mercredi 4 février 2015

هياكل الرّقابة على المال العام (الجزء 5): حديثها يا هذا في النّافخات زمرا لأن لم يكن أمرا يأخذ دهرا




لأنّه لا أحد يريد تفعيل الرّقابة الجديّة على المال العامّ مال المجموعة الوطنيّة والجميع يريد التصرّف لما فيه من تكليف وتشريف ومناصب ...ولأنّ ترأس الوزارات والإدارات مجلبة للامتيازات الماديّة والمعنويّة والمكانة الاجتماعيّة ومعبر للنفوذ والانتهازيّة في حين أنّ الرّقابة متعبة للنفس مضنية للجهود مقلقة للمتستّرين وراء السّلطة فإنّه ما من مجيب لدعوات هياكل الرّقابة العامّة ودائرة المحاسبات بخصوص تفعيل دورهم وإصلاح أمرهم بخصوص الرّقابة الخارجيّة على التصرّف في الماليّة العموميّة بل إنّ حديثهم يوم 20 جانفي 2015 قد كان في النّافخات زمرا لأن لم يكن أمرا يأخذ دهرا...
فبقدر ما يحمى وطيس تقاسم الكراسي وتقطيع الكعكة إلى أشلاء لم نسمع أيّ حزب أو جهة يلفت انتباه رئيس الحكومة المكلّف الحبيب الصّيد إلى أهميّة رقابة التصرّف ومكافحة الفساد خاصّة منه الإداريّ والماليّ بل لا توجد نقطة تهمّ هذا الجانب في التسريبات الأوّليّة لبرنامج رئيس الحكومة القادم... ولهذا فإنّ الحكومة القادمة كسابقاتها ستتعامل مع ملفّ الرّقابة وكأنّه ملفّ قرض متروك ومهجور برفّ إحدى البنوك أدركه التقادم بفعل الزّمن أو كمطلب للترفيع في إحدى منح الإنتاجيّة...لا غير. وحين تقع الفأس في الرّأس لعدم تفعيل الدّور الوقائيّ لهياكل الرّقابة العامّة ودائرة المحاسبات وستتراكم الدّعاوى والشّكاوى في ما بعد على رفوف النّيابة العموميّة لدى القضاء العدليّ والقطب القضائيّ الماليّ بمقتضى الفصل 96 من المجلة الجزائيّة ونغرق في القضايا والجزاءات الرّدعيّة ويتدحرج الترقيم السّياديّ ويتراجع تصنيفنا بين الدّول وتتدنّى وضعيّتنا الاقتصاديّة والماليّة إلى الحضيض فتنهار العدالة الاجتماعية وينخرم التوازن الجهويّ فيكثر الاحتقان والغضب على حمّالة الحطب...

والمؤاخذة لا تهمّ فقط رئاسة الحكومة فرئاسة الجمهوريّة تتحمّل قسطا وافرا في مسؤوليّة الوضع المتردّي للرّقابة كيف لا وقد مرّت أسابيع عديدة على تقلّد رئيس الجمهوريّة منصبه وتعيين مسؤول عن المؤسّسات التابعة لرئاسة الجمهوريّة فيصل الحفيان لم يتمّ إعارة أدنى اهتمام لرأس المنظومة الرّقابيّة وهي الهيئة العليا للرّقابة الإداريّة والماليّة والحال أنّها مرؤوسة بل ترزح تحت وطأة تعيين نهضوي مؤتمري جعلها رهينة رئيس لا يبشّر ماضيه بخير ولم يكشف حاضره عن أيّة بادرة في سبيل النّهوض بهذا الهيكل الحسّاس... فأحمد عظّوم علاوة على ما يحفّ مسيرته من شبهات ولاء لحزب التجمّع المنحلّ وانقلاب على المكتب الشّرعيّ لجمعيّة القضاة التونسيّين لا يمت بصلة لمجال الرّقابة وبالتّالي يعمل جاهدا على مداراة جهله بالملفّات عبر إغراق المؤسّسة في مهاترات جانبيّة بل قد بلغتنا مصادر مؤكّدة حول مواصلته سياسة التعيينات والانتدابات العشوائية المبتذلة إذ انّه وبعد أن عيّن هادية بن عزون حرم قسومة  (مكلّفة بمهمة سابقا برئاسة الحكومة في عهدي حمادي الجبالي الخليفة السادس وعليّ العريّض) بناء على توصية من حزب النهضة كمكلّفة بمهمّة بالهيئة ونائبة له في رئاسة هذا الجهاز يستعد حاليّا لاستقدام بعض المستشارين والعاملين سابقا برئاسة الجمهوريّة والموالين لحركة النّهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة وذلك للعمل بالهيئة سواء كمكلّفين بمهمّة أو كإطارات ملحقة بالإدارة بالرّغم من انّ حجم العمل داخل هذا الهيكل وتنظيمها الهيكليّ لا يسمحان بإضافة أيّ عون جديد. وقد أثارت هذه التصرّفات الامتعاض والاحتقان لدى هياكل الرّقابة العامّة باعتبار أنّ الهيئة العليا للرّقابة الإداريّة والماليّة تتولى مسؤوليّة تنسيق برامجها الرّقابية بل وتتابع تقاريرها الرّقابيّة وبالرغم من مطالبة المراقبين رؤساءهم في العمل بعدم إحالة أي تقرير رقابيّ للمتابعة من قبل الهيئة العليا إلى حين تحييدها وتعيين كفاءة مستقلة على رأسها فإنّه لا حياة لمن تنادي: يواصل رؤساء هياكل الرّقابة العامّة الثلاثة ودائرة المحاسبات إحالة تقاريرهم للهيئة العليا النّائمة وذلك من باب المجاملة وتفادي التّصادم مع زملائهم العاملين بالهيئة ويواصل المسؤول عن المؤسّسات التابعة لرئاسة الجمهوريّة عدم الاهتمام واللاّمبالاة بهذا الهيكل وتطهير وضعيّته الحرجة والحدّ من نزيف الانتدابات والتعيينات غير الموضوعيّة وغير المدروسة تماما...


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire