لا
يختلف اثنان في كون الاختلاف والتنوع رحمة... ولكن لابدّ أن يكون هذا الاختلاف في
الأفكار والتي يمكن أن تجتمع في هيكل واحد أو تحت غطاء واحد وتتشكل في برنامج واحد
يكون قويا و ثريا... أما أن يكون التشتت والتفتت تحت رداء الاختلاف فتلك حكاية أخرى
أضرارها لا تعادل منافعها بل هي لا منافع لها...
ففي تونس
بعد الثورة تنوعت
المنظمات وتعددت الجمعيات حتى غدا عدد كبير من الجمعيات بلا
معنى وليس له ما
يضيف غير كونه رقما في
العداد الجمعياتي ... وفي تونس بعد الثورة اختلط الحابل بالنابل وتحركت
النوايا السيئة من كل حدب لضرب وحدة الصف فهذه منظمة اتحاد عمال تونس ثم المنظمة
التونسية للشغل لضرب وحدة العمال وتشتيت العمل النقابي و إضعافه تحت مسمى التعددية النقابية المزعومة... كما الشأن
في السلك القضائي ولو بدرجة أقل ّ على اعتبار الاختلاف في الدور المختلف
الذي تلعبه كل من جمعية القضاة من جهة و نقابة القضاة من جهة أخرى ... أما الصورة التي
تبقى ذات دلالة أكثر فهي تلك التي
تتعلّق بمنظمة الأعراف والتي ارتأى شق
من أبنائها ضرب وحدتها
من خلال إنشاء
منظمة موازية لأسباب ظاهرها تعددية وفي باطنها مصالح شخصية
فالمعلوم
أن الرأسمالية موحدة عالميا من خلال مؤسساتها المالية والتجارية ولنا في ذلك أمثلة
على غرار صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية حتى تضمن لها
التنسيق في "هجومها". كما أنها موحدة قوميا من خلال الدولة باعتبارها
أداة لتأبيد السيطرة الطبقية ورأسمال جماعي يحمي مصالح منخرطيها ويوفر لهم القوانين والمؤسسات الضرورية
لمراكمة أرباحهم ...
والمعلوم
أن وحدة منظمة الأعراف خط احمر لا يمكن
المساس به حتى يتسنى لها
من القوة ما يمكنها من
" التصدّي" (و لو أن القالب ليس
بصراع ) للهجوم العمالي العنيف خاصة مع ارتفاع منسوب المطلبية العمالية والتي اكتسحت كل الميادين دون استثناء اذ لا يمكن
بكل السبل أن يقع ضرب
وحدة صف الأجراء خاصة في فترة جد حساسة كان فيها الانفلات الإعلامي والتكالب على النيل
من أعراض اصحاب المؤسسات تحت مسميات
مختلفة و لأسباب متنوعة ...
انسلاخ في ثوب " خيانة"
طارق
الشريف يقدم انه خريج
جامعات فرنسية في
العقد الخامس من عمره
حظي في النظام السابق
بخطة نائب رئيس منظمة الأعراف الهادي
الجيلاني من سنوات 1995 إلى 2002 ... يملك مجمع
شركات صحبة شقيقه رضوان منها في الصناعة الكيميائية والتوزيع
والبعث العقاري و السياحة
والالكترو كهربائية والفلاحة والإعلامية والمالية و النقل البحري كما شغل خطة رئيس الجامعة التونسية لكرة التنس و نائب
رئيس الاتحاد الإفريقي للتنس ...
والحقيقة
أن كل المنخرطين في منظمة الأعراف يدركون
حقيقة انشقاقه أو هو في الحقيقة انسلاخ بلا مبادئ حيث سعى الرجل بكل ما أوتي من جهد
إلى نيل منصب رئيس الاتحاد التونسي
للصناعة والتجارة والصناعات
التقليدية غير انه لفظ منه
دون عودة و خاب مسعاه في الوصول إلى
مبتغاه فابتكر مسارا مخالفا
وصفه الكثير بالمقيت وقام
في شهر سبتمبر من سنة 2011 مستغلا حالة التشرذم التي
تمر بها البلاد وأسس ما يعرف ب(كنفدرالية
المـؤسسات المـواطنة التــونسية (CONECT)
(CONECT) أو لقاء اللوبيات
المؤكد أن
الغاية من تأسيس هذه المنظمة
لم يكن بالأساس التعددية
المزعومة بل في الحكاية لمسات خفية فيها من
الانتهازية والأصولية الشيء الكثير
وتلك اللمسات لم تكن
مجرد تهمة نسوقها على الملأ
هكذا وإنما من باب الاستنتاج الذي توصلنا إليه
من خلال رصد
تفاعلات القرّاء و المتابعين على صفحات
التواصل الاجتماعي وما يكتب
من تعاليق حول شخصية الرجل ... بل
هناك شبه
إجماع أن (CONECT) كانت الغاية منها إضعاف منظمة الأعراف التي ولد من رحمها الشريف ونما فيها وتطور بها وازدهرت بفضلها أعماله وتعرّف من خلالها على عديد
العلاقات الخارجية و خاصة منها الإفريقية حيث استطاع أن يوسّع دائرة استثماراته و ان يراكم
مرابيحه بها وعبرها ..وهناك
شبه إجماع على أن منظمة الشريف جعلها لحيازة مكانة في الصفوف
الأمامية و شمّاعة للتواجد على الساحة الاقتصادية والسياسية بل إن
المنظمة ليست إلا حصانة شخصية ومنها
يستمد قوتها حتى انه شرّع أبوابها لمن
هبّ و دبّ ... فالرجل لم يجد له
موضعا في المنظمات العريقة
فراح يبحث عن آخر فالمصلحة الشخصية عنده أرقى من
المصلحة الجماعية والهدف الشخصي عنده أرفع من الهدف الجماعي النبيل ...
و (CONECT) الشريف استمدت مشروعيتها من
لوبيات يدركها القاصي والداني
بتاريخها " المتعفف" حيث كانت
مؤلفة من طارق الشريف رئيس المنظمة وخديجة بن محمود الغربي وكريم
القرناوي و منية جقريم وسهيل حشيشة
... و حتى لا نمرّ على الأسماء
مرور الكرام كان لزاما أن نبسط
لكم أصلها و فرعها أهي شجرة طيبة وفرعها طيب أم
أنها ( الأسماء المؤسسة للمنظمة) تنطبق
عليها المقولة الشهيرة "
الفاسد من الفاسد كالوارث من أخيه فكيف
نصع حاضره وقد أسوّد ماضيه" ...فبالنسبة
إلى كريم القرناوي فهو اليد اليمنى لامحمد ادريس وهو الذي تعلّق به الفساد
الذي ضرب في البحر والبرّ من خلال شركة تربية الأسماك بحلق
المنجل و التي أتت على الملك العمومي البحري وعاثت خرابا بأملاك الغير ... أما منية جقريم فهي
ابنة ليلى الخياطي زوجة وزير الشؤون
الخارجية الأسبق الهادي مبروك وما في ذلك من
دلالة من حبّ للسلطة وأما
الاسم الثالث فهو أشهر من
نار على علم وهو سهيل حشيشة
المكلف بالشؤون المالية في مجمع
حشيشة وهو من سلالة آل حشيشة الذين كتبنا
عنهم الكثير و الذين أصبح لهم صيت واسع في عالم " الترافيك" ...
و خلاصة
القول والاستنتاج أن طارق الشريف عرف كيف
تؤكل الكتف حيث جمع اللوبيات
المالية وأسس منظمته " الهزلية"
مهازل الشريف
صحيح
أن الرجل تحوّل إلى رئيس لمنظمة
موازية بعد الثورة بعد مسيرة طويلة من النضال السياسي وهو المعروف بحسن سيرته الذاتية وبصحة بوصلته النضالية و بمدى حكمته وقدرته
على تجنب الانزلاق كغيره إلى مستنقع العمالة وذلك لتحصنه بالاستقلالية السياسية و
لانتمائه إلى جبهة النضال الأساس وهي شعب
التجمع المنحلّ .. غير انه ظل موصوما بعار الوصولية وهو الذي التصق
بذيل الهادي الجيلاني وبذيل أستاذ جامعي
يدعو النوري ادخله عالم الصناعة
الكيمائية وثم بوزير الصناعة السابق ابن
بلدته المنصف بن عبد الله وغيرها من الأسماء الأخرى التي
يطول ذكرها ... أما ما لا يمحى
من الذاكرة الجماعية حتما هو ما تسبب فيه طارق الشريف لعمّاله من أضرار فادحة في مصنع اللصاق
المخصص للخشب و الجلد و تلك مأساة لابد أن نوردها في سياق
قادم...
يبقى القول أن عديد
الأصوات التي رددت أن طارق الشريف لن يبيعها
شيئا و انه أنجزت سقطته الأخيرة، وليس أمامه
الآن سوى الانتحار، لعله يكفّر، ولو قليلا، عن المهازل التي أنجزها على مدار حياته
و عديدة هي الأصوات المنادية بتطهير المشهد
المنظماتي من أولئك الذين ينحازون إلى مصالحهم الضيقة ويسددون
سهامهم إلى صدر المنظمات العريقة ... و
لكن هيهات ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire