.
- كنّا اشرنا سابقا إلى ضرورة عزل كلّ من نبيل العجرودي من منصبه كرئيس
الهيئة العليا للوظيفة العمومية وأسماء السحيري العبيدي مستشار القانون والتشريع
على خلفية مساهمتهما المباشرة والشخصية في فضيحة قانون العفو التشريعي العام
الكارثة التي حلّت بالإدارة التونسية ولكن تم عزل الأول وسمي في 27 مارس 2015
مديرا عاما بمركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات في حين ظلت أسماء
السحيري العبيدي في منصبها المذكور والذي أوشكت أن تفقده كما اشرنا في عددنا
السابق بسبب عجزها عن التناغم مع محيطها
وتواطؤها مع عناصر موالية لحركة النهضة وعدم حيادها وعدم كفاءتها التي تشهد عليها بسبب
عجزها المهني وضعف أدائها ومحدودية امكانياتها تكوينها القانوني بما أنّها متحصّلة
على الإجازة في القانون لا غير وشهادة تكوين إداري من المدرسة الوطنية للإدارة في
حين تعجّ البلاد بحاملي شهادات الدكتوراه والتبريز في القانون والتشريع. وقد أشارت
اللجنة المذكورة حسب مصادرنا المطلعة على رئيس الحكومة بعزلها على غرار نبيل
العجرودي وربما تعيينها في إحدى المؤسّسات العمومية لإبعادها من القصبة تحنبا
للتسريبات التي تم التفطن إليها من المصالح التي تشرف عليها.
- بالنسبة إلى توفيق بوفايد الذي ما يزال إلى اليوم المدير العام للمصالح
المشتركة منذ أكتوبر 2014 تتولّى اللجنة حاليا الاطلاع على ملابسات القضيّتين اللتان
تورّط فيهما بوفايد وفي نفس الوقت يتم حاليا إجراء اتصالات لترشيح أسماء وشخصيات
لمدير ديوان رئيس الحكومة محمد الطيب اليوسفي لإشغال الخطة التي يحتلها توفيق بوفايد
جاسوس الدائرة في رئاسة الحكومة وسفير الخزعبلات والألاعيب بها دون وجه كفاءة أو
اقتدار وذلك في انتظار النتائج التي ستسفر عليها مهمة التدقيق التي ينجزها حاليا
فريق رقابي من هيئة الرقابة العامة للمالية بخصوص التصرف الإداري والمالي
والتعيينات والرواتب والامتيازات من سنة 2011 إلى فيفري 2015....
- الأسعد مرابط الرئيس المدير العام لديوان الطيران المدني والصديق الحميم
لمحمد الطاهر بالأسود والذي يحتل هذا المنصب الذي لم يكن ليحلم به يوما في أعظم أحلامه
وأرقى أمانيه وطموحاته نظرت اللجنة في ملفه هو ايضا باعتباره من التعيينات
المشبوهة وتم التعرّض إلى فشله في الإدارة والتصرف وعجزه عن الحدّ ولو نسبيّا من
تنامي شبكات السرقات بالمطارات وتندني مستوى الخدمات ولا حياة لمن تنادي خاصة وانّ
وزير النقل محمود بن رمضان عاجز عن عزل الأسعد مرابط والتخلّي عن خدمات صديق صديقه
بالأسود ولا عن الطعن في تعيينات صادق عليها الصديق المشترك محمد عفيف شلبي...ويذكر
انّ النية تتجه إلى عزل الاسعد مرابط واستبداله بأحد كفاءات وزارة النقل (حبيب
المكي الأوفر حظا حسب التسريبات) .
- إزاء الاحتقان الذي استشرى على مستوى إطارات وزارة المالية بسبب تعيين بالأسود
في مجلس إدارة البنك التونسي الإماراتي رغم وجود تقارير ضدّه وذلك إلى جانب صديقه
باسل حميد وإزاء تبرّأ وزير المالية من هذا التعيين فضلا عن قيام هذا الأخير
بتعيين عبد القادر الزقلي رئيسا مديرا عاما للكرامة هولدينغ رغم وجود قضايا جزائية
مرفوعة ضد الزقلي ولم تحسم بعد فضلا عن سوء تدبيره في دائرة المحاسبات وفشله
الذريع السريع على رأس الصيدلية المركزية وكان الجماعة يقولون لكل من ينتقد هذه
التعيينات "فلتشربوا من البحر"...وقد علمنا ان هذا الملف يعدّ من ضمن ال
300 ملف شبهات فساد إداري ومالي وسيتم الحسم فيه قريبا
نبأ سعيد:
أعلم رئيس الحكومة الجميع سرّا وعلنا مباشرة وبالتلميح... بأنّ مضامين الرائد
الرسمي للجمهورية التونسية وقرارات مجالس الإدارة والاستنصار بالأحزاب السياسية
والاستقواء بالأجنبي والتدخلات لدى المقرّبين منه والمبعدين عنه كلّها ...كلّها...
عوامل لن تحول دونه ودون تطهير الإدارة التونسية ونفض غبار العهد البائد عماّ تبقى
منها... ولو كلّفه ذلك غاليا...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire