قيل
الكثير عن تفشي الفساد في تونس قبل الثورة إلى مستويات قياسية وسال الكثير من
الحبر في الصحافة العالمية حول مدى تورط عصابة الطرابلسية في التهريب واليوم وبعد
مرور أكثر من أربع سنوات على فرار المخلوع ورغم تفكيك شبكة المافيا المنسوبة
لأقاربه وأصهاره لا تزال الحال على ما هي عليه بل تردت إلى الدرك الأسفل بعد أن
أحكمت مافيا التهريب La mafia de la contrebandeسيطرتها على مواقع القرار
Les cercles
de décisionوبسطت نفوذها ليشمل كافة الأجهزة من سلطة إشراف
وديوانة وأمن وقضاء... ولتتحول تونس إلى جمهورية مافيوزية بامتياز "جنة
التهريب" Paradis de la contrebande مرتعا لعصابات التهريب
وملاذا آمنا لتخزين مختلف أنواع البضائع الممنوعة والمحجرة وطريقا سهلا لعبور
المخدرات والأسلحة والمتفجرات والأموال والذهب بجميع ألوانه (الأصفر والأبيض
والأسود والأزرق والأحمر).
زمان
انحصر حديثنا عن التهريب من خارج تونس لداخلها لمنتجات وسلع
تتنافى مع القانون والأخلاق بشكل مباشر ولكن الآن أصبح كلامنا يهم التهريب
في الاتجاهين بعد أن توسعت رقعة التهريب من داخل تونس لخارجها لتشمل كل ما خف
حمله وغلا ثمنه، وما يهمنا في مبحث هذا العدد الاستقصائي ملف تهريب الذهب الأحمر
ونعني به المرجان الطبيعي الأحمر والذي سيطرت عليه على مدى عقود مافيا ايطالية Torre del GrecoCamorraومقر معقلها بلدة Torre del Greco قرب مدينة نابولي جنوب ايطاليا(أهم مركز في العالم لتحويل المرجان المهرب)وهي التي نجحت في استباحة
حدود البلاد ومعابرها لتهريب كميات مهولة من المرجان الطبيعي المهرب من الجزائر.
شبكة مافيا دولية على
غاية الخطورة تضم تونسيين وجزائريين وايطاليين اختصت منذ سنوات في تهريب المرجان الطبيعي
من الجزائر مرورا بتونس وصولا إلى إيطاليا...المافيا
الايطالية اختارت تونس كقاعدة خلفية لنشاطها الممنوع مستغلة قربها من الحدود
الجزائرية ومن السواحل الايطالية إضافة إلى الظروف الأخرى الملائمة (تواطؤ حماة
الوطن – ضعف الدولة) والتي سهّلت مهمة الجماعة فاستباحوا الأرض والعرض والبر
والبحر والجو ونجحوا سنويا في تهريب أكثر من 20 طنا من المرجان من الجزائر.
وبمقارنة الكميات المهربة مع الكميات المحجوزة فعليا والتي لا تتجاوز 500 كلغ في
السنة نخلص إلى أنّ الفارق كبير جدا إذ لا يتجاوز المحجوز 2.5% من المهرب .
وتشير
مصادرنا الموثوقة أنه لإنجاح عمليات تهريب المرجان يعمد البارون صلاح الطرهوني إلى
الاستنجاد بالخدمات الخاصة لعدد من موظفي الديوانة والشرطة الضالعين في عالم
الفساد والرشوة لتأمين تنقل البضاعة داخل البلاد وخارجها وبعملية بسيطة في الجمع
والضرب واعتماد على أن تهريب المرجان من الحدود الجزائرية إلى الحدود البحرية تتم بواسطة
سيارات تشحن عادة بكميات من المرجان تتراوح بين 50 و200 كلغ فإن حماة الوطن
اعتادوا تأمين أكثر من 200 سفرة سنويا أو ما يقارب 4 سفرات أسبوعيا تنطلق مساء كل
سبت من العاصمة في اتجاه ولاية جندوبة ولتعود إليها يوم الأحد محملة بالشحنة
المهربة وبعدها يتكفل احدهم بإيصال الشحنة إلى وجهتها النهائية وبحكم أن تونس
اعتمدت بعد الثورة سياسة السماء المفتوحة فإنها لم تجد حرجا في تنفيذ نفس السياسة
على الأرض لتحول حدودنا البرية المحروسة إلى مفتوحة لشتى أنواع البضائع المهربة.
صلاح الطرهوني الساق الخشبية لمافيا المرجان في تونس
أحد أشهر بارونات
مافيا تهريب الذهب الأحمر (المرجان الأحمر الطبيعي) في تونس وفي جنوب ايطاليا هو
قطعا البارون صلاح الدين الطرهوني (أصيل جرجيس وقاطن ببنزرت)صاحب مجموعة من
الشركات الفقاقيع الواجهة Société Rami Corail (رقم معرفها الجبائي856303 T/A/M/000 عدد سجلها التجاري B154632003)وSociété Molka Corail (عدد سجلها التجاري B0496222007) ورئيس النقابة المزعومة "نقابة
الغوص لصيد المرجان ببنزرت" أو نقابة الغواصين أو الغطاسينSyndicat des Plongeurs
Professionnelsويرتبط الرجل بشبكة علاقات واسعة داخل أجهزة القضاء والأمن
والديوانة مكّنته من ممارسة نشاطه المشبوه بكل حرية بعيدا عن التتبعاتوالمساءلات.
وتؤكد
مصادرنا أن صلاح الطرهوني نجح خلال صائفة 2014 في فرض تعيين صديقه كولينيل جيش
الطيران كمال بن ناصر في خطة مدير عام للديوانة بعد أن وسط شقيق المهدي جمعة رئيس
الحكومة السابقة المدعو محمد الصادق جمعة صاحب مقهى الفونيس بمنطقة سيدي سالم
ببنزرت (Salon de Thé Fawanis) ... حاكم الديوانة الجديد استقدم من
اجل مهمات ثلاث الأولى إغلاق ملف قضيته الديوانية الشهيرة بأقل الأضرار والثانية
العمل على التخلص من غريمه الأبدي سمير بن راشد والثالثة غض الطرف عن عمليات تهريب
المرجان عبر تونس.
القضية التحقيقية عدد 7022/3 بمحكمة منوبة :اللي عندو الحبّ يلعب كيما يحبّ
أوائل شهر مارس 2013 نجح عقيد الديوانة سمير بن
راشد في عملية حجز ديوانية قياسية وغير مسبوقة في اختراق جدار الصمت وفضح المستور
من خلال الإطاحة بإحدى أكبر مافيات التهريب وأخطرها داخل معاقلها بولايتي بنزرت
وجندوبة Torre del GrecoCamorraمن خلال حجز كميات
مهولة من مختلف أنواع البضائع المهربة وخاصة منها المرجان الطبيعي ومبالغ مالية
ضخمة بالعملة الصعبة (4000 مليون دينار) ... نجاح العقيد بن راشد في إلقاء القبض "بضربة
معلم " على جل أفراد العصابة الخطيرة والمتكونة من جنسيات مختلفة تونسية
وايطالية وجزائرية (صلاح الطرهوني وشقيقه حسن - مراد الورهاني وشقيقه رمضان -
حاتم المدلل - محمد جراي - فتحي النفزي - صالح البجاوي –"لويدجي طري بروني"
زوج أحلام البجاوي وسام الشايبي و"نيكولا ماليلو" وشقيقه ميشال و"جاكومودينيزاي" قابله امتعاض ملحوظ
لأصحاب القرار في بلدي ولو أنهم قبلوا بقانون اللعبة ومنحوا يوم 04/04/2013 الضابط
الديواني الشجاع وسام الشرف للديوانة... حفل توسيم بن راشد من طرف الرئيس المؤقت
منصف المرزوقي على نغم "مكره أخاك لا بطل" غاب عنه مدير إدارة الحرس
الديواني حافظ العزيزي والسبب أن شقيقه الأصغر عون الديوانة متورط هو أيضا ضمن
أفراد عصابة تهريب المرجان وقد تحصن بالفرار بمساعدة شقيقه المتنفذ بالديوانة ... وكيلة إحدى الشركات الواجهة المورطة في ملف قضية
الحال (المسماة أحلام البجاوي شقيقة إطار يعمل بالإدارة العامة للمصالح المختصة)
اعترفت لدى باحث البداية بكونها تتعاطى نشاط تهريب المرجان الطبيعي منذ سنوات مع
زوجها المافيوزي الايطالي "لويدجي
طري بروني"انطلاقا من منطقة أم الطبول الجزائرية ووصولا إلى جهة بنزرت
ومنها يتم إما تهريبها بحرا في اتجاه ايطاليا
أو تصديرها بواسطة تصاريح ديوانية مغلوطة ....
ومن المفارقات العجيبة في ملف قضية الحال (التكوين والانخراط في عصابة
ووفاق التحضير للاعتداء على الأملاك والأشخاص والشراء والمسك لبضاعة محجرة متأتية
من جنحة التهريب ومسك عملة أجنبية بدون سند قانوني )أن يخلى سبيل كل
أفراد مافيا التهريب (قضية تحقيقية عدد 7022/3 بالمحكمة الابتدائية بمنوبة وعدد 90012 /9 و92563/10 بدائرة
الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس) مقابل إحالة الضابط الشريف سمير بن راشد على
التقاعد الوجوبي (قرار صادر عن وزير المالية المتخلى عنه حكيم بن حمودة ومصادق
عليه من طرف رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة بتاريخ 22/11/2014) وهو ما يؤكد سيطرة
المافيا على مفاصل الإدارة التونسية بمختلف أصنافها وبكل مصنفاتها .
إطار وزارة الداخلية المتورط في تهريب
المرجان ومحكمة العادة والعوايد:اللي شنعت تكمّل ليلتها
الغريب
في القضية التحقيقية التي تعهد بها قاضي تحقيق المكتب 3 بالمحكمة الابتدائية
بمنوبة أنها تعلقت بقضية تهريب خطيرة جدت وقائعها بولاية باجة وتورط فيها إطار سام
بوزارة الداخلية القي عليه القبض مساء يوم السبت 19/10/2013 من طرف إحدى فرق الحرس
الوطني على مستوى مدخل مدينة نفزة متلبسا بتهريب كمية كبيرة من المرجان الأحمر الطبيعي
(160 كلغ) داخل سيارة إدارية أمنية من نوع رينو ...وبعد فترة سجن جد قصيرة لا
تتجاوز الأربعة اشهر أطلق سراح الموظف الموقوف رغم حالة التلبس وخطورة الأفعال
المنسوبة وأعيد إلى سالف عمله كما تناقص مبلغ الخطية المستوجبة من 800 ألف دينار
قيمة البضاعة المهربة إلى 300 ألف دينار ومنها إلى لا شيء بعد أن قضي في حق الموظف
المهرب بعدم سماع الدعوى لبطلان الإجراءات نظرا لعدم اختصاص المحكمة المتعهدة
ترابيا والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان لماذا وجه ملف قضية الحال إلى محكمة منوبة
والحال أن الواقعة جدت بباجة ومسكن الموظف المتورط بباردو(تونس) ومقر مشغله وزارة
الداخلية بتونس وإذا كان الدافع سبق تعهد القاضي بقضية مشابهة وقد تكون لها علاقة
بواقعة الحال فلماذا لم يتعهد نفس قاضي التحقيق بجريمتي اغتيال الشهيدين شكري
بلعيد ومحمد البراهمي(قضية اغتيال شكري بلعيد تعهد بها قاضي تحقيق المكتب 13
بابتدائية تونس (ب.ع.) فيما تعهد بقضية اغتيال محمد البراهمي قاضي تحقيق المكتب 12
بنفس المحكمة (م.م.))رغم أنهما مستنسختين نفذتهما نفس الأطراف الإرهابية بنفس
الطريقة وبنفس السلاح وفي نفس الجهة (ولاية أريانة)... والجواب في أسباب اللخبطة
القضائية أن الأمر تعلق بمتهم من نوع خاص يحظى بحصانة خاصة على علاقة قرابة بالشيخ
راشد الغنوشي رئيس الحزب الحاكم ونعني به مسؤول الأبحاث الخاصة بالإدارة العامة
للمصالح المختصة هشام محمد كريم المستوري(الشيخ راشد الغنوشي ليس إلا زوج خالته).
تلاعب مقيت لمصالح الديوانة بكمية وقيمة المحجوز:يهزّ من
الجّابية يحطّ في الخابية
عملية
التلاعب بمقدار وبقيمة المحجوز معروفة لدى الجميع فتجدك تسمع الخبر ونقيضه في نفس
اليوم وعن الواقعة فمرة يعلنون عن حجز 80 كلغ من المرجان الطبيعي بقيمة مليون
دينار (أواخر شهر ماي 2014 على مستوى المعبر الحدودي ببوش من ولاية جندوبة) وفي
أخرى يتم الإعلان عن حجز 130 كلغ من المرجان بقيمة 800 ألف دينار والفارق كبير من
ناحية الكمية (50 كلغ) ومن ناحية الثمن (الضعف تقريبا) ولتتناقص بعدها الكمية في
ظرف لا يتعدى اليومين إلى 121 كلغ من المرجان وليتناقص ثمن المحجوز بطريقة مثيرة
للجدل ليصل إلى حدود 360 ألف دينار فقط . ومن غير المستبعد أن يقع بعدها اللجوء
إلى الخبراء لتخفيض ثمن المحجوز إلى الصفر وهو تقريبا نفس التوجه الذي اعتمد في
واقعة مدينة نفزة خلال شهر أكتوبر 2013 حينما تم اللجوء إلى خبراء "آخر
زمن" عدلوا في قيمة المحجوز من الذهب الأحمر لتتساوى مع الذهب "الفالصو"
والحال أن المرجان الأحمر الطبيعي المهرب من الجزائر ذو جودة عالية (ملكي) وثمن
الكلغ منه معروف على المستوى العالمي.... تصوروا المهرب الايطالي يعترف بعظمة
لسانه بأن ثمن الكلغ من المرجان الطبيعي يتراوح بين 320 أورو إلى 350 أورو(800 دينار) فيما ذهب
الخبير العدلي في المصوغ والأحجار الكريمة المعتمد من طرف الإدارة العامة للديوانةإلى
تقويم كلغ المرجان بين 30 و60 ديناراللكلغ الواحد والفارق شاسع بين
الحقيقة والخداع... ولكم التعليق وما خفي كان أعظم.
مصالح أمن
ميناء مرسيليا تلقي القبض على مسؤول الديوانة التونسية وبحوزته كمية مهولة من
المرجان المهرب :الخطّ على أوّلو
انخراط أعوان الأمن والديوانة
في شبكة تهريب المرجان corail de contrebande داخل بلادنا يعود إلى سنوات ما قبل الثورة (سنة
2003 بالتحديد) بعد ازدياد الطلب على مرجان السواحل الجزائرية والذي عرفت أسعاره
العالمية طفرة نوعية وبديهة أن يكون مسؤول الأبحاث الخاصة بالإدارة العامة للمصالح
المختصة هشام محمد كريم من أول المنتدبين وهو الذي سبق له أن تورط خلال أوائل
تسعينات القرن الماضي في فضيحة تهريب المخدرات couscous connectionمع منصف بن علي شقيق الرئيس المخلوع ...
وبمرور الزمن توسع نشاط عصابة الجريمة المنظمة وازدهرت أعمالها والتحق بها عدد
كبير من الموظفين الفاسدين ولعل الفضيحة التي جدت مؤخرا بميناء مرسيليا حينما القي
القبض يوم 12 فيفري 2015 على عون الديوانةأحمد بن سليمان
وبحوزته كمية مهولة من المرجان المهرب مخفية بإحكام داخل حقائب معدة للغرض
والمفاجأة أن عون الديوانة المتورط لم يكن في سفرة سياحية خاصة بل كان في مهمة
ديوانية رسمية مكلفا بالإجراءات
الديوانية مع المسافرين على ظهر الباخرةFormalité Douanière à bord المتجهة من ميناء حلق
الوادي الشمالي Port de la
Goulette
إلى ميناء مرسيليا Grand port maritime de Marseille وقد استغل موظف الديوانةأحمد بن سليمانمهمته الرسمية على أحسن وجه لممارسة
التهريب على طريقة "حاميها حراميها" ونظرا لخطورة الجرائم المرتكبة قررت
السلطات الفرنسية إيقاف الموظف التونسي على ذمة الأبحاث القضائية ورفض الاستجابة
للطلب الجهات الرسمية التونسية ترحيله لاستنطاقه من طرف إدارة الأبحاث الديوانية
... .
وتؤكد
مصادرنا أن الموظف الديواني المورّط يعمل ضمن شبكة معقدة يصعب كشفها وتتكون من
كبار مسؤولي الديوانة والأمن ومن ضمن أفراد الشبكة نجد مسؤولا بالإدارة العامة
للمصالح المختصة بوزارة الداخلية يدعى رشيد بن فقير (أصيل منطقة جبل الأحمر
بالعاصمة وتجمعه علاقة قرابة عائلية بعون الديوانةأحمد بن سليمان بحكم أن الأول متزوج من خالة الثاني المسماة سلوى
الشرفي (وتعمل نقيب بالديوانة) ...وقد سبق لرشيد بن فقير الذي يعمل حاليا مسؤولا أمنيا
بمحافظة ميناء رادس التجاري (كان قبلها يعمل بمحافظة ميناء حلق الوادي)أن تورط في
السابق في عمليات تهريب إلا أن تطور علاقته الخاصة بفرج قدورة المدير العام السابق
للمصالح المختصة ساعدته على الإفلات من العقاب ...وتضيف مصادرنا أن لموظف الديوانة
بن سليمان شركاء داخل جهاز الديوانة يعملون بمختلف المواقع (الإدارة العامة –
مختلف الإدارات الجهوية والمكاتب الجهوية والحدودية - الحرس الديواني – الأبحاث
الديوانية - الأمن الديواني – الوحدة
البحرية - ...) وجميعهم يتقاسمون الأدوار
مقابل عمولات ورشاوى تصلهم نقدا راس كل شهر كل حسب دوره صلب الشبكة .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire