mercredi 1 octobre 2014

الأستاذ الحبيب الزمالي و كرسي الرئاسة: لو تعلقت همة المرء بما وراء العرش لناله




بين حكاية القاضي الحبيب الزمالي الذي تم إعفاؤه من مهامه  فيما يعرف بمجموعة 82 ( وتسمى أيضا بمجموعة 71) لأنه شرب الصهباء وجالس النساء واستمع إلى الغناء  وبين قصة الشاعر امرئ القيس الذي طرده والده" وأفرد إفراد البعير المعبد " لأنه أسرف في شرب المدامة و أمعن في التغزل بالنساء نقاط تشابه  كثيرة،  لعل أبرزها  أن الأول  كما الثاني أنشد وهو  يعتصر ألما  " اليوم خمر ..وغد أمر "
..قالها الشاعر امرؤ القيس لما  حملت له الأخبار خبر قتلِ أبيه على يد من قبيلة بني أسد الذين ثاروا عليه لشدته واستبداده بهم وسوء سيرته، و كان القاتل هو علباء الباهلي، فهب امرؤالقيس وقال قولته المشهورة: "ضيعني صغيرا، وحمّلني دمه كبيرا، لا صحو اليوم ولا سكر غدا، اليوم خمر وغدا أمر"، وحلف على نفسه ألاّ يأكل لحما ولا يشرب خمرا حتى يقتل من بني أسد مائة ويحزن مائة آخرين، فرحل امرؤ القيس يسنتصر القبائل للأخذ بثأر أبيه من بني أسد..
وقالها قاضي  الامسوالمحامى لدى التعقيب ورئيس  جمعية القضاة المعفيين لما تم إعفاؤه ''ان وزير العدل نور الدين البحيري قام بإقالتي بعد ان تم تصويري وانا أتناول الخمر في مطعم وبجانبي إحدى الصديقات" مضيفا "لقد تم عزلي بتهمة مقارعة الخمر والزنا "
أما المسكوت عنه  فقوله أن شرب الخمر لا يفسد للعدل قضية ألم يقل الشاعر :
أصلي  الصلاة الخمس في حين وقتها وأشهد بالتوحيد لله خاضعا
وأحسن غسلي إن ركبت جنابة وإن جاءني المسكين لم أك مانعا
وإني وإن حانت من الكاسِ دعوة إلى بيعة الساقي أجبت مسارعا
وأشربها صرفاً على جنب ماعز وجدي كثير الشحم أصبح راضعا
وجواذب حوّاري ولوز وسكر وما زال للخمار ذلك نافعا
وأجعل تخليط الروافض كلهم لنفخة بختيشوع في النار طائعا
وكان لحديث الخمرة  التي تعتعته يوما وتسببت في إقالته  ظلما وبهتانا دافع قوي في رغبته للترشح  للانتخابات الرئاسية في تونس 2014 ، وقد صرح بعظمة لسانه قائلا إنه ما كان ليقدم ترشحه لو لم تتنكر  تنكر حكومة مهدي جمعة قرارات القضاء  القاضية بإرجاع عدد من القضاة المعفيين. أوليس اللاحق  كالسابق  : كلاهما تعرض لمذبحة فعزما على رد الفعل " وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ""
المترشح المستقل للانتخابات الرئاسية القادمة رجل عصامي التكوين ولد بمدينة نفزة من ولاية باجة يوم الخامس من نوفمبر 1962 أبناؤه ثلاثة وربما رابعهم سيأتي بعد صيف ...
توفيت والدته في حادث مرور مخلفة في قلبه لوعة وأسى  فانقطع عن الدراسة سنة 1982 ليلتحق بالمدرسة المهنية للصحة العمومية بباجة وبعد سنتين دخل سوق الشغل ممرضا للصحة العمومية بمستشفى نفزة..وظل حلم الدراسة يقض مضجعه فعاد سنة 1990 إلى تحصيل العلم قائلا " ما أحلى الرجوع إليك "  فتحصل على الباكالوريا والتحق بكلية الآداب دراسا بالنهار وعاملا بالليل بمستشفى الرازي ..ومن يصل ليله بنهاره يرتجى منه خير كثير ..
كان الزمالي يطوي سنوات الدراسة طيا ، وكان كالسيل الهادر لا يتوقف أبدا ففي سنة 1991 تحصل على باكالوريا آداب ليتخرج بعد أربع سنوات أستاذا في الحقوق ') قانون خاص )  1995 وبعده بسنة يحوز على شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة بعد أن التحق بالمعهد الأعلى للقضاء الذي تخرج منه سنة 1997 .هذا ومازال الزمالي يزاول تعليمه العالي بالمرحلة الثالثة ماجستير بحث سنة ثانية قانون خاص بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس .


ولم يكن ثراء تجربته في العمل بأقل من شعلته في الدراسة التي طوى فيها السنوات طيا فبين سنوات 1997  و 2004 شغل قاضيا مساعدا لوكيل الجمهورية بمحكمة جندوبة وبين سنتي 2004 و2005 عين قاضيا للضمان الاجتماعي بمنوبة ثم بدأت سلسلة النقل التعسفية التي لم تنته إلى يومنا هذا فسنة 2005 تمت نقلته إلى محكمة قبلي وبعدها بأربع سنوات 2005 تتم نقلته إلى محكمة قابس ثم جاءت الفضيحة الكبرى التي ستبقى وصمة عار في وجهة العدالة التونسية عموما وفي وجه وزير العدل السابق نور الدين البحيري خصوصا حيث تم إعفاؤه من القضاء  سنة 2012 دون جريرة و دون سبب قانوني فوجد الزمالي نفسه عاملا يوميا مشردا إلى ديسمبر 2013 حيث التحق بسلك المحاماة محاميا لدى التعقيب ..
إن هذه الفصول من سيرة الحبيب الزمالي ممرضا وقاضيا ومحاميا وعاطلا عن العمل  تؤكد خصالا عديدة منها أن الرجلعلى قدر من الفطنة وحب العمل والترقي فيه ما جعله يتجاوز المحن والإحن.. ومنها أنه " ابن الشعب "  الذي  ترعرع وعمل في المناطق المهمشة والحواري الفقيرة فعرف الشعور البسيط والأجر البسيط وآمن بالخبز والأولياء ..وزوج تخيط ثوب رداءة إذا جاء يوم قرار الإعفاء .. ولعله يؤمن بالحب كالآخرين  :
لأن المحبة مثل الهواءِ..
لأن المحبة شمسٌ تضيء..
على الحالمينَ وراء القصورِ..
على الكادحينَ..
على الأشقياءِ..
ومن يملكونَ سريرَ حريرٍ
ومن يملكونَ سريرَ بُكاءِ..

ولعل أهم ما يمكن أن نحتفظ به من السيرة  الذاتية هذا الرجل الذي يؤمن بمقولة " لو تعلقت همة المرء بما وراء العرش لناله " هو طموحه الذي جعله يتجاوز كل المعيقات  التي اعترضته بوجه وضاح وثغر باسم.. ومن كان على هذا الخلق من حقه أن يترشح للرئاسة ومن حقه أن يتحدى جلاديه قائلا " و إنّ غداً لناظره قريب " 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire