jeudi 26 février 2015

التطرف الديني وكتابة التاريخ قراءة الموت المسكوت عنه في "نورث كارولينا" في ضوء "صِدَام الحضارات" "لِصامويل هنتنغتون"




الأقوياء لا يكتبون التاريخ فحسب , بل يصنعونه أيضا...

الأقوياء أبرياء من دمنا وإن قتلونا ...

يتكيف الإرهاب كما شاءت له إرادة المهيمن ثقافيا عبر ما اكتسب من وسائل صناعة الخبر وخلق الحقيقة التي تناسبه في مراكز البحوث التاريخية والاستراتيجية وفي وكالات الاستخبارات وفي وكالات الأنباء العالمية...     يتخفف التطرف الديني من هويته المسيحية واليهودية , ليُختَزَل في الإسلام الداعشي...
•••
التاريخ الذي أعميت إحدى عينيه لا يبصر جرائم محاكم التفتيش , ولا المجازر التي ترتكبها العصابات الصهيونية ولا فظاعات اليمين المسيحي المتطرف...
وكالات الأنباء العالمية ترى جيدا حادثة شارلي هيبدو , وحادثة مهاجمة الكنيس اليهودي بالدنمارك ويسقط من مجال رؤيتها قتل ثلاثة طلاب مسلمين من عائلة واحدة على يد متطرّف أمريكي بعد إطلاق النار عليهم في منزلهم الواقع في نورث كارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية ...
تُسدَل الحُجُبُ على قتل الطالب في كلية طب الأسنان بجامعة نورث كارولينا     ضيا شادي بركات ذي الثلاث وعشرين عاما، وزوجته يُسر محمد البالغة من العمر 21 عامًا، وشقيقتها رزان محمد أبوصالحة البالغة من العمر 23 عامًا والتي تدرس الهندسة المعمارية بنفس الجامعة فتتحفّظ الشّرطة الأمريكيّة على الإعلان عن الخبر وتمنع بقرار قضائي نشر تفاصيله في وسائل الإعلام وتُعمَّد الجريمة في مياه تحضّرهم المقدّس  , تتطهّر من أدران التطرف الديني المسيحي -بالتّأكيد عمدا- على نسبة الجريمة إلى ملحد نَسِيَ أو أُنسِيَ أن يوجّه رصاصه إلى يهودي أو مسيحي ليصيب عائلة جنى عليها ذنب أنها قد حملت هوية ثقافية عربية إسلامية؟
•••
لأنهم هم الذين يكتبون التاريخ , ولأنهم هم الذين لا ينقلون الخبر بل يصنعونه فإنهم يمزّقون من صفحات التطرّف الدّينيّ كل ما كُتِب بدماء أهرقتها الصهيونية وهي تقترف جرائمها مذ شرعت في تأسيس دولة عنصرية تقوم على مفهوم توراتيّ , هو مفهوم "شعب الله المختار"
ويمزّقون من صفحات التطرف الديني مفهوم "الفوضى الخلاقة" بما هو مفهوم ذو مرجعية إنجيلية إذ ينسب إلى الأب “ديف فليمنج” بكنيسة المجتمع المسيحي بمدينة بتيسبرج ببنسلفانيا قوله: إن الإنجيل يؤكد لنا أن الكون خُلِق من فوضى، وأن الربّ قد اختار الفوضى ليخلق منها الكون..."
وقد تطور هذا المفهوم ليصير مفهوما سياسيا استراتيجيا أقرب إلى مفهوم الإدارة بالأزمات  أعلنته تصريحا كونديليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد بوش حين تغيرت سبل السيطرة على مدخرات الشرق الأوسط وتطويعه انطلاقا من غزو العراق وصولا إلى استنبات الزهور السامة "قاعدة ونصرة وداعش..." فيما سمي "ربيعا عربيا" لمزيد إغراء الذات العربية واستدراجها إلى تدمير ذاتها ومن ثمة إعادة بناء الواقع الجيوسياسي للمنطقة حسب ما تشتهي النيوليبيرالية . وقد عبر صامويل هنتنغتون أحد أهم المنظرين للاستراتيجا الأمريكية عن أهمية صناعة الفوضى  في كتابه "صراع الحضارات" إذ اعتبر أن " المزيد من الفوضى  ستقود في نهاية الأمر، إلى استبدال قواعد اللعبة واللاعبين... "
وهينتغتون ينطلق من فرضية أنّ
الهويّة الثقافية والتي هي في أوسع معانيها الهوية الحضاريّة هي التي تشكّل نماذج التماسك والتفكك والصراع في عالم ما بعد الحرب الباردة...
وهو في الحقيقة يتخذ من هذا الصراع تبريرا لعدوان الامبريالية على الآخرين من "الهَمَج" ( انظر الصورة التي تقدمها الجماعات التكفيرية من ذبح وحرق هذه الحركات التي أسهمت في إنتاجها الامبريالية لمحاربة الاتحاد السوفياتي سابقا إلى تفكيك وإضعاف سوريا و ليبيا حاضرا)
•••
إنه تزوير الصراع من صراع مادي على الموارد والسياسة والجغرافيا إلى صراع حضاري ثقافي تُبنى على أساسه استراتيجيّات حروب بالوكالة غايتها هيمنة النيوليبيرالية بواسطة أنظمة عميلة من جهة وجماعات مقاتلة تكفيرية تقاد بالارتزاق والتجنيد الاستخباراتي وعَمَى الجهل المقدّس يسيّرها بلا هدى من جهة ثانية...
•••
هو العالم يُقاد إذن ويعاد تشكيله من قبل المتطرفين دينيا الذين يمكن تصنيفهم إلى صنفين:
تطرّف الأقوياء اليهوأمريكيين , وهو تطرّف مسكوت عنه أو منزّه إعلاميا  لأنه تطرّف المسيطر الذي يسطُر التاريخ ويرسم الجغرافيا .

في مقابل تطرف "الدّمى التكفيريّة المتوحّشة" التي يصطنعها ويمسك بخيوط حركتها التطرف السابق ليُشرعِنَ  وجوده , وتدخّلاته عسكريّا وسياسيا واقتصاديا... حيث إنّ بثّ المزيد من الفوضى كما سبق ونقلنا " سيقود في نهاية الأمر، إلى استبدال قواعد اللعبة واللاعبين... "  


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire