أبرز الاستنتاجات التي لابد من
صياغتها هي أن انتشار الإرهاب في تونس ووجود حاضنة من أسبابه الرئيسية
السياسة الثقافية المعتلة. فالكل يشهد بالخواء الإبداعي الذي تمر به البلاد. والكل
يعلم أن الثقافة في تونس ظلت مشروعا لم ير النور بعد، كحال تلك المدينة الثقافية
التي أكل عليها الدهر ولم تعد لها بعد الحياة... ونحن على أبواب المهرجانات التي انطلقت بمهرجان الربيع
بالحمامات ارتأينا سياقة بعض الشذرات
التي يرددها أكثر من
متابع للشأن الثقافي ونشر نزر من
التلاعب مع التنصيص أنّ الصحيفة منفتحة على كل القراءات والآراء الثقافية غايتها درء المخاطر
وسد أبواب التلاعب والنهوض بالعمل الثقافي.
فمن أوجه الفساد في وزارة الثقافة نجد ممارسات الموظفين
العموميين في هذه الوزارة الذين أصبحوا يقومون بوظائف أخرى يحققون منها مداخيل إضافية
على حساب
القطاع الخاص وتنسحب هذه الممارسات على أغلب الوزارات في الحكومة التونسية. موظفو
وزارة الثقافة يحققون ما يقارب ال 3 مليون دينار سنويا مقابل عملهم في المهرجانات
التي لا تدخل أصلا ضمن المهام الموكولة لوزارة الثقافة وفق
نص القانون وهي التي
استولت علي هذا القطاع وانتزعته من أصحابه الشرعيين القطاع الخاص والجمعيات
الثقافية. مع العلم وأنّ قانون الوظيفة العمومية
ببلادنا يفرض علي الموظفين العموميين العمل بدون مقابل في المسائل التي تعود إلى سلطة
إدارتهم وإشرافها، المرجع منشور الوزارة الأولى عدد 56 الصادر في 25 أكتوبر 1994
وعلي الرغم من ذلك يوظف موظفو وزارة الثقافة وكوادرها أنفسهم في المهرجانات
واللجان الخاصة بها ليحققوا مداخيل تتراوح بين" 1 و12 ألف دينار لكل واحد منهم
بموجب عمله في المهرجانات
.... ليس
هذا فقط فبعض الموظفين في وزارة الثقافة بعثوا مؤسسات خاصة لا توجد إلا على الورق
ويزاحمون بها القطاع الخاص ويتحصلون على الدعم والصفقات من المنبع.
ووزارة الثقافة تقوم بتنظيم 5 مهرجانات دون موجب حق، وهي مهرجانا
قرطاج والحمامات وأيام قرطاج الموسيقية، والمسرحية، والسينمائية ومعرض الكتاب، وعلى
نفس الإيقاع تنظم 300 مهرجان بداخل الجمهورية حيث لا يمكن لوزارة الثقافة إلزامهم
بتطبيق القانون وهي أول من يخرقه. وفي محاولة منها للهيمنة علي
القطاع وضربا للامركزية ولا محورية العمل الثقافي وفي مخالفة للقوانين ذات العلاقة
أصدرت وزارة الثقافة الأمر عدد 773 لسنة 2014 والمتعلق ببعث المؤسسة
الوطنية للمهرجانات وذلك بطرق ملتوية، وحيث وقع تجاهل القانون المنظم لقطاع تنظيم
الحفلات والتظاهرات علي مختلف أصنافها كي يتمكنوا من تمرير الأمر المشار إليه، والقانون
الذي وقع تجاهله في حيثيات الأمر المشار إليه، قانون الاحتراف الفني عدد 32 لسنة
1969 كما تم تنقيحه بالقانون عدد 12 لسنة 2001 والصادر بموجبه قرار إحداث كراس
الشروط الخاص بتنظيم الحفلات والتظاهرات بمختلف أصنافها والصادر بالرائد الرسمي
للجمهورية التونسية عدد 57 لسنة 2001بتاريخ 10/07/2001 وحيث لا يمكن لوزارة
الثقافة تنظيم التظاهرات وإقامة الحفلات أو التوسط فيها أو استجلاب الفنانين
والتعاقد معهم سواء أكانوا تونسيين أو أجانب وذلك لعدم توفر الشروط الواردة في
كراس الشروط المشار إليه والذي حدد كراس الشروط الواجب توفرها في من يمارس مهنة
الوساطة في إقامة الحفلات الفنية أو التعهد
بها والتي من أوكدها إمّا أن يكون ذاتا مادية أو شركة ذات الشخص الواحد.
تفطنت" الغرفة الوطنية لمنظمي التظاهرات الفنية" للمسألة
واعترضت على بعث مؤسسة ذات أهداف ربحية تمول من منح مخصصة للإبداع الثقافي...وتبعا
لموقف الغرفة قع تجميد الأمر المشار إليه ولم تفعل مؤسسة المهرجانات وواصلت وزارة
الثقافة فسادها مبررة ذلك ببحثها علي صيغة أخرى تمكنها من مواصلة فسادها.
فوزارة الثقافة علي استعداد للتفويت في المعالم الأثرية للقطاع
الخاص في إطار لزمة...ولكنها غير مستعدة للتفويت في المهرجانات التي تنظمها لأنها
توفر السيولة للمداخيل
المتأتية من بيع التذاكر للتظاهرات التي تنظمها وتوضع في صندوق أسود وتتصرف فيها نقدا كما يحلو لهم علي اعتبار أن تلك
المداخيل لا تعود لخزينة وزارة الثقافة بالنظر إلي أن هذه الأخيرة مؤسسة مانحة والأموال
التي تصرفها علي هذه المهرجانات تصرف بعنوان دعم في اتجاه واحد ومن دون عودة
... في
الموسم الماضي وقع إلقاء القبض علي موظف يبيع تذاكر الدخول لمهرجان قرطاج لحسابه
الخاص، حكم بالسجن، وهذا الموظف كان كبش الفداء لأنه ما كان سيقدم على فعلته لو لم
يشاهد بأم عينه فساد أعرافه والمتمثل في طبع
تذاكر موازية لتبقى التذاكر الأصلية في صناديق المهرجان.
وتخصص وزارة الثقافة 19500 مليون دينار سنويا للتظاهرات الفنية
والثقافية، تصرف منها على مهرجاناتها التي تنظمها بطرق غير قانونية 19 مليون
دينار وعددها 5 مهرجانات، وتوزع المبلغ المتبقي 500 الف دينار علي مختلف المهرجانات في 23 ولاية...قمة
التوزيع غير العادل ولا مركزية العمل الثقافي. ومن هنا نفهم لماذا ألغت
الولايات المتحدة الامريكية وبعض البلدان الاخرى وزارات الثقافة الخاصة بها واكتفت
بوكالات للإشراف على مخزونهم الحضاري ومؤسسات دعم تابعة لها وظيفتها مقتصرة على تقديم الدعم للفاعلين الثقافيين
ومتابعة مآله.
هناك عديد الأصوات لا تطالب
الحكومة بإلغاء وزارة الثقافة لان ذلك يتطلب ثقافة في حد ذاته، ولكننا فقط نتمنى إلغاء
تنظيم الحفلات العامة بعنوان عبثي اسمه مهرجانات قرطاج والحمامات وأيام قرطاج
السينمائية والمسرحية والموسيقية ومعرض الكتاب، لأنّ العديد من
"العرابنية" الشرعيين على استعداد لتنظيمها بأكثر جودة من برامج وزارة
الثقافة ومن دون أن يكلفوها مليما واحدا لتبقى ميزانية 20 مليون دينار في خدمة الإبداع
والمبدعين لا في خدمة العرابين التي أصبحت تعج بهم وزارة الثقافة.
ووزارة الثقافة اليوم أمامها مسؤوليات جمة خصوصا في داخل الجمهورية
أين الفراغ الثقافي كان سببا في وصول الأفكار المتطرفة لأبنائنا, فكل التظاهرات
التي تنظم في العاصمة تجد رواجا بحكم كبر المدينة وبالتالي فحتى السيء منها يحقق
لمنظميه المردودية .
لقد صرح
وزير المالية السيد سليم شاكر أن حكومة الصيد ورثت عن حكومة المهدي جمعة وضعية
مالية اقل ما يقال فيها انها مزرية ومحافظ البنك المركزي التونسي يصرح بان الحكومة
قد لا تقدر علي دفع الأجور.. ومراد الصقلي وزير الثقافة
السابق في حكومة" جمعة" لم يترك فقط وضعية مزرية في وزارته بل ترك مسامير
لوزيرة الثقافة الحالية وفي هذا الإطار لابد من التمعنّ في فساد وزارة الثقافة
وقيسوا بمثله على مختلف الوزارات، ففي هذه الوزارة 5000 موطن شغل ضائعة عن
العاطلين عن العمل،و80 مليون
دينار سنويا ضائعة عن خزينة الدولة بسبب
تمسك وزارة الثقافة بتعهد الحفلات العامة بعنوان عبثي اسمه المهرجانات .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire