إنّ الحياء ليس فقط أخلاق بل هو أيضا قيمة مهنيّة ذات جودة عالية يفتقدها
الكثيرون ممّن يتحكّمون في مصائر النّاس ويذوقون طعم الكراسي فتتحوّل وظيفتهم إلى
توظيف وسلطتهم إلى تسلّط وتصطبغ الهياكل التي يعملون بها بلونهم وتتحوّل أموال
الشعب إلى سانية يرتعون فيها تتابعهم وسائل الإعلام في ألعابهم البهلوانيّة وترسم
لهم صورة الأبطال جهابذة السياسة وفطاحلة الحوكمة والتصرف، لم يخلق الزّمن بعدهم
أو قبلهم معتمدين في ذلك على طيبة التونسي
وقصر ذاكرته، ولكن سنظلّ لهم بالمرصاد هيكلا هيكلا واسما اسما ونعرض اليوم للقراء
الأوفياء ملخّصا لرحلة الألف ميل وأبطالها بالرّبط مع ما استجدّ من أخبار وما ورد
من معلومات:
ديوان رئيس الحكومة المؤقتة الرّاحل نصفها ونصفها الثاني متشبّث بتلابيب
الحكومة القادمة:
لا نفشي سرّا ولا نذيع جديدا في هذا المضمار فالكلّ أصبح على علم بعشرات
التسميّات التّي تمّت مؤخّرا لفائدة وزراء ومستشارين ومكلّفين بديوان رئيس الحكومة
وذلك إمّا على رأس شركات ومؤسّسات نفطيّة أو في مناصب مرموقة في بنوك ومنظّمات
دوليّة...أمّا النّصف الثاني فلا أحد أيضا يجهل أسماء الوزراء الحاليين الذين
تتقاذف أسمائهم وصفاتهم وسماتهم النّادرة وإنجازاتهم العظيمة الصّحف والمواقع
الالكترونيّة باعتبار محافظة البعض منهم على مواقعهم الحاليّة ضمن الحكومة القادمة
وتنقلّ البعض الآخر إلى حقائب اخرى ليواصلوا فيها مناقبهم وإبداعاتهم....وفي هذا
الإطار العامّ لمساعي التموقع والشدّ بتلابيب الحكومة القادمة وفي هذه الأجواء
المشحونة بالقفز على الحدث ومحاولة اختطاف الأضواء وردتنا معطيات أكيدة حول توتّر العلاقات بين كلّ من نضال الورفلّي
والحبيب الكشو من جهة والسيّد محمّد الطّاهر بالأسود من جهة أخرى على خلفيّة ترشيح
المزارع بستانيّ الحكومة نضال الورفلّي لمنصب المدير العامّ للمصرف العربي للتنمية
الاقتصادية في أفريقيا BADEA (بنك إقليمي يقع مقرّه في العاصمة السّودانيّة الخرطوم كنّا اشرنا
للمعلومة سابقا وهي أكيدة) وتسمية السيّد الكشو على رأس الشركة النفطيّة التونسيّة- الليبيّة للنفط Joint Oil وهما
المنصبان اللّذان ما انفكّ محمّد الطاهر بالأسود ينفق ما غلى وعزّ من جهود ومعارف
وتمكميك في سبيل الحصول على أحدهما ولكن دون جدوى. وقد بلغنا أنّ السّبب الرّئيسيّ
يعود إلى تخلّي المهدي جمعة عن مؤازرته على إثر اطلاعه على خبايا تقرير دائرة
المحاسبات والتقارير والمراسلات التي رفعت له تنديدا بتجاوزات مدير ديوانه كما
يعود أيضا إلى ضعفه الواضح في الأداء خلال تولّيه منصب مدير ديوان رئيس الحكومة
الحالية لما عرف به من عصبيّة وتشنّج وأساليب ملتوية وغطرسة في التعامل مع المسؤولين
وازدراء الآخرين (إلى حدّ عدم قبول نوّاب بالمجلس الوطنيّ التأسيسيّ بمكتبه وهو ما
اعتبروه تصرّفا مهينا ومشينا ولا يليق بديوان القصبة كما يذكر هروبه من مقابلة
مسؤولين على رأس بعض الهيئات المستقلة سنورد أسمائهم لاحقا بعد التحرّي في الأسباب
الكامنة وراء ذلك) ومقابل ذلك عرف بالانبطاح للقياديّين السّياسيّين والجري وراء
المسؤولين المؤثّرين بحثا عن مستقبل مشرق ضاربا عرض الحائط بجميع قيم الحياء
المهنيّ الذي كان قد تعلّمه أيّام درس الرّقابة وأصولها باعتباره خريج المدرسة
الوطنية للإدارة فوج 1998 للتدقيق والرّقابة. كما بلغنا أنّ التوتّر بين هذا
الثلاثي ليس الأوّل ولا الأخير باعتبار أنّ أغلب الأسماء الوافدة علينا في الحكومة
المؤقتة تحمل ورائها غاية في نفس يعقوب ولكلّ غرضه ولكن المؤّكد والأكيد أنّ المزارع
بستاني الحكومة نضال الورفلّي يعمل كلّ ما بوسعه ليستثمر زلّة التاريخ التي أتت
بتركيبة الحكومة المؤقّتة إبّان اغتيال المرحوم الحاج البراهمي وهي فرصة لا تتاح
لأيّ بستانيّ، أمّا مدير ديوان الحكومة المؤقّتة الفاشلة محمّد الطاهر بالأسود
فواضح جدّا أنّ ملفّات الفساد المتعلّقة بتصرّفه على رأس صندوق إعادة توجيه وتنمية المراكز المنجميّة خلال الفترة
2008-2010 فضلا عن تورّطه في قضايا
استغلال نفوذ وقضايا رشاوي وفساد في إطار الإدارة العامّة للتخصيص هي أسباب كافية
وملحّة لدخوله في حالة هستيريا التموقع والبحث عن الحصانة السّياسيّة. وعلى هذا
الصعيد وردتنا أنباء نورده بحذر تفيد اتصال محمّد الطاهر بالأسود بكلّ من الخبير
الاقتصادي محمود بن رمضان القيادي بحركة نداء تونس وصديقه الحميم محمّد عفيف شلبي
للبحث في مستقبله خلال الأيّام القليلة القادمة وقد بلغنا انّه موعود له بترأس
ديوان وزير الصّناعة أو التنمية الاقتصاديّة في حال فشل الأصدقاء الخبراء في الإبقاء
عليه في منصبه الحاليّ أو لإسناده كتابة دولة بما أنّ أمر إسناد حقيبة وزاريّة قد
بات مستحيلا بعد التشهير بملفّاته وضعف أدائه وانتباه المجتمع المدنيّ لماضيه
الأسود...اسم على مسمّى ولا نخطأ حين نقول ذلك باعتبار ملفّ الأخ المعلّم المحظوظ
زين الدّين بالأسود الذي ظلّ وصمة عار في أداء التفقديّة العامّة لوزارة التربية
في عهد محمّد صالح الشارني لما شاب الحادثة من تحريف لوقائع التحرّش الجنسيّ الذّي
ذهبت ضحيته معلّمة أصيلة مدينة سوسة ومن تظليل للعدالة ومن تزوير للإحداث بلمسة
تجمّعيّة في غاية الإتقان حوّلت العقوبة المنتظرة من عزل من الوظيفة العموميّة إلى
مجرّد إنهاء للتكليف بخطة مدير مدرسة. هذه العقوبة التأديبية اللّطيفة التي جعلت
من المعلّم المحظوظ بعد الثورة ضحيّة من ضحايا الاستبداد نال من جرّائها ترقيّات
صاروخيّة بفضل أخاه مدير ديوان الحكومة المؤقّتة وهو ما خلّف الغيظ والكمد في نفوس
الضّحايا الحقيقيّين للاستبداد وما أثار حفيظة العديد من المختصّين في الرّقابة
والتفقّد والتدقيق، لتواتر شبهات التستّر دون التمكّن من العثور على دليل فضلا عن
ثقل واجب التضامن ومقتضيات التحفّظ...ثورة من على من ؟ والسّؤال الوحيد الذّي يظّلّ
قائما: ماذا سيفعل محمّد الطّاهر بالأسود بمنصبه لو يتمّ الإبقاء عليه بديوان
الحكومة القادمة أو يكلّف بحقيبة وزاريّة أو يقلّد مسؤوليّة هامّة على رأس مؤسّسة
عموميّة ؟ فهو قد أبدع على رأس ديوان الحكومة المؤقّتة ولفترة انتقاليّة محدودة في
الزّمن وبسلطة مؤقّتة ونفوذ مؤقّت وانهالت علينا التجاوزات والخروقات من محسوبيّة
وعروشيّة ومحاباة وجهويّات، وبات بالكاشف تستّر دائرة المحاسبات على شبهات الفساد
التي عاينتها ضدّه في قفصة وضمّنتها بتقريرها الرقابيّ السّنويّ الثامن والعشرين
أيّام كان مجرّد مسؤول بوزارة الصّناعة وسرعان ما انقلبت على تقريرها و"طفّت
الضوء" ولم تحل التجاوزات للقاضي الجزائيّ وذلك تناغما مع الارتقاء الذّي
حققه بطل الصّندوق بسرعة البرق (بفضل تدخّلات وإسناد صديقه السيّد محمود بن رمضان)
واستجابة لمقتضيات الحصانة السّياسيّة التي نزلت عليه من السّماء في بداية شهر جوان
2014 أي بعد ارتكاب الدّائرة للخطأ الاستراتيجيّ المتمثّل في نشر التقرير الرّقابي
السّنوي المتضمّن لتجاوزات مدير ديوان الحكومة المؤقتة بطريقة لم يعد ممكنا بعدها
التراجع أو الصّنصرة.. ولتدارك الأمر كان الاتفاق بين الطّرفين بواسطة لصّ الصيدليّة
المركزيّة توفيق بوفايد على عدم المساءلة والمتابعة وعدم الإحالة على النيابة
العموميّة لدى القضاء العدليّ مقابل صفقة
وابتزاز لحصول عبد اللّطيف الخرّاط رئيس دائرة المحاسبات على امتيازات وراتب وزير وعضو
الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ( داخل إلى سوق...... بلاش
......) تحت رئاسة خالد العيّاري رئيس محكمة التعقيب ورئيس الهيئة الوقتيّة
للإشراف على القضاء العدليّ بامتيازات وراتب كاتب دولة ( العزري أقوى من سيدو) وتسمية
ابن جهته السيّد رفيق كريم مندوب حكومة عامّ في شكل تعويض من الحرمان من المناصب
لجهله بالقانون، وتكليف توفيق بوفايد بالإدارة العامّة للمصالح المشتركة والإبقاء
على منصب كاتب عامّ للدّائرة شاغرا إلى حدّ الآن ليتمكّن رئيس الدّائرة من التصرّف
بحريّة وبصفة مطلقة في الأمور الماليّة والإداريّة للمؤسّسة دون تدخّل من كاتبها
العامّ واسناده فيما بعد لتوفيق بوفايد في صورة انهاء مهامه برئاسة الحكومة ورجوعه
مذموما مدحورا للدّائرة إن لم نقل إلى السّجون وما خفي كان أعظم...كما اتضح
بالكاشف تواتر التعيينات والتسميّات لفائدة أصدقاء مدير ديوان الحكومة المؤقتة
والقائمة تطول بدءا بالأسعد مرابط صديقه الحميم على رأس ديوان الطيران المدنيّ والمطارات و باسل حميّد مديرا لديوان المزارع
بستاني الحكومة نضال الورفلّي وسلوى الصغيّر على رأس شركة تونس الجويّة إلى غير
ذلك من الأسماء والتي لا نطعن في كفاءتها ولكن نعرف من يقف ورائها ويسندها...
رسالة قصيرة للحكومة القادمة المستقرّة:
لا نتدخّل في التعيينات ولا نقترح شيئا فلكلّ مهمّته ونحن نحترم مقتضيات
الدّستور وقواعد اللّعبة الديمقراطية ولكنّنا جزء من السّلطة الرّابعة ويحق لنا أن
نلفت انتباه قراءنا الأعزّاء والرأي
العامّ إلى أمرين اثنين:
الأمر الأوّل هو أنّ تركيبة الحكومة القادمة المستقرّة التي ستمرّر على
مجلس نوّاب الشعب الناخب للتزكية والمصادقة وسيتداول أسماء أعضائها الإعلام ويعرّف
بهم لدى الشعب هي ليست سوى الثلثين في حين يتمّ تسمية الثلث الأخير بصفة تقديرية
وتقريريّة انفراديّة لاحقة لا يعلمها إلا
الله. فإلى جانب ال 35 حقيبة التي يتمّ تداولها حاليّا كتركيبة نهائيّة للحكومة
المرتقبة يجب أن يضاف لها أسماء الوزراء المستشارين في مجالات الأمن والاقتصاد
والإعلام والديبلوماسيّة (حاليّا يوجد أربع وزراء مستشارين في حكومة المهدي جمعة
لا يتمّ احتسابهم في التركيبة وهم مفدي المسدّي وحاتم معطى الله والأسعد دربز
والحبيب الكشو ؟) كما يجب الانتباه إلى اسم الكاتب العامّ للحكومة والذي درجت
الترويكا على عدم احتساب اسمه ضمن التركيبة (حاليّا رضا عبد الحفيظ تجمّعي ومناشد للرّئيس
المخلوع وموال للنّهضة وغير حاصل على أيّ شهادة علميّة جامعيّة) وهو وزير في
الحكومة ينسّق أعمالها ويتابع الملفّات الهامّة كما لا ننسى طبعا مدير ديوان رئاسة
الحكومة الذي يتمتّع بامتيازات وزير والأهمّ أنّه ثاني رجل في الحكومة بعد رئيسها
بالطبع وسيكون مؤثّرا في تنفيذ برنامجها ونسق سير أعمالها ومدى نجاحها هذا إلى
جانب السّوبر وزير المكلّف بالشؤون الاقتصاديّة والاجتماعيّة والذي يكلّف عادة
بوظيفة النّاطق الرّسمي فضلا عن مستشار القانون والتشريع (مشرّع الدّولة) والذّي
يمسك بخيوط المشهد القانونيّ والترتيبيّ في البلاد ويتمتّع بامتيازات كاتب دولة
معدّلة على كاتب عامّ وزارة وفي المجموع نجد على الأقل 7 وزراء لا يتمّ الإعلان
عنهم في التركيبة الرّسميّة ولا يعلم بهم مجلس نوّاب الشعب النّاخب إلاّ بصفة
لاحقة على أعمدة الصّحف في خانة "أخبار التعيينات" أو "الرّائد الرّسميّ"
؟ وهي قمّة الشفافيّة ومنتهى الديمقراطيّة وأقوى المحسوبيّة...
الأمر الثاني هو نداء للقراء: لا تصدّقوا مرّة اخرى ادّعاء التعفّف عن
الكراسي والالتزام بإنجاز المهمّة والانسحاب في حال الفشل وعلويّة مصلحة الوطن على
أهواء النفس ولكم في هذه الحكومة الرّاحل نصفها المتشبث نصفها الآخر بمناصبه خير
دليل وأقوى مثل سيدرّس في مستقبل الأيام كمثال على تقاطع الاخلاق المهنيّة
والسياسة...
دائرة المحاسبات: أيّ قضاء ماليّ وأيّ محكمة لأيّ مهمّة ؟
بلغنا من مصادر مطّلعة أنّه سيتمّ قريبا المصادقة على قانون يسحب مهمّة
مراقبة ممتلكات المسؤولين من دائرة المحاسبات مقابل التوجّه نحو تكليف هيئة مكافحة
الفساد بمادّة التصريح على الشّرف بالمكاسب كما تمّ بلورة مشروع قانون يتعلّق بالرّقابة
على الأحزاب السّياسيّة تمّ بمقتضاه سحب هذه المهمّة التّي كانت مسندة للدّائرة
منذ الثمانينات وذلك على خلفيّة قضيّة التجمّع الدّستوريّ الدّيمقراطيّ والتّي
أثير خلالها عجز الدّائرة عن مراقبة الحزب الحاكم وفشلها في إدارة الملفّ قبل
الثورة وبعدها. كما أنّ مشروع القانون المتعلّق بتركيز هيئة مكافحة الفساد يتضمّن
العديد من الوظائف التّي تتولاّها حاليّا الدّائرة من بينها مراقبة تطبيق مبادئ
الحوكمة الرّشيدة وإحالة الأخطاء الجزائية للنيابة العموميّة لدى القضاء العدلي
لقضاء. وفي ظلّ انفراط عقد المهامّ الموكولة للدّائرة وانهيار صورة الهيكل الرّقابي
الأعلى والأعظم في الدّولة، حاولنا الحصول على معلومات شافية وضافية بخصوص موقف
النّزهاء والشرفاء الأحرار فيها من هذا الوضع فوقفنا على ما يلي:
-
جميع رؤساء الحكومات المتعاقبة لم يبذلوا أيّ
جهد في سبيل النّهوض بدائرة المحاسبات وإصلاح أمرها ويعتبرونها أحيانا مصلحة إداريّة
تابعة لرئاسة الحكومة وأحيانا أخرى يتبرّؤون منها بدعوى استقلاليّة القضاء يقطعون
الصّلة معها ولا يبقى سوى رئيسها هو المرآة العاكسة وهو همزة القطع لا الوصل وهو
النّاطق الرّسمي باسمه لا باسم الدّائرة باعتبار وأنّه لا يمثّل إلاّ نفسه، ولهذا
لا يدرك رئيس الحكومة من مشاكل الدّائرة والأضرار التّي لحقت بها شيئا...مع العلم أنّ
رئيسها الحاليّ عبد اللّطيف الخرّاط المتستر على الفساد والمفسدين وأسوأ رئيس
دائرة المحاسبات في تاريخ تونس، غشيم التسيير والحوكمة، الذي ندّد بجريدتنا مرارا وتكرارا
غائب تماما عن الوعي المهنيّ ولا نلومه وهو ماركو بولو الدّائرة ( عربي وأعطاه
الباي حصان) زار كلّ بلاد مرّتين أو ثلاث وكأنّه لا يوجد غيره أحد من أعضاء وإطارات
الدائرة الأكثر والأقدر منه كفاءة علميّة ومهنيّة، بهدف الطمع والجشع حتّى أصبح
عابرا للقارّات من المكسيك إلى بولونيا مرورا بالكويت وتركيا وفرنسا رغم ضعفه في
التعبير واللّغات والخريطة واسعة والمال العامّ موجود للإهدار والنهب، مال
المغفلين من المجموعة الوطنية الدّافعة للضّرائب، فالسؤال المطروح هل بامكان ناهش
المال العامّ دفع مصاريف السّفر لهذه البلدان من جيبه ومن ماله الخاصّ....لا ندري
ربّما احتكم للمثل الشعبي القائل " فرصة لا تعاد يا مدام سعاد " أو
" كان موش من عماهم ما نعيشوا معاهم ".......
-
أطلت علينا فضيلة القرقوري رئيسة الغرفة
المكلّفة بمراقبة الحملة الانتخابيّة مساء الجمعة في الأخبار الرّئيسية على قناة الوطنيّة
الأولى لتخبرنا حول ضرورة مدّ الدّائرة بالحسابات من قبل الأحزاب والقوائم الماليّة،
مهدّدة بقدرة الدّائرة على إسقاط القوائم الانتخابيّة التّي تخالف هذا الواجب
القانونيّ. وبقدر ما نفتخر بوجود سلطة رقابية قويّة ونزيهة قادرة على تطبيق وفرض
القانون بقدر ما يشوبنا الخوف والريبة فنحن إلى اليوم لا نعرف من ولماذا تمّ تسريب
التقرير الأوّلي السّابق حول تمويل انتخابات 2011 الذي أعدته الدائرة وأفتت فيه
الحكومة آنذاك قبل عرضه على مصادقة الجلسة العامة للدائرة وهنا ذكّر السيدة فضيلة
قرقوري أنّها بصفتها رئيسة اللّجنة التي أعدّت التقرير المسرّب وبصفتها رئيسة
الغرفة المشرفة على مراقبة الانتخابات تتحمل بصفة كاملة المسؤوليّات الجزائية
والإدارية والمدنيّة والأخلاقية المتعلقة بالتسريب والكشف عن المتورّطين فيه وكان أضعف
الإيمان أن تلتزم الصّمت وتحتجب عن الأنظار ولا تضرب بقوّة مهدّدة الأحزاب
بالعقوبات وإسقاط القائمات والحال انّه وفي أوّل تجربة رقابية من هذا النوع في
دائرة المحاسبات التي أصبحت في وضعية الحضيض بفضل المسيرين القائمين عليها الذين
يشكلون عصابة ضد البلاد والعباد، فالدائرة براء منهم ومن تصرّفاتهم بعدما تهاطلت وانهالت
الفضائح والشبهات ونحن نكتفي بالإحالة إلى البيان المندّد الذّي أصدره آنذاك
المرصد التونسي لاستقلال القضاء يوم الجمعة 16 نوفمبر 2012 "حول تسريب
النتائج الرّقابية لدائرة المحاسبات المتعلّقة بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات"
كما نحيل للشكاية الجزائية التي تقدّمت بها جمعية القضاة التونسيين يوم الأربعاء
26 ديسمبر 2012 لدى المحكمة الابتدائية بتونس بشكاية جزائية "ضدّ كلّ من يكشف
عنه البحث في القضية ذات الصّلة بتسريب الملاحظات الأوّلية لدائرة المحاسبات"
وقد نشرت جريدة الشعب نصّ الشكاية حصريّا
في فترة مزامنة لهذه الشكايات والتنديدات. وإلى اليوم لم نعرف مآل القضيّة ولم يتمّ
تحديد المسؤوليّات ولكن في المقابل يتمّ التغاضي عن المسألة واستبلاه الضّمير
الجمعيّ والمجتمعيّ مع التهديد طبعا بعقوبة إسقاط القائمات التّي انتخبها الشّعب.
-
ككلّ مؤسّسة لا تخلو دائرة المحاسبات من النّزهاء
الأحرار الشرفاء والكفاءات التي يشهد لها بحسن الأداء والقدرة على إنجاز المهامّ
الرّقابية ببراعة ويقظة مهنيّة وحرفيّة عالية، ولكن مقابل ذلك وردتنا بعض المعطيات
الأكيدة حول وجود بعض حالات سوء استغلال
النفوذ والمهمّات الرّقابية على غرار ما
جرى سنة 2009-2010 في مدينة صفاقس حيث احتجّ العاملون بأحد مستشفياتها الجامعيّة
الخاضعة للرّقابة آنذاك على ما أسموه باستغلال أعضاء الدّائرة لتواجدهم بالمستشفى
وحصولهم على خدمات باهظة الثمن مجانا وتوجه المسؤولون بالمستشفى بمراسلة لرئيسة الدّائرة
آنذاك فائزة الكافي برسالة عبّروا فيها عن تململهم واستيائهم من الضّغوطات
والإحراج الذّي ما انفكّوا يتعرّضون له من قبل أعضاء فريق الرّقابة...وهذا غيض من
فيض ..كما بلغنا أنّ الرئيسة السّابقة قد كلّفت فريق عمل إبّان الثورة بإعداد
دراسة مقارنة حول تجارب الدّول الأخرى في مادّة رقابة الحملات الانتخابيّة وأبلغها
الفريق المكلّف بأنّه وفي ما عدا بعض أمثلة دائرة المحاسبات بدول إفريقا الوسطى
التي عرفت هزّات وحالات عدم استقرار لا توجد أيّ دائرة محاسبات تتدخّل في الرّقابة
على الحملات الانتخابية وذلك لتكريس الاستقلالية والنأي بها عن التجاذبات السّياسيّة
ولكنّ الرئيسة رفضت هذه الخلاصة رفضا قاطعا وأرجعتنا إلى القرون الوسطى وكلّفت
الشاذلي الصّرارفي المقرّر العامّ للدائرة آنذاك ورئيس سابق للمنظمة التونسيّة
للمصائف والجولان التابعة للتجمّع المنحلّ بإعداد مشروع المرسوم الانتخابي لسنة
2011 وهكذا كلّفا بصفة ثنائيّة الدّائرة بمهمّة رقابيّة جديدة خرجية متزامنة لا
تزال إلى اليوم تئنّ تحت وطأة صعوباتها وتحدّياتها في حين ينفرط عقد المهامّ الرّقابية
الحقيقية من حولها وماركو بولو يغطّ في سبات السّفريات وتوزيع مهامّ التجوال الدّولي
والسّياحة الإداريّة رغم معاناته وإصابته بمرض معدي وعضال...وللحديث بقية....
وإلى اللّقاء في الحلقة 16 القادمة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire